ماذا يعني سحب القوات الأميركية من الصومال؟

السبت، 05 ديسمبر 2020 06:10 م
ماذا يعني سحب القوات الأميركية من الصومال؟
كتب- حسن شرف

قرارٌ مباغت للرئيس الأميركي دونالد ترامب بسحب معظم القوات الأميركية من الصومال، وذلك بحلول 15 يناير 2021، في أحدث حلقة من حلقات انسحاب القوات الأميركية الموجودة في عدد من دول العالم، في تنفيذ للتصريحات الصادرة عن الإدارة الأميركية منتصف فبراير المنصرم.
 
وتأتي خطوة انسحاب القوات الأميركية من دول في الشرق الأوسط، أبرزها أفغانستان والعراق والصومال، تزامنًا مع تراجع واشنطن عن سحب كامل جنودها من سوريا بعد تصريح للرئيس الأميركي في ديسمبر 2018 أمر فيه بسحب كامل القوات بعد دحر تنظيم داعش الإرهابي- على حد وصفه، إلا أن تصريحات المبعوث الأميركي المستقيل لسوريا جيمس جيفري كشفت عن عملية "الخداع" التي مُورست لعدم تنفيذ قرار سحب القوات الأميركية.
قوات حفظ السلام في الصومال
 
 
وقال جيفري في تصريح مع صحيفة "ديفينس وان" المتخصصة في الشؤون العسكرية منتصف نوفمبر الماضي، إنه وفريقه "تعمّدوا خداع قادة الكونغرس باستمرار؛ بشأن حقيقة عدد القوات الأميركية في سوريا"، مؤكدا "أن قرار الانسحاب المتسرّع شكل الحدث الأكثر جدلاً له خلال عمله المهني في الحكومة الممتد على نحو 50 عاماً".
 
جيمس جيفري
 
 
وأضاف: "بعد الهدوء النسبي الذي شهدته الأوضاع في شمال شرقي البلاد (سوريا) إلى درجة ما بعد هزيمة تنظيم "داعش"، كان الرئيس دونالد ترامب ميالا إلى سحب القوات. وفي كل حالة كنا نضطر إلى طرح 5 حجج مقنعة على الأقل لتبرير أسباب الحاجة إلى بقاء القوات الأميركية في أماكنها. ولقد نجحنا كل مرة في تحقيق ذلك، هذه هي القصة الحقيقية. كنا نمارس لعبة المغامرة بعدم الإفصاح الصريح لقادتنا حول عدد القوات في سوريا، والرقم الحقيقي يفوق العدد المعلن عدة مرات".
 
موقف الصومال من سحب القوات
تصريحاتُ سحبِ القوات، ومن ثم قرار التنفيذ أوجد تساؤلات كثيرة حول من يخلف القوات الأميركية ليلعب دورها، منعًا لإحداث أي فراغ في ظل الأوضاع الأمنية المضطربة والحرب الدائرة بين الحكومة وتنظيمات إرهابية أبرزها "حركة الشباب". 
 
الرئيس الصومالي محمد عبدالله فرماجو دعا إلى استمرار التعاون الأمني مع أميركا، مغردًا في وقت سابق: "الدعم العسكري الأميركي للصومال سمح لنا بمحاربة "الجماعات الإرهابية" كحركة الشباب، بشكل فعّال وضمان سلامة القرن الأفريقي".
 

 
وحسب وسائل الإعلام الأميركية، يوجد 700 جندي أميركي تقريبًا في الصومال. كانت مهمتهم مساعدة الحكومة في محاربة "حركة الشباب" التي لها علاقات وثيقة مع تنظيم القاعدة الإرهابي. مدعومين بغارات جوية تستهدف المقرات العسكرية للحركة.
 
 
من يخلف القوات الأميركية في الصومال؟
"لا يوجد لأميركا أو الاتحاد الأوروبي في الصومال قوات منتشرة أو متمركزة في قواعد كبرى، وإنما يوجد عدد من الخبراء العسكريين للدعم اللوجيستي، بالإضافة إلى وجود قطع من "المارينز الأميركي" المتنقلة بالقرب من السواحل الصومالية، وتقوم بغارات خاطفة على أهداف في حركة الشباب ومواقع سيطرتها"- وذلك حسب تصريحات صحفية للمحلل السياسي الصومالي عبد الناصر معلم.
 
 
وأضاف معلم: "تُشكل القوات الأوغندية قوام القوات الأجنبية المُعتمد عليها لحفظ السلام في الصومال، ويصل عدد أفرادها إلى أكثر من عشرة آلاف عنصر ومجهزة بعتاد حربي وسلاح يكفي لترجيح كفتها عند حدوث أي مواجهة مع حركة الشباب، أما القوات التي تليها من حيث العدد فهي القوات البوروندية التي تقدر بخمسة آلاف عنصر تقريبًا، ولا تقل تسليحًا، ووجود هذه القوات أو انسحابها أو توقف الدعم عنها من الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي هو الذي يكون له أثر على الاستقرار والأمن بالبلاد".
 
 
وأكد أن الوجود الإثيوبي ينحصر في الخبراء والدعم اللوجستي، وكان يقدر عدد القوات الإثيوبية بنحو ثلاثمائة عنصر تقريبًا يتركز تواجدهم في مناطق جنوب غرب الصومال وانسحابهم على هذا الأساس لا يشكل خطرًا". 
 
(غير أن الحرب بين الحكومة الإثيوبية والقوات في إقليم تيغراي قد تؤثر على تواجد هذه القوات في الصومال).
 
 
تأثير سحب القوات الأميركية
المهام المختلفة التي تقوم بها القوات الأميركية في الصومال تساعد في السيطرة "إلى حد ما" على حركة الشباب، وبالتالي فإن انسحابها سيكون له تداعيات سلبية على مسار الحرب ضد التنظيم الذي يتمتع بنفوذ كبير في عدد من المناطق جنوب ووسط البلاد.
 
حركة الشباب تجمع "إيرادات أكثر من الحكومة"
الحركة التي ظهرت في 2006 كذراع عسكري لاتحاد المحاكم الإسلامية، تبسط نفوذها على مناطق عدة في وسط وجنوب الصومال، وهو ما يمكنها من جمع إيرادات شهرية أكثر من الحكومة.
 
وهو ما كشف عنه تقرير لمعهد "هيرال"؛ وهو مؤسسة بحثية تركز على القضايا الأمنية مقرها مقديشو، كشف أن حركة الشباب تجمع أموالا تضاهي ما تجنيه السلطات الرسمية أو أكثر، وذلك باستخدام التخويف والعنف، حيث تجمع ما لا يقل عن 15 مليون دولار شهريًا، ويأتي أكثر من نصف المبلغ من العاصمة "مقديشو". وتدفع بعض الشركات الأموال للمسلحين والحكومة على حدٍ سواء. 
 
وأشار التقرير، الذي يستند إلى مقابلات مع أعضاء الحركة، ورجال الأعمال والمسؤولين الحكوميين وغيرهم، إلى أن جميع الشركات الكبرى تقدم أموالًا سواء على شكل مدفوعات شهرية أو "زكاة" سنوية بنسبة 2.5% من الأرباح السنوية.
 
والصومال يقع في منطقة القرن الإفريقي بشرق إفريقيا، ويبلغ عدد سكانه 15 مليون تقريبًا وفق لإحصاء عام 2018.
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق