متى ننتظر بيان النيابة؟

الأحد، 18 أكتوبر 2020 05:46 م
متى ننتظر بيان النيابة؟
حمدي عبد الرحيم

شهدت مصر الأسبوع الماضي حادثة مريم، التي أصبحت معروفة إعلاميًا باسم حادثة فتاة المعادي.
 
مخلص الحادثة التي باتت معروفة للجميع يقول: إن مريم فتاة عشرينية كانت تمشي في أمان الله بأحد شوارع حي المعادي برفقة صديقة لها، وفجأة ظهرت سيارة ميكروباص هاجمتها بقصد خطف حقيبتها، لم يستطع المهاجمون خطف الحقيبة، وأثناء الصراع غير المتكافئ بين مريم والمجرمين ، لقيت مريم مصرعها، كأنها موؤده لا تدري بأي ذنب قتلت.
 
الحادثة صعبة جدًا ومؤلمة جدًا وتستحق أن يستنكرها الجميع ويقف ضدها الجميع، ولكننا في مصر أصبحنا أو أصبحت الأغلبية منا أساتذة في علم «إفساد الجرائم».
 
الذين برعوا في إفساد الجرائم يقومون عن علم أو عن جهل بالعبث بمسرح الجريمة، وذلك العبث مجرم وفق أحكام القانون لأنه يشتت انتباه الجهات المعنية بالتحقيق في مثل تلك الجريمة النكراء.
 
قام فريق ضخم جدًا بترويج أكذوبة أن مريم قد دفعت حياتها ثمنًا لوقوفها في وجوه متحرشين!
 
وذلك الزعم الذي لا يسنده دليل أدى إلى إقامة السرادقات المعتادة، تلك السرادقات التي لا تفعل شيئًا سوى شتم الرجال عموم الرجال وتخويف بنات مصر من النوع البشري المسمى بالرجال!
 
وقد كانت واحدة من المشتغلات بالكتابة صريحة جدًا عندما كتبت بوضوح: «هذه فرصة عظيمة للتشنيع على الرجال وفضح نياتهم!».
 
ثم تحركت النيابة وقوات الأمن بسرعة مذهلة، وكشف بيان النيابة العامة عن الحقيقة، وقام الأمن بإلقاء القبض على المجرمين ، ذلك التحرك السريع المحمود والمشكور فض مبكرًا سرادقات شتم الرجال وسبهم، وهنا جن جنون الذين يريدون «مندبة» لكي يشبعوا لطمًا، لأن القبض على المجرمين وظهور حقيقة الحادثة أفسدت حفلتهم، فهل سكتوا؟
 
لو كانوا من المنصفين الذين يبحثون عن مساندة الحقيقة لكانوا قد قدموا العزاء لأسرة مريم (تقبلها الله في الشهداء) ثم لكانوا قد شكروا النيابة والأمن.
ولكن لأن هؤلاء لا يبحثون سوى عن مصلحة ضيقة مريبة وخطيرة فقد راحوا يشتمون النيابة والأمن!
 
ما هو التقصير الذي يطوق عنق النيابة والأمن؟
 
كثرة منهم قالت: كان يجب منع الجريمة قبل وقوعها!
 
ماذا التبرير العجيب؟
 
لم يخلق الله بعد، وظني أنه لن يخلق بلدًا بدون جرائم، إن عاصمة مثل القاهرة في كثرة عدد سكانها وتشعب شوارعها وتعقد مناطقها لا يمكن لأي قوات أمنية السيطرة عليها بنسبة مئة بالمئة، ولكن الغرض مرض كما يقولون.
 
حادثة الشهيدة مريم ستضاف إلى سجل حافل بهذا التناقض الذي يؤدي إلى تشويش الرؤية وعدم وضوحها، وتكشف مجددًا عن حاجتنا الملحة في انتظار تقارير رسمية موثقة، ولكن إقامة حفلات الشتم العام بناءً على بوست منشور في الفيس بوك هو عبث بمسرح الجريمة يخدم الجاني ويلتهم حق الضحية.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق