الإخوان والرهان على «بايدن»

الأحد، 15 نوفمبر 2020 09:00 ص
الإخوان والرهان على «بايدن»
أيمن عبد التواب يكتب:

 
ما إن أعلنت وسائل إعلام أمريكية فوز المرشح الديمقراطي «جو بايدن»، على منافسه الجمهوري، الرئيس «دونالد ترامب»، في انتخابات الرئاسة الأمريكية، حتى سارع مكتب إرشاد الإخوان إلى إصدار بيانٍ دغدغ فيه مشاعر عناصره، وزَفَّ لهم البشرى بـ«باقتراب نصر الله لهم»، و«هزيمة عدو الإسلام، ترامب»، حسبما وصفوه في بيانهم؛ ظنًا منهم أن الساكن الجديد للبيت الأبيض قادر على أن يبعثهم من جديد إلى الحياة السياسية، وأن يعيدهم إلى صدارة المشهد، من خلال الضغط والتأثير على سيادة واستقلالية واستقرار القرار المصري! 
 
التنظيم الإرهابي كشف عن وجهه القبيح مبكرًا، وعن تأكيد خيانته مجددًا بالاستقواء بالخارج، والارتماء في أحضان الديمقراطيين الأمريكان، واستخدامهم كورقة ضغط على الدولة المصرية؛ للإفراج عن إرهابيي الجماعة المحكوم على بعضهم بالإعدام وينتظرون تنفيذه، وبعضهم الآخر يقضون عقوبة السجن، جراء محاكمتهم في قضايا عدة، على رأسها القتل والإرهاب وترويع الآمنين!
 
مكتب الإرشاد الإخواني قال، في بيانه لعناصره الإجرامية: «نبشركم بنصر من الله وبهزيمة عدو الإسلام في العالم، دونالد ترامب الذي حارب الجماعة، على مدار أربع سنوات، تحملنا فيها غياب العدل في العالم وذبح جماعة الإخوان». مضيفًا: «سنكون على تواصل مع الإدارة الأمريكية الجديدة، وكل مصادرنا في الحزب الديمقراطي الذي تربطه بعناصر الجماعة علاقات احترام وتعاون»، بحسب زعمهم.  
 
ولم يكتفِ الإخوان بالبيان الذي أصدره مكتب الإرشاد، يوم 6 نوفمبر، بل إنهم في اليوم التالي، 7 نوفمبر، نشروا بيانًا على لسان نائب المرشد العام، إبراهيم منير، عقبوا فيه على إعلان فوز بايدن، متمنين له وللشعب الأمريكي «دوام العيش الكريم»، وفي الوقت نفسه، دعوا الإدارة الأمريكية الجديدة إلى مراجعة ما وصفوه بـ«سياسات دعم ومساندة الديكتاتوريات، وما ترتكبه الأنظمة المستبدة حول العالم من جرائم وانتهاكات في حق الشعوب».
 
الإخوان اختتموا بيانهم، الذي نشروه على «بوابة الحرية والعدالة»، بأنهم: «سيكونون دائمًا منحازين إلى الاختيارات الحرة للشعوب، رغبةً في الوصول إلى نظام عادل ومستقر يتمتع فيه الإنسان بحياة كريمة، وتعلو فيه قيم العدالة والديمقراطية، وحقوق الإنسان.. وأن أي سياسات يتم فيها تجاهل الشعوب وخياراتها الحرة والاكتفاء ببناء علاقاتها مع مؤسسات الاستبداد الحاكمة، ستكون اختيارا في غير محله، ووقوفا على الجانب الخاطئ من التاريخ»، حسبما زعموا في بيانهم الذي ليس بجديد ولا بمستغرب على جماعة تربت على الخيانة، وأدمنت الاستقواء بالخارج لتحقيق مخطاطها وأهدافها الخبيثة، ولو على حساب الوطن. 
 
الغريب حقًا، أن صحفيين، وإعلاميين، وأكاديميين، ومحللين سياسيين، تبنوا أفكارًا ومصطلحات مغلوطة يروجها الإخوان، ومَنْ يدري، ربما كانوا مقتنعين بقضايا وملفات مغلوطة تتاجر بها الجماعة الإرهابية؛ فخرجوا علينا لـ«يتقيأوا» هذه الإساءات، و«الهرتلات»، بزعم تحليلهم، ورؤيتهم للطريقة التي سوف يتعامل بها بايدن مع النظام المصري!
 
هؤلاء يبدو أنهم ليسوا على قناعة تامة بأن المصريين لفظوا الإخوان إلى الأبد.. ويبدو أنهم نسوا أن الشعب قضى عليهم خلال فترة حكم الرئيس الديمقراطي السابق «باراك أوباما».. هؤلاء أثبتوا أنهم لا يعرفون قيمة مصر الآن، وأن النظام الحالي لن يسمح لـ«بايدن» الديمقراطي، ولا لغير بايدن أن يُحْيي الإخوان من جديد، ولا أن يفرض على المصريين شيئًا لا يريدونه.. وأن الإرادة المصرية الحالية، المدعومة شعبيًا، تمتلك من المقومات، وأوراق اللعب، ما يجعلها ندًا قويًا، ولاعبًا أساسيًا، لا يمكن لأحد الاستغناء عنه لصالح جماعة إرهابية. 
 
أيضًا.. يبدو أن هؤلاء لا يعلمون أن أمريكا دولة «براجماتيةُ» تحكمها المصالح، وأن بايدن أحد أبناء هذه المدرسة التي لن تتبنى أي سياسة لدعم الإخوان، انطلاقًا من توازنات القوة، واستنادًا على واقع يثبت موت الجماعة الإرهابية، وأن العودة إلى استخدام ورقتها غباء، وعدم تقدير للمصالح الأمريكية.. وفي الوقت نفسه، لن تسمح الإرادة المصرية الحالية بالعودة إلى ما قبل 30 يونيو 2013.
 
للأسف.. رؤية بعض المحسوبين على الدولة المصرية، لـ«بايدن»، وتصويره باعتباره جزءًا من مشروع إخواني، ينم جهل شديد، وانفصال عن الواقع، ويعطي للإخوان قوة أكبر بكثير من قوتهم الحقيقية، الأمر الذي يضر مصر، ويخدم الجماعة الإرهابية التي تبحث عن قُبلة تعيدها إلى الحياة من جديد، وتبحث عن داعمين لها في الإدارة الأمريكية على غرار هيلارى كلينتون، وآن باترسون! 
 
إن الإخوان لا يزالون يعيشون الوهم.. وهم العودة.. وهم السلطة.. وهم عودة «المرحوم» محمد مرسي إلى الحكم.. وهم تصوير بايدن على أنه مندوبهم في البيت الأبيض، وأنهم سيساعدهم في تحقيق هدفهم الأسمى بالخلافة وأستاذية العالم!

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق