فتوى لدار الإفتاء من 7 سنوات: بناء المساجد على الأراضي الزراعية وبالمخالفة للقانون "حرام شرعاً"

السبت، 05 سبتمبر 2020 08:00 م
فتوى لدار الإفتاء من 7 سنوات: بناء المساجد على الأراضي الزراعية وبالمخالفة للقانون "حرام شرعاً"
دار الإفتاء
منال القاضي

الإفتاء: الأراضي الزراعية عماد الاقتصاد المصري والبناء عليها إهدارًا واضحًا للثروة الزراعية في مصر
 
في العاشر من يناير 2013، تلقت دار الإفتاء المصرية طلب فتوى، مقدم من المواطن أيمن شحات حسان إسماعيل، قيد حينها برقم 10 لسنة 2013م، وتضمن سؤال حول حكم بناء المساجد على أرضٍ زراعية؟، وكان رد دار الإفتاء على السؤال تأكيدها أن "بِناءُ مسجدٍ على أرضٍ زراعيةٍ بالتحايل على القانون أو بمخالفته أمرٌ غيرُ جائزٍ شرعًا، والحرمة أشدّ لو كان ذلك ذريعةً لاستِباحة ما حوله من الأراضي الزراعية المحظور البناء عليها ببنائها، وليس لله تعالى حاجة في بناء بيتٍ يضر مصالح عباده واقتصادهم ولا يقصد به وجهه".
 
السؤال والرد كان منذ سبعة أعوام، أي قبل الحديث الذى أثير الأسابيع الماضية حول إزالة المباني المخالفة أو المقامة على أراضى زراعية، حتى وإن كانت دور عبادة، سواء كانت مسجد أو كنيسة، وهو بمثابة أقوى رد على مروجى الشائعات والفتن، البعيدين تماماً عن أحكام الدين.
 
في هذه الفتوى استندت دار الإفتاء للأسانيد الشرعية لفتواها بحرمة بناء المساجد على أراض زراعية بالتحايل على القانون، وقالت أنه "من القواعد التي قررتها الشريعة أن درء المفسدة مُقدَّمٌ على جلب المصلحة، كما أن الشريعة قد راعت ترتيب المصالح وترتيب المفاسد عند التعارض، وترتيب المصالح يكون بتقديم أكثرها نفعًا، كما أن ترتيب المفاسد يكون بتقديم أقلها ضررًا، ومِن ثَمَّ قَدَّم الشرع تحصيل مصلحة الجماعة على مصلحة الفرد عند التعارض، كما قَدَّم دفع المفسدة التي تلحق بالمجموع على دفع المفسدة التي تلحق بالفرد عند التعارض".
 
وشددت دار الاففتاء على أن "الأراضي الزراعية عماد الاقتصاد المصري، والبناء عليها يُعَدُّ إهدارًا واضحًا للثروة الزراعية في مصر، ومساحة الأراضي الزراعية في مصر لا تتجاوز 4% من إجمالي أرضها، وهذه المساحة ضئيلة لا تفي بحاجة أهل مصر، ولا تحتمل النقصان بحال، ونقصانها يترتب عليه ضررٌ على المجتمع كلّه، ويزيد من مصاعب الوصول للاكتفاء الذاتي؛ حيث يؤكد الخبراء أن مصر بحاجة إلى زيادة مساحة الأراضي الزراعية إلى الضِّعف حتى تصل إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي، وتقديم مصلحة الجماعة واعتبار المآلات يقتضي وجوب التنبه إلى الفساد الذي يمكن أن يسببه التساهل في البناء على الأرض الزراعية وما يؤثر ذلك من إضعافٍ للاقتصاد القومي".
 
وأضافت دار الإفتاء ان "الحفاظ على الرقعة الزراعية له بُعد استراتيجي؛ حيث إن الوصول إلى الاكتفاء الذاتي في المحاصيل الأساسية هو سبيل التخلص من التَّبَعِيَّة السياسية، وما حرص المستعمر عبر التاريخ على شيءٍ حرصَه على أن يتحكم في المحاصيل الأساسية القُوتِيَّة للدول التي يرغب في وقوعها تحت تَبَعِيَّتِه، ومن المقرر شرعًا أن للحاكم تقييد المباح؛ وذلك لأنه هو المنوط بتقدير المصالح وتحقيقها، ولَمَّا كان للثروة الزراعية أهميتها -كما سبق بيانه- للنهوض بالوطن ومصلحة أفراده وتحقيق الاكتفاء الذاتي لهم مَنَع وَلِيّ الأمر البِناء على الأراضي التي يتحقق بها هذا المراد، ووجب على الأفراد الامتثال لهذا المَنْع، وكان عصيانهم حرامًا شرعًا، وقد نصت المادة 152 من القانون رقم 53 لسنة 1966م والمعدل بالقانونين؛ رقم 116 لسنة 1983م، ورقم 2 لسنة 1985م على أنه: [يُحظَر إقامة أية مبانٍ أو منشآت في الأرض الزراعية أو اتخاذ أية إجراءات في شأن تقسيم هذه الأراضي لإقامة مبانٍ عليها. ويعتبر في حكم الأرض الزراعية الأراضي البور القابلة للزراعة داخل الرقعة الزراعية، ويُستثنى من هذا الحظر: (أ) الأرض الواقعة داخل كرودن المدن المعتمدة حتى 1/12/1981م، مع عدم الاعتداد بأية تعديلات على الكردون اعتبارًا من هذا التاريخ إلا بقرار من مجلس الوزراء. (ب) الأراضي الداخلة في نطاق الحيز العمراني للقرى، والذي يصدر بتحديده قرار من وزير الزراعة بالاتفاق مع وزير التعمير. (ج) الأراضي التي تقيم عليها الحكومة مشروعاتٍ ذات نفع عام بشرط موافقة وزير الزراعة. (د) الأراضي التي تقام عليها مشروعاتٌ تخدم الإنتاج الزراعي أو الحيواني والتي يصدر بتحديدها قرار من وزير الزراعة. (هـ) الأراضي الواقعة بزمام القرى التي يقيم عليها المالك مسكنًا خاصًّا به أو مبنى يخدم أرضه، وذلك في الحدود التي يصدر بها قرار من وزير الزراعة. وفيما عدا الحالة المنصوص عليها في الفقرة (ج) يشترط في الحالات المشار إليها آنفا صدور ترخيص من المحافظ المختص قبل البدء في إقامة أية مبانٍ أو منشآتٍ أو مشروعاتٍ، ويصدر بتحديد شروط وإجراءات منح هذا الترخيص قرارٌ من وزير الزراعة بالاتفاق مع وزير التعمير]، ونصت المادة 156 منه على أنه: [يعاقب على مخالفة أي من أحكام المادة 152 من هذا القانون أو الشروع فيها بالحبس وبغرامة لا تقل عن عشرة آلاف جنيه ولا تزيد على خمسين ألف جنيه. ويجب أن يتضمن الحكم الصادر بالعقوبة الأمر بإزالة أسباب المخالفة على نفقة المخالف]، ثم نصت على أنه: [ولوزير الزراعة حتى صدور الحكم في الدعوى أن يأمر بوقف الأعمال المخالفة بإعادة الحالة إلى ما كانت عليه بالطريق الإداري على نفقة المخالف] اهـ".
 
وأكدت دار الإفتاء في فتواها أن "الواضح من هذه النصوص أن المشرِّع في قانون الزراعة وفي التعديلات التي أدخلت عليه حرص على إضفاء الحماية اللازمة للرقعة الزراعية وصيانتها مِن التبوير أو مِن كل فعل أو امتناع عن فعل يؤدي إلى المساس بخصوبتها أو يمكن أن يؤدي إلى ذلك، واعتبر أن المساس بتلك الحماية المقررة لها هو عملٌ يرقى إلى مصافِّ الجريمة الجنائية التي توجب على المحكمة المختصة توقيع الجزاء المقرر، بل وقَرَّر في بعض الأحوال ضرورة التدخل العاجل من جهة الإدارة دون انتظارٍ لحكم القضاء؛ إمّا بوقف أسباب المخالفة؛ للحيلولة دون استِفْحالِها، وإمّا بإزالة أسباب المخالفة وإعادة الأرض الزراعية إلى ما كانت عليه، والقانون في ذلك لم يكن متعسفًا، بل أوجد البديل؛ حيث جعل في زمام كل جهة كردونًا للمباني يستطيع أهل القرية البناء فيه، كما أعطى الحقَّ لملاك الأراضي الواقعة بزمام القرى في إقامة مسكنٍ خاصٍّ أو مبنى يخدم الأرض، وذلك في الحدود التي يصدر بها قرارٌ مِن الوزير المختص".
 
وتولى الدولة المصرية اهتماما بالغا بقضية بناء وإعمار المساجد، ويظهر هذا جليا في تصريح الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، عندما أكد ان ما حدث فى مصر فى مجال عمارة المساجد وخدمة القرآن الكريم فى السنوات الست الأخيرة غير مسبوق.
 
وفى مجال عمارة المساجد تم إنفاق أكثر من 6 مليارات جنيه، منها 3 مليارات و250 مليونًا من وزارة الأوقاف، ونحو 3 مليارات من الجهود الذاتية لأهل الفضل تحت إشراف الوزارة، لإحلال وتجديد وإعادة بناء المساجد وافتتحت الأوقاف (1170) مدرسة لتحفيظ القرآن الكريم و(69) مركزًا لإعداد محفظى القرآن الكريم خدمة لكتاب الله -عز وجل- وعملًا على عمارة بيوته -عز وجل.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق