طلال رسلان يكتب: التاريخ الأسود والدموي لمرتزقة الحروب والسياسة والإعلام

السبت، 10 أكتوبر 2020 06:31 م
طلال رسلان يكتب: التاريخ الأسود والدموي لمرتزقة الحروب والسياسة والإعلام
اردوغان وتميم

قطر وتركيا أكثر الدول استخداماً للمرتزقة في حروبهم "القذرة" بسوريا وليبيا وأخيرا الحرب الأذربيجانية الأرمينية 

أنقرة عرضت جنسيتها على آلاف المرتزقة الذين يقاتلون ضمن ميليشيات طرابلس.. والدوحة استخدمت "الفدية" لتمويل الإرهابيين في العراق ومالى وسوريا
محمد ناصر ومعتز مطر وحمزة زوبع وهشام عبد الله وسامي كمال الدين وأيمن نور نماذج جديدة لمرتزقة الإعلام 
 
 
«صناعة المرتزقة».. ذلك المصطلح الذي برز خلال الـ8 سنوات الأخيرة بمفهوم أشمل من القتال العسكري أو القتال مقابل المال، ليتضمن مرتزقة السياسة ومرتزقة الإعلام وارتبط بقوائم تمويلات بملايين يحاربون بالوكالة على الساحة السياسية لصالح من يدفع أكثر، نيابة عن دول بأجندات تحركها عناصر مخابراتية.
 
بداية من أحداث 11 سبتمبر 2001 حدث توسع هائل في صناعة المرتزقة والإرهاب، ونمت هذه الصناعة من عشرات الملايين إلى عشرات المليارات من الدولارات، وتحول الأمر من تمويلات النهب إلى تدخل دول كبرى لدعم صناعة الإرهاب بالأموال وخصصت ميزانيات لتحقيق مصالح شخصية على حساب إحراق دول أخرى.
 
في كتابه "المرتزقة الجدد"، يحاول الكاتب شون ماكفيت، تسليط الضوء على جانب من إجابة تسؤلات بشأن الكيفية التي جعلت جيوش المرتزقة تعود من جديد في العصر الحديث، لفهم هذه الصناعة وأخطارها على دول العالم وإعادة تشكيل مناطق بأكملها، وقال شون ماكفيت في كتابه إن المرتزقة عاودوا الولوج إلى الساحة السياسية العالمية لمجموعة عوامل منها التفكير التسويقي في الدوائر السياسية، والفراغ الأمني الذي ساد بعد الحرب الباردة، والرغبة في إضفاء الطابع الإنساني على الحروب، والفوائد والمصالح التي يحصل عليها محركوا المرتزقة خلف الكواليس، مشيراً إلى وجود إشكاليات مثيرة للقلق حقا عند الحديث عن صناعة تحصل على المال مقابل القتل، ويرتعد كثيرون عند الربط بين الصراع المسلح ودافع الربح، لأنه سيحفز الجيوش الخاصة لمد الحرب وتوسيع دائرتها بغية تحقيق مكاسب مالية، الأسوأ من ذلك إفلات المرتزقة من العقاب بما يعني العنف دون قيد.
 
من النظرية إلى الواقع العملى، فما بين سوريا والعراق وليبيا واليمن، كانت قطر وتركيا مثالا واضحا على استخدام مرتزقة الحروب المسلحين لتأجيج الصراع وتنفيذ أجندة لمصلحتها في هذه المناطق بقوائم رواتب عالية وصلت في ليبيا على سبيل المثال إلى 2500 دولار في الشهر لكل مرتزق يقوم بدوره في الحرب بالوكالة عن تركيا.
 
وعلى مدار شهور واصلت تركيا إرسال المئات من المرتزقة السوريين إلى ليبيا لدعم ميليشيات طرابلس المدعومة، في وقت تصاعدت فيه حدة الاتهامات الدولية والعربية لأنقرة بمزيد من تأزيم الوضع في ليبيا، وتزامنا ذلك مع صدور تقرير أمريكى ورد فيه أن تركيا أرسلت ما يتراوح بين 3500 و3800 مقاتل سوري إلى ليبيا، وأوضح التقرير الصادر عن المفتش العام لوزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) أن أنقرة أرسلت ذلك العدد من المقاتلين "مدفوعي الأجر" إلى ليبيا خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام الجاري، بحسب ما نقلته صحيفة "واشنطن بوست"، وأوضح التقرير أن تركيا عرضت جنسيتها على "آلاف المرتزقة الذين يقاتلون مع ميليشيات طرابلس ضد قوات الجيش الوطني الليبي". 
 
وعلى خط الصراع الأرميني الأذريجاني تدخلت تركيا لإشعال الأزمة بدعم الأخيرة بقوائم مرتزقة سوريين نقلتهم إلى الحرب مع الحليف لتنفيذ مصالحها في المنطفة وضد أرمينيا التي تقوض مصالح أنقرة، وتقول أرمينيا إن مرتزقة سوريين أرسلتهم أنقرة برواتب شهرية يحاربون إلى جانب الحليف أذربيجان لإشعال الصراع وتحقيق مصالح تركيا في الحرب الدائرة. 
 
قبل ذلك بسنوات ارتبط اسم قطر بتمويل الجماعات الإرهابية في المنطقة بداية من قيادات جبهة النصرة وصولا إلى داعش، على سبيل المثال في 22 من إبريل 2017، كشفت وكالة "أسوشيتد برس" عن دفع قطر لفدية تقدر بمليار دولار لجماعات إرهابية مرتبطة بتنظيم القاعدة في العراق، للإفراج عن رهائن قطريين محتجزين لديها منذ يناير 2015، لتؤكد الخطوة علاقة الدوحة بهذه التنظيمات الإرهابية، ودورها في حالة الفوضى بالمنطقة. 
 
ومع صدور القائمة الليبية بأسماء أشخاص وكيانات إرهابية مدعومة من دولة قطر، إلا أن الدوحة لم تكتف بدعم هذه الهيئات بل امتدت بشبكاتها إلى دول الجوار، وخاصة في منطقة الصحراء الكبرى، حيث تكشف تقارير أمنية ضلوع قطر في تمويل جماعات إرهابية تنشط في مالي، فالمظلة المالية القطرية لتمويل الإرهاب لم تبسط نفوذها فيما يبدو على المساحات الشاسعة من الصحراء الليبية فقط، ولكنها امتدت إلى منطقة الساحل، وتحديدا إلى مالي، رغم أن دور الدوحة ظل غامضا وغير معروف لدى كثير من المراقبين للوضع الأمني في المنطقة.
 
وفي 2013، نقلت صحف فرنسية عدة عن مديرية الاستخبارات العسكرية (DRM)، التي تقدم تقاريرها إلى رئيس أركان الجيوش الفرنسية، أن أكثر من حركة في مالي تستفيد من الدعم المالي القطري، سواء بالحصول على مساعدات لوجستية أو مساهمات مالية مباشرة تحت غطاء جمعيات خيرية وإنسانية تنشط هناك.
 
ومن بين المستفيدين من هذه المساعدات القطرية على وجه التحديد، حركة التوحيد والجهاد المتطرفة في غرب أفريقيا، والتي تعتمد أيضا في مصادر تمويلها على تجارة المخدرات والسلاح والاختطاف، وقد احتجزت لعدة أشهر 7 دبلوماسيين جزائريين وطالبت بفدية لكن السلطات الجزائرية رفضت ذلك، ومن أبرز من استفاد من هذا الدعم أيضا: متمردو حركة تحرير أزواد وحركة أنصار الدين، وتنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي التي تتلقى مساعدات مالية كبيرة من قطر.

مرتزقة الإعلام والسياسة
مؤخرا جندت أنقرة والدوحة مرتزقة من نوع آخر إلى جانب دعم المليشيات المسلحة التي حاربت بالوكالة عسكريا عن الدولتين في دول المنطقة، تمثل هذا التجنيد في صناعة أبواق إعلامية يندرجون تحت هذا المسمى، وبرزت أسماء مثل محمد ناصر ومعتز مطر وحمزة زوبع وهشام عبد الله وسامي كمال الدين وأيمن نور وغيرهم من قوائم العاملين في قنوات الإخوان في تركيا إضافة إلى قائمة المذيعين العاملين في قناة الجزيرة القطرية.

رواتب مرتزقة الإخوان
في تقارير موثقة كشفت قائمة رواتب مذيعى قنوات الإخوان فى تركيا، بين 20 ألف دولار و60 ألف دولار للمذيعين، وهو ما يظهر حجم التمويلات الضخمة التى تنفقها قطر وتركيا شهريًا من أجل الإنفاق على برامجها المشبوهة إثارة البلبلة فى الشارع المصرى.
 
وفقا للوثائق فإن الإعلامى الإخوانى معتز مطر يحصل على 35 ألف دولار شهريا، فيما يحصل أحمد عطوان على 30 ألف دولار، وهيثم أبو خليل 20 ألف دولار، كما تحصل دعاء حسن على 40 ألف دولار، ويحصل عمر الشال مسئول السوشيال ميديا على 25 ألف دولار، أما هشام عبد الله يحصل على 15 ألف دولار، وسامى كمال الدين 18 ألف دولار.
 
 السخاء الذى يدفع الممول القطري لمذيعى قناة الشرق يؤكد حصول أيمن نور شهريا على ملايين الدولارات من أجل العمل على تشويه مصر والمتاجرة بالثورة والشعب المصرى، فيحصل الإعلامى الإخوانى محمد ناصر على 60 ألف دولار شهرياً مرتب عن ظهوره فى القناة، حمزة زوبع 45 ألف دولار، كما يحصل عبدالله الشريف على 120 ألف دولار مقابل الأعمال التسويقية على مواقع التواصل الاجتماعي.
 
 لا يتوقف الدعم الذى يحصل عليه مذيعى الإخوان فى قنوات تركيا الناطقة بالعربية على الأموال والرواتب الشهرية فقط، لكن الامر يمتد ليشمل العطايا والهبات والمنح الشهرية بالإضافة إلى السيارات الفارهة والفيلات الخاصة للإقامة، إضافة إلى حصولهم على الجنسية التركية مجانًا، بهدف التحريض ضد الدولة المصرية ومؤسساتها.

رواتب مرتزفة الجزيرة
في فبراير الماضي نشرت تقارير وسائل إعلام سعودية وثيقة قالت إنها تكشف عن رواتب مذيعي قناة الجزيرة القطرية .
 
وشملت القائمة كلا من فيصل القاسم وجمال ريان ويحصلان - بحسب الوثيقة - على 400 ألف دولار مكافآت سنوية ، بينما تحصل روعة أوجيه على 250 ألف دولار ، وتحصل غادة عويس على 200 ألف دولار ، وتحصل علا الفارس على 150 ألف دولار ويحصل محمود مراد على مثلهم ، بينما يحصل عثمان آي فرح و و وجد وقفي على 100 ألف دولار .
 
إذا لم يعد يشمل مفهوم صناعة المرتزقة على الجانب العسكري أو القتال مقابل المال بل تعدى المفهوم ليشمل مرتزقة الإعلام الذين يخوضون الحرب الباردة ضد دول بالوكالة عن دول أخرى لتنفيذ أجندات نشر الفوضى والإرهاب.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق