قانوني يوضح مدى جواز الرفع المتكرر للدعوى.. وما الإجراءات المتبعة عقب «وضع اليد» لإثباته؟

السبت، 14 نوفمبر 2020 05:00 م
قانوني يوضح مدى جواز الرفع المتكرر للدعوى.. وما الإجراءات المتبعة عقب «وضع اليد» لإثباته؟
عقارات

قد يسعى الأشخاص إلى إثبات الحق في الملكية لمنع الاعتداء عليها خاصة إذا كان ذلك الحق أو العقار أو قطعة الأرض أو غيرها المتنازع عليها متعددة الاطراف سواء مدعين أو مدعى عليهم، وذلك يتأتى عن طريق ما يسمى بـ"دعوى تثبيت الملكية"، وذلك في الوقت الذى يعتبر فيه العقار حافزاَ قويا لجلب الاستثمارات الوطنية والأجنبية، كما يعد مصدراَ من مصادر الثروة، فللملكية العقارية بمختلف أنواعها دور أساسى في التنمية الشاملة للدول، لذلك اهتمت جل تشريعات العالم بتنظيم الملكية العقارية عن طريق وضع قواعد قانونية تنظم كل التصرفات التي ترد عليها.

 وقد وجدت غريزة حب تملك العقار منذ القدم، الأمر الذى أدى إلى بروز عدة نزاعات وخلافات حول طريقة اكتسابه وإثبات ملكيته، وأدت المنافسة في ذلك لسن مختلف التشريعات والتنظيمات من أجل تنظيم عملية تملكه واستغلاله، وقد عرف المشرع الملكية بوجه عام بأنها: "حق التمتع والتصرف في الأشياء بشرط أن لا يستعمل استعمالاَ تحرمه القوانين والأنظمة"، وتعتبر قضايا وضع اليد من القضايا الشائكة في عالم تجارة العقارات والأراضي الذي أصبح يتصدر الاهتمام الأول لدى المستثمرين ورجال الأعمال حيث يعرف وضع اليد من الناحية القانونية والعملية بأنه الملكية التي تنتقل إلى الشخص بالتقادم، والواقعة بالتحديد على العقار حيث أن وضع اليد لا يكون إلا على العقار فهو لا يتم على الأشياء المنقولة.

هل تعلم أن وضع اليد وسيلة قانونية؟ 

في التقرير التالى، نلقى الضوء على إشكالية في غاية الأهمية تهم ملايين الملاك وبالأخص في سوق العقارات والأراضى، تتمثل في "وضع اليد" وكيفية تثبيت الملكية والشروط الواجب توافرها، وذلك في الوقت الذى يعتبر فيه وضع اليد بمثابة وسيلة قانونية يحصل بموجبها شخص أو دولة على حق قانوني لا يملكه شخص آخر، وقد تم الاعتراف بالتملك بوضع اليد أولاً في القانون المدني لـ"روما القديمة"، وأصبح فيما بعد جزءًا من القانون الإنجليزي العام، وللحصول على حق قانوني لامتلاك شيء بوضع اليد، يجب أن يتملك شخص أو دولة هذا الشيء بنية الاحتفاظ به، وفي بعض الأماكن يمكن أن يصبح من يقبض على حيوان متوحش ويحتفظ به مالكا له – بحسب الخبير القانوني والمحامى بالنقض حازم العيسوى. 

معنى وضع اليد بالقوة

في البداية - في أحيان كثيرة يطلق مصطلح "وضع اليد" للإشارة إلى امتلاك عين ما بالقوة أي بحجة طول بقاء الشخص فيها أو خدمته بها أو مشاهدة الناس له بتردده عليها حتى وإن كانت هذه العين ملكا لشخص آخر، من أمثلة ذلك اعتراف بعض القوانين في بعض البلاد العربية الآخذة بنظم قانونية غربية، بأحقية احتفاظ واضع اليد على مسكن أو أرض زراعية أو عين ما وعدم تمكين صاحبها الفعلي منها لا لشيء إلا بسبب وضع اليد، بل إن القانون أحيانا يمكن شاغلها منها حتى لو طلب المالك الحقيقي الانتفاع بها – وفقا لـ"العيسوى".

 

ليس ذلك فقط فقد يتعدى ذلك إلى عدم تمكن المالك من إخراج المستأجر من العين المستأجرة إلا إذا تنازل له المالك عن جزء منها يصل في كثير من الأحيان إلى النصف، ومن هنا نشأت آلاف المشاكل ـ خصوصا في الأراضي الزراعية ـ وعمت آلاف القضايا ودخلت أبواب المحاكم التي تحاول أن تفصل في هذه القضايا الشائكة حيث إن أرضا أو عقارا ما إذا تركه صاحبه لمدة زمنية طويلة "20 سنة فأكثر في بعض البلدان العربية كتونس" تنتقل الملكية أليا إلى الشخص أو المجموعة الحائزة للعقار أو الأرض والمستغلة له، ويسمى ذلك أيضا ملكية بـ"التحوز" – الكلام لـ"العيسوى".

الشروط الواجب توافرها في "دعوى تثبيت الملكية"

 أولها الشروط العامة المتوافرة في أي دعوى وهي:

1ـ الحق أو المركز القانوني للادعاء ويتطلب شرطين هما:

(أ) وجود قاعدة قانونية تحمى مصلحة من النوع الذي يتمسك به المدعى.

(ب) ثبوت وقائع معينة تنطبق عليها هذه القاعدة القانونية.  

2ـ حدوث اعتداء على الحق أو المركز القانوني من شأنه يحرم صاحبه من إتيانه هذا الحق أو المركز القانوني له مما يقتضي تدخل السلطة القضائية لحمايته بتطبيقها القاعدة القانونية والجزاء المترتب عليها.

3ـ الصفة في الدعوى بجانبها الايجابي "المدعى" والسلبي "المدعى عليه" فبمجرد السعي لإثبات الحق وحدوث الاعتداء عليه تتواجد الصفة لكلا طرفي النزاع وفى هذا المقام ننوه إلى إذا كان الحق المتنازع عليه متعدد الأطراف سواء مدعين أو مدعى عليهم ففي بعض الحالات قد يكون الالتزام بالتضامن، وهذا يأتي بنص خاص في القانون عليه فيكفى تحقيقه لواحد من طرفي الخصومة على سبيل المثال نص المادة 280 من القانوني المدني ويجب التفرقة بين نوعية الدعاوى التي ترفع قد تكون إلزامية فهي يتوقف قبولها ما بين الملزم والملزم له أما الدعاوى المقررة أو المنشئة تتعلق برابطة قانونية واحدة لا يمكن قبولها إلا بين جميع أطرافها وأفرادها.  

4ـ المصلحة في الدعوى فإذا توافرت الشروط السابقة تأتى المصلحة المقرر حمايتها قانوناً ويشترط فيها أن تكون قائمة مباشرة شخصية تبنى على أسباب مشروعة.

5ـ توافر الأهلية في الشخص القائم بالإعمال الإجرائية المكونة لانعقاد الخصومة.  

الشروط الخاصة الواجب توافرها لقبول دعوى تثبيت الملكية:

1ـ أن تكون وقائعها مرتبطة بالواقع الفعلي اليقيني الذي لا شك فيه بمعنى أن يكون الشخص طالب تثبيت ملكيته على شيء يكون تحت يده يباشر عليه سلطاته بصفته مالكاً له، ويمكن هذا الشرط بوضع يده عليه وحوزته له بنية التملك بصفة مستمرة دون انقطاع أو توقف أو تنازع.  

2ـ أن يكون وضع يده يستند على سبب مشروع نص عليه القانون ومنها التقادم الطويل المكسب للملكية بنص المادة 968 من القانون المدني حتى ولو كان أمام شخص بيده مستند قاطع يدل على ملكيته لهذا الشيء طالما توافرت المدة المنصوص عليها في المادة السابقة دون انقطاع ومنها أيضاً التقادم القصير الخماسي بشرط توافر حسن النية للحائز الفعلي مستنداً على سبب قانوني صحيح وهو أن يكون سنده مسجلاً طبقاً للقانون صادر من غير مالك هذا الشيء وتفسيراً لذلك على سبيل المثال أن الشخص الصادر منه التصرف بأن قام بعمل إجراء  قانوني من شأنه جعل الحق المتصرف فيه ملكاً له دون أن يكون صادراً ممن له سند به ثم قام بالتصرف فيه للشخص الذي حازه مدة 5 سنوات استطاع تسجيله.     

3ـ ألا يكون الشيء المراد ثبوت الملكية عليه محظور قانوناً التعامل عليه ممنوع قانوناً باكتساب ملكيته بالتقادم طبقاً لنص المادة 970 من القانون المدني.

رفع دعوى اثبات الملكية مرة أخرى

جواز رفع دعوى ثبوت الملكية مرة أخرى إذا اختلف السبب فقد قضت محكمة النقض بالآتي:

المقرر طبقاً لنص المادة 968 من القانون المدني – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة أن وضع اليد المدة الطويلة إذا توافرت فيه الشروط القانونية يعد بذاته سبباً لكسب الملكية مستقلاً عن غيره من أسباب اكتسابها، مما مؤداه أنه إذا رفعت الدعوى بطلب تثبيت الملكية استنادا إلى العقد وقضى برفضها، فإن ذلك لا يحول دون إعادة رفعها استنادا لسبب آخر من أسباب كسب الملكية ولا يحوز الحكم الصادر في الدعوى الأولى قوة الأمر المقضي بالنسبة للدعوى اللاحقة لتغير السبب في الدعويين.

وإذ كان الثابت في الأوراق – وحصله الحكم المطعون فيه – أن النزاع في الدعوى رقم "......" لسنة "......" مدني طنطا الابتدائية كان يدور حول طلب تثبيت ملكية الطاعنة للأرض موضوع النزاع على سند من العقد المسجل رقم "....." لسنة "...." شهر عقاري طنطا، وقد اقتصر الحكم الصادر فيها على بحث هذه المسألة وفصل فيها بالرفض، ولم يفصل في منطوقه أو أسبابه المرتبطة بهذا المنطوق في مسألة ملكية الطاعنة لتلك الأرض بوضع اليد المدة الطويلة المكسبة للملكية والتي يدور حولها النزاع في الدعوى الحالية.  

وبالتالي فإن السبب في الدعوى الأولى وهو العقد يكون مغايراً للسبب في الدعوى الحالية وهو وضع اليد المدة الطويلة المكسب للملكية ومن ثم لا يكون للحكم الصادر في الدعوى الأولى حجية الأمر المقضي في الدعوى الحالية، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وخلص إلى أن حجية الحكم النهائي الصادر في الدعوى رقم "...." لسنة "...." مدني طنطا الابتدائية قد حسمت النزاع بين الطاعنة والمطعون ضدهن بشأن ملكية الأرض موضوع النزاع بما يحول دون تنازعهم حول هذه المسألة في الدعوى الحالية ورتب على ذلك قضاءه برفض دعوى الطاعنة وطردها من تلك الأرض وإلزامها بالتسليم دون أن يبحث شروط تملكها لها بوضع اليد المدة الطويلة المكسبة للملكية فإنه يكون فضلاً عن مخالفته للقانون والخطأ في تطبيقه مشوباً بقصور يبطله، طبقا للطعن رقم 4976 لسنة 73 ق – جلسة 14 ديسمبر 2004.  

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق