جرس إنذار قبل امتحانات الثانوية.. الخطر اسمه "بوابات التعقيم"

السبت، 20 يونيو 2020 10:30 م
جرس إنذار قبل امتحانات الثانوية.. الخطر اسمه "بوابات التعقيم"
بوابات التعقيم
أحمد سامي

الصحة العالمية حذرت من استخدامها.. وأطباء الصدر: تسبب الحساسية وأمراض مزمنة 

أستاذ الحساسية والمناعة بالمصل واللقاح: ليس لها أي قيمة نهائيا واستخدامها اهدار مال على الفاضي للشركات والهيئات

رئيس شعبة المستلزمات الطبية باتحاد الصناعات: البوابات صناعة لجمع الأموال الحرام لا تسمن ولا تغني من جوع 
 
امتحانات الثانوية العامة تدق الأبواب وتعلن بدء حالة الطوارئ ليس فقط فى المنازل، لكن أيضا في الدولة التى بدأت باتخاذ كافة الإجراءات الوقائية اللازمة لتجنب انتشار فيروس كورونا المستجد بين الطلاب، ومن ضمن الإجراءات تركيب بوابات التعقيم الذاتي على أبواب اللجان، فقد استلمت كافة اللجان الرئيسية بوابة تعقيم وتم تركيب 503 بوابة داخل لجان محافظات القاهرة والجيزة، ويأتي الإعلان عن انتهاء تركيب البوابات فى الوقت الذي أعلنت فيه منظمة الصحة العالمية والصحة المصرية عن أضرار بوابات التعقيم، وأن اضرارها تفوق فوائدها لما تحتويه مواد التعقيم علي مواد ضارة، الأمر الذي يؤكد أنها "سبوبة" استغلتها بعض الشركات لتحقيق الثراء الحرام، في ظل الأزمة دون النظر إلي المخاطر التى تنتج نتيجة استخدامها.
 
" تجار الحرب أو تجار الحرام " لفظ يطلق على مستغلى الأزمات والطوارئ والاستفادة من وراءها وجمع الأموال دون النظر للاعتبارات الأخلاقية، ووجد بعض المصنعين في سبوبة بوابات التعقيم التي انتشر الحديث عنها في بداية أزمة انتشار كورونا داخل البلاد، ولأن الدراسات في ذلك الوقت لم تكشف مدي خطورة البوابات على صحة الإنسان فضلاً عن عدم أهميتها في القضاء على الفيروس، تسارعت الشركات في إنتاجها وتوزيعها على المحلات والشركات والمؤسسات الصناعية، والترويج لأفكار مغلوطة بقدرة البوابة على اكتشاف المريض بالفيروس، وتعد أكبر كذبة اخترعتها الشركات من أجل الترويج لبواباتهم عديمة الأهمية، فنجد أحدي الشركات حولت إنتاجها من انتاج بوابات الكشف عن المعادن لإنتاج بوابات التعقيم بقيمة تتراوح ما بين 20 الف جنيه إلي 100الف جنيه وفقا للمواصفات القياسية التى يتم التنفيذ على أساسها.
 
لم يقتصر الأمر على شركات صناعة البوابات، لكن بمجرد البحث على مواقع التواصل الاجتماعي على بوابات التعقيم الذاتي يظهر المئات من التجار الذين يعلنوا عن توفير البوابات بأحسن الاسعار وأفضلها وبمواصفات عالمية وبأسعار تنافسية ومواد كيميائية غير مضرة بصحة الانسان، وآمنه على البشرة والعين من خلال تعقيم ذاتي ويمكن تركيبها بالشركات ومداخل العمارات والمستشفيات والمولات التجارية، ففي احدي الاعلانات ذكرت شركة متخصصة في بيع بوابات التعقيم أن البوابة تعمل اوتوماتيكيا بمجرد دخول الشخص داخل الكابينة، وأنها تعمل بنظام يسمح بضخ مواد التعقيم وتوزيعها بشكل رأسى وأفقى من عدد ٦ مخارج تم توزيعها بنظام هندسى دقيق لتعقيم الجسم بالكامل بما فى ذلك القدمان، وأن الجسم الخارجى مصنع من الاستانلس ستيل والألومنيوم والكلادينج، وبها تايمر لتحديد زمن التعقيم حسب الرغبة مع إمكانية التشغيل المستمر بدون توقف، وتانك منفصل للمواد المطهرة وشملت بعض الاعلانات فيديوهات توضح كيفية عمل البوابة، وكل هذا من أجل جذب المواطن واستغلال حالة الرعب التي يعيشها لشراء هذا الاختراع العظيم لتأمين نفسه وأسرته ومحيط عمله
الكارثة ليست في  شركات تحول نشاطها لإنتاج البوابات، لكن الخطير أن بعض أصحاب محلات الكهرباء ومصنعي الحديد اتجهوا لإنتاج البوابات وبيعها بأسعار تبدأ من خمس الالف جنيه، وبالتالي مما يؤكد أنها سبوبة سهلة ومتاحة لاي شخص يمكن تنفيذها ووضعت بعض الصفحات طريقة صناعة البوابة وبأقل التكاليف والمكونات الكهربائية التي تستخدم فيها وتقوم الشركة "الغير مسجلة" بتوفير الخامات  وشحنها لكافة المحافظات ويتم التواصل من خلال رقم للشركة للرد على كافة استفسارات التركيب والشراء والاسعار كما وفرت الشركة للمواطنين المواد المستخدمة في التعقيم والتى ادعت أنها امنه وغير ضارة بصحة الإنسان، وانها قادرة على تحديد الأشخاص المشتبه بإصابتهم بالعدوى.
 
وقال الدكتور طه عبد الحميد أستاذ  أمراض الصدر والحساسية، إن الكلور أو الكحول اللذين قد يتم استخدامهما فى الرش داخل هذه البوابات يؤديان إلى الإصابة بحساسية الصدر، مؤكداً أنه فى حال استنشاق سوائل التعقيم يؤدى ذلك إلى تهيج الشعب الهوائية، ما قد ينذر بالإصابة بالأمراض الصدرية ولابد من عدم الإكثار من التعرض لهذه المواد المطهرة لما قد تسببه  من الإصابة بالأمراض  الصدرية والجلدية.
 
واوضح استاذ الحساسية في تصريحات لـ"صوت الأمة" أن سوائل التعقيم تحتوى على مواد كيميائية نفاذة، تتسبب فى تهيج الأغشية المخاطية، ما قد يؤدى إلى الإصابة بحساسية الصدر جراء استنشاق تلك المواد عند المرور من هذه البوابات، إلى جانب الإصابة بالالتهاب الرئوى، حيث تحتوى الرئة على أهداب يقتصر دورها على إفراز مواد تسهم فى مقاومة الأجسام الغريبة التى تدخل إلى الجهاز التنفسى، وفى حالة استنشاق تلك المواد النفاذة باستمرار، قد يؤدى إلى الإصابة بالالتهاب الرئوى، وكذلك الإصابة بالأزمات الربوية نتيجة التعرض المتكرر لغاز الكلورين الموجود فى الكلور موضحا أنها لابد أن نستعد بعد كورونا لعلاج المواطنين من الأمراض الرئوية والجلدية نظرا للاصراف في استخدام المطهرات ولابد من اللجوء للماء والصابون كمطهر أمن لصحة الإنسان.
 
ومن جانبه قال الدكتور ياسر مصطفي، اخصائي الامراض الصدرية، أن الكثير من المنشآت بدأت تستخدم هذه البوابات، ويستغرق الشخص عادة بين 15 إلى 20 دقيقة في عملية التعقيم من خلال رش مواد معقمة بعضها ضار على صحة الإنسان وتسبب في تهيج الاغشية المخاطية للانف وكذلك تودي لأمراض الحساسية الصدرية مشيرا  إلى وجود أنواع مختلفة من بوابات التعقيم، فمنها ما يمكن اعتباره مجرد تعقيم الملابس أو الجسم، ظاهريا ومنها ما هو مزود بكواشف لدرجات الحرارة، وكاميرات، ونظام إنذار.
 
واضاف اخصائي أمراض الصدر ، أن الكلور والكحول يسببوا حساسية فى الجلد وفى حالة تكرار الإصابة ربما يتحول الأمر إلى أمراض خطيرة يصعب علاجها وأن هناك بعض المواد التى تستخدم فى الرش تؤدى إلى أضرار بالغة إضافة إلى تغير لون الشعر حال ملامستها له مباشرة وبالتالي لابد من الابتعاد عن هذه المطهرات خاصة أن بعضها قد لا يؤثر على الفيروس ولا يساعد على قتله، وأن التباعد والالتزام بالإجراءات الوقائية هو الحل الأمثل للمكافحة الفيروس.
 
وقال الدكتور امجد حداد، أستاذ الحساسية والمناعة بالمصل واللقاح، ليس لها أي قيمة نهائيا وغير ذات جدوي قائلا :" أن  استخدامها ما هو إلا اهدار مال على الفاضي للشركات والمصانع والهيئات، فهي تطهر ملابس الإنسان فقط ولا تمنعه من إصابة الآخرين طالما أنه مصاب أو حامل للفيروس ويمكنه نقل العدوي فهي تعطي احساس وهمي بالأمان وبالتالي فإن المواطنين يتعاملوا على أساس أن تم التعقيم ويتعامل دون حذر وينقل العدوي للآخرين.
 
واستطرد حداد في تصريحات لـ"صوت الأمة"، أن كل المطهرات مضره وتسبب امراض حساسية ولذا نطالب بالاعتدال في استخدامها والحرص علي التطهير من خلال غسل الايدي بالماء والصابون واذا تم اتباع الإجراءات الوقائية اللازمة من التباعد وعدم التلامس بالأيدي وارتداء الكمامة فبالتالي الشخص مؤمن من نقل العدوي أو الإصابة بها.
 
واكد شريف عزت، رئيس شعبة المستلزمات الطبية باتحاد الصناعات، أن البوابات هي صناعة لجمع الأموال الحرام لا تسمن ولا تغني من جوع ، وقال "لا نعلم لماذا يتم استخدامها حتى الآن فلا دليل علمي وانطلق يؤكد فاعليتها ويكفى أن منظمة الصحة العالمية حذرت من استخدامها"
 
واستكمل عزت لـ"صوت الامة"، أن استخدامها سواء في اللجان الثانوية العامة أو حتى في أى هيئة ليست لها أهمية بل تعمل على إصابة المواطنين بالأمراض لان المواد المطهرة مجهولة المصدر وتكن بشكل مباشر على الجسم والجلد مما يشكل خطورة على صحة الإنسان، ومصر وحدها التى مازالت تعمل على استخدامها وباقى الدول ألغت استخدامها كالسعودية والإمارات والكويت والمغرب نظرا لخطورتها، لذا لابد من وقف انتاجها.
 
وعن التحركات البرلمانية فقد تقدم خالد مشهور، عضو مجلس النواب، بطلب إحاطة لوقف بيع البوابات المطهرة باعتبارها سبوبة للشركات لاستغلال أزمة كورونا وحرص الناس على التعقيم المستمر موضحا وفقا لما أعلنته الجهات الصحية فإن أضرار البوابات أكثر من نفعها وأنها لن تفيد في التعامل مع الفيروس، فهي سبوبة استغلها البعض لتحقيق مكاسب مالية كبيرة، حتى أنها لم يقتصر تصنيعها على الشركات المتخصصة بل أصبحت متوفرة لدى الحدادين بدون أية مواصفات فنية متبعة في التصنيع.
 
واضاف مشهور، أنه طالب بالعمل على استبدال البوابات بكواشف لقياس درجات الحرارة وكذلك استخدام المطهرات كالكحول الذي ثبت مفعولة ي محاربة الفيروس وقلة الأضرار الناتجة منه وعدم الترويج البوابات المعقمة لوقف نزيف الأموال على أمور تضر دون أن تنفع.
 
واعلنت الهيئة العامة للغذاء والدواء أن "بوابات التعقيم" باستخدام المطهرات الكيميائية والأشعة فوق البنفسجية التي توضع على مداخل الأماكن العامة كالمجمعات التجارية والمطارات وغيرها، لم يتوفر القدر الكافي من المعلومات حول فعاليتها في الحد من انتشار العدوى من فيروس كورونا المستجد (COVID-19) ومأمونيتها للاستخدام على هذا النطاق نظراً لحداثة التجربة بل أن  "منظمة الصحة العالمية" كشفت عن  بعض المحاذير التي تصحب استخدام "بوابات التعقيم" ويطرح تساؤلات حول قدرتها على منع انتشار العدوى بهذا الفيروس، وتحتوي هذه البوابات على أجهزة تقيس درجة حرارة الشخص الذي يعبر من خلالها بحيث تعطي تنبيها في حال ارتفاع درجة حرارته عن المستوى الطبيعي، كما تقوم بتسليط أشعة فوق بنفسجية أو رش رذاذ يحتوي مادة كيميائية مطهرة على الشخص من كافة الاتجاهات لفترة محددة.
 
وأشارت "الغذاء والدواء" أن الجهات الرقابية العالمية المعنية بمكافحة انتشار عدوى فيروس كورونا توصي باستخدام أنواع معينة من المطهرات الكيميائية تعرف بأن لها القدرة على القضاء على معظم أنواع البكتيريا والفيروسات، بعضها مخصص للاستخدام على الأسطح الصلبة مثل هيبوكلورات الصوديوم وبيروكسايد الهيدروجين وغيرها، وبعضها يمكن استخدامه بتراكيز محددة وبنقاوة معينة على جسم الإنسان مثل المعقمات الكحولية كالايثانول وأيزوبروبانول.
 
ولأن البوابات المشار إليها تستخدم أنواع مختلفة من المطهرات الكيميائية مثل بيروكسايد الهيدروجين وغاز الأوزون ومركبات الأمونيوم وغيرها، فإن استخدامها حسب الطريقة المشار إليها في بوابات التعقيم يحمل العديد من المخاطر، حيث أن هذه المطهرات في معظمها مصممة لتطهير الأسطح وليس للاستخدام على جسم الإنسان، كما أن رشها بشكل عشوائي ومن كافة الاتجاهات قد يؤدي إلى استنشاقها أو وصولها إلى أجزاء غير مرغوبة من الجسم وبالتالي التسبب في أضرار مختلفة، وتزداد خطورته في حال تعريض كبار السن أو الأطفال أو الحوامل أو المصابين بأمراض الجهاز التنفسي لهذه المواد.
 
وبالنسبة للأشعة فوق البنفسجية (UVC) المستخدمة في هذه البوابات؛ فإنه ثبت قدرتها على تدمير العديد من أنواع الفيروسات، لكن لا توجد حتى الآن دراسات كافية تثبت أنها قد تدمر الفيروسات التاجية الجديدة (COVID-19)، ولخطورة ضوء الأشعة فوق البنفسجية وضررها على الإنسان، فإنه يُوصى بأن يقتصر استخدامها على تطهير الأسطح الخارجية.
 
وكما هو الحال في استخدام بوابات التطهير المزودة بمطهرات كيميائية، فإن فاعلية استخدام البوابات المزودة بهذه الأشعة غير مثبتة نظراً لأنه لا يمكنها تطهير غير الأسطح المباشرة، وعليه فإن المناطق المظللة أو تلك بين طيات الملابس أو تحتها لن يتم تطهيرها وكذلك المغطاة بالغبار، إضافة إلى أنه لا يمكن تقدير وقت التعرض والجرعة المناسبين للتطهير لاختلاف أنواع ومكونات أنسجة الملابس والأسطح الخارجية.
 
ومن الممكن أن يؤدي استخدام الممرات ذات خاصية التطهير بدفع الهواء والأشعة فوق البنفسجية إلى زيادة انتشار الفيروس غير المقصود إلى باقي أجزاء الجسم الحساسة للعدوى مثل العين والأنف والفم، وأشارت "الهيئة" أن هذه البوابات تعطي شعوراً زائفاً بالأمان ما قد يؤدي إلى التهاون والتخلي عن القواعد الأساسية للحماية من "COVID-19"، حيث أن رش المطهر ليس له تأثير على الفيروس الموجود داخل الجسم وبالتالي فإن المرور عبر البوابات لا يمنع احتمالية نقل الشخص المصاب للعدوى إلى غيره.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق