"صوت الأمة" تكشف حقيقة قائمة المتبرعين المزيفة

- نصاب يستغل اسم جمعية خيرية في قنا للحصول للنصب على مرضى الفيروس
 

منذ إعلان وزارة الصحة نجاح تجربة علاج مرضى فيروس كورونا المستجد ببلازما المتعافين، وتنهال على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي فيسبوك وتويتر صور ضوئية لأرقام هواتف ومنشورات يُلعن أصحابها أنهم متعافين من كورونا ولديهم الرغبة في التبرع بالبلازما لأصحاب الحالات الحرجة، خاصة أولئك الموضوعون تحت أجهزة التنفس الصناعي في مستشفيات العزل.

أرقام الهواتف تتزايد وتنتشر بسرعة خيالية بين صفحات وجروبات الفيسبوك، خاصة مع وجود أنباء عن سماسرة يُديرون سوقاً سوداء لبلازما المتعافين، الأمر وصل لجروبات الواتس أب، انتشرت أرقام الهواتف بصورة ملفتة كالنار في الهشيم، ثمة شئ مريب في هذا الأمر، خاصة أن من بين هذه الأرقام أكواد لا يتم استخدامها في مصر من الأساس.

كل هذه التساؤلات قادتنا لتتبع حقيقة هذه الأرقام، تحديداً ذلك الكشف الذي يحوي على 45 اسم لأشخاص ونوع فصيلة دمهم وأرقام هواتفهم المحمولة، والمتداول على السوشيال ميديا.. البداية كانت باختيار أرقام عشوائية من القائمة المتداولة، وقمنا بالتواصل مع أصحابها، الرقم الأول أغلق الاتصال في وجهنا بعدما سألناه عن بلازما كورونا، والثاني والثالث والرابع كذلك، وبعضهم لم يجيب عن اتصالاتنا والبعض الأخر أغلق الهاتف بمجرد سماع كلمة بلازما كورونا.

بداية الخيط

إلى هنا تأكد لنا أننا أمام عملية نصب واحتيال، لكن كيف نصل إلى الحقيقة.. لكن المفاجأة حينما استطعنا التواصل مع صاحب أحد الأرقام المنتشرة ضمن القائمة، الذى شرح لنا القصة كاملة لنكتشف أن هذه الصورة الضوئية مفبركة وليست خاصة ببلازما المتعافين بكورونا، بعدما قال "أنا أه باتبرع بدمى، بس لجمعية خيرية عندنا في قنا، والموضوع ملهوش علاقة بكورونا، انا اصلا مش مصاب كورونا، والتبرع ده كان من فترة طويلة للي بيعملوا حادثة على الطريق، أو اللي محتاجين نقل دم، وكل ده بنعمله لوجه الله".. هكذا قال صاحب أحد هذه الهواتف التي انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي في تصريحات لـ"صوت الأمة"، لكنه رفض أن نذكر اسمه.

وأشار إلى أنه خلال الأيام القليلة الماضية رن هاتفه عشرات المرات، "كل مرة حد يتصل بيا يقولي عاوزين البلازما بتاعتك والفلوس اللي تطلبها هندفعها، واحاول اقنعهم أن انا مش مريض كورونا أصلاً، محدش يصدق ويزودوا الفلوس، منه لله اللي نشر أرقام تليفوناتنا دي، انا هقفل تليفوني عشان كل شوية حد يكلمني في الموضوع ده".. هكذا يقول.

وحاولنا تتبع القصة أكثر من خلال برامج البحث عن الصور المزيفة، لنجد أن مصدر الصورة هي صفحة جمعية المنشية الخيرية بمركز قفط محافظة قنا، هذه الجمعية التابعة لإدارة وزارة التضامن الاجتماعي بقفط والمشهرة تحت رقم 1620 لسنة 2015، ومن بين الأعمال الخيرية التي تقوم بها هذه الجمعية هي التبرع بالدم لأصحاب فصائل الدم النادرة من مصابي الحوادث والأمراض المزمنة، وليس لها علاقة بفيروس كورونا.

ليس لهم علاقة ببلازما كورونا

تواصلنا مع هذه الجمعية عن طريق أحد أعضائها ويدعى عاطف فاروق الذى يعمل موجه أول رياضيات بمديرية التربية والتعليم، الذي شرح لـ"صوت الأمة" حقيقة الصور المتداولة لأرقام هواتف المتبرعين، قائلا: احنا جمعية خيرية عاملة في منطقة المنشية الجديدة بمركز قفط محافظ قنا، ومن ضمن نشاطنا هو التبرع بالدم، كما نساعد شباب مركز قفط في ذلك ونتواصل مع المستشفيات لتوصيل الدم إليهم بدون مقابل، ولدينا قائمة بأسماء المتبرعين وفصيلة دم كل منهم، وأرقام تليفوناتهم، وقمنا قبل فترة بنشر هذه القائمة على صفحات السوشيال ميديا الخاصة بالجمعية، ولم نذكر أنهم متبرعين بالبلازما، لأنهم متبرعين عاديين، لكن يبدو ان هناك من استغل هذه القائمة لإيهام الآخرين بقدرتهم على التبرع بالبلازما للمصابين بكورونا.

وأضاف عاطف فاروق "تفاجئنا خلال الأيام الماضية أن هناك شخص دخل على صفحتنا على الفيس بوك، ونشر الصورة التي تتضمن أرقام تليفونات المتبرعين، وقام بإعادة تشييرها والقول أنها قائمة لأشخاص متبرعين ببلازما الدم، وهذا الكلام عار تماماً من الصحة، ووصل بهم الكذب إلى وضع رقم هاتفى ضمن هذه القائمة، رغم انى لم أصاب بكورونا.

وأشار عضو الجمعية إلى أنهم يتلقون يوميا عشرات المكالمات التي تعرض عليهم أموال للحصول على البلازما، لكنهم في المقابل يوضحون للمتصلين حقيقة ما حدث، وحقيقة هذه القائمة.

وأرسل لنا "فاروق" بياناً اعدته جمعيته الخيرية للرد على ما وصفه بحملة للنيل من المتبرعين، حيث تقدم رئيس مجلسي إدارة تلك الجمعية محمود أحمد هلال بشكوى للجهات المختصة بقنا ضد شخص قام بنسخ أسماء وأرقام المتطوعين لبنك الدم من أبناء مدينة قفط كعمل خيري مجتمعى تابع لجمعية المنشية للأعمال الخيرية بقفط.

بلاغات ضد ناشري أرقام الهواتف

وتابع بيان الجمعية أنه: السادة المتبرعين الكرام لقد أصابنا جميعا الألم والفزع من كثره الاتصالات علي تليفونات السادة الأعضاء في بنك الدم التابع للجمعية، من شخص ما قام بنسخ أسماء وأرقام المتطوعين لبنك الدم ونشرها في مجموعه كبيره من الصفحات، وذكر أنهم من المتعافين من مرض كورونا وانهم علي استعداد للتبرع ببلازما الدم، وجمعيه المنشية للأعمال الخيرية بقفط تنوه أنها ستتخذ كافه الإجراءات القانونية بدء من غدا ان شاء الله وستتقدم ببلاغ في كل شخص نشر أو أعاد نشر أسماء وأرقام أعضاء بنك الدم وأدعي كذبا انهم من متعافين كورونا.

وكانت وزيرة الصحة الدكتورة هالة زايد، قد أعلنت عن نجاح تجربة العلاج ببلازما المتعافين من كورونا وأعلنت إطلاق هذا العلاج رسمياً في مص، وقالت إنه يوجد 5 دول فقط حول العالم تصنع مشتقات البلازما ومصر ستنشئ 12 مركزًا لبلازما الدم، وبالفعل تم الانتهاء من 6 مراكز في 6 محافظات بالدولة.

وتابعت وزيرة الصحة أن مصر ستبدأ خلال الفترة المقبلة حملة قومية للتبرع بالبلازما لمواجهة فيروس كورونا لتكون بشكل مستمر، خاصةً وأن كل متعاف ينطبق عليه شروط التبرع قد يساهم في إنقاذ أكثر من 10 حالات، موضحةً أن المصابين بالفيروس الذين تم وضعهم على جهاز التنفس الصناعي وكانت حالتهم حرجة، تحسنت حالتهم بعد حقنهم ببلازما المتعافين.

الاتجار بالبلازما حرام شرعاً

في السياق ذاته أكد مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، أن بيع المتعافي من كورونا بلازما دمه مستغلا الجائحة لا يجوز شرعًا، إذ إن جسد الإنسان بما حواه من لحم ودم ملك للخالق سبحانه لا ملكًا للعبد، ولا يحق لأحد أن يبيع ما لا يملك، وقال المرصد أن ثمن الدم حرام لا يجوز؛ لأن الشيء إذا حُرم أكله حُرم بيعه وثمنه، قال سُبحانه وتعالى: "حُرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به والمنخنقة والموقودة والمتردية والنطيحة، وما أكل السبع إلا ما ذكيتم وما ذُبح على النصب وأن تستقيموا بالأزلام ذلكم فسق".

ويطالب محمد عبد الحميد أمين صندوق نقابة الأطباء في تصريحات خاصة لـ «صوت الأمة»، وزارة الصحة بأن تُلزم مرضى كورونا في حالة تعافيهم أن يتبرعوا بـ البلازما الخاصة بهم مجاناً، حتي يتم القضاء على فكرة الإتجار بها، على أن يتم الحصول منهم على البلازما قبل خروجهم من المستشفيات، لأننا بذلك سنحد من فكرة الإتجار.

وأضاف" لدينا عدد كبير من المتعافين، ولدى وزارة الصحة قائمة كاملة بأسمائهم ووسائل الاتصال بهم، ومن الممكن أن يكون لدى الوزارة إقرار يوقعه المتعافى بالتبرع بالبلازما حال الحاجة إليها، خاصة أن التبرع بها لن يضره في شيء.

WhatsApp Image 2020-06-13 at 3.34.18 PM (1)