العيش المسموم!

الخميس، 18 فبراير 2021 12:57 م
العيش المسموم!
مختار محمود يكتب :

أنْ تأتيَ متأخرًا خيرٌ من أن لا تأتي، غير أنه يجب أن يكون للتأخير أسباب ومبررات؛ لذا فإن قرار وزارة التموين والتجارة الداخلية بمنع استخدام مادة برومات البوتاسيوم المسرطنة في إنتاج المخبوزات ومن بينها: رغيف الخبز؛ بسبب آثارها الصحية الضارة، ومعاقبة مستخدميها بالسجن والغرامة، خطوة جيدة ومحمودة للحفاظ على صحة المصريين الذين يسجلون رقمًا كبيرًا في الإصابة بالسرطان على مستوى العالم، ولكن ما قد لا يعلمه الوزير الدكتور علي المصيلحي أن معظم دول العالم، إن لم يكن جميعها، قد حظرت من تسعينيات القرن الماضي استخدام هذه المادة القاتلة، في الخبز والحلويات وغيرها، أي أنها "محرمة دوليًا"!!
 
ونشرت الجريدة الرسمية، منتصف هذا الأسبوع،  قرارًا للمصيلحي، يحمل رقم 31 لسنة 2021، حيث نصت المادة الأولى منه على أنه: "يُحظر على أصحاب المخابز البلدية والسياحية والأفرنجية ومحلات الحلوى، استخدام مادة برومات البوتاسيوم في إنتاج المخبوزات والمعجنات؛ لاحتوائها على مواد مسرطنة"!!
 
ونصَّ القرار على أنَّ: "مَن يُخالف القرار يُعاقب وفقًا لما نصَّت عليه المادة 5 من قانون رقم 281 لعام 1994، على أن يتم ضبط المادة وإعدامها؛ إذ تُعد من المُركبات الكيميائية، وهي مؤكسدة قوية تأخذ شكل بلورات بيضاء أو مسحوق"!
 
ويحرص أصحاب المخابز ومصانع الحلويات في مصر على إضافة مادة برومات البوتاسيوم إلى الدقيق لتحسينه وتسريع تخميره وتجميل شكل منتجاتهم المختلفة، وإضفاء لون ذهبي عليها، رغم أن الاتحاد الأوروبي حظرها فى العام 1990، قبل أن تُصدر منظمة الصحة العالمية قرارًا بحظرها في العام 1993، بعدما تأكد لها أن تلك المادة،  التي تحتوي على نسبة عالية من الصوديوم والبوتاسيوم، واحدة من المُسببات لـ "تقزّم وسمنة الأطفال في مصر، وأحد الأسباب الرئيسية في سرطان الغُدة الدرقية والكلى، وارتفاع الكوليسترول، وضغط الدم، وأمراض القلب، وتسجل مصر أرقامًا متزايدة في الإصابة بهذه الأمراض المزمنة والمرهقة جسديًا وماديًا.
 
ولكن يبقى السؤال: ماذا بعد اتخاذ هذا القرار الذي يصفه المختصون بـ"التاريخي"؟ هل سوف يستجيب من يستهدفهم القرار بالتنفيذ وتحمل المسؤولية، أم يلجأون إلى التحايل والالتفاف عليه؛ حتى لا تفقد منتجاتهم رونقها وشكلها المعتاد، وهل سوف تكون هناك رقابة مشددة على هذا القطاع الكبير من المخابز ومصانع الحلويات، علمًا بأن عدد المخابز في مصر يلامس 30 ألفًا، أم أن الحكومة سوف تكتفي باتخاذ القرار، وعلى المستهلكين أن يتأكدوا بأنفسهم من خلو الخبز والحلويات من هذه المادة القاتلة؟
 
 وإذا نجحت الحكومة في فرض سيطرتها على المخابز ومصانع الحلوى، فماذا سوف تفعل مع المنتجات والوسائل الأخرى التي تدخل هذه المادة فى تكوينها وتركيبها مثل: توابل الدجاج ومنتجات التجميل وتعقيم المياه وغيرها؟
 
هل سوف تمارس الصمت المريب، أم تتحرك لتجفيف مصادرها من المنبع، وتعلن كل الإجراءات ذات الصلة على رؤوس الأشهاد، وتحمي أجساد المصرية المنهكة والمتعبة من أن تغزوها السرطات والأوجاع المختلفة؟

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق