تعديل الدستور الجزائري.. تطلعات جديدة لـ"الخضرا" وتعديلات في صلاحيات الرئيس

الأربعاء، 09 سبتمبر 2020 02:00 م
تعديل الدستور الجزائري.. تطلعات جديدة لـ"الخضرا" وتعديلات في صلاحيات الرئيس
عبد المجيد تبون - الرئيس الجزائري
محمد الشرقاوي

 
أمس الثلاثاء، عرض الوزير الأول الجزائري عبد العزيز جراد، مشروع قانون تعديل الدستور على اللجنة القانونية المختصة، في الغرفة الأولى للبرلمان الجزائري، حيث ستتم مناقشة المشروع على مستوى محدود أمام لجنة الشؤون القانونية والإدارية والحريات، قبل المصادقة عليه الخميس المقبل في جلسة علنية.
 
وتنوي الجزائر الاستفتاء على دستورها، بالتزامن مع إحياء البلاد للذكرى الـ 65 لاندلاع "ثورة التحرير"، ليتحول نظام الحكم فيها لشبه رئاسي. قال بيان للجنة القانونية، إنها أخذت بعين الاعتبار الآجال الدستورية المنصوص عليها في المادة 208 من الدستور التي تنص على الاستفتاء الشعبي بعد 50 يوماً من إقرار القانون المتضمن التعديل الدستوري.
 
وفي وقت سابق، أعلن الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، أن موعد الاستفتاء سيكون في أول نوفمبر المقبل، بما يوجب استدعاء الهيئة الناخبة قبل 50 يوماً من تاريخ الاستفتاء، لذلك فإن مرور المشروع الجديد على البرلمان بغرفتيه بات أمراً مستعجلاً.
 
ويبلغ عدد الناخبين في الجزائر أكثر من 24 مليون ناخب من نحو 42 مليونا، واتخذت السلطات الجزائرية إجراءات عاجلة لحماية الناخبين في ظل انتشار فيروس كورونا، حيث أصدرت بروتوكولاً خاصاً بالاستفتاء بين سلطة مراقبة الانتخابات ووزارة الصحة، لحماية سلامة 24 مليون ناخب محتمل.
 
ويحجم التعديل الدستوري الجديد صلاحيات الرئيس الجزائري، على عكس ما كان نظام بوتفليقة، والذي وصفه الساسة الجزائريون بـ"الرئاسي المشدد"، لكونه يمنح الرئيس صلاحيات واسعة ونفوذ على جميع الأجهزة الأخرى، كما يهدف إحداث تغيير كبير في النظام السياسي وخلق توازن بين السلطات الثلاثة. تم إعداد 65 صفحة من التعديلات لمواد دستورية.
 
أمس الثلاثاء، قال جراد، إن التعديلات الدستورية المقرر الاستفتاء الشعبي عليها في الأول من نوفمبر المقبل، تتضمن التقليص من صلاحيات رئيس الجمهورية خاصة تلك المتعلقة بالمهام التشريعية والقضائية، بالإضافة إلى كونها تنص على حق رئيس الجمهورية في التشريع بأوامر في حالة شغور البرلمان فقط، كما قيدت صلاحيات رئيس الجمهورية عند إعلانه حالة الطوارئ والحصار والحالة الاستثنائية.
 
وبحسب جراد، فقد تم تعزيز رقابة البرلمان على الحكومة من خلال إمكانية استجوابها في أي مسألة ذات أهمية وطنية، وكذا الحال بالنسبة لتنفيذ القوانين وإلزام الحكومة بتقديم المعلومات التي يطلبها وتمكينه أيضا من إمكانية سحب الثقة على أثر استجواب يقدم من قبل نواب المجلس الشعبي الوطني (الغرفة السفلى بالبرلمان).
 
وتخص التعديلات الجديدة القضاء أيضاً، حيث تم النص على تعزيز سلطته من استقلاليته كسلطة واستقلالية القضاء وعدم خضوعه إلا للقانون وعدم قابلية القضاء الحكم بالنقض إلا بشروط، بالإضافة إلى تعزيز استقلالية المجلس الأعلى للقضاء من خلال هذه التعديلات الدستورية.
 
واستحدثت التعديلات منصب رئيس الحكومة، يوضح جراد: أنه إذا أسفرت الانتخابات التشريعية عن أغلبية برلمانية، مقابل منصب الوزير الأول إذا أسفرت هذه الانتخابات عن أغلبية رئاسية، مع النص على تعيين رئيس الحكومة من الأغلبية البرلمانية وتمكينه من تشكيل حكومته وإعداد برنامجه.
 
وشملت التعديلات الدستورية النص على عدة أجهزة رقابية فعالة خاصة الرقابة على دستورية القوانين المكرسة في الجزائر منذ 1989، قائلاً: إن الرغبة في جعل كل السلطات خاضعة للدستور ومحترمة لأحكامه كانت الدافع وراء إقامة محكمة دستورية بدلا من المجلس الدستوري حالياً، مع توسيع مجال رقابتها لتشمل الأوامر فضلا عن المعاهدات والقوانين والتنظيمات المنصوص عليها حاليا، ومنحها صلاحية تفسير النصوص القانونية والتحكيم بين السلطات إن طلب منها ذلك، إلى جانب التوسيع في مجال رقابة الدفع بعدم الدستورية".
 
ويرى خبراء قانونيون، أن التعديل الدستوري الجديد، هو في الأصل نظام برلماني بخصائص النظام الرئاسي، وهو ما يعكسه مضمون مشروع الدستور الجديد الذي ينص على اختيار الرئيس عن طريق الانتخاب الشعبي مع تقسييم صلاحيات السلطة التنفيذية بين الرئاسة والحكومة.
 
وتسود حالة من التفاؤل في الأوساط الجزائرية بشأن التعديل الجديد لما به من صلاحيات وتعديلات تعزز مكافحة الفساد، وخاصة تلك التي تتعلق بالحقوق والحريات وهي تقدم ضمانات أكبر للأحزاب والصحافة والمجتمع المدني في ممارسة نشاطهم دون ضغط، كما تحمل الوثيقة معها رغبة في تحرير جهاز القضاء بإبعاد الوزير الأول من المجلس الأعلى للقضاء، في إطار منح العدالة مزيدا من الشفافية والاستقلالية.
 
ومنذ إعلان استقلال دولة الجزائر في 5 يوليو 1962، شهدت 3 دساتير وأربعة تعديلات، بداية من أول دستور للجزائر عام 1963، ثم دستور 1976 الذي اعتبر أن الخيار الاشتراكي لا رجعة فيه، إلى أن جاء دستور 1989 فتخلى عن ذلك الاختيار.
 
ومن أبرز ما جاء في المشروع النهائي للدستور هو تحديد الولايات الرئاسية في عهدتين اثنتين، بينما تم إلغاء إدراج منصب نائب الرئيس في النص النهائي.
 
وينشط في الجزائر أكثر من 60 حزباً، أبرزها حزب جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديموقراطي، وقد أعلنت معظم الأحزاب دعمها وتأييدها لمشروع الدستور بما فيها الأحزاب التي نافست الرئيس تبون في الانتخابات الرئاسية.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق