العشاء الأخير لإخوان تونس

السبت، 27 مارس 2021 06:00 م
العشاء الأخير لإخوان تونس
حركة النهضة
محمود علي

 

مظاهرات ومسيرات حاشدة ترفع شعار «أسقطوا الإخوان» لإنقاذ تونس

حركة النهضة تعمق التوترات السياسية وتبطش بالمعارضين.. عبير موسى: نريد تحرير البلاد من قبضة "الدواعش"

بات من الطبيعي أن نسمع عن مظاهرات عارمة، اعتصامات متكررة تشهدها الدول التي تشارك فيها جماعة الإخوان بالحكم، ففي تونس لا يزال يحارب الشعب من أجل أن يقضي على بقايا حركة النهضة الذراع السياسي للجماعة المتنفذة داخل المؤسسات السيادية في الدولة التي تقع في شمال أفريقيا.
 
ومن بين أكثر قيادات الجماعة في تونس إثارة للجدل، ويطالب الساسة التونسيين بضرورة إسقاطه هو رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي الذي صعد خلسة إلى رئاسة مجلس النواب التونسي، في وقت يتهمه نواب بالعبث بأمن تونس داخلياً وخارجياً من أجل أن تحقق الجماعة مصالحها فقط، دون النظر إلى تأثير سياستها المشبوهة على الأمن القومي لتونس قبل منطقة الشرق الأوسط. 
 
المشهد يتكرر ذاته، فالشعب التونسي الذي خرج في عام 2013 رافضاً لاستمرار حكم الجماعة وحركتها المتأسلمة على خلفية عدم الاستقرار الأمني وزيادة الاغتيالات والتفجيرات والعمليات الإرهابية وبروز لغة التطرف في الشارع التونسي، لا يزال يكافح من أجل أن يسقط بشكل كامل هذه الجماعة وحركتها بعد أن أعادت تمركزها داخل المشهد السياسي مرة أخرى بفضل خداعها ومواربتها السياسية.
 
تطورات المشهد التونسي في الآونة الأخيرة وما ترتب على ذلك من توترات سياسية في الشهور الماضية، ارتبطت بشكل كبير بصعود جماعة الإخوان مرة أخرى على رأس أحد السلطات الثلاثة في البلاد، وهى السلطة التشريعية؛ عندما استغلت الجماعة نفوذها داخل البرلمان ليتم اختيار رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي رئيسا له، ورغم صعود الأخير إلى هذا المنصب منذ نحو عام ونصف إلا أن هناك حالة من الرفض واسعة تنتاب الشارع التونسي تطالب بمغادرته المنصب على خلفية إدراكهم بما قد يحدث مرة أخرى نتيجة ذلك على الصعيد الداخلي من أزمات اقتصادية وعمليات اغتيال وفوضى أمنية وتغلغل المتطرفين في الهيئات ومؤسسات الدولة.
 
ومؤخراً لاقت دعوات النواب التونسيين لقطع رؤوس الجماعة وإيقاف توغلها في الحياة السياسية التونسية، ترحيبا واسعًا من الحركات السياسية المتأصلة في المشهد التونسي.
 
كان على رأس هؤلاء النواب الذين تحركوا من أجل كشف مشروع هذه الجماعة في تونس، رئيسة الحزب الدستوري الحر في تونس عبير موسى، التي وجهت رسالة مؤخرا إلى الشعب قائلة:" نحن نريد تحرير البلاد من قبضة جماعة الإخوان وقبضة الإرهاب وجميع "الدواعش".
 
وبالتزامن مع عيد الاستقلال التونسى، 20 مارس، قاد حزب الدستوري الحر الاجتماعي مسيرات حاشدة في الشوارع التونسية الأسبوع الماضي، للمطالبة بإسقاط حركة النهضة، ورئيسها راشد الغنوشي، متنوعة الهتافات التي نادى بها المتظاهرون بين ضرورة إسقاط رئيس مجلس النواب التونسي وبين أخرى تطالب الدولة وأجهزتها الرقابية بالتحقيق في جرائم الجماعة خلال السنوات الماضية.
 
ونظم حزب الدستوري الحر مؤتمراً جماهيريًا عقب المسيرة، قالت موسى خلاله إن رسالتها الموجهة للشعب والإعلام والشرفاء أن يرفضوا الإرهاب والإخوان، متابعة: "نطالب بتحرير بلادنا من الإخوان وقبضة الإرهاب".
 
وبفضل المناوشات والتعليقات التي تفرضها عبير موسى داخل جلسات البرلمان، وإحراجها رئيس البرلمان راشد الغنوشي في أكثر من جلسة بسبب سياساته المريبة الداخلية والخارجية، عاد الحزب الدستوري الحر برئاسة موسى إلى صدارة المشهد السياسي في تونس من جديد (17 مقعدا برلمانيا)، فضلا عن ذلك يقود الحزب بين وقتا وآخر عددا من الاعتصامات داخل البرلمان لرفضه استمرار الغنوشي على رأس السلطة التشريعية.
 
ودافعت النائبة التونسية عن تحركاتها في البرلمان والشارع التونسي، ووصفت نضالها بأنه "على حق وحرص لتطبيق القانون"، مشيرة أنها لا تقابل عنف الإخوان بالعنف بل بالقانون رغم محاولات التشويه التي واجهتها من شخصيات معروف توجهها خلال الفترة الأخيرة، مضيفة أنها ستواصل هي وحزبها المشوار لتحرير البلاد من إرهاب الإخوان.
 
ويحاول الغنوشي مستغلاً سلطته أن يقوض عمل رئيسة الحزب الدستوري الحر وتحركاتها، ففي موقف أثار جدلا واسعًا، منع موظفو البرلمان النائبة عبير موسى من دخول المجلس، بعد قرار كتابي من الغنوشي، وهو ما نددت به القوى المعارضة للإخوان وانتقدت تعطيل عمل وأداء النائبة، واعتبرته عملية ممنهجة لإقصاء الحزب التونسي، متهمة الغنوشي بتسييس إدارة مجلس النواب التونسي لصالحه.
 
ولم تكن تحركات الغنوشي لتقويض عمل المعارضة في تونس، سوى حلقة من سلسلة أرادت من خلالها الجماعة توجيه اغتيالات معنوية لمواجهة سحب الثقة من رئيس مجلس النواب.
 
وبدأت تتكشف معالم هذه التحركات مؤخراً عندما طفى على سطح التونسي ما يعرف بـ "الغرفة المظلمة" وهى عبارة عن نشر تسريبات صوتية ومحادثات بين الشخصيات العامة والقوى السياسية على مواقع التواصل الاجتماعي، أكد باحثون متابعون للملف التونس أنها أحدى أساليب الجماعة للتغطية على تحركات المعارضة لجمع توقعات سحب الثقة الغنوشي.
 
وتواصل القوى السياسية في تونس، دعواتها لسحب الثقة من رئيس البرلمان التونسي راشد الغنوشي، مشيرة إلى أنه يستغل منصبه لتمرير قوانين تخدم جماعته، المتهمة بتخريب وتدمير البلاد وكانت قد دعا برلمانيون في الشهور الماضية إلى تصنيفها "جماعة إرهابية" قبل أن يتدخل الغنوشي ويوقف التحركات الساعية لهذا الأمر، وهو ما رأه مراقبون دليل واضح على ارتباطه وحركته بالتنظيم الدولي للجماعة وتورطه في انتشار التطرف بالبلاد منذ 2011.
 
ويرى مراقبون أن عدم الاستقرار السياسي الذي تشهده تونس جراء سياسات الإخوان، لم يكن السبب الوحيد لبدء حقبة جديدة من الاحتجاجات الرافضة للجماعة واستمرارها داخل المؤسسات السيادية في تونس، بل أن هناك أسباب أخرى تتعلق بإغراق الجماعة البلاد في ديون خارجية بسبب سياتها الفاشلة وانتمائتها الخارجية التي تضر البلاد أكثر ما تفيدها.
 
من جانبه قال النائب التونسي المعارض منجي الرحوي إن حركة النهضة وزعيمها راشد الغنوشى يمثلون رأس منظومة الفساد في تونس، مؤكدا على إصرار القوى السياسية على الإطاحة به من رئاسة مجلس النواب، قائلا: "إن عريضة من التوقيعات قدمت في مجلس النواب التونسي لإزاحة راشد الغنوشى تسير بثبات كبير كما ينبغي.
 
وأضاف الرحوي أن هدف النواب الموقعين على العريضة ليس جمع توقيعات فقط بل الهدف الأهم هو الإطاحة براشد الغنوشى من رئاسة مجلس النواب، مشيراً أن هذه العريضة ليست استعراض سياسى أو شكليات كما يدعي البعض ذلك، مؤكدا أنه لا يوجد خلافات بين القوى المعارضة لجماعة الإخوان والجميع هدفه واضح وصريح هو إسقاط هذه الحركة ورئيسها من رئاسة البرلمان.
 
وفي سياق متصل، وجهت اتهامات عدة لصهر رئيس حركة النهضة رفيق عبد السلام بسبب تدخله في الشأن الخارجي لتونس، على خلفية تقليله مؤخرا من زيارة الرئيس التونسي قيس سعيد إلى ليبيا، ما أدى إلى غضب التونسيين، حيث قال في منشور له على حسابه بموقع التواصل الاجتماعي: " بأن الرئيس التونسي وضع نفسه في الموضع الخطأ في الملف الليبي وبنى حلا يقوم على القبلية".
 
وأعادت تغريدة عبد السلام الذي كان يشغل منصب وزير الخارجية في حكومة "الترويكا" التابعة لجماعة الإخوان قبل سنوات في تونس، الحديث عن تدخل جماعة الإخوان في الشؤون الخارجية لتونس، رغم أنه من المعروف أن السياسة الخارجية للدولة التونسية يحددها ويقرها الرئيس التونسي بموجب الدستور.
 
ومن وقت لآخر تتدخل حركة النهضة ورئيسها الغنوشي بشكل استفزازاي في الملف الخارجي، مصرون على رسم سياسة تونس الخارجية وبالأخص تجاه الملف الليبي بعيداً عن الرئاسة، وهو ما دفع الرئيس التونسي في أكثر من مناسبة إلى إصدار بيانات تشير بوضوح إلى عدم أحقية جماعة الإخوان في التدخل بالسياسة الخارجية، وأنه هو من له الحق الأصيل في ذلك.
 
ولم يقف الأمر على الرد الشعبي على حديث صهر الغنوشي، والذي جاء ساخراً في أغلب تعليقاته، بل أن هناك مسؤولون وساسة علقوا على الأمر حيث قال الناطق الرسمي السابق باسم وزارة الداخلية التونسية وليد اللوقيني في رده على وزير خارجية الإخوان الأسبق: "ربما يعتقد هذا السياسي أنها مباراة كرة قدم لا يشجع فيها منتخب بلاده حتى تتحقق مصالح حزبه".

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق