نفوذ أمريكا على المحك.. «صك» القيادة الدولية يذهب إلى قوى دولية صاعدة

الجمعة، 26 فبراير 2021 11:00 ص
نفوذ أمريكا على المحك.. «صك» القيادة الدولية يذهب إلى قوى دولية صاعدة
الرئيس الأمريكي جو بايدن

يواجه الرئيس الأمريكي جو بايدن، تحديات عدة لاستعادة زمام الأمور على الساحة الدولية، وسط متغيرات عميقة، دفعت بقوى دولية أخرى إلى الصعود ومزاحمة واشنطن على القمة، ليس هذا وحسب بل أن حالة من الانقسام غير المسبوقة تضرب الداخل الأمريكي، بعد سلسلة من الاحتجاجات على نتائج انتخابات الرئاسة الأمريكية الماضية من قبل أنصار الرئيس السابق دونالد ترامب.
 
ويقول مراقبون، إن حالة الغليان التي تهدد المكانة الأمريكية، ربما لا تقتصر على الداخل، وإنما تمتد إلى الخارج أيضا، في ظل رهان الإدارة الأمريكية الحالية على قدرتها على إعادة حشد الحلفاء خلفها، لتحقيق أهدافها الدولية، وخاصة ما يسمى بـ «المعسكر الغربي»، والذى كان منطلقا للقيادة الأمريكية للعالم، سواء في مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية، إثر صعود واشنطن كأحد قطبى النظام العالمى مع الاتحاد السوفيتى، أو بعد ذلك بعقود، في أعقاب الحرب الباردة، وانهيار الاتحاد السوفيتى، والذى أسفر عن الهيمنة الأمريكية المطلقة على أساس صفقة تقوم في الأساس على تقديم المزايا التجارية والاقتصادية والأمنية للحلفاء في أوروبا الغربية، مقابل الدوران في فلك واشنطن، وهى الصفقة التي أفسدها ترامب، سواء بفرض التعريفات الجمركية على الواردات القادمة من دول القارة العجوز، أو السياسات التي من شأنها التشكيك في مستقبل التحالف الأمني، والذى يتجسد في حلف الناتو.
 
وبحسب المراقبين، فإنه رغم التصريحات البراقة التي أطلقتها إدارة بايدن، بالعودة إلى العلاقة مع الحلفاء، تبقى العديد من التحديات التي قد تعوقها في المرحلة المقبلة، عن تحقيق هذا الهدف، أبرزها حالة التشكك التي انتابت الحلفاء، تجاه النوايا الأمريكية، ومدى التزام واشنطن بتعهداتها، تجاه الحلفاء، بعد انقلاب ترامب عليها في السنوات الماضية، والذى أسفر عن حالة من الانقسام، سواء فيما يتعلق بالولاء للحليف التاريخى، أو في مختلف المواقف الدولية الأخرى.
 
ويرى المراقبون، أن السياسات الأمريكية في السنوات الماضية، كانت سببا في حالة أشبه بـ «الصدمة» لدى الحلفاء، وخاصة في دول أوروبا الغربية، في ظل حالة الاعتماد الكلى على الحليف الأمريكي، لتجد نفسها، بين ليلة وضحاها، «مجردة» من دعم واشنطن الاقتصادى، بينما تبقى الحماية الأمنية محل شك كبير، في ظل الضغوط التي فرضت عليهم، حول ضرورة دفع التزاماتهم المالية تجاه حلف الناتو، لضمان استمرارها، وهو ما يعنى أن مسألة الحماية لن تستمر كـ «منحة» أمريكية مدى الحياة، وبالتالي يمكن رفعها في أي لحظة في المستقبل.
 
ويوضح المراقبون، أنه هنا وجدت القوى الرئيسية الأوروبية في حاجة إلى بدائل، سواء اقتصادية أو امنية، مع الاحتفاظ بالعلاقة مع واشنطن، في إطار ما يمكن تسميته بسياسة «تنويع التحالفات»، عبر إيجاد شركاء جدد، خاصة فيما يتعلق بالجانب الاقتصادى والتجارى، وهو ما يفسر انغماس دول القارة العجوز، في شراكات اقتصادية، مع قوى دولية، تضعها أمريكا في خانة «الخصوم»، وهو ما يبدو في مشاركة ألمانيا في مشروع «السيل الشمالي» الروسى، للحصول على الغاز، بالإضافة إلى توجه العديد من القوى الأوروبية نحو التعاون مع الصين، لتعويض الفراغ الناجم عن حالة «التخلي» الأمريكي.
 
وبحسب المراقبين، فإنه على الجانب الأمني، ظهرت الحاجة الملحة أمام دول القارة العجوز إلى الاعتماد على نفسها، بعيدا عن «الناتو»، تحسبا لـ «الغدر» الأمريكي المحتمل، وهو ما يبدو في دعوة أطلقها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قبل سنوات، بتأسيس ما أسماه بـ «الجيش الأوروبي الموحد»، حتى يتسنى للقارة الدفاع عن نفسها أمام أي تهديدات محتملة.
 
ويقول المراقبون، إن التوجهات الأوروبية الجديدة، والتي باتت متباعدة عن الرؤى الأمريكية، خلقت خلافات حول كيفية التعامل مع القضايا الدولية، حيث باتت المصلحة الخاصة بكل دولة، هي الحاكم الرئيسى للمواقف التي تتبناها، وهو ما يبدو بجلاء في الاستجابة «الخجولة»، من قبل القارة العجوز، للتوجه الأمريكي، تحت إدارة بايدن، لمعاداة روسيا، في محاولة لإعادة «بوصلة» الخصوم إلى مرحلة «ما قبل ترامب»، عبر مهادنة بكين على حساب موسكو، على خلفية قضية المعارض ألكسندر نافالنى، بينما حرصت على الاستمرار في التعاون معها فيما يتعلق بالمصالح الاقتصادية المشتركة.
 
ويعتقد المراقبون، أن الموقف الأوروبي لا يبدو مختلفا فيما يتعلق بالصين، حيث تبقى القارة العجوز متمسكة بعلاقات معتدلة مع بكين، في ظل صعودها الاقتصادى، والذي يؤهلها لتكون شريكا تجاريا موثوقا به، بالإضافة إلى النجاح الكبير الذي حققته القوى الآسيوية في زيادة شعبيتها بين الشعوب الأوروبية، جراء الدعم الذى قدمته لهم، إبان ذروة تفشي كورونا، في العديد من الدول الأوروبية، لتخلق أبعادا جديدة للتعاون بينهما في السنوات الماضية، أصبحت الصين من خلالها قوى ربما لا يمكن الاستغناء عنها.
 
وبحسب المراقبين، فإن أبرز التحديات التي باتت تواجه الولايات المتحدة، داخل دائرة المعسكر الغربى، هي حالة الانقسام داخل دول القارة، سواء فيما يتعلق بمواقفها من الاتحاد الأوروبى، على غرار الخلاف الناجم عن «بريكست» بين بريطانيا ومحيطها القارى، في ظل رغبة لندن على القيام بدور بارز في قيادة القارة من خارج التكتل القارى، عبر تكتلات أخرى، على غرار الناتو، والذى تسعى الحكومة البريطانية إلى تعزيز نفوذها داخله.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق