حكمة القاهرة تقتل المطامع في غاز «المتوسط»

الجمعة، 25 سبتمبر 2020 01:40 م
 حكمة القاهرة تقتل المطامع في غاز «المتوسط»
هشام السروجى يكتب :

 

تحول منتدى غاز شرق المتوسط إلى منظمة دولية حكومية مقرها القاهرة يؤكد الإدارة المصرية الحكيمة 
 
 
أمام المطامع التركية وتزايد التوتر في شرق المتوسط، الذي تقوده تركيا بهدف السيطرة على مصادر الطاقة المستخرجة من آبار الغاز الطبيعي، والتي وصلت إلى حد المناوشات العسكرية في نطاق السلاح البحري، بين تركيا وقبرص واليونان، كانت الرؤية المصرية في ذلك الملف أكثر عمقًا وروية، واستهدفت في المقام الأول الحفاظ على مقدرات الشعوب التي تمتلك ثورات طبيعية في شرق المتوسط، دون فرض الأمر الواقع من أي قوة إقليمية.
 
إدارة القاهرة لهذا الملف كانت حكيمة، واستطاعت من خلال مؤسساتها الدبلوماسية حشد المجتمع الدولي بما يخدم ويحقق مصالح الدول المتشاركة في ثروات المتوسط، وكانت الخطوة الأولى في منتصف يناير قبل الماضي، حين دعت القاهرة وزراء الطاقة بدول شرق المتوسط (قبرص واليونان وإسرائيل وإيطاليا والأردن) بجانب ممثلي الاتحاد الأوروبي، لعقد أول اجتماع يصدر عنه إعلان مشترك بتأسيس منتدى غاز شرق المتوسط واختيار القاهرة مقراً له، ليكون منظمة دولية تقوم على احترام حقوق الأعضاء بشأن مواردها الطبيعية بما يتفق ومبادئ القانون الدولي، وتدعم جهودهم في الاستفادة من احتياطاتهم واستخدام البنية التحتية وبناء بنية جديدة وذلك بهدف تأمين احتياجاتهم من الطاقة لصالح رفاهية شعوبهم.
 
هذه الخطوة الذكية والضرورية أغلقت أبواب المطامع التي كانت تهدد مقدرات شعوب تلك الدول، وخلقت كياناً إقليمياً متكاتفاً قادراً على التصدي لأي محاولات نهب الثروات الكامنه في حوض شرق المتوسط، واستمرت اللقاءات والترتيبات تجري على قدم وساق وتضع الخطط، حتى خلصت البدايات إلى طرح مشروعين الأول، التصدير المشترك للغاز المسال المصري والقبرصي والإسرائيلي من محطات تسييل الغاز المصرية للسوق الأوروبية، وكذلك تشييد خط أنابيب بحري للغاز يبدأ من حيفا فقبرص واليونان وحتى إيطاليا مستقبلاً.

 ودعمت السوق الأوروبية دراسات هذا المشروع الذي تبلغ تكلفته نحو سبعة مليارات دولار.
 
وبعد التأسيس بعام جاءت الخطوة الأهم والتي اعتبرها مراقبون خط أحمر يحافظ على حقوق الدول في استغلال ثرواتها وانتهاء لعهد التهديدات والتلويح بالقوة العسكرية في وجه التحالفات الاقتصادية القائمة على احترام القانون الدولي ومبدأ السيادة، من خلال تحويل المنتدى إلى منظمة دولية يكون مقرها القاهرة.
المهندس طارق الملا وزير البترول والثروة المعدنية قال فى كلمته خلال مراسم التوقيع إن المنتدى أصبح رسمياً منظمة دولية حكومية كبيرة في منطقة المتوسط مقرها القاهرة، وأن ذلك يمثل انطلاقة كبيرة في رحلة تأسيس هذا الكيان الذي تطور تدريجياً ليصل إلى هذه المكانة، موضحاً أن هذه المنظمة تهتم بتعزيز التعاون وتنمية حوار سياسي منظم ومنهجي بشأن الغاز الطبيعي إسهاماً في الاستغلال الاقتصادي الأمثل لاحتياطيات الدول من هذا المورد الحيوي باستخدام البنية التحتية الحالية، علاوة على إقامة بنية تحتية جديدة عند الحاجة من أجل المنفعة المشتركة ورفاهية الشعوب .
 
أكد الوزير أهمية الدور الذي لعبته الدول الأعضاء وحماسها الكبير لسرعة الانتهاء من إعداد ميثاق التأسيس فى وقت قياسي لم يتجاوز 20 شهراً علاوة على تشكيل أجهزة المنتدى وتنفيذ أنشطته بالرغم من الظروف العالمية المتقلبة وهو ما يعكس إيمانًا عميقًا لدى الدول المؤسسة بأهمية التعاون بينها في إطار هذا المنتدى، موضحاً أن دول منتدى غاز شرق المتوسط قد نجحت بهذه الخطوة فى أن تصنع التاريخ والنجاح المشترك وأن تسهم معًا فى دفع السلام، وقال إن المنتدى يتطلع لعضوية دول أخرى بالمنطقة طالما أنها تتماشى مع أهداف المنتدى وتتشارك نفس الأهداف لتحقيق الغاية المشتركة من أجل رفاهية دول المنطقة وشعوبها مع التأكيد على رفض أي أعمال عنف تشكل عائقًا لتحقيق رخاء المنطقة، لافتًا إلى أن التاريخ سيعترف بأن هذا المنتدى نجح في أن يكون استثناء للقاعدة التاريخية من خلال مساعيه الفريدة بأن يجعل من ثروات الطاقة دافعاً لإنهاء النزاع في المنطقة.
 
وتابع الملا إن الدول المؤسسة للمنتدى وضعت الثقة والتضامن أساساً ترتكز عليه في العمل سوياً للتغلب على خلافات الحقب الماضية وتجاوزها وكذلك العمل سوياً على تجاوز كافة العقبات والحواجز والحدود الجغرافية في سبيل الانطلاق بهذا التعاون الناجح في مجال الغاز الطبيعي، موجهاً الشكر لكافة الدول الأعضاء المؤسسين على الجهد المبذول للانطلاق بالمنتدى وتحويله إلى منظمة دولية بما يسهم في أن تصبح المنطقة أكثر انفتاحًا ورخاءً، معربًا عن تقديره لكل الدول والكيانات الدولية الداعمة للمنتدى وفي مقدمتها الاتحاد الأوروبي والبنك الدولي والولايات المتحدة الأمريكية والجمهورية الفرنسية، كما أكد على الدور الحيوي للقطاع الخاص في تحقيق أهداف منتدى غاز شرق المتوسط من خلال اللجنة الاستشارية لصناعة الغاز، مشيداً بجهود مجموعة العمل رفيعة المستوى بالتنسيق مع منتدى غاز شرق المتوسط والانتهاء من اللائحة الأساسية.
 
وأصدر وزراء دول منظمة منتدى غاز شرق المتوسط إعلانًا مشتركًا من القاهرة الثلاثاء الماضى بمناسبة توقيع ميثاق المنتدى والذي جاء نصه كما يلي:
استضافت وزارة البترول والثروة المعدنية المصرية اليوم ٢٢ سبتمبر ٢٠٢٠ احتفالية توقيع ميثاق منتدى غاز شرق المتوسط التي تؤسس المنتدى كمنظمة حكومية إقليمية مقرها القاهرة. 
 
سيعمل منتدى غاز شرق المتوسط كمنصة تجمع منتجى الغاز والمستهلكين ودول المرور، لوضع رؤية مشتركة وإقامة حوار منهجي منظم حول سياسات الغاز الطبيعي، والتي ستؤدي لتطوير سوق إقليمية مستدامة للغاز، للاستفادة القصوى من موارد المنطقة لصالح ورفاهية شعوبها.  
 
يحترم منتدى غاز شرق المتوسط بشكل كامل حقوق أعضائه على مواردهم الطبيعية وفقاً للقانون الدولى، ويدعم جهودهم لاستثمار احتياطاتهم واستخدامهم البنية الأساسية الحالية والمستقبلية للغاز، من خلال التعاون الفعال مع أطراف صناعة الغاز وأصحاب المصلحة، بما فى ذلك المستثمرين وأطراف تجارة وتداول الغاز، ومؤسسات التمويل. ولهذا الغرض أنشأ المنتدى اللجنة الاستشارية لصناعة الغاز في نوفمبر ٢٠١٩ كمنصة حوار دائمة بين الحكومات وأطراف الصناعة. 
 
سيساهم منتدى غاز شرق المتوسط فى تعزيز الاستقرار والازدهار الإقليمى، وخلق مناخ من الثقة وعلاقات حسن الجوار من خلال التعاون الإقليمى فى مجال الطاقة.  
 
إن منتدى غاز شرق المتوسط مفتوح لتقدم أي دولة فى شرق المتوسط لطلب عضويته، ولتقدم أي دولة أخرى أو منظمة إقليمية أو دولية لطلب الانضمام له كمراقب، طالما تبنوا قيم وأهداف المنتدى، وشاركوه الرغبة في التعاون من أجل رفاهية المنطقة بأسرها. 
 
في هذا السياق، يثمن المنتدى الصدى البناء، والدعم الواسع الذى تلقاه والذي انعكس في اهتمام العديد من الأطراف والمنظمات الدولية للمشاركة فى أنشطته، بما فى ذلك التعاون المثمر مع الشركاء الدوليين مثل الاتحاد الأوروبى والبنك الدولى. 
 
وبهذه المناسبة، يعرب منتدى غاز شرق المتوسط عن تقديره لمصر على مبادرتها الداعية لإنشاء المنتدى، وتقديم أقصى درجات الدعم كدولة مضيفة، تحت قيادة رئيس جمهورية مصر العربية، الرئيس عبد الفتاح السيسى
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق