يوسف أيوب يكتب: الرئيس السيسي في فرنسا.. زيارة الأربعة أيام التي أقلقت منام كثيرين

السبت، 12 ديسمبر 2020 05:50 م
يوسف أيوب يكتب: الرئيس السيسي في فرنسا.. زيارة الأربعة أيام التي أقلقت منام كثيرين
السيسى وماكرون في قصر الإليزيه

درس قاس من ماكرون لأصحاب الرغبات الخبيثة بتأكيده أن مصر دولة ذات سيادة والعلاقة معها لا ترتبط بشروط

الرئيس يضع امام العالم أسس الدولة المصرية في التعامل مع الخارج: "معندناش حاجة نخاف منها أو نحرج منها"

نحن أمة تجاهد من أجل بناء مستقبل لشعبها فى ظروف فى منتهى القسوة وفى منطقة شديدة الاضطراب

الحوار العقلانى بين الرئيسان حول القيم الدينية والإنسانية فتح مدخل مهم لحوار فلسفى تقوم به مؤسساتنا الدينية مع المؤسسات الفكرية ليس الفرنسية فقط وإنما الأوربية لوضع تصور عام لاحترام الأديان 

تغلغل الإخوان في المنظمات الخيرية والمنظمات الإرهابية المسلحة التي يسيطرون عليها وتدخلهم في الدوائر السياسية المؤسساتية يمثل تهديدا وجودياً للدول
 
"لن نضع شروط في تعاوننا مع مصر في مجال الدفاع والاقتصاد.. وعلينا أن نحترم سيادة كل دولة والمصالح الفردية والمشتركة".. " مصر معرضة لتحديات عدة وهي حصن منيع ضد التطرف"..  جملتان قالهما الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، خلال مؤتمره الصحفى الاثنين الماضى في قصر الإليزيه بحضور الرئيس عبد الفتاح السيسى، كفيلتان بأن تقلب منام جماعة الإخوان الإرهابية، وكل من يقفون خلفهم من قوى إقليمية، ومن يسيرون على نهجهم الفاسد.
 
في المؤتمر الصحفى الذى أشتمل على مجموعة كبيرة من الدروس أولاً، والرسائل ثانية، من الرئيسان ماكرون والسيسى، ليس فقط للبلدين وشعبيهما، وإنما لكل الدول والقوى المهتمة بمصر وفرنسا، في هذا المؤتمر كانت هناك نية واضحة لدى بعض الإعلاميين الفرنسيين لتعكير صفو العلاقات المميزة بين مصر وفرنسا، من خلال طرح سؤال حول أوضاع حقوق الإنسان في مصر، وهل لدى فرنسا نية لتعليق تعاونها العسكرى والاقتصادي مع مصر على حدوث تطور في هذا الملف.
 
الرغبة الخبيثة التي كانت كامنة خلف من طرح السؤال تحولت إلى ضربة قوية في وجه من كانوا ينتظرون رداً فرنسيا يوافق هواهم، فالرئيس الفرنسي للمرة الثانية، أعطى للمتربصين درساً في كيفية التعامل مع الدول ذات السيادة، مثل مصر، رافضاً أن تكون "المشروطية" هي أساس التعامل بين الدول، وهو بذلك يعيد التأكيد على واحد من المبادئ الفرنسية المهمة والمستقرة في وجدان سياسيها وعلى رأسهم "ماكرون"، أن الحديث عن حقوق الإنسان يتطلب في الوقت ذاته احترام حقوق وسيادة كل دولة على أراضيها، وأن كان لدى فرنسا ملاحظات على بعض الإجراءات أو القرارات التي تقوم بها دولة في نطاق سيادتها وعلى أراضيها، فإن الحوار والتفاهم هو الآلية الوحيدة الممكنة للوصول إلى تفاهم مشترك.
 
هذا الدرس سبق أن رد على سؤال صحفى مشابه خلال زيارته للقاهرة في يناير 2019 برد قاس أكد خلاله احترام فرنسا لسيادة مصر، وأن فرنسا أو غيرها ليست في وضعية من يعطى الدروس للآخرين.

المجتمع المدنى جزء أصيل من العمل الأهلى
الضربة القوية الثانية كانت موجهه هذه المرة من الرئيس السيسى، الذى حمل رده مجموعة من الدروس والرسائل المهمة، ليس فقط لمن سأل السؤال أو من كانوا ينتظرون أجابة محددة من الجانب الفرنسي، وإنما كانت رسائل الرئيس السيسى مهمة لكل من هو مهتم بوضع المصرى، وتحديداً حقوق الإنسان ومنظمات المجتمع المدنى، فقد أكد الرئيس أن مصر بها أكثر من 55 ألف منظمة مجتمع مدنى مرخص لها بالعمل، وهى جزء أصيل ومهم جدا فى العمل الأهلى الذى تسعى الدولة لأن يكون شريكا للحكومة في مشروعات التنمية، موجها سؤال غاية في الأهمية "كام منهم اشتكى على عدم الإتاحة له فى العمل بسهولة ويسر كامل تجاه المجتمع؟"، فمن الواضح من خلال متابعة اهتمام البعض في الخارج بالوضع الحقوقى المصرى أنه منصب على شخصيات معينة لا يتجاوز عددهم الخمسة أشخاص، وكأن هؤلاء فقط هم المجتمع المدنى المصرى، وغيرهم مجرد "صور" لا قيمة لها في نظر المجتمع الدولى.
 
من الظلم ليس فقط للدولة المصرية وإنما للعاملين في حقل المجتمع المدنى أن يقتصر الاهتمام بمن لهم فقط امتدادات خارجية، أما الباقيين، وهم من يستحقون الاهتمام، كونهم يقدمون خدمات إنسانية تستحق الإشادة والرعاية، خارج أي اهتمام دولى، الا يعد ذلك نظرة منقوصة تستوجب إعادة النظر من جانب من ينصبون أنفسهم أوصياء على العمل الأهلى والحقوقى المصرى؟.
 
عودة إلى ما قاله الرئيس السيسى في المؤتمر الصحفى المشترك مع الرئيس ماكرون، فقد كان سؤال الرئيس عن أعداد من يشتكون ويحظون باهتمام خارجى، تفسير لما ساقه الرئيس بعد ذلك، بقوله "نحن دولة بها 100 مليون إنسان وتزيد بمعدل 2.5 مليون فرد فى السنة"، مؤكداً أن كثرة الحديث عن بعض المنظمات الحقوقية في مصر، ومحاولة تقديم مصر على أنها لا تحترم شعبها أمر لا يليق بمصر، وقال الرئيس نصاً "اهتمامكم بهذا الأمر وتقديمنا وكأننا لا نحترم الناس أو لا نحب مجتمعاتنا أو أننا قادة عنيفين شرسين مستبدين، هذا أمر لا يليق، لا يليق إنكم تقدموا الدولة المصرية بكل ما تفعله من أجل شعبها واستقرار المنطقة على أنها نظام مستبد.. هذا الأمر ولى من سنين طويلة فاتت.. الشعب المصرى اللى فيه أكثر من 65 مليون "شاب"، حد يقدر يكبله أو يفرض عليه نظام لا يقبله.. دا أمر انتهى ومش موجود".
 
وشدد الرئيس السيسى في رده على أنه "مطالب بحماية دولة من تنظيم متطرف له أكثر من 90 سنة موجود فى مصر واستطاع خلال هذه المدة أن يعمل قواعد فى العالم كله.. واذا كنتم في فرنسا تتحدثون عن معاناتكم أحيانا من التطرف، فهذا جزء من الافكار التى تم نقلها لبعض التابعين لهم فى فرنسا وأوروبا.. لذلك فأنا مطالب أن احمى ال100 مليون من مصير ليبيا والعراق وسوريا واليمن ولبنان وأفغانستان وباكستان.. معندناش حاجة نخاف منها أو نحرج منها.. نحن أمة تجاهد من أجل بناء مستقبل لشعبها فى ظروف فى منتهى القسوة وفى منطقة شديدة الاضطراب".
 
ما قاله الرئيسان السيسى وماكرون بشأن ملف منظمات المجتمع المدنى أغلق الباب تماماً امام كل من حاول استخدام هذا الملف لابتزاز البلدين، وكلنا نعلم وندرك كم من مرة أستخدم ملف حقوق الإنسان لتحقيق مآرب لا تمت للإنسانية بصلة، وهو الأمر الذى تعيه القيادتان المصرية والفرنسية جيداً، لذلك وضعا "الحوار" كطريق وحيد للنقاش حول ما يظهر على السطح من هذا الملف، وهو ما أكد سامح شكرى وزير الخارجية، الذى قال الحوار بين الرئيسان حول ملف حقوق الإنسان اخذ الحجم الذى يستحقه من الحديث الدائم بين الدولتين، حيث يتم طرحه فى اطار ملائم وليس هناك رقعة كبيرة من الخلاف، وعندما يبدو الجانب الفرنسى اهتمامها بحقوق الانسان فإن مصر لديها نفس الحرص على رعاية ودفع جهود حقوق الانسان المصرى، خاصة أن اجهزة الدولة دائما تهتم بهذه القضايا وتعمل جاهدة للارتقاء بحقوق الانسان، وأخر ما تقوم به الدولة المصرية في هذا الشأن هو الاعداد لإطلاق الاستراتيجية المصرية لحقوق الانسان لتصبح مصر واحدة من دول قليلة استطاعت أن تبلور استراتيجية لحقوق الإنسان من خلال الحوار والتناول المجتمعي لتكون المعيار الذى من خلاله سيتم التعامل مع هذه القضية.

حوار عقلانى حول أسبقية القيم الدينية والإنسانية
الجانب المهم الثانى في المؤتمر الصحفى، كان متعلقا بالحوار الهادئ العقلانى بين الرئيسان حول أزمة الرسوم المسيئة للرسوم محمد صل الله عليه وسلم، وهل تسبق القيم الدينية القيم الإنسانية أم العكس، وقبل الخوض في تفاصيل ما حدث لابد من الأشادة بالزميل "محمد الجالى" محرر شئون الرئاسة بـ"اليوم السابع" الذى كان حاضراً فى المؤتمر، ووجه سؤالاً للرئيس الفرنسي حول أسباب تأخر الدولة الفرنسية في الاعتذار للمسلمين حول الرسوم المسيئة، ولماذا لا تعتبر فرنسا أن هذه الرسوم هي تعدى على حقوق المسلمين، فقد كان سؤال "الجالى" هو الذى فتح الحوار العقلانى الذى كشف عن الخلاف فى الرؤى بين الفلسفتين الغربية والإسلامية حول من يسبق في الأولوية، القيم الإنسانية أم الدينية.
 
الرئيس ماكرون قال إن الدولة الفرنسية غير مسؤولة عن هذه الرسوم، لكنه يأسف عن الصدمة والألم اللذين تسبب فيهما الأمر، شارحاً موقفه بقوله "المسألة ليست حقوق الإنسان، ولكن كيف يرى الدين بعض الأمور، أود أن تفهموا ما حدث. فى فرنسا هناك حرية صحافة، هناك صحفى يُصر أن يرسم أو يكتب ما يريد، ولا يوجد أى رئيس أو هيئة تقول له ماذا يكتب، وهذا هو الحال منذ الثورة والجمهورية الفرنسية، وهذا جزء من حقوق الإنسان، لكن الرسوم الكاريكاتورية ليست رسالة من فرنسا إلى المسلمين. هذا تعبير من مصور، وعلينا إدراك أن هذا القانون الذى اختاره الشعب الفرنسى، هذا قانون الشعب الفرنسى، هذه الرسوم والمقالات التى تصدمكم ليست صادرة عن السلطات الفرنسية أو عن الرئيس الفرنسى. لا تعتبروه استفزازا من السلطات، لكنها تصدر من صحفى أو مصور، وهناك من يرد عليها بهدوء. مجرد استفزاز من صحفى أو مصور".
 
واتسم رد الرئيس السيسى على ما قاله ماكرون بالحكمة والعقلانية خاصة حينما تحدث عن أن احترام المقدسات والرموز الدينية يسهم بقوة في صنع السلام العالمي ويدعم حوار الأديان والحضارات والثقافات، وكذلك دعوته لمراجعة القوانين التي تسمح بعدم احترام الأديان، فقد كانت بصدق دعوة شجاعة ومنصفة وجديرة بأن تكون ميثاقا دوليا، كونها تحرم المتطرفين أحد الأسباب التي يرتكنون إليها في نشر أفكارهم التكفيرية الإرهابية.
 
وقال الرئيس السيسى "في مصر موقفنا واضح في الوقوف بمنتهى الحزم والشدة وإدانة أي عمل إرهابى على أي أرضية، أي أرضية نختلف عليها لا يمكن أن تكون أبدا مبرر لعمل إرهابى ضد مواطن أو دولة، فهذا أمر أدناه عن طريق الخارجية المصرية والأزهر الشريف، المؤسسة الدينية التي تتسم بالاعتدال وتقدم الدين الإسلامي كدين وسطى جيد.. وأرجو من أصدقائنا في فرنسا والعالم كله أن ينبته أنه من حق أي أنسان أن يعتنق ما يعتقنه ويرفض ما يرفضه، لكن أتصور أننا بحاجة لنتوقف ونتأمل، من المهم حينما نعبر عن رأينا الا نقول أنه من أجل القيم الإنسانية تنتهك قيم دينية، لأن مرتبة القيم الدينية أعلى بكثير من القيم الإنسانية التي من صنعنا ونستطيع أن نطورها أو نرشد استخدامها. القيم الدينية أذا كنا نعترف أن الأديان نزلت من قبل الخالق العظيم فهى تسمو ومقدسة فوق كل المعانى والقيم".
 
وهنا عاد ماكرون وقال "نحن نعتبر أن قيمة الإنسان فوق كل شيء، هذه فلسفة التنوير وهذا ما يجعل من حقوق الانسان عالمية وفى ميثاق الأمم المتحدة، أنه لا شيء فوق الانسان واحترام كرامة البشر، وهناك احترام نكنه لبعضنا البعض، لكن في السياسة لا يدخل الدين، وأيا كان الدين، لأن الذين يسخرون من الإسلام يسخرون من الكاثوليكية واليهودية وكل الأديان".

مطلوب حوار فلسفى بين المؤسسات الدينية المصرية والفكرية الأوربية
هذا الحوار القيم الذى دار بين الرئيسان أعتقد أنه يمكن اعتباره مدخل مهم لحوار فلسفى تقوم به مؤسساتنا الدينية مع المؤسسات الفكرية ليس الفرنسية فقط وإنما الأوربية، لترتيب الأولويات، ولوضع تصور عام ومنهج تسير عليه كل الدول فيما يتعلق باحترام الأديان والتعامل معها، أخذا في الاعتبار أن الرئيس السيسى وضع أسس لهذا الحوار المستقبلي، حينما قال في كلمته بالمؤتمر الصحفى "لقد كانت المحادثات فرصة مهمة لتأكيد ضرورة العمل المشترك لتشجيع نشر قيم التسامح والاعتدال والتعايش المشترك بين الأديان والحضارات والشعوب، ومحاربة ظواهر التطرف والإرهاب وكراهية الآخر والعنصرية، بما يساهم في تعزيز الحوار بين أصحاب الأديان والثقافات المختلفة. كما أكدت على ضرورة عدم ربط الإرهاب بأي دين، وعدم الإساءة للرموز والمعتقدات المقدسة، وأهمية التمييز الكامل بين الإسلام كديانة سماوية عظيمة وبين ممارسات بعض العناصر المتطرفة التي تنتسب اسماً للإسلام وتسعى لاستغلاله لتبرير جرائمها الإرهابية. وفي هذا السياق، تناولنا أيضاً جهودنا الجارية لصياغة آلية جماعية دولية للتصدي لخطاب الكراهية والتطرف، بمشاركة المؤسسات الدينية من جميع الأطراف بهدف نشر قيم السلام الإنساني وترسيخ أسس التسامح وفكر التعايش السلمي بين الشعوب جميعاً".
 
ومن قلب فرنسا، وجه الرئيس عبد الفتاح السيىسى مجموعة من الرسائل المهمة والقوية، خلال الحوار الذى أجراه مع صحيفة (لوفيجارو) الفرنسية، خاصة تأكيده على الأسس التي استندت لها مصر وهى تصنف جماعة الإخوان "إرهابية، وقوله "ليس من فراغ وضع الإخوان المسلمين على قائمة المنظمات الإرهابية فى مصر أو في العديد من بلدان المنطقة الأخرى، فتغلغل عملهم في المنظمات الخيرية والمنظمات الإرهابية المسلحة التي يسيطرون عليها وتدخلهم في الدوائر السياسية المؤسساتية، يمثل تهديدا وجودياً للدول، وهم يختبئون وراء الدين لتبرير شمولية رؤيتهم"، مشيراً إلى أن "مصر، مثل فرنسا، دفعت ثمنا باهظا للإرهاب، وعندنا كان المواطنون المسلمون والأقباط والقوات المسلحة والشرطة ورجال القضاء، ضحية لأعمال الإرهاب الوحشي، ونحن لم نتوقف عن التحذير من هذه الإيديولوجية المميتة التي لا تعرف حدود، ودعونا إلى تنسيق دولي لمكافحة الإرهاب"، وشدد الرئيس على ضرورة معاقبة الدول التي تمول وتسلح هذه المنظمات الارهابية، انتهاكاً لقرارات الأمم المتحدة.
 
وحول دعوته للفصل بين الدين والسياسة، قال الرئيس السيسي إن "كل فرد حر في أن يؤمن أو لا يؤمن، ولا إكراه في الدين. لكن هل يمكن أن نسخر من كل شيء دون أن ندرك أن ذلك يمكن أن يراه آخرون على أنه دليل ازدراء؟ إن ذم صورة الأنبياء يعود إلى الاستهانة بتمسك مليارات البشر بقيم ومبادئ الرموز الدينية. والكثير من الرجال والنساء يمكن أن يتألموا بسبب تعبير يمثل اعتداء على معتقداتهم العميقة. يتعين اتخاذ ذلك في الحسبان من منطلق الإحساس بالمسؤولية واحترام الاخر".
 
وأضاف الرئيس السيسي: إنه في عالم بلا انترنت ولا شبكات اجتماعية مثل القرن الماضي، كان عدد قليل جدا من الناس سيعلم بالرسوم المسيئة لرسول الإسلام، أما في ظل العولمة، فالوضع مختلف، وللأسف، استغل البعض هذه الرسوم للتلاعب بالشعور المشروع في تمسك المتدينين بقيمهم الدينية، وجرى تنظيم حملات تشويه تهدف إلى إزكاء الكراهية والتحريض على الفرقة بين الشعوب، على المنصات الرقمية ضد فرنسا".
 
وتابع الرئيس: نحن في مصر، نعانى كل يوم من حملات التشويه التي تهدف إلى نشر الشك والفرقة في صفوف الشعب المصري، وهناك ما لا يقل عن 6 قنوات فضائية تديرها وتمولها دول أجنبية، تستهدف شعبنا، ومن المؤسف أن هذه القنوات التي تنشر الإيدولوجية الظلامية، تبث عبر الأقمار الصناعية الأوروبية، وقد أكدنا - أنا والرئيس ماكرون - مجددا عزما على منع نشر الدعوات إلى العنف والكراهية والإرهاب".
 
كما أكد الرئيس السيسي إن التعاون العسكري والأمن مع فرنسا يتجاوز الإطار المحدود للتبادل التجاري أو شراء المعدات. وعلاقاتنا تتطور في إطار من الشراكة الاستراتيجية التي تشمل مختلف الأوجه ذات الصلة بعلاقات الدفاع، لافتاً إلى أن مصر وفرنسا تحاربان معا على عدة جبهات. ومع ذلك فإننا ننوع مصادر التسلح من أجل امتلاك معدات مناسبة قادرة على ضمان أفضل دفاع عن مصر، مقدراً في الوقت نفسه التكنولوجيا الفرنسية، وقال " تذكرون أن مصر كانت أول دولة تختار الطائرات (الرافال)؛ مما فتح الطريق أمام شرائها من قبل العديد من الدول الأخرى".

زيارة دولة مرتبطة بوضعية مصر في الداخل الفرنسى
وكان لافتاً في زيارة الرئيس السيسى لفرنسا أنها زيارة الدولة الوحيدة التى سمح ماكرون بأن يقوم بها رئيس اجنبى لباريس في ظل أزمة كورونا، ودخولها الموجة الثانية، وهو ما يعزز الاهمية المشتركة للبلدين ومكانة كلا منهما عند الأخرى، أخذا في الاعتبار أن فرنسا دولة مركزية فى اطار الاتحاد الاوربى وعضو دائم بمجلس الامن، وهو ما يعطيها وضعية خاصة، وارتباطها كذلك بملفات إقليمية مشتركة مثل الوضع في ليبيا ولبنان وسوريا، وكذلك الوضع في شرق المتوسط.
 
الحفاوة التي استقبل بها الفرنسيين، الرئيس السيسى، بالتأكيد مرتبطة بالمكانة التي تحتلها مصر والرئيس السيسى لدى الدولة والشعب الفرنسي، وهو ما يظهر من التنسيق المستمر بين الجانبين حول الملفات الثنائية والأقليمية، وأيضاً الحديث عن تطوير شكل التعاون مستقبلاً، وهو ما عبر عنه الرئيس السيسى بقوله "اتفقنا على أهمية العمل المشترك نحو زيادة قيمة الاستثمارات الفرنسية في مصر، والاستفادة من الفرص الكبيرة التي توفرها المشروعات القومية العملاقة في مصر حالياً، وأكدنا على ضرورة الدفع قدماً لزيادة التبادل التجاري بين البلدين وتحقيق التوازن به عبر إتاحة الفرصة لمزيد من نفاذ الصادرات المصرية إلى السوق الفرنسي، بالإضافة إلى تعزيز التعاون في القطاعات الاقتصادية ذات الأولوية، خاصةً في مجال التعليم، والتعليم العالي، والاتصالات، وتطبيقات الذكاء الاصطناعي، والأمن السيبراني، والتحول الرقمي، والنقل، والصحة، والبنية الأساسية. كما استعرضنا أوجه التعاون العسكري وسبل تعزيز العلاقات الثقافية والعلمية بما يعكس الميراث الثقافي والحضاري الكبير لبلدينا، ولقد ناقشنا أيضاً أهمية زيادة تدفقات السياحة الفرنسية إلى المقاصد السياحية في الغردقة وشرم الشيخ والأقصر وأسوان، وذلك في ضوء التدابير الاحترازية المشددة التي تطبقها مصر في تلك المقاصد والتي جعلت معدلات الإصابة بها تكاد تكون منعدمة، كما أعربت لفخامة الرئيس عن الإشادة بقرار استئناف الرحلات السياحية بين البلدين اعتباراً من 4 أكتوبر ۲۰۲۰".
 
وكان لافتاً لكل المتابعين للزيارة التي استمرت لأربعة أيام أنها جاءت وسط أزمات طارئة تحيط بالشرق الأوسط والدول الأوروبية، في مقدمتها مواجهة الإرهاب والفكر المتطرف، والتصدي لأطماع تركيا ورعاة جماعات الخراب، وهو ما جعل من الزيارة محل اهتمام إقليمي ودولي.
 
وبخلاف الملفات السياسية والأمنية، تجمع فرنسا ومصر علاقات اقتصادية قوية، دائمة التطور، فعلي صعيد التجارة المتبادلة، بلغ حجم التبادل التجاري السلعي بين مصر وفرنسا حوالي 2.992 مليار دولار عام 2014، وحوالي 2.977 مليار دولار عام 2015، وحوالي 2.120 مليار دولار عام 2016، ثم 2.093 مليار دولار عام 2017، ثم 2.506 مليار دولار عام 2017، وحوالي 2.253 مليار دولار أمريكي عام 2019.
 
وبلغت قيمة تدفقات الاستثمارات الفرنسية المباشرة إلى مصر حوالي 347.4 مليون دولار عام 2013/2014، وحوالي 230.2 مليون دولار العام التالي، وحوالي 251.2 مليون دولار عام 20162015، ونحو 535.8 مليون دولار عام 2016/2017، وحوالي 240.3 مليون دولار عام 2017/2018، ثم 296.1 مليون دولار عام 2019، وحوالي 349 مليون دولار عام 2019 / 2020، كما تعمل نحو 165 شركة فرنسية في مصر توظف ما يزيد على 38 ألف شخص، ومن أبرزها توتال للبترول ولافارج هولسيم في مجال الأسمنت، وأورونج للاتصالات، وبنك كريدي أجريكول، وشركة أكسا للتأمين، ولوريال، وسانوفي، وكارفور، وأكور، ولاكتاليس، ودانون، وشنايدر الكتريك.
 
كما تتسم العلاقات العسكرية بين باريس والقاهرة خلال السنوات الأخيرة، بالتطور المستمر سريع الوتيرة، الناتج عن تلاقي الرؤى السياسية والاستراتيجية بين كلتا الدولتين في معظم الملفات الدولية، رغم أن الزخم الأساسي لهذه العلاقات العسكرية بدأ منذ عام 2015، فإن التعاون في المجال العسكري بين البلدين لم يتوقف منذ سبعينيات القرن الماضي.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق