أردوغان بـ100 وش.. «خليفة المسلمين» في خدمة إسرائيل

السبت، 15 أغسطس 2020 09:29 م
أردوغان بـ100 وش.. «خليفة المسلمين» في خدمة إسرائيل
أردوغان
أيمن عبد التواب

 

أرقام صادمة تؤكد: الرئيس التركي أكبر داعم لـ«الاحتلال»

زيادة التبادل التجاري بين أنقرة وتل أبيب في عهد «العثمانلي» بنسبة 600%

«المصالح» سر صمت مسؤولو تل أبيب على انتقاد الخليفة المزعوم لإسرائيل

اتفاق بين نتنياهو وأردوغان: «اشتمني في العلن ونفعني في الخفاء» 

مفاجأة.. تركيا أمَّنت طعام جيش الاحتلال في عدوانه على قطاع غزة
 
كثير منا ينخدع في الشعارات البراقة، وينساق وراء الهتافات الثورية، خاصة تلك التي تتعلق بمهاجمة الاحتلال الصهيوني، وتنتصر لفلسطين.. وهناك مَن يستغل «نغمة» التعاطف مع المقاومة الفلسطينية في تحقيق مصالح اقتصادية مع الكيان المحتل، على حساب شعب لا يملك حولًا ولا قوة، وتخلت عنه معظم دول العالم، بما فيها دول عربية وإسلامية.. وللأسف، قادة هذه الدول، وعلى رأسهم، الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، الذي يتاجر بقضية فلسطين، ويتلاعب بمقدرات ومصير شعب شقيق.. على الرغم من تصدره المشهد باعتباره «إمام المسلمين»، وأنه «ألد أعداء إسرائيل»! فهل هذا صحيح، كما يدعي أردوغان وأنصاره، وخاصة تنظيم الإخوان الإرهابي؟ 
 
قبل أن تولي وجهك شطر إسطنبول، وتحج إلى أنقرة، وتطوف حول مسجد آيا صوفيا، وتصلي وراء «خليفة المسلمين» أردوغان، وتسبح بحمد حزبه الحاكم «العدالة والتنمية»، وتتأثر بقراءته للقرآن، وتنبهر بشعاراته الثورية التي تدغدغ المشاعر، وتلهب الأحاسيس، والتي يطلقها في أعقاب كل نكبة ومأساة فلسطينية، لمجرد أنها تمس الاحتلال الصهيوني.. قبل كل ذلك، دعني أذكرك بالحديث الشريف: «لا يلدغ مؤمن من جحر مرتين».. ولكن يبدو أن دراويش السلطان العثماني «أردوغان» أدمنوا لدغه، وفي كل مرة يتفنون في تقديم مبرر لهذه اللدغات التي جعلتهم يصدقون أن رئيسهم التركي هو حامي حمى الإسلام والمسلمين.. وهو الذي سيحرر فلسطين، وسوف يخلص القدس من براثن الاحتلال، وهو الوحيد القادر على تطهير المسجد الأقصى من دنس الصهاينة!
تركيا وإسرائيل «إيد واحدة»! 
 
مَن يصدق أن أردوغان عدو لإسرائيل، ما هو إلا شخص مغيب، لم يطلع على التاريخ، ولا يعرف طبيعة العلاقة التي تربط بين الاحتلال الإسرائيلي وبين تركيا، التي وصلت إلى أوجها وازدهارها في عهد «الخليفة أردوغان»! 
 
فتاريخ العلاقات بين الدوليتين يرجع إلى تأسيس إسرائيل؛ إذ كانت تركيا «أول دولة إسلامية» تعترف رسميًا بإسرائيل عام 1949، ومنذ ذلك الحين أخذت العلاقات الثنائية تتطور بشكل مطرد على الصعد كافة، خاصة في المجالين الاقتصادي والعسكري، ومنذ العام 2002، أي مع وصول حزب «العدالة والتنمية» بقيادة أردوغان إلى سدة الحكم، بدأت العلاقات «التركية- الإسرائيلية» تأخذ منحنى آخر.. إذ تراجعت الشعارات «الحنجورية» والبريق «الكلامي»، مقابل زيادة الأرقام على المستوى الاقتصادي.. أي أن أردوغان يخاطب الشعوب العربية والإسلامية باللغة التي يحبونها عن إسرائيل، وفي الوقت نفسه يخاطب تل أبيب بلغة الأرقام الاقتصادية التي تهواها.. وهو ما يكشف زيف العداء الذي يحاول أردوغان تصديره كل فترة، ليدغدغ مشاعر ملايين المسلمين والعرب ما زالوا يراهنون على الرئيس التركي، ويرون فيه صلاح الدين الأيوبي الذي سيعيد إليهم بيت المقدس، والمسجد الأقصى!
 
المؤكد أن المراهنين على «أردوغان الإسلامي» سوف يندبون حظهم حين يعرفون أن علاقاته بالإسرائيليين بدأت منذ توليه منصب رئاسة بلدية إسطنبول، وبمجرد توليه رئاسة الوزراء في تركيا عام 2003 عين ملحقا تجاريا لأول مرة في السفارة التركية في تل أبيب، وكان هذا بمثابة رهان منه على أهمية تعزيز التعاون مع دولة الكيان، ووصلت العلاقات إلى أن تركيا تعتبر إسرائيل الآن واحدة من أهم 10 أسواق تصدير لمنتجاتها على مستوى العالم.
 
وفي 2002، ورغم تصريحاته المتضامنة- آنذاك- مع الشعب الفلسطيني أثناء انتفاضته ضد إسرائيل، أبرمت تركيا صفقة مع تل أبيب لشراء 170 دبابة من طراز  SABRA بقيمة تصل إلى مليار دولار! وكأن أردوغان يدعم الفلسطينيين بالقول، ويساند الاحتلال بالأموال والأفعال!
 
وبعد ثلاث سنوات من حكم أردوغان، أي في العام 2005، وعلى الرغم من اعتراضه على اغتيال الشهداء الفلسطينيين، الشيخ القعيد، أحمد ياسين، والقيادي عبد العزيز الرنتيسي، ووصفه لـ«إسرائيل» بالوحشية، والدموية والإرهاب، أبرمت أنقرة صفقة مع تل أبيب بقيمة 500 مليون دولار، وعلى إثرها حدَّثَ جيش الاحتلال 54 مقاتلة فانتوم لصالح تركيا، كما أبرمت صفقة أخرى لشراء نُظُم محطات أرضيّة من شركة الصناعات الجوية الإسرائيلية «IAI» بتكلفة 183 مليون دولار، وشراء صواريخ أرض جو من نوع (Popeye) بقيمة 200 مليون دولار... فهل لا يزال المراهنون على «أردوغان الإسلامي» عند رهانهم؟ 

لقاء أردوغان وشارون السفاح
أبى العام 2005 أن يرحل إلا بعد إجراء «خليفة المسلمين» أردوغان زيارة تاريخية لتل أبيب، وتقديم فروض الولاء والطاعة للإسرائيليين، واستسماحه رئيس الوزراء الإسرائيلي- حينذاك- آرئيل شارون، بأن يثق فيه، وأن يمد جذور التعاون معه، وسوف يؤدي أردوغان ما يُطلب منه.. الأمر الذي دفع شارون لأن يرحب بالرئيس التركي على النحو التالي: نرحب بك في القدس، عاصمة الأمة اليهودية وإسرائيل! فرد عليه أردوغان: من دواعي سرورنا أن نكون مع الشعب اليهودي منذ القرن الخامس عشر حتى يومنا هذا، ولأننا أحفاد أجدادنا سنبقى متحالفين لتحقيق السلام!
 
فعن أي سلام يتحدث أردوغان؟ أي سلام يتحدث حفيد المحتل العثماني؟ أي سلام يتحدث المجرم الملطخة يده بالدماء؟
 
وللتذكرة، فإن زيارة أردوغان للاحتلال انتهت بزيارة قبر مؤسس الصهيونية «حاييم هرتزل»، ووضع إكليلًا من الزهور على قبره، ثم زيارة متحف الهولوكوست، والوقوف على ذلك المعبد بخشوع!
 
الأعمق في هذه الزيارة كان اللقاء الموثق بالصوت والصورة، والمنتشر على اليوتيوب، بين أردوغان والرئيس الإسرائيلي- حينها- موشيه كاتساف، والخاص بالإعلان عن شراكة تركية- إسرائيلية، ورؤيا موحدة في مشروع «الشرق الأوسط الكبير» الذي يُعد له بعد 10 سنوات من وقت ذلك اللقاء.  وأيضاً بما تمت تسميته بـ«مشروع شمال إفريقيا» الذي كان يُرسم له بعد 10 سنوات أيضًا من ذلك اللقاء!
 
وبالفعل.. بعد عشر سنوات من تلك الزيارة التاريخية لأردوغان ولقائه مع قادة إسرائيل، بدأ يتحقق الحلم.. فها هي الحرب على سوريا، والانقلابات في شمال إفريقيا... وتركيا اللاعب الرئيس في المنطقتين، بشراكة في الرؤيا والأهداف مع الكيان الصهيوني والولايات المتحدة الأمريكية.. ويؤكد ذلك على أرض الواقع دور أنقرة الموازي لدور الاحتلال الصهيوني في سوريا ووقوفهما في ذات الجهة.. ثم تصريح أردوغان، في الآونة الأخيرة، عن وجوب استعادة الدور الأمريكي لحل الصراع في ليبيا.

أفلام أردوغانية
أردوغان كالإخوان المسلمين تمامًا؛ متناقض، متضارب، منافق، يظهر عكس ما يضمر، ويقول عكس ما يفعل.. فعلى الرغم من اعتراضه على الضربات الإسرائيلية للأراضي اللبنانية، ووقوفه «إعلاميًا» إلى جانب البلد العربي الشقيق في حربه مع إسرائيل عام 2006.. نجد أن إسرائيل نفذّت- من خلال الأجواء التركيّة- عملية عسكريّة ضد سوريا عام 2007، عُرفت بعملية «خارج الصندوق»، استهدفت ما قالت إنّه مفاعل نووي، قرب دير الزور، واستخدمت الأجواء التركية فيها لتوجيه الضربة!
 
وفي نهاية العام 2007، وصلت عقود الأسلحة من المبيعات الإسرائيلية لتركيا 69%، من قيمة ميزان التبادل التجاري بين البلدين، البالغ في حينه من مبيعات 2.6 مليار دولار!
 
وفي عام 2008، نصب أردوغان مأتمًا وعويلًا، وملأ الدنيا صخبًا، وضجيجًا، وشجبًا وتنديدًا بما فعله الكيان الصهيوني فيما سُمي- وقتذاك- بحرب غزة الأولى.. لكن رغم هذا التصعيد الإعلامي التركي الظاهر لكل ذي عينين، اشترت تركيا 10 طائرات بدون طيّار من طراز هيرون، من إنتاج شركة «إسرائيل لصناعات الطيران والفضاء»!
 
وعلى الرغم من انسحاب الرئيس التركي، رجب أردوغان، من مؤتمر دافوس الاقتصادي عام 2009؛ اعتراضا على كلام الرئيس الإسرائيلى، شمعون بيرس، تعاقدت تركيا مع شركتين إسرائيليتين، هما: «إسرائيل لصناعات الطيران والفضاء»، وشركة «أنظمة إلبيت» لصالح دعم الطائرات التركيّة بدون طيّار بتقنيات متطورة. وهي الطائرات التي تستخدمها تركيا اليوم في ليبيا.
 
وفي 2013، ورغم حادثة «أسطول الحرية» عام 2010 وإعلان تركيا تجميد العلاقات مع إسرائيل، استمرت العلاقات العسكرية بين أنقرة وتل أبيب، وزوّدت شركة «IAI» الإسرائيلية سلاح الجوّ التركي بمنظومة متطورة للإنذار المبكر.
 
وفي 2015؛ ورغم مطالب أردوغان الإعلامية بكسر الحصار عن غزة، تمت تسوية قضية السفينة «مرمرة» بين الكيان الصهيوني وتركيا، بالاتفاق على عودة المياه الدبلوماسية لمجاريها وإعادة السفراء، وتقديم تعويض مادي لأهالي الضحايا الأتراك، مقابل تنازل تركيا عن القضية في المحافل والمحاكم الدولية، بالإضافة لمنع أي نشاط يخص المقاومة الفلسطينية على الأراضي التركية، وليترتب على ذلك ترحيل القيادي «الحمساوي» صالح العاروري عن أنقرة، ويستقر لاحقًا في الضاحية الجنوبية لبيروت!
 
وفي هذه الصفقة تنازلت تركيا عن شرطها في فك الحصار عن غزة، مقابل بناء مستشفى في القطاع!

تمثيلية متفق عليها
في فبراير الماضي، نقلت وكالة أنباء الأناضول التركية الرسمية، وصف أردوغان إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لخطة السلام الإسرائيلية الفلسطينية، بأنها «تتجاهل حقوق الفلسطينيين، وتضفي شرعية على الاحتلال الإسرائيلي، ولن تخدم السلام ولن تجلب الحل». ما جعل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، يسخر من أردوغان ومن المواقف التي يتخذها تجاهه في العلن، بينما تختلف تلك المواقف في مجال العلاقات التجارية.. إذ نقلت صحيفة «جيروزاليم بوست» عن نتنياهو قوله: «أردوغان اعتاد أن ينعتني بهتلر كل 3 ساعات.. والآن يفعلها كل 6 ساعات، لكن نحمد الله أن التجارة بين بلدينا منتعشة»!
سخرية نتنياهو من أردوغان تعيدنا إلى العام 2005 عندما صرح «الخليفة العثمانلي» أمام الرئيس الإسرائيلي، موشيه كتساف، بأن «العلاقات الجيدة بين إسرائيل وتركيا لا تمنع من انتقاد اسلوب إسرائيل تجاه الفلسطينيين»!
 
ولعل هذا ما يفسر منح أردوغان «وسام الشجاعة اليهودي» عام 2004، من قِبل «لمؤتمر اليهودي الأمريكي» الذي ترأسه جاك روزن، الصهيوني المتطرف في دعم إسرائيل، بدعوى «مساعي أردوغان من أجل السلام في الشرق الأوسط»! فعن أي سلام يتحدثون وأبناء صهيون لت يزالون يحتلون أرض الفلسطينيين؟ وأي شجاعة يقصدون، والاحتلال يقتل شعبًا أعزل بدم بارد، ويتباهى بجرائمه؟ فهل هذا ما يريده «خليفة المسلمين» كما يطلق الإخوان على أردوغان؟ 

تركيا في قلب إسرائيل
ربما يشكك الإخوان ومجاذيب أردوغان في المعلومات السابقة، وقد يتهمنا بالتجني على خليفتهم المنتظر.. لكن الباحث والمحاضر الإسرائيلي، المتخصص فى شؤون العالم الإسلامي، موردخاي كيدار، أكد على متانة العلاقات الاقتصادية لدولته مع تركيا، ومشاركة أنقرة في نهضة تل أبيب!
 
وقال كيدار: «عليك أن تقوم برحلة إلى تل أبيب لترى الأبراج التي تبنيها تركيا لتعرف واقع العلاقات الاقتصادية بين تركيا وإسرائيل».. موضحًا أن شركة «يلماز» التركية هي التي تبني الأبراج في تل أبيب، بالإضافة إلى المكاتب والشقق.. مضيفًا بأن هناك مليارات الدولارات من التبادل التجاري بين الدولتين، وكثير من الأطعمة والملابس الجاهزة في إسرائيل قادمة من تركيا، فضلاً عن عمال البناء الأتراك العاملين في إسرائيل.

الأرقام لا تكذب 
ولأن الأرقام لا تكذب ولا تتجمل، لكن تعكس بجلاء حقيقة وحجم العلاقات التركية- الإسرائيلية، فإن التقارير الصادرة عن دائرة الإحصاء التركية 2018، أكدت أن تركيا الأولى عالميا في تصدير الاسمنت لإسرائيل بنسبة 59%، والحديد بنسبة 45%، وبلغ حجم التبادل التجاري بينهما في 2019 أكثر من 6 مليارات دولار، بزيادة 18% عن 2018، وبزيادة 600% عن 2002، ومن المتوقع ارتفاع الرقم إلى 10 مليارات دولار خلال السنوات القليلة المقبلة.
وسجلت حركة السياحة الإسرائيلية إلى تركيا رقما قياسيا في عام 2019، وقبل تفشي كورونا، بلغ عدد السياح الإسرائيليين الذين زاروا تركيا نحو 650 ألفًا، بنسبة ارتفاع 25% مقارنة بـ2018.
 
وتعمل تركيا كوسيط في عمليات بيع مشبوهة لنفط إقليم كردستان العراق إلى إسرائيل وتحصل على عمولة، في حين تعتبر الحكومة المركزية في بغداد هذه العمليات غير قانونية وتندرج تحت إطار ممارسات التهريب، خاصة وأن إسرائيل تحتل المرتبة الأولى في استيراد النفط الخام من أراضي إقليم كردستان العراق.
 
وتؤمن تركيا للجيش الإسرائيلي حصصه الغذائية من مختلف المؤن والأطعمة المعلبة التي يتزود بها الجنود والضباط الإسرائيليون، خلال عمليات القتال في غزة، وهذا ما فضحته وزارة الدفاع الإسرائيلية، بعد أن أزعجتها تصريحات أردوغان العنترية، إذ أكدت في بيان أن المنتجات الغذائية التي يستخدمها الجيش الإسرائيلي مستوردة من تركيا، وأشارت إلى وجود صفقات مماثلة عقدها أردوغان مع حكومة آرييل شارون الإسرائيلية عام 2002 وتستمر حتى عام 2022.
بائع أوهام الخلافة 
 
في الوقت الذي يستمر أردوغان باستخدام خطاب عاطفي شعبوي بخصوص الإسلام، وفلسطين المحتلة.. هناك تقارير تركية تؤكد على أنه أكبر داعم للاحتلال الصهيوني، توجد علاقات أشد متانة بينهما.. وأشار موقع «ترك برس» إلى هذه العلاقة، من خلال تصريحات لوزير الطاقة الإسرائيلي «يوفال شتاينيتز»، في فبراير 2016، قال فيها: «على الرغم من التدهور الدبلوماسي للعلاقات التركية- الإسرائيلية، إلا أنّ حجم التبادل التجاري لعام 2014، بلغ 5 مليارات و832 مليون و180 ألف دولار، أي بزيادة عن الأعوام السابقة»!
 
وأضاف وزير الطاقة الإسرائيلي: «الرئيس أردوغان صرح بأنه في ظل تدهور الأوضاع السياسية في المنطقة، فإن تركيا بحاجة ماسّة إلى التوافق مع إسرائيل، لمناقشة المسارات التي يمكن من خلالها إحداث تغييرات إيجابية في المنطقة». وبحسب «شتاينيتز»، يرى أردوغان أن مفتاح مصالحه التجارية هو وبلده، تعود كذلك إلى غاز الاحتلال، الذي يعد أفضل ضامن للعلاقات بين الطرفين.
 
وترتبط العلاقات التركية- الإسرائيلية كذلك بالصراع على ثروات منطقة شرق البحر المتوسط، إذ يرى الجنرال التركي جهاد يايجي، الذي يوصف بأنه مهندس الاتفاقية الأمنية والبحرية المبرمة مع حكومة فايز السراج في ليبيا، ضرورة تكرار تلك التجربة أيضًا مع إسرائيل، وتوسيع الصفقة لتشمل تل أبيب، وهي الاتفاقية التى أبرمها الرئيس أردوغان مع «السراج» وسط رفض دولي وليبي. ويعتبر مراقبون للشأن التركي، بحسب تقارير تركية عدة، أن دعوة «يايجي» الغرض منها مواجهة المكاسب المصرية القبرصية اليونانية من التنقيب عن الثروات في منطقة شرق المتوسط.
 
ولعل متانة العلاقات التركية- الإسرائيلية، يكشف لنا سر عدم معارضة تل أبيب للتدخل التركي شمال سوريا، ولماذا لم تدعم قبرص في إدانة ما تمارسه من أنشطة غير مشروعة للتنقيب عن الغاز قبالة سواحلها، ولماذا لا تدين التدخل الأردوغاني في ليبيا، ولماذا تصمت على المجازر التي يرتكبها أردوغان بحق الأكراد، ولماذا تغض الطرف عن تعطيشه العراقيين ببناء السدود على نهري دجلة والفرات.. ولماذا لا تدين الأطماع التوسعية التي يطمح أردوغان- من خلالها- أن يعيد أمجاد أجداده العثمانيين المحتلين؟ 
 
اختصارًا.. «أردوغان يحب تنصيب نفسه بمظهر المنقذ للمسلمين في مواجهة ترامب وإسرائيل، غير أنّه يستخدم مهاراته الخطابية في هذا العداء الشكلي، من أجلِ كسب الانتخابات المبكرة التي سوف يقدم عليها قريبًا». هذا ما انتهى إليه «كريستيان باركل»، الخبير بالشؤون التركية، ومدير مؤسسة «هاينريش بول» في تركيا، ونشر هذا الرأي من خلال تحقيق لموقع «دويتشه فيله»، باللغة الإنجليزية، عام 2017.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة