طلال رسلان يكتب: الربيع الأمريكي.. السحر ينقلب على الساحر في الكونجرس والثوار صاروا "غوغاء" في ديمقراطية واشنطن

الخميس، 07 يناير 2021 10:22 ص
طلال رسلان يكتب: الربيع الأمريكي.. السحر ينقلب على الساحر في الكونجرس والثوار صاروا "غوغاء" في ديمقراطية واشنطن
تظاهرات أمريكا
طلال رسلان

لم يخطر في بال أكثر المدافعين عن حقوق الإنسان والديمقراطية تشاؤما أن يرى مشاهد اقتحام أنصار ترامب لمجلس الشيوخ الأمريكي على حسابات مواقع التواصل الاجتماعي وشاشات وسائل الإعلام.

في إحدى الصور ظهر أحد أنصار ترامب وقد اعتلى المنصة الرئيسية لمجلس الشيوخ وجلس على كرسي الرئيس، وآخر يحمل أحد المقتنيات المطلية بالذهب وفر بها هاربا، وثالث يعبث بأجهزة الكومبيوتر التي تحمل معلومات سرية تخص الأمن القومي الأمريكي مثلما أشارت وسائل الإعلام الأمريكية.

أحداث أمريكا
 

 

في غضون ذلك تعلن التقارير عن ارتفاع عدد ضحايا أحداث العنف التي شهدها مبنى الكابيتول ليل الأربعاء إلى 4 حالات وفاة، بعدما اقتحم أنصار الرئيس المنتهية ولايته مقر الكونجرس في العاصمة واشنطن.
 
فوضى عارمة واشتباكات بين متظاهرين وقوات الأمن، وبيانات من كل جهة رسمية أمريكية لتهدئة الأوضاع، سياسيون أمريكيون كأن على رؤوسهم الطير من مشاهد العنف، مستقبل البلاد بات على المحك، إحدى السيدات تسقط بطلق ناري أثناء الفوضى التي عمت مبنى الكابيتول، والشرطة تعتقل نحو 52 شخصا من قلب الأحداث.
 
تظاهرات أمريكا
 
"لو كنت شابًا مصريًا في العشرينيات من عمري، لشاركت أيضًا في هذه التظاهرات، ولكني رئيس الولايات المتحدة.. ليتني أرى شباب أمريكا يستفيديون من هذه التجارب".. كانت تلك الكلمات جزء مما أشار إليه الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما، أحد أكبر المعارضين لترامب، بكتابه الصادر في أوائل العام الماضي في معرض حديثه عن تظاهرات ما سمي بالربيع العربي في بلدان الشرق الأوسط.
 
لم يمر وقت كبير على انفجار الأحداث في أمريكا وأمام مبنى الكونجرس بهذا الوضع المتأزم حتى انفجرت معه حسابات الشرق الأوسط معلقة بسخرية عن ديمقراطية أمريكا الزائفة، ناهيك عن تذكر مشاهد وربط الأحداث مع الأيام الأولى في اندلاع أحداث الربيع العربي وخاصة في مصر.
 
يبدو أن نبوءة أوباما تقترب من أمريكا أكثر من أي وقت مضى، ربيع أمريكي بمشاهد عربية، واشنطن تستعد لإسقاط عباءة الديمقراطية الزائفة، سحر ينقلب على الساحر الذي طالما تاجر بشعارات حقوق الإنسان والتعبير عن الرأي، لكن يبدو أيضا أن مقولة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الشهيرة "لا حديث عن حقوق وحرية إذا ما تعلق الأمر بأمن البلاد" ستكون حاضرة وبقوة خلال الأيام المقبلة في التعامل مع الأوضاع المشتعلة في بلاد الحرية.
 
أحداث أمريكا 2
 
"الغوغاء اقتحموا الكابيتول بتحريض ترامب".. هنا عنوان رئيسي لصحيفة نيويورك تايمز الأمريكية أسقط بجدارة عباءة إحدى أبرز وسائل الإعلام الأمريكية تعرضا للدفاع عن الحقوق والحريات في دول العالم، غير أن المتظاهرين صاروا "غوغاء" إذا ما تعلق الأمر بالمصالح السياسية ولعبة الدعم الإعلامي في المعركة ضد ترامب. 
 
وقالت الصحيفة العريقة في افتتاحيتها إن ترامب "هو المسؤول عما جرى في البرلمان الأميركي"، وأضافت أن الرئيس المنتهية ولايته ومساعديه في الكونجرس هم الذين حرضوا على الهجوم العنيف، مؤكدة أن "هذا شيئا لا يمكن التسامح معه"، ودعت الصحيفة إلى محاسبة ترامب وحتى عزله عن الحكم، مع أنه لم يتبق له سوى أيام معدودة في البيت الأبيض، كما حثت على محاكمته جنائيا، وكذلك الأمر بالنسبة إلى أنصاره الذين اقتحموا البرلمان.
 
"واشنطن بوست" هي الأخرى لم تختلف كثيرا عن نظيراتها فاستعملت نفس المصطلح: "الغوغاء". وكتبت في عنوانها الرئيسي: "الغوغاء المؤيدون لترامب اقتحموا مبنى الكابيتول"، وذهبت إلى النتيجة نفسها التي خلصت إليها "نيويورك تايمز"، وهي اتهام ترامب بالمسؤولية عما حدث، ودعت إلى عزله عن منصبه فورا.
 
ولم تجد صحيفة "يو إس إيه توداي" أمامها سوى الاعتراف بالكارثة فعنونت افتتاحيتها بـ"أمر لا يمكن تصديق حدوثه في الديمقراطيات الراسخة ولا تلك الوليدة"، وجاءت الافتتاحية بعنوان: "ترامب يتسبب في المذبحة التي تعهد بوقفها"، ووصفت الصحيفة ما جرى في مبنى الكابيتول بعد اقتحامه من طرف أنصار ترامب بـ"المشاهدة المرعبة، التي جلب الخزي والإحراج للأمة الأميركية".
 
ورأت الصحيفة الأكثر انتشارا وتأثيرا في الولايات المتحدة الأمريكية أنه "في أميركا المنقسمة على ذاتها، يفترض أن تؤدي أحداث الكونغرس إلى توحيد الأميركيين"، وقالت إن الولايات المتحدة "تحولت من منارة للحرية إلى نموذج مروع من الاعتلال الوظيفي".
 
وأضافت: "مبروك سيد ترامب. لقد جعلت مدينتنا المشرقة رمزا للعار الوطني".
 
 
   

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق