حكم زرع البويضة الملقحة في الرحم بعد وفاة الزوج.. ماذا قالت الآراء الفقهية والقانونية؟

الخميس، 09 يوليو 2020 11:30 م
حكم زرع البويضة الملقحة في الرحم بعد وفاة الزوج.. ماذا قالت الآراء الفقهية والقانونية؟

هل يصح قانونا إتمام العملية لو توفى زوج قبل زرع البويضة الملقحة في رحم الزوجة وهل لو إجراء العملية وأسفرت عن إنجاب ولد هل يرث هذا الولد أم لا ؟.. هذا السؤال على ما يبدو أنه لا يمر عام دون أن يُطرح على دار الإفتاء المصرية ليثير بدوره اللغط ويحرك المياه الراكدة، ولكن لم يتطرق أحد للإجابة على الجانب القانونى دون الفقهى لتلك الإشكالية.
 
فى السطور التالية نلقى الضوء على تلك الإشكالية من خلال الإجابة على السؤال سالف البيان من الناحية الفقهية والقانونية – التشريعية – حيث أن الإجابة على هذا السؤال لها شقين شق شرعى تختص به دار الإفتاء وفقهاء الدين، وشق قانوني يختص به رجال القانون.

هناك جدلا فقهيا واسعا في بلادنا العربية والإسلامية فى هذا الخصوص، فقد أباح بعض العلماء هذا الأمر في ظل ضوابط شرعية محكمة، بينما تحفظ عليها ورفضها فريق آخر درءا للشبهات وإغلاقا لباب يمكن أن يدخل منه فساد كبير إلى الحياة ونعرض هنا حيثيات الجواز والتحريم، ونعرض أيضا لمختلف الآراء الفقهية التى تناولت ذلك .


أولا: فتوى دار الإفتاء المصرية نشرت فى 7 مارس 2020
 
ورد إلى دار الإفتاء المصرية سؤال مفاده: "امرأة وزوجها قد خصبا بويضة ووضعت في مركز معالجة العقم، ثم توفي الزوج وأرادت الزوجة وضع تلك البويضة في رحمها، فما الحكم الشرعي في هذه الحالة؟"، وأجابت "الإفتاء" عن السؤال الوارد عبر صفحتها الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، قائلة: "لا يجوز شرعًا وضع البويضة المخصبة من الزوج بعد وفاته في رحم زوجته المتوفى عنها؛ لانقضاء العلاقة الزوجية بالوفاة".

ثانيا: فتوى الدكتور علي جمعة محمد برقم المسلسل 3556
 
الفتوى فى غضون 26 مارس 2004 - السؤال  - امرأة وزوجها قد خصبا بويضة ووضعت في مركز معالجة العقم، ثم توفي الزوج وأرادت الزوجة وضع تلك البويضة في رحمها، وتطلب السائلة بيان الحكم الشرعي في هذه الحالة.
 
الجواب: لا يجوز شرعًا أن تستثبت الزوجة في رحمها بويضة من امرأة أخرى مخصبة سواء كانت مخصبة من زوجها أو من غيره، فقد صدر قرار مجمع البحوث الإسلامية رقم 1 بجلسته بتاريخ 29 مارس 2001 بأن وضع ماء الزوج في رحم زوجته بعد وفاته حرام شرعًا؛ لأنها لم تصبح امرأة المتوفى وإنما صارت أجنبية عنه بالوفاة إذ الموت قطع الصلة بينهما، وفي واقعة السؤال وبناءً على ما سبق: فإنه لا يجوز شرعًا وضع البويضة المخصبة من الزوج بعد وفاته في رحم زوجته المتوفى عنها؛ لانقضاء العلاقة الزوجية بالوفاة.

ثالثا: فتوى الدكتور نصر فريد واصل مفتي مصر الأسبق
 
أفتى أستاذ الشريعة الإسلامية، مفتي مصر الأسبق، الدكتور نصر فريد واصل ـ أفتى لزوجة توفي زوجها حديثا بإباحة الاستعانة بحيواناته المنوية المحفوظة في أحد مراكز التلقيح الصناعي بمصر للإنجاب، بشرط موافقة الورثة الشرعيين، واعتبرت هذه الفتوى خاصة نظرا لعدم وجود أطفال آخرين لدى الزوجة من زوجها، ومحاولاتها مع زوجها قبل الوفاة حل مشكلة عدم القدرة على الإنجاب الطبيعي بالتلقيح الصناعي الذي تمت بعد خطواته خلال حياة الزوج .
 
وبرر الدكتور واصل فتواه بأنه ثبت قطعاً أن البويضة من الزوجة والمني من زوجها وتم تفاعلهما وإخصابهما خارج الرحم لضرورة طبية، وهي عدم قدرتها على الإنجاب الطبيعي، وتم الإخصاب بناء على رغبة الزوجين في حياة الزوج الذي توفي قبل نقل البويضة المخصبة إلى رحم الزوجة، لذلك لم أر حرجاً في إباحة استكمال عملية التلقيح الصناعي التي بدأت في حياة الزوج لحاجة الزوجة إلى الولد وتخليدا لذكرى زوجها، واشترطنا شرطين أساسيين:
 
- الأول: أن يتم نقل البويضة الملقحة إلى رحم الزوجة خلال عدة الوفاة لا بعدها، أي في خلال أربعة أشهر وعشرة أيام من تاريخ الوفاة .
 
- الثاني: موافقة الورثة الشرعيين موافقة صريحة على زرع بويضة زوجة مورثهم المخصبة بمائه برحم الزوجة نفسها، حتى يكونوا على بصيرة من أمرها، سداً للذرائع واستقرارًا للأوضاع، وسداً لأبواب النزاع والخلاف المتعلق بالتركات.

رابعاً: موقف المملكة العربية السعودية
 
أباحت السعودية ذات الفعل فنقلا عن إحدى الصحف السعودية أن هذه العمليات يُسمح بها بشرط الحصول على فتوى شرعية مكتوبة من هيئة كبار العلماء، وذلك لأنه بموجب التعديلات الجديدة التى أدخلت على اللائحة التنفيذية لنظام وحدات الإخصاب والأجنة وعلاج العقم في السعودية، فقد أبيحت عمليات تخصيب وزرع البويضة المخصبة في رحم الزوجة بعد وفاة زوجها وفق شروط معينة، أهمها أن يكون الطبيب حائزا شهادة الزمالة السعودية أو ما يعادلها قبل الحصول على ترخيص المستوى الأول لعلاج العقم.
 
ووفقا لهذه البنود، فقد تم وضع عقوبات مالية تتراوح ما بين 200 ألف و500 ألف ريال سعودي، أو السجن لمدة لا تتجاوز 5 سنوات مع إلغاء الترخيص بممارسة المهنة، لكل من يرتكب مخالفات علاج العقم دون ترخيص، كما تمس هذه العقوبات المعالجين الذين يحقنون نطفا أو أجنة في امرأة من غير زوجها أو بعد انتهاء العلاقة الزوجية، أو من ينقلون أجنة تخص امرأة إلى رحم امرأة أخرى، إلى جانب مخالفات أخرى أثناء العلاج.

طفل في الحضانة 
 
سادسا: فتوى الفقيه الأزهري الدكتور عبد الفتاح الشيخ أستاذ الشريعة الإسلامية الرئيس الأسبق لجامعة الأزهر
 
وهناك فتوى أخرى للفقيه الأزهري الدكتور عبد الفتاح الشيخ أستاذ الشريعة الإسلامية الرئيس الأسبق لجامعة الأزهر، عضو مجمع البحوث الإسلامية، فيؤكد ضرورة إغلاق هذا الباب الذي سيؤدي إلى انحرافات كثيرة، ويفتح باب النزاع بين الورثة، ويقول: من الأمور المقررة شرعا أن علاقة الزوجية تنتهي بين الزوجين بالطلاق أو بوفاة أحد الزوجين، وعندما يتوفى الزوج ينتهي الرباط المقدس بينهما، ويجوز للزوجة أن تتزوج من رجل آخر بعد انتهاء عدتها، ولذلك كان لا بد من اتخاذ موقف واضح من هذه القضية عندما ناقشناها من قبل في مجمع البحوث الإسلامية، حتى لا يستغل البعض فتاوى العلماء التي أباحت هذه المسألة في ظروف خاصة ويقومون بعمل مخالف للشريعة الإسلامية.
 
سابعا: فتوى موقع الإسلام سؤال وجواب الإسلامي الشهير
 
بينما طرح سؤال فى موقع الإسلام سؤال وجواب الشهير عن حكم استعمال – البويضة - الملقحة للحمل بعد وفاة الزوج نشر فى 30 مايو 2016
 
فكان السؤال فى عمليات الحقن المجهري يتم تلقيح نطف من الزوجين وتكون صالحة ويمكن أن يتم تبريدها وحفظها - إن لم يتم حقنها بعد السحب والتلقيح مباشرة - بتقنية معينة بحيث إذا تم الاحتياج لها فى أى سنة من السنوات التي تلي عملية السحب والتلقيح يمكنك استردادها وزرعها برحم الزوجة من خلال عملية طبية بسيطة.. فهل يجوز حقن هذه النطف بعضها أو كلها فى رحم الزوجة إذا مات عنها زوجها؟
 
جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي في دورته السابعة 1404هـ: "أن الأسلوب الذي تؤخذ فيه البذرتان الذكرية والأنثوية من رجل وامرأة زوجين، أحدهما للآخر، ويتم تلقيحهما خارجاً في أنبوب اختبار، ثم تزرع اللقيحة في رحم الزوجة نفسها صاحبة البويضة": هو أسلوب مقبول مبدئياًّ في ذاته بالنظر الشرعي، لكنه غير سليم تماماً من موجبات الشك فيما يستلزمه ويحيط به من ملابسات، فينبغي ألا يلجأ إليه إلا في حالات الضرورة القصوى، وبعد أن تتوفر الشرائط الآتية :
 
أ- أن انكشاف المرأة المسلمة على غير من يحل شرعاً بينها وبينه الاتصال الجنسي: لا يجوز بحال من الأحوال، إلا لغرض مشروع يعتبره الشرع مبيحاً لهذا الانكشاف.
 
ب- أن احتياج المرأة إلى العلاج من مرض يؤذيها، أو من حالة غير طبيعية في جسمها تسبب لها انزعاجاً، يعتبر ذلك غرضا مشروعاً يبيح لها الانكشاف على غير زوجها لهذا العلاج، وعندئذ يتقيد ذلك الانكشاف بقدر الضرورة. 
 
ج- كلما كان انكشاف المرأة على غير من يحل بينها وبينه الاتصال الجنسي مباحاً لغرض مشروع، يجب أن يكون المعالج امرأة مسلمة إن أمكن ذلك، وإلا فامرأة غير مسلمة، وإلا فطبيب مسلم ثقة، وإلا فغير مسلم، بهذا الترتيب. 
 
ولا تجوز الخلوة بين المعالج والمرأة التي يعالجها إلا بحضور زوجها، أو امرأة أخرى - وقرر المجمع: "أن حاجة المرأة المتزوجة التي لا تحمل، وحاجة زوجها إلى الولد : تعتبر غرضاً مشروعاً يبيح معالجتها بالطريقة المباحة من طرق التلقيح الصناعي"، انتهى من قرار المجمع الفقهي بمكة المكرمة، ص149. 
 
ثانيا: يجب الاقتصار في تلقيح البويضات على العدد المطلوب ، تفاديا للفائض من البويضات الملقحة، وفي حال وجود هذا الفائض فإنه يترك دون عناية حتى تنتهي منه الحياة، ولا يجوز الاحتفاظ به؛ لأن الاحتفاظ بالأجنة أو البويضات قد يؤدي إلى اختلاطها بغيرها مع الوقت، إما على سبيل الخطأ وإما على سبيل العمد، وهو ما يؤدي إلى اختلاط الأنساب. 
 
حكم القانون في زرع البويضة الملقحة بعد وفاة الزوج

أما عن الشق القانونى والقضائى – يقول الخبير القانونى والمحامى بالنقض محسن جمال - الحقيقة أن هذا البحث القانونى من الصعوبة بمكان، وذلك لأنه لا يوجد سوابق لطرح هذا الموضوع على بساط البحث ولا سوابق قضائية تنير الطريق – مثلا أحكام النقض - وغاية الأمر هو القليل من الرسائل العلمية التى تناولت الموضوع وهى بالطبع تعبر عن أراء اجتهادية لأصحابها، فقد يحدث أحيانا أن تبدأ عملية التلقيح الصناعى فى ظل علاقة زوجية قائمة وقبل إتمام هذه العملية تنتهى العلاقة الزوجية بالطلاق أو الموت، وهنا اختلفت التشريعات حول مشروعية الاستمرار فى عملية التلقيح الصناعي من عدمه. 

 
ووفقا لـ" جمال" اتجهت بعض التشريعات إلى إقرار مشروعية التلقيح الصناعي فى هذه الحالة، كالتشريع الأسبانى الذى أجاز للأرملة طلب التلقيح بنطفة زوجها المتوفى خلال 6 أشهر من وفاته شريطة أن يكون الزوج قد وافق صراحة على التلقيح قبل وفاته، بينما ذهبت أغلب التشريعات على عدم جواز ذلك كالتشريع الفرنسى والجزائرى والتونسى والإمارتى والسعودى، وكذلك لائحة آداب مهنة الطب فى مصر بموجب المادة 45 منها، ومشروع قانون استخدام التقنيات الطبية المساعدة على الإنجاب الأردنى بموجب المادة 5 منه.
 
مادة 45: لا يجوز إجراء عمليات الإخصاب المساعد داخل أو خارج جسم الزوجة إلا باستخدام نطفة زوجها حال قيام العلاقة الزوجية الشرعية بينهما، كما لا يجوز نقل بويضات مخصبة لزرعها في أرحام نساء غير الأمهات الشرعيات لهذه البويضات. 
 
تلقيح البويضة بمنى الزوج أثناء العلاقة الزوجية يعنى موافقتها على الإنجاب الصناعي خاصة، وأنهما بالفعل قاما بالمرحلة الأولى فى الإنجاب - التلقيح - الأمر الذى يبرر حق الزوجة فى حالة وفاة زوجها فى استكمال المشروع الذى بدأوا فيه سويا، وذلك بزرع البويضة الملقحة داخل رحمها شريطة ألا يكون قد صدر من الزوج قبل وفاته أى عدول عن رغبته هذه، وبالطبع هذه الحجة لا محل لها إذا كانت العلاقة الزوجية قد انتهت بالانفصال الإرادي. 
 
فإذا أخذت البويضة الملقحة بمنى الزوج حكم الجنين، فتثبت لها أهلية الوجوب والتى يقصد بها صلاحية الشخص لاكتساب الحقوق وتحمل الالتزامات، وسميت بهذا الاسم لأنها تتعلق بما يجب للشخص من حقوق وما يجب عليه من التزامات تثبت الأهلية للجنين في هذه المرحلة سواء كان بويضة ملقحة أو جنيناً في بطن أمه، والأهلية التي تثبت للجنين هي أهلية الوجوب الناقصة، ذلك أنّ مناط أهلية الوجوب هو الحياة الإنسانية، وهي ثابتة للجنين، ولكن بما أنّ الحياة فيه ناقصة مما استوجب منحه أهلية وجوب ناقصة حتى تكون منسجمة مع نقص الحياة فيه. 
 
وأهلية الوجوب الناقصة تجعل الجنين أهلاً لثبوت بعض الحقوق له من دون أن تجعله أهلاً لتحمل أي التزام، فأهلية الوجوب تقوم على عنصرين هما: صلاحية الشخص لاكتساب الحقوق وصلاحيته لتحمل الالتزامات، فأهلية الوجوب التي تثبت للجنين لا تتضمن العنصر الثاني وهو صلاحية تحمل الالتزامات، بل تقتصر على العنصر الأول المتعلق بصلاحية اكتساب الحقوق. كما أنه حتى لهذا العنصر لا تثبت للجنين كل الحقوق، بل تثبت له فقط الحقوق الضرورية التي يقتضيها وضعه، والحقوق الضرورية التي يعدّ الجنين أهلاً لاكتسابها هي: النسب والإرث والوصية. 
 
وكما أسلفنا لا يوجد قانون فى مصر ينظم عمليات الإخصاب اللاحق، مما جعل الفقه ينقسم فى جوازه أو عدم جوازه لعدة أراء، فذهب بعضهم لعدم جوازه فى كافة صوره وأشكاله وفرضياته مستندين فى ذلك إلى نص المادة 15 من قانون 25 لسنة 1929 والمعدل بالقانون 100 لسنة 1985 وهى المادة المتعلقة بالحالة التى تكون فيها صلة الزوجية قائمة بين الزوجين قبل الوفاة أو الطلاق أما بعدها، فإن لاقى بين الزوجين لأنتها العلاقة ومن ثم القول بعدم جواز قيام المرأة بإجراء الإخصاب بعد وفاة زوجها. 
 
قد يبدو أن نص المادة المشار إليها خاصة بإثبات النسب، ومن ثم لا يمكن التعويل عليها فى القول بعدم جواز الإخصاب اللاحق هذا ما أستند إليه من قالوا بعدم جوازه، وإزاء سكوت المشرع عن الجزم بمشروعية أو عدم مشروعية الإخصاب اللاحق، لذا فلم يكن هناك خيار إلا الرجوع للقواعد العامة فى كلا من القوانين الجنائية والمدنية أو المتعلقة بالطب البشرى أو الركون إلى قواعد الفقه الإسلامى باعتباره مصدرا احتياطيا فى القانون المصرى المادة 2 / 1 من القانون المدنى. 
 
 
وقد أجزمت لائحة آداب مهنة الطب الصادرة بقرار وزير الصحة والسكان رقم 238 الصادر فى 5 سبتمبر 2003 ـ أجزمت ـ بعدم جواز الإخصاب اللاحق فى حالة وفاة الزوج أستنادا لمفهوم المخالفة لنص المادة 45 والتى تنصت على أنه: " لا يجوز إجراء عمليات الإخصاب المساعد داخل أو خارج جسم الزوجة إلا باستخدام نطفة زوجها حال قيام العلاقة الزوجية الشرعية بينهما وبموافقتهما الخطية، ووفقا للقانون المصرى إن تمت عملية الإخصاب بعد الوفاة أو الفرقة وجئ بالمولود خلال أقصى مدة الحمل من تاريخ وفاة الزوج أو البينونة فى الفرقة فهنا يستفيد المولود من قرينة الأبوة وينسب إلى المتوفى. 

تعريف الجنين فى الفقه الحنفى 
 
لا يعتبر فقهاء الحنفية ما فى رحم الأم جنينا إلا بعد أن يستبين خلقه بأن يظهر منه شئ كأصبع أو ظفر أو شعر أو نحو ذلك، أما إذا لم يستبن شئ من خلقه قلا يعتبرونه جنينا بل هو مضغة أو دما جامدا - فقال ابن عابدين: "أن يظهر منه أصبع أو ظفر أو شعر فإن لم يظهر شئ من خلقه فليس جنين "، ويرى صاحب بدائل الصنع: " إن الحمل لا يسمى جنينا أن لم يستبين شئ من خلقه وإلا فهو مضغة سواء كان ذكرا أو أنثى "، ويؤيدهم فى ذلك الأمامية والشافعية والحنابلة بينما يعارضهم المالكية. 

 
 
تعريف الجنين فى القانون المصرى 
 
لم يورد المشرع المصرى تعريفا صريحا للأجنة فى نصوصه التشريعية، إنما ورد عفويا فى تعليمات آداب مهنة الطب الصادرة بقرار وزير الصحة 238 لسنة 2003 فقد نصت المادة 46 منه: "لا يجوز إنشاء بنوك للبويضات أو الحيوانات المنوية أو الأجنة"، فيكون بذلك قد عرف الجنين بأنه البويضة الأنثوية الملقحة بالمنى "اللقيحة". 
 
 
وعلى صعيد آخر تنص المادة الثالثة من القانون 1 لسنة 2000 
 
تصدر الأحكام طبقا لقوانين الأحوال الشخصية والوقف المعمول بها, ويعمل فيما لم يرد بشأنه نص في تلك القوانين بأرجح الأقوال من مذهب الإمام أبى حنيفة، فإذا أخذنا فى الاعتبار تعريف الحنفية للجنين السابق ذكره فإن اللقيحة لا تعتبر جنين، ثم ما لبث أن عرف معظم الفقه الجنين بأنه: "بيضة المرأة الملقحة بالحيوان المنوى للرجل منذ لحظة التلقيح إلى أن تتم الولادة"، فتحقق الإخصاب يجعل المرأة فى حكم الحامل ومن ثم تنسبغ عليها الحماية القانونية للأم والجنين، وقد وسع هذا التعريف من مفهوم الجنين، فلم يقصره على الأجنة الناتجة من التلقيح الطبيعى بل تعداه ليشمل الأجنة الناتجة عن التلقيح الصناعى، ليأتى هذا التعريف منسجما تماما مع التطور الحاصل فى مجال الإنجاب الصناعى وعلم الأجنة الحديث. 
أم حامل
 
تمر عملية الإخصاب المعملي بمرحلتين الأولى تتمثل فى التقاط بويضة الزوجة واستخلاص منى الزوج ومن ثم إجراء التلقيح بينهما، ويطلق على المخلوق الناتج عن هذه المرحلة مصطلح اللقيحة - البويضة الملقحة - أما المرحلة الثانية فهى إيداع اللقيحة رحم الزوجة لتنمو داخله حتى الولادة فإذا كان مصطلح الجنين يطلق فى الاستعمال الدارج على كافة أطواره فى المرحلة الثانية، إلا أن بعض الفقه يذهب إلى أن مصطلح الجنين لا يصدق إلا على المادة الجنينية فيما بعد طور المضغة حتى يتبين فيه شئ من خلق أدمى، أما الحمل فهو مصطلح يشير التصاق البويضة الملقحة الحية بجدار الرحم. 
 
إذن النقطة الفيصلية فى تحديد قواعد الإرث والوصية واجبة التطبيق في حالة الإخصاب اللاحق هى مدى اعتبار اللقيحة جنينا من عدمه، لما للجنين في بطن أمه حقوق تقررها النصوص الجنائية وأخرى تقررها النصوص المدنية والتي تعنينا فى هذا المقام، فلا يثبت من هذه الحقوق المدنية للجنين، إلا ما يقررها القانون بنصوص خاصة كالحق فى الإرث والحق فى تلقى الوصية.. 
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة