"حشد وكذب وتحريض".. الإفتاء تعري قنوات الإخوان في التلاعب بقانون التصالح

الخميس، 10 سبتمبر 2020 10:36 ص
"حشد وكذب وتحريض".. الإفتاء تعري قنوات الإخوان في التلاعب بقانون التصالح

أكد المؤشر العالمى للفتوى (GFI) التابع لدار الإفتاء المصرية والأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء فى العالم، أن جماعة الإخوان الإرهابية دأبت على تغليف آرائها السياسية بالصبغة الدينية، كأحد أهم أدواتها المهمة للتسلل إلى عقول الناس، وإضفاء طابع من القداسة الدينية على ما تطرحه من أكاذيب وشائعات تضلل بها الرأى العام، فالجماعة الإرهابية تحرص دائمًا على تصدير صورة غير صحيحة وشائهة تتهم فيها الدولة بالفساد تارة وبالكفر تارة أخرى، وقد كان آخرها تجريد قانون التصالح فى مخالفات البناء على الأراضى الزراعية من هدفه الوطني، فحشدت أتباعها عبر منصاتها الإعلامية لإصدار الفتاوى التى تهاجم القانون وتصور الأمر على أنه مخالفة شرعية، مستغلة فى ذلك أساليب الكذب ونشر الشائعات والتحريض على العنف.
 
ورصد مؤشر الفتوى خلال الأيام الماضية ما يقرب من (1500) مادة إعلامية تنوعت بين الفتاوى والمقالات والمداخلات ومنشورات منصات التواصل الاجتماعى الخاصة بالجماعة الإرهابية، والتى تحدثت عن قانون التصالح فى مخالفات البناء، حيث قام المؤشر بتحليلها وتوصل إلى مجموعة من النتائج، أهمها أن (100%) من العينة المرصودة هاجمت القانون وجرَّته إلى مساحة المخالفة الشرعية، وحملت أتباع الجماعة على تكفير الدولة، ومحاولة صرف نظر الناس عن هدف القانون الوطنى من إعادة الأمور إلى نصابها الصحيح وهو الحفاظ على الرقعة الزراعية.
 
لذا، فقد جاء خطاب الجماعة المضاد للمصلحة الوطنية محملًّا بالأكاذيب ومحرضًا على العنف ومعرقلًا لمسيرة الإصلاح، وكان على النحو التالي:
 
- (55%) حول نشر الشائعات والفتاوى المغلوطة التى تتهم الدولة بالفساد والكفر.
 
- (30%) جاء خطابها حول التحريض والصدام والعنف مع الدولة.
 
- (15%) ادعاء التعاطف مع الشعب ومحاولة تقديم نفسها بديلًا للنظام.
 
الشائعات والأكاذيب .. سلاح الجماعة لإفشال جهود الدولة:
 
وحاولت جماعة الإخوان الإرهابية تجريد قانون التصالح على مخالفات البناء من هدفه الوطنى فى الحفاظ على الرقعة الزراعية بوصفها له بأنه يكرس للفساد، وحشدت عبر منصاتها الإعلامية سيلًا هائلًا من الشائعات والأكاذيب وصل إلى (55%) من نسبة المرصود عبر هذه المنصات الإرهابية خلال الأيام الماضية.
 
وأوضح مؤشر الفتوى أن على رأس منصات الجماعة الإرهابية التى أخذت على عاتقها مهمة التحريض والتأليب قناتي: "مكملين" و"الجزيرة"، حيث أظهرتا أقصى درجات المعاداة للدولة بنشر الفتاوى والتحليلات المغلوطة والمشوهة، وتصوير الأمر على أنه اعتداء على حقوق المواطنين، وليس تنظيمًا لعملية البناء والقضاء على العشوائية، ومحاولة تصدير رأى دينى من أنها منفعة خاصة ولا يجوز الاعتداء عليها، وتناسوا أن الشرع كفل لولى الأمر تقييد المباح إذا تعلق الأمر بالحفاظ على المقاصد العامة للأمة، وأن حكمه يرفع الخلاف، وأن تصرف الإمام على الرعية منوط بالمصلحة، فللحاكم تدبيرُ كثيرٍ من الأمور الاجتهادية وفق اجتهاده الذى توصل إليه بعد النظر السليم والبحث والتحرِّى واستشارة أهل العلم الأمناء.
 
وتابع مؤشر الفتوى أن الشرع قد قدَّم تحصيل مصلحة الجماعة على تحصيل مصلحة الفرد عند التعارض؛ هذا لأن التشريع الإسلامى الحكيم يرمى إلى صلاح الفرد وعموم المجتمع؛ ومثال ذلك نهى النبى صلى الله عليه وسلم عن ادخار لحوم الأضاحى أولًا لحاجة الناس ثم إذنه فى ذلك، وكذلك فإن جواز نزع الملكية الفردية مثال آخر لتقديم المصلحة العامة، حيث أمر عثمان بن عفان رضى الله عنه الساكنين المجاورين للمسجد ببيع دورهم المحيطة به من أجل توسعته للمصلين، وهذا يدل على جواز نزع الملكية الفردية لمصلحة المرافق العامة كتوسيع الطرق وغيرها.
 
وأورد مؤشر الفتوى مجموعة من الفتاوى والمقالات التى هاجمت القانون ووصفت الدولة بالكفر، والتى منها ما قام به الهارب وجدى غنيم من وصف الدولة والرئيس السيسى بالكفر فى فتوى له، والتى جاء فيها: "السيسى الكافر يهدم المساجد وبيوت المصريين ..."، وما قاله المدعو الإخوانى عامر شماخ: "إن ما يردده إعلام النظام من أن هدم البيوت لأجل مكافحة الفساد والقضاء على العشوائيات، ليس صحيحًا، بل العكس هو الصحيح؛ فإن ما يحدث لأجل تقنين الفساد، ولجمع مزيد من المال لدعم خزينة الدولة الخربة، ولبثِّ مزيد من الخوف فى قلوب الناس لئلا يتطلعوا إلى تغيير أو إصلاح".
 
وعليه أكد المؤشر أن مواقع الجماعة الإرهابية قد كرَّست خطابها فقط للانتقاد والهدم، مطوعة كل أدواتها التى شملت المقالات والتحليلات والتقارير المرئية والمكتوبة لتشويه الدولة وهدم كل الإصلاحات التى تقوم بها، رغم أن الدولة المصرية شهدت الكثير من البناء المخالف، لا سيما بعد 2011 بسبب ضعف الدولة فى تلك الفترة، وعدم وجود قوة رادعة لتنفيذ القوانين، ما تسبب فى كل ما نراه الآن من عشوائية فى البناء دون تراخيص وصلت منذ 2011 إلى 2018 إلى مليون و900 ألف حالة.
 
هذا بالإضافة إلى بيان أن الجماعة لكى تضفى مصداقية على أكاذيبها فدائمًا ما تصور الأمر على أنه انتصار للدين وانتصار للشعب، وتخفى الغرض الأساسى من هذا التطويع الدينى للأدلة لخدمة أهدافها الخبيثة من النيل من الدولة.
 
التحريض على العنف .. الحل الوحيد من وجهة نظر الجماعة الإرهابية لمواجهة إجراءات الدولة
 
أكد مؤشر الفتوى أن من أهم أدبيات جماعة الإخوان الإرهابية العلاج بالعنف، وأن الحل الوحيد من وجهة نظر مؤسسيها ومنتسبيها يكمن فى المواجهة العنيفة، حيث يجعلون أول الدواء الكى وليس آخره، وهو مبدأ أصيل فى فكر الجماعة الإرهابية بررته أحداثها الإرهابية منذ العام 2013.
 
واستدل مؤشر الفتوى على ذلك بأن (30%) من المادة المرصودة عبر منصات جماعة الإخوان الإرهابية خلال الأيام الماضية والتى كانت عن قانون مخالفات البناء جاءت محرضة على المواجهة العنيفة مع الدولة.
 
وأشار مؤشر الفتوى إلى مجموعة من دعوات المنصات الإعلامية لجماعة الإخوان الإرهابية لاستخدام العنف فى مواجهة الدولة، لتكتمل محاولاتها لتقويض استقرارها وبث الفوضى، ومن ذلك دعوتها الدائمة للمصريين للصدام مع الدولة لاستغلال المواطنين فى تنفيذ أجندة الجماعة فى هدم الدولة.
 
ومن بين تلك الدعوات ما بثته قناة "مكملين" الإرهابية، التى قامت باستضافة من أسمتهم متخصصين فى الشأن الدينى والقانوني، الذين نشروا الأكاذيب التى أرادوا من خلالها تضليل الرأى العام، وتصوير الأمور على غير ما هى عليه، وتصدير الأمر على أنه مظالم يجب ألا يرتضى بها المواطن، وتناسوا أن الأحكام الشرعية والقانونية فى مقاصدها قد أعلت من مصلحة الفرد والجماعة، وأن الدولة فى سعيها لتقنين الأوضاع هدفها الأساسى درأ المفاسد مقدم على جلب المصالح.
 
وأورد المؤشر مجموعة من الأدلة التى تدحض حجج الجماعة الواهية، والتى أكد فيها على أن النصوص الفقهية قد حرمت فيها التعدى على الأرض الزراعية، لما فيها من ضرر عظيم، قد يهلك به الإنسان والحيوان.
 
وتابع أن التعدى على الأراضى الزراعية هو عكس مراد الشرع الذى حث على الزرع والغرس، ففى الصحيحين عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِى اللهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَغْرِسُ غَرْسًا، أَوْ يَزْرَعُ زَرْعًا، فَيَأْكُلُ مِنْهُ طَيْرٌ أَوْ إِنْسَانٌ أَوْ بَهِيمَةٌ، إِلَّا كَانَ لَهُ بِهِ صَدَقَةٌ". وقوله: "إِنْ قَامَتْ عَلَى أَحَدِكُمُ الْقِيَامَةُ، وَفِى يَدِهِ فَسِيلَةٌ فَلْيَغْرِسْهَا".
 
وأوضح المؤشر أن من يدَّعى أن الأرض ملكية خاصة ويحق له البناء عليها فهو يرتكب حرامًا؛ لأنه أضر بالمجتمع ضررًا عامًّا، وعليه أن يتحمل الضرر الأصغر مقابل دفع الضرر الأكبر.
 
وحول أن القانون قد جاء لضبط عملية البناء والحفاظ على الرقعة الزراعية من التآكل أوضح المؤشر أن للحاكم تقييد المباح للضرورة العامة، فإذا منع ولى الأمر البناء على الأراضى الزراعية فله ذلك، لما جاء فى الحديث أن الصحابة الكرام قالوا للنبى صلى الله عليه وآله وسلم: يَا رَسُولَ اللهِ، نَهَيْتَ عَنْ إِمْسَاكِ لُحُومِ الضَّحَايَا بَعْدَ ثَلَاثٍ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّمَا نَهَيْتُكُمْ مِنْ أَجْلِ الدَّافَّةِ الَّتِى دَفَّتْ عَلَيْكُمْ، فَكُلُوا وَتَصَدَّقُوا وَادَّخِرُوا". فإذا منع ولى الأمر مثل هذا كان هناك معنى زائد فى المنع؛ إذ ولى الأمر منوط به أن يتصرف بما فيه مصلحة الرعية.
 
 مصلحة الشعب.. بوابة أكاذيب الجماعة الإرهابية لترويج أهدافها الخبيثة:
وأوضح المؤشر العالمى للفتوى أن الجماعة الإرهابية دائمًا ما تصدِّر خطابها عبر المنصات الإعلامية بجملة "مصلحة الشعب" والتى تعد البوابة الأساسية لتمرير أى أفكار خبيثة ومسمومة للجماعة فى محاولة للعودة إلى الواجهة السياسية مرة أخرى عبر الدعم الشعبي، فمن خلال العينة المرصودة توصل المؤشر إلى أن (15%) منها تمثل فى ادعاء الجماعة تعاطفها مع الناس ودعمهم، بالترويج لبعض الفتاوى التى تم فبركتها، والتى تحرم هدم البيوت السكنية للمواطنين حتى لو كانت مخالفة للقانون.
 
ومن ذلك فبركة فتوى للشيخ "مبروك عطية"، تضمنت قوله: "إخراج الناس من بيوتها أشد من المسجد الحرام، إخراج الناس من بيوتها وتكريههم فى عيشتهم كأنك بتدوس على المسجد الحرام"، وهى الفتوى التى أعلن الشيخ فبركتها، بقوله: "المخالفون سواء كانوا أشخاصًا بنوا وهم يعلمون ذلك أو آخرين اشتروا منهم، وهم يعلمون أن المبانى مخالفة للقانون ولا يوجد بها تصاريح، الاثنان سواء فى الإفساد وعدم الالتزام بالقانون، وعدم تنفيذ القانون سيكون خرابًا على الجميع وتصبح الأمور عشوائية".
 
بل أكد المؤشر لعب منصات الجماعة الإعلامية على الجانب العاطفى بتشبيه قوانين الدولة الهادفة لحماية القانون، وحماية الرقعة الزراعية، وتصحيح أوضاع مشوهة متراكمة على مدى سنوات طويلة، بأنها تمثل انتهاكًا لحقوق الشعب الاجتماعية التى كان يدعو لتحقيقها بخروجه فى ٢٥ يناير ٢٠١١، بل إنها تشبه ممارسات الاحتلال الإسرائيلى لهدم منازل الفلسطينيين، وأنها قرارات لا تهدف سوى لاضطهاد وإذلال الشعب المصرى وتحميله ما يفوق قدراته، ومن ذلك ما ذكره تقرير لقناة "الجزيرة" تضمن: "أن الحكومة المصرية لم تعبأ بأحوال المواطن المصرى ولا بأصحاب الاحتياجات الخاصة، ورغم المشاكل المادية التى يعانى منها المواطن فإن ذلك لم يشفع له، الكثير من المواطنين فى القرى المصرية، تحطمت أحلامهم بتوفير بيت لأبنائهم على صخرة قانون مخالفات البناء".
 
وكل هذه أكاذيب كشفتها مختلف الشعوب العربية بصورة عامة والشعب المصرى بصورة خاصة، فقد تأكد لها على مدى السنوات أن الجماعة لا تهدف إلا لتحقيق مصالحها، وإنها تستخدم هذا التعاطف الشعبى مطية الوصول للسلطة التى فشلت فى إدارتها عندما أسندت لها عام 2012، وإنها إذا تعارضت مصالحها مع مصالح الشعب فسيكون تفضيلها لمصالح الجماعة.
 
وفى الختام شدد المؤشر العالمى للفتوى على خطورة الانصياع لهذه الأصوات الهادمة التى لا تهدف إلا لخدمة مصالحها بإيجاد أرضية لها وشعبية، ومحاولة التقارب مع الشعب من خلال اللعب على مشاعره الدينية، وتأليبه على الدولة، وطرح نفسها كبديل، رغم جهود الدولة لمواجهة انتهاكات القانون وحقوق المواطنين، والحفاظ على الرقعة الزراعية والقضاء على أوضاع فاسدة تراكمت على مدار عقود.
 
كما أن حرص الدولة على إرساء مبدأ سيادة القانون يؤسس لعودة الأمور إلى نصابها، ويكون حجر عثرة فى وجه الخارجين عليه، ويجب أن يقابل ذلك بالإشادة والاحترام لا بالنقد والإنكار.
 
وانطلاقًا من المثل القائل ليس كل ما يلمع ذهبًا، حذر مؤشر الفتوى من خطورة الانسياق وراء فكر الجماعة الخبيث التى تحاول دائمًا تصدير أى أزمة على أنها معاداة للدين، وأنها هى من تنتصر للدين، فهدف القوانين دائمًا تصب فى الصالح العام الذى بدوره يعود على الأفراد فى المجتمع.
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق