التسول الإلكتروني.. نصب واحتيال باسم السرطان

السبت، 16 يناير 2021 07:00 م
التسول الإلكتروني.. نصب واحتيال باسم السرطان
محمد قمصان ووالدته
أحمد سامي


«قمصان» ادعى إصابته بالسرطان لكسب التعاطف وجمع التبرعات.. والنيابة وجهت له تهم إذاعة أخبار كاذبة وإساءة استخدام وسائل الاتصالات

خبير قانوني: ادعاء المرض علي مواقع التواصل نصب واحتيال وعقوبته الحبس والغرامة.. والأزهر: الإسلام حرم ادعاء المرض علي غير الحقيقة وعقوبته النار
 
لجأ الكثير من الأشخاص لبعض الحيل من أجل جمع الأموال، فلم يعد الاحتيال والنصب يقتصر على المتسولين الذين يستعطفون المارة من المواطنين، بعكاز يستندون عليه، أو بطفل صغير يحملونه فوق أكتافهم ليجذبوا انتباه الناس، ولكن وصل هؤلاء إلي ما هو أدني وأقبح من خلال تسخير التكنولوجيا الحديثة لاستجداء الناس بأسلوب جديد، وسلبهم أموالهم عبر "التسول الإلكتروني" وادعاء الإصابة بالمرض علي مواقع التواصل الاجتماعي من أجل جمع الأموال والتبرعات والنصب علي المواطنين.
 
لم تعد طرق التسول التقليدية تخدع الكثير من الناس، فلجأ المتسولون إلى وسائل التواصل الاجتماعي، من خلال صفحات وهمية أو شخصية وبدأوا في بث رسائل تتضمن قصصاً وهمية درامية مليئة بالدموع والحكايات المأساوية، وتدعو مستخدمى مواقع التواصل إلى مساعدتهم ومساعدة مرضاهم، في حيلة من حيل إبليس للاستيلاء على مبالغ طائلة بأقل مجهود ودون عناء وفي الخفاء.
 
أخر هذه الحالات كانت لشخص يدعي محمد قمصان، الذي ادعي عبر حسابه الشخصي علي موقع التواصل الاجتماعي إصابته بالسرطان وأنه وصل لمرحلة خطيرة وانتشر السرطان في جسده وبدأ يلتهمه، وعلى الرغم من أن البعض لم يصدق قصته وانتقده، إلا أن والدته كانت تخرج وتؤكد أن ابنها يعاني من السرطان منذ أربع سنوات، أول سنتين كان التشخيص خاطئا، وبعدها ثبتت إصابته، وعرض ما يثبت من تحاليل وأشعات.
 
القت قوات الأمن القبض علي قمصان بعد كشف مجموعة من مرضى السرطان يطلقون على أنفسهم "محاربي السرطان"، عبر صفحات موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، ادعاء الشاب المذكور اصابته بمرض السرطان، من أجل استعطاف المواطنين لجمع تبرعات مالية منهم، ما دعاه إلى تصويره مقطع فيديو، وبجانبه والدته، ونشره على صفحات موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، ينفي فيه ذلك.
 
ووجهت النيابة له تهم إذاعة أخبار كاذبة على صفحات موقع التواصل الاجتماعي واساءة استخدام وسائل الاتصالات في غير الغرض المخصص لها، حيث كان قمصان صاحب العشرين عامًا يستغل ما يزعمه من إصابة بالسرطان في جمع التبرعات من المواطنين وقام بحلق رأسه لإثبات الإصابة بالمرض، على خلاف الحقيقة.
 
لم تكن هذه الحالة الأولي من النصب علي مواقع التواصل الاجتماعي بل كان هناك حالات اخري تم استخدام فيها الحيل المرضية واقناع المواطنين بالقصص الوهمية من اجل جمع التبرعات ومنها شخص، كان يعمل في المجال الاقتصادي، أعلن على صفحته أنه مريض بسرطان الدم وفي أواخر أيامه، ودعمه مئات الصحفيين والإعلاميين وكان الأستاذ مدعي المرض يقابلهم جميعًا بلا استثناء ويحكي قصصًا مختلفة لهم.
 
أنشأ حسابات لصفحات وهمية على الفيس بوك، هذه الصفحات كانت تقوم بنشر بوستات دعم ودعاء له، لكنه هو من كان يديرها ليثبت للجميع أن هناك أطراف تدعمه للحصول على مصداقية، وقام بجمع التبرعات لإنشاء مستشفى لمتحدي السرطان، وبدأ في مقابلة كل الإعلاميين لمساعدته في الظهور إعلاميًا والحصول على دعمهم، ثم قام بالبحث عن مرضى السرطان وتواصل معهم على الماسنجر وبعد وفاة تلك الحالات نشر سكرين شوت لمحادثاتهم معه ليستعطف الناس، وتاجر بهم وهو لم يكن مريضا.

عقوبة ادعاء المرض للنصب وجمع التبرعات
وقال محمد السيد المحامي بالنقض والاستئناف العالي، أن التحايل وسلب الاموال عن طريق ايهام المواطنين والاستيلاء علي اموالهم بقصص غير حقيقية علي مواقع التواصل بعاقب عليها القانون، لأنها تمثل الاحتيال والاستيلاء على كل أو بعض مال الغير، وذلك يحمل المجنى عليه علي تسليم ماله بتأثير تلك الأساليب الاحتيالية، مشيراً إلى أن العقوبات المقررة في القانون تصل للحبس ما بين شهر وحتى 3 سنوات أو غرامة مالية ، وإغلاق الصفحات التى تروج للأمر وتبث الإعلانات.
 
 وأضاف السيد، لـ"صوت الأمة" أن المادة 336 عقوبات تنص علي أنه "يعاقب بالحبس كل من توصل إلى الاستيلاء على نقود أو عروض أو سندات دين أو سندات مخالصة أو أى متاع منقول وكان ذلك بالاحتيال لسلب كل ثروة الغير أو بعضها أما باستعمال طرق احتيالية من شأنها إيهام الناس بوجود مشروع كاذب أو واقعة مزورة أو احداث الأمل بحصول ربح وهمى أو تسديد المبلغ الذى أخذ بطريق الاحتيال، أو ايهامهم بوجود سند دين غير صحيح أو سند مخالصة مزور، واما بالتصرف فى مال ثابت أو منقول ليس ملكا له ولا له حق التصرف فيه، وأما باتخاذ اسم كاذب أو صفه غير صحيحة.
 
 وأضاف المحامي بالنقض والاستئناف العالي، أن النصب عن طريق مواقع التواصل الاجتماعى، يتم إثباته عن طريق تحرير محضر بمباحث شرطة الانترنت،  التى تقوم بتتبع الحسابات الوهمية التى يتم استخدامها فى عمليات النصب، وإجراء التحريات اللازمة عنها، وإحالتها للنيابة العامة للتحقيق وإحالة القضية بعد الانتهاء منها للمحكمة، مضيفا أن من شرع فى النصب ولم يتممه فيعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز سنة ويجوز جعل الجانى فى حالة العودة تحت ملاحظة الشرطة مدة سنة على الاقل وسنتين على الأكثر".

حكم الشريعة في الاحتيال والنصب وادعاء المرض
من جانبه أكد الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الشريعة بجامعة الأزهر الشريف، الإسلام حرم علي الانسان ادعاء المرض والفقر على غير الحقيقة ، وحرم أن يشكو الإنسان أحواله ولو كانت حقيقية بما يكشف عن تضجره وتبرمه بقضاء الله وقدره، لأن الواجب على الإنسان السوي أن يصبر، مضيفا أن النبي صلى الله عليه وسلم قد حذر من ذلك في أخبار كثيرة منها: " ولا يفتح عبد باب مسألة –أي تسول من الناس- إلا فتح الله عليه باب فقر "، ولذا يجب على الإنسان أن يبتعد عن الانتحال والتمثيل والتزوير والتدليس.
 
وأضاف كريمة أن من يأكل المال السحت، تصل عقوبته إلى النار، فقال صلى الله عليه وسلم: "المكر والخديعة والخيانة في النار"، وهنا نجد أن النصب اشتمل على الثلاثة وليس واحدة منهم فقط، فهو يقوم بالمكر على الآخرين والعمل على خديعتهم وهذا يعد غش وخيانة لحقوقهم"، مضيفا أن النصاب يعتمد على الطمع والخيانة والغدر، ويجب على الشخص التبين والتحقق من الأمور لقوله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا"، وهنا أمرنا الله تعالى بالتحقق من الأمور التي تعرض علينا في حياتنا وخاصة في الأمور التي تخص العقائد لأنها تتضمن عامة الناس وتؤثر فيهم، كما حث المواطنين بالتعامل مع المؤسسات والجمعيات المعتمدة لأنها تبحث أحوال هؤلاء، خاصة المؤسسات الجادة، حيث تجرى أبحاث ميدانية وتحريات حتى تدفع الأموال إلى أصحابها.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق