التسلل الأردوغاني للقرن الأفريقي.. تسلل أمني وإشعال للأزمات العرقية والدينية

الأحد، 03 يناير 2021 11:40 ص
التسلل الأردوغاني للقرن الأفريقي.. تسلل أمني وإشعال للأزمات العرقية والدينية
رجب طيب أردوغان- الرئيس التركي

على مدار أشهر ارتفعت وتيرة الأنشطة التركية في أفريقيا، ما بين منطقة القرن الإفريقي وليبيا، حيث تعتبرها أنقرة بؤر جديدة لها لتنفيذ مخططاتها في الشرق الأوسط. 

والمؤكد أن المخطط التركي والذي يتبناه نظام رجب أردوغان منذ عام 2005، هو اللعب على مشكلات الأقليات الدينية والعرقية انطلاقاً من الصومال، بالتوازي مع تمدد للتواجد الدبلوماسى التركى فى دول القارة من خلال زيادة عدد بعثات التمثيل الدبلوماسى التركية فى دول القارة من 12 إلى 39 سفارة بحلول عام 2017.

وزادت الخطوط الجوية التركية من رحلاتها المنتظمة من وإلى البلدان الأفريقية لتغطى 52 عاصمة ومدينة أفريقية بنهاية 2017 مقابل 14 عاصمة ومدينة أفريقية فى عام 2011.

دورية "جلوبال سيكيوريتى الأمريكية" المتخصصة فى الشئون العسكرية والدفاعية، قالت إن الدبلوماسيين الأتراك يعمدون إلى استغلال المشاعر الدينية للتجمعات السكانية المسلمة فى بلدان أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، وفى مقدمتها نيجيريا والنيجر ومالى والسنغال لنسج شبكات النفوذ والمصالح التركية مع مسلمى أفريقيا وساستها ورجال أعمالها المسلمين وتعبئتهم كجماعات سياسية ضاغطة على حكومات بلدانهم.

وأوضحت أن تلك التحركات انكشفت جلية في طلب تركيا من تلك التجمعات المسلمة إغلاق المدارس التابعة لجماعة عبد الله جولن فى أعقاب المحاولة الانقلابية التى شهدتها تركيا فى يوليو 2016.. وباشرت تلك التجمعات حملات ضغط على حكومات دولها من أجل ذلك. 

ويرى مراقبون أنه لا يمكن فصل التمدد التركى الجديد في الصومال، عن الاستهداف التركي لأفريقيا ككل، مؤكدين أن أطماع التمدد الإقليمى للأتراك هدفه السعى إلى التسلل إلى أفريقيا عامة ومنطقة القرن الأفريقى ذات الأهمية الاستراتيجية بشكل خاص ويتم من خلال مسارات متعددة تتسم جميعها بالانتهازية التى من أشكالها أساليب ابتزاز المشاعر الدينية وحالة الفقر والاقتتال الأهلى بين الأفارقة. 

ويعد المراقبون، أن العلاقات التركية الصومالية تقدم حالة واضحة للمطامع التركية فى أفريقيا، حيث تم تدشين قاعدة عسكرية تركية فى الصومال نهاية ديسمبر 2019، وما تلا ذلك من مساعى أنقرة للسيطرة على جزر أخرى فى البحر الأحمر من بينها جزيرة سواكن السودانية. 

ويتزايد التوجه التركى نحو الصومال خلال 2020 فى وقت تنسحب فيه القوات الأمريكية من الصومال يصاحبه خروج 22 ألفاً من قوات حفظ السلام الأفريقية من الصومال بنهاية 2020 وهو ما تعتبره الاستخبارات التركية "فجوة أمنية" يتعين استثمارها، حيث اعتبرت دوائر الاستخبارات الغربية، تحركات أنقرة مكشوفة، حيث استغل خطة إنهاء مهمة حفظ السلام الأفريقية فى الصومال (أميصوم) فى عام 2020، لتقدم نفسها كداعم لجهود إعادة بناء قوات الجيش الصومالية.

ووفقا لتلك المعادلة تتكشف حقيقة القاعدة التركية الجديدة فى الصومال وهو أنها ليست سوى بوابة تدخل تركى شديد الخطورة على منطقة القرن الأفريقى وتجسيدا لسعى تركيا من خلال قاعدتها وتحت غطاء الإسهام فى تدريب القوات الصومالية إلى كسب أوراق لعب جديدة على طاولة أوضاع قابلة للتفجر فى منطقة القرن الأفريقى الذى تتسابق عليه أطراف وقوى أجنبية وإقليمية عديدة.

وأنفقت تركيا على قاعدتها العسكرية فى الصومال 50 مليون دولار.. وقالت إنها ستكون قادرة على استيعاب 10 آلاف متدرب صومالى وإسهام تركى فى "عملية البناء المؤسسة" للأجهزة الأمنية والعسكرية الصومالية استعدادا للعام 2020 الذى سيشهد انتهاء مهمة عمل قوات الاتحاد الأفريقى لحفظ السلام فى الصومال.

واعتبرت الدورية الأمريكية أن ما سبق وما قدمته تركيا من مساعدات إنسانية وإنمائية للصومال لم يكن لصالح الإنسانية، بل كانت مقدمة لتأمين قبول حكومة الصومال للتواجد العسكرى التركى على أراضيه من خلال تدشين القاعدة العسكرية التركية فى الصومال فى ديسمبر من العام الماضي، فخلال المجاعة التى تعرض لها الصوماليون في 2011 وأودت بحياة 250 ألفا منهم أرسلت تركيا مساعدات إغاثية.

وقام رئيس وزرائها آنذاك رجب طيب أردوغان بزيارة للصومال افتتح خلالها دار السفارة التركية الجديدة فى مقديشيو والتى وصفت آنذاك بأنها الأضخم بين سفارات الدول الأجنبية فى الصومال، كما ضخت تركيا استثمارات فى تشييد ميناء مقديشيو ومطارها الدولى ودشنت أنقرة مسارا جويا منتظما للخطوط الجوية التركية من وإلى الصومال وعمدت إلى عزل الصومال عن عمقها العربى.

وعلى صعيد التبادل التجارى فقد سجلت تجارة البلدين البينية 3. 72 مليون دولار أمريكى فى عام 2015 - 2016 ومال ميزانها بطبيعة الحال لصالح الأتراك الذين يصورون للأفارقة أنهم يكافحون الإرهاب بينما هم فى طليعة صانعيه والمستفيدين من توظيفه وتقدم المساعدات للأفارقة بيد وتعبث بمقدرات وثروات بلدانهم باليد الأخرى.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق