موت وخراب ديار.. كورونا يضع القارة العجوز في ورطة بسبب الغاز الطبيعي

الأحد، 15 نوفمبر 2020 03:40 م
موت وخراب ديار.. كورونا يضع القارة العجوز في ورطة بسبب الغاز الطبيعي
ناقلة غاز

تسبب الانتشار الجنوني لفيروس كورونا، بالتزامن مع قدوم فصل الشتاء فى تقليل الطلب على الغاز فى أوروبا، في أزمة كبيرة نتج عنها ارتفاع حجم مخزون الغاز داخل القارة العجوز بشكل متسارع، مع قرب انتهاء عام الكوارث 2020.

وعلى الرغم من الدور الذى لعبة السوق الأوروبى خلال السنوات الأخيرة، كملاذ أمن أو ملجأ لفائض إمدادات الغاز الطبيعى المسال فى السوق العالمي وخلق توازن نسبي، إلا أن الوضع الراهن سيكون محل اهتمام ودراسة خلال الفترة المقبلة، وسط تدعيات الإجراءات التى تم اتخاذها لمكافحة انتشار كورونا، ستلقي بظلالها على الاقتصاديات الأوروبية حول مدى قدرتها وسرعتها على التعافى خلال الفترة القادمة.

دراسة لمعهد أكسفورد لدراسات الطاقة، كشفت تراجع الطلب على الغاز فى أوروبا، خلال الأشهر الخمسة الأولى من عام 2020 بمعدل 7% على أساس سنوى، ما يعادل نحو 19 مليار متر مكعب، وذلك نتيجة ظروف الطقس المعدلة، وزيادة مساهمة مصادر الطاقة المتجددة فى قطاع توليد الكهرباء، والتداعيات السلبية على الاقتصاد الناتجة عن انتشار جائحة فيروس كورونا.

ولا يمكن إنكار أن ظروف السوق التى سبقت ظهور فيروس كورونا فى أوروبا لم تكن نفسها محفزة لنمو الطلب على الغاز الطبيعى فى المنطقة، فارتفاع درجات الحرارة فى شهر يناير 2020خاصة فى شمال غرب أوروبا ساهم فى تقليل الطلب على الغاز المستخدم فى القطاع السكنى لأغراض التدفئة واستهلاك الكهرباء فى أجهزة التدفئة، كما تسببت الرياح القوية التى شهدها شهر فبراير 2020 فى تراجع الطلب على الغاز فى قطاع توليد الكهرباء، الذى استفاد من هذا المصدر المتجددة.

وأشارت الدراسة التى ترجمتها منظمة أوابك، من دراسات معهد أكسفورد لدراسات الطاقة، إلى أنه فى شهر مارس 2020 بدأ انتشار فيروس كورونا على نطاق واسع فى أوروبا، الأمر الذى أسفر عن إعلان منظمة الصحة العالمية أن أوروبا هى مركز تفشى جديد للفيروس، وأعقب ذلك اتخاذ عدد من البلدان الأوروبية عدة إجراءات لتطبيق العزل وإغلاق الحدود ومنع التنقل للمواطنين بين الدول، بغية الحد من انتشار المرض وعلى إثر ذلك توقفت الأنشطة العامة، وتعلقت العملية التعليمية وأغلقت المدارس.

كما توقفت معظم أنشطة التجزئة والتصنيع أو على أقل تقدير تم الحفاض على تشغيلها عند المعدلات الأدني، وكان لهذة الإجراءات أثرا كبيرا على النشاط الاقتصادى فى أوروبا وفى ضوء تلك الإجراءات والتطورات والظروف التى تم اتخاذها تراجع الطلب الشهرى على الغاز خلال الشهور الخمس الأولى من عام 2020 ومعدلات متفاوتة كان أقلها فى شهرى أبريل ومايو بنسبة تراجع بلغت نحو17% على أساس سنوي.

وأضافت الدراسة، أنه لا شك أن الطلب على الغاز الطبيعى فى أوروبا خلال الفترة من يونيو وحتى ديسمبر 2020سيتوقف على جملة من العوامل منها سرعة تعافى الاقتصاد ومعدل الطلب على الكهرباء خاصة خلال شهور الصيف والمنافسة بين الغاز والفحم فى مزيج توليد الكهرباء ودرجات الحرارة خلال فصل الشتاء.

وتوقعت الدراسة أن يقفز الطلب على الطاقة الكهربائية فى القطاع الصناعى والتجاري، بالتزامن مع إعادة التشغيل التدريجى للقطاعات الاقتصادية فى الدول الأوروبية، وبالفعل هناك مؤشرات أولية على حدوث انتعاش للطلب على الكهرباء فى شهر مايو 2020 في عدد من المصانع وكبار مستهلك الطاقة، أما بالنسبة للفترة المتبقية من عام 2020، فمن المتوقع أن يستمر القطاع الصناعى وبقية المرافق فى تحفيز الطلب على الطاقة الكهربائية بغية الاستفادة من تدنى أسعار الغاز وذلك عندما يبدأ الاقتصاد فى الانتعاش فى نهاية المطاف.

وأوضحت الدراسة أن هناك أيضاً مجموعة من العوامل ستعزز من نمو الطلب على الغاز حتى لو استمر الانكماش الاقتصادى منها التنافسية السعرية التى يتمتع بها محطات الكهرباء العاملة بالغاز مقارنة بالفحم بسبب التدنى الحالى فى أسعار الغاز فى السوق الأوروبى والسعر الحالى المرتفع لانبعاثات الكربون البالغ نحو 20يورو لكل طن ثانى أكسيد كربون.

وكذلك قرار العديد من الدول الأوروبية باستمرار إخراج محطات الكهرباء العاملة بالفحم حيث من المقرر إخراج نحو 20جيجا من المحطات العاملة بالفحم بحلو2030، وأيضا توقعات ارتفاع درجات الحرارة خلال فصل الصيف والتى تدفع نحو نمو الطلب على استخدام التكييف خاصة فى جنوب أوروبا، وفى حال حدوث ذلك سيزداد الطلب على الطاقة الكهربائية عن المعدلات الطبيعية خلال شهور الصيف.

أما فيما يتعلق بالطلب على الغاز فى القطاع السكنى لاغراض التدفئة ستدفع درجات الحرارة المنخفضة فى فصل الشتاء باتجاه نمو الطلب على الغاز ويعد الاختلاف بين شتاء قارس وآخر دافئ فى أوروبا يشكل نموا فى الطلب قدرة 20-30 مليار متر مكعب تقريبا، ومع ذلك فمن المتوقع أن يزداد الطلب على الغاز فى القطاع السكنى حتى لو كان فصل الشتاء معتدلا وذلك فى حال استمرار تطبيق سياسات التباعد الاجتماعي، والعمل من المنزل.

وتوقعت الدراسة أن يتراجع الطلب على الغاز فى أوروبا بمعدل7%خلال عام2020ككل ليصل إلى 462مليار متر مكعب أقل بنحو 35مليار متر مكعب عن استهلاك عام 2019، وذلك فى ضوء توقعات تراجع الناتج المحلى الإجمالى فى أوروبا بمعدل 7.4%حيث سيسهم تعافى الاقتصاد ببطء خلال النصف الثانى من عام 2020، وادوات التحفيز المالى واستمرار تراجع أسعار الغاز وتراجع حصة الفحم فى مزيج توليد الكهرباء فى دعم الطلب على الغاز مليئة بالضبابية فى السنوات ما بعد2020 فى ظل عدم وضوح السياسات المستقبلية الأوروبية ما بعد كوفيد-19، فهل سيكون هناك تركيز أكبر على تحقيق تعافى سريع الاقتصاد عن تحقيق سياسات نزع الكربون القطاعات الاقتصادية للحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري؟

WhatsApp Image 2020-11-14 at 16.31.17
 

 

WhatsApp Image 2020-11-14 at 16.31.16
 

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة