سد النهضة.. خيارات المواجهة كلها مفتوحة

السبت، 10 أبريل 2021 10:00 م
سد النهضة.. خيارات المواجهة كلها مفتوحة
سد النهضة
هشام السروجي

تنسيق مصرى سودانى لمواجهة التعنت الإثيوبى فى مفاوضات سد النهضة
التوجه لمجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة بعد فشل مفاوضات كينشاسا
المطلوب: استئناف المفاوضات بقيادة الرئيس الكونغولى وبمشاركة المراقبين وفق جدول زمنى محدد للتوصل لاتفاق عادل ومتوازن وملزم قانونا حول السد 
رسائل القاهرة والخرطوم لأديس ابابا: 
سنواجه أى ضرر مائى.. ونقدر التنمية بشرط عدم المساس بمصالح الدولتين
«النيل من عند ربنا واللى عمله ربنا مش هيغيره البشر»
 
حددت مصر والسودان، مسار التحرك الثنائى لمواجهة التعنت الإثيوبى فى مفاوضات سد النهضة، بعدما انتهت جولة المفاوضات التى عقدت فى كينشاسا الثلاثاء الماضى والتى استمرت يومين، دون أن تحقق تقدما، فلم تسفر المفاوضات التى رعتها الكونغو الديمقراطية، رئيسة الاتحاد الأفريقى، وبمشاركة وزراء خارجية ورى الدول الثلاث، مصر والسودان وإثيوبيا، عن أى اتفاق حول إعادة إطلاق المفاوضات، بعدما رفضت إثيوبيا المقترح الذى قدمه السودان وأيدته مصر، بتشكيل «رباعية دولية» تقودها جمهورية الكونغو الديمقراطية التى ترأس الاتحاد الأفريقى للتوسط بين الدول الثلاث، ورفضت إثيوبيا كذلك خلال الاجتماع كل المقترحات والبدائل الأخرى التى طرحتها مصر وأيدته السودان، من أجل تطوير العملية التفاوضية لتمكين الدول والأطراف المشاركة فى المفاوضات كمراقبين من الانخراط بنشاط فى المباحثات والمشاركة فى تسيير المفاوضات، وطرح حلول للقضايا الفنية والقانونية الخلافية.
 
واتفقت الدولتان على اتخاذ إجراءات لإحاطة المنظمات الدولية والشركاء الدوليين بكل هذه المواقف من خلال جولات المفاوضات العديدة، وخاصة الجولة التى انتهت، لتأكيد المخاطر التى أصبحت تحوم حول منطقة القرن الأفريقى وشرق إفريقيا.
 
وأكدت وزارة الخارجية المصرية فى بيان لها، أن إثيوبيا رفضت مقترحا مصريا تم تقديمه خلال الجلسة الختامية للاجتماع الوزارى ودعمه السودان بهدف استئناف المفاوضات بقيادة الرئيس الكونغولى وبمشاركة المراقبين وفق الآلية التفاوضية القائمة، وهو ما يثبت بما لا يدع مجالا للشك لقدر المرونة والمسؤولية التى تحلى بها كل من مصر والسودان، ويؤكد على رغبتهما الجادة فى التوصل إلى اتفاق حول سد النهضة، إلا أن إثيوبيا رفضت هذا الطرح، ما أدى إلى فشل الاجتماع فى التوصل لتوافق حول إعادة إطلاق المفاوضات، وشددت «الخارجية» على أن هذا الموقف يكشف مجددا عن غياب الإرادة السياسية لدى إثيوبيا للتفاوض بحسن نية وسعيها للمماطلة والتسويف من خلال الاكتفاء بآلية تفاوضية شكلية وغير مجدية، وهو نهج مؤسف يعيه المفاوض المصرى جيدا ولا ينطلى عليه.
 
وأكدت «الخارجية» أن مصر شاركت فى المفاوضات التى جرت فى كينشاسا من أجل إطلاق مفاوضات تجرى تحت قيادة جمهورية الكونغو الديمقراطية، وفق جدول زمنى محدد للتوصل لاتفاق عادل ومتوازن وملزم قانونا حول سد النهضة، إلا أن الجانب الإثيوبى تعنت ورفض العودة للمفاوضات، وهو موقف معيق وسيؤدى إلى تعقيد أزمة سد النهضة، وزيادة الاحتقان فى المنطقة، لافتة إلى تأكيد وزير الخارجية سامح شكرى، خلال الاجتماعات عن تقدير مصر للجهد الذى بذله الرئيس فيليكس تشيسكيدى فى هذا المسار، وعن استعداد مصر لمعاونته ودعمه فى مساعيه الرامية لإيجاد حل لقضية سد النهضة بالشكل الذى يراعى مصالح الدول الثلاث، ويعزز من الاستقرار فى المنطقة.
 
وفى رسائل واضحة، أكد الرئيس عبدالفتاح السيسى، الأربعاء الماضى، خلال افتتاح مجمع إصدار الوثائق المؤمنة والذكية، بالعاصمة الإدارية الجديدة، طالب الرئيس من إثيوبيا بضرورة التعاون فى ملف سد النهضة، قائلا: «التعاون أفضل، ونجرى مع بعضنا للتنمية.. أنا لمست خلال السنوات الماضية فى الأشقاء بأثيوبيا الشعور بعدم الراحة، أنا باتكلم عن الرأى العام.. طب ليه؟.. احنا كلنا مع بعض، ولازم نتعاون مع بعض فى مفاوضات سد النهضة والقضية عادلة».
وقال الرئيس السيسى موجها حديثه للمصريين: «القلق بتاعكم مستحق ومشروع .. لكن يا ترى كل واحد قلقان على الميه حريص على الميه؟! أنا قلقت على الميه من 2011، مابقتش ارتاح ولا اقدر أطمن من 2011 تحديدا من 25 يناير عرفت إن هيبقى عندنا مشكلة كبيرة قوى».
 
وأضاف الرئيس السيسى: «نهر النيل ده موضوع ربنا سبحانه وتعالى هو اللى بيعمله، ومجرى المياه من عند ربنا.. وإنها توصل إلى مصر من عند ربنا.. ومصر لو كانت على ارتفاع ماكانتش المياه هتدخلها.. واللى عمله ربنا مش هيغيره البشر».
 
وأكد الرئيس عبدالفتاح السيسى، أنه سيظل يستخدم لفظ «الأشقاء» خلال حديثه عن أثيوبيا، متابعا: «كلنا متابعين .. ولسه هقول الأشقاء.. رد الفعل بتاع الأشقاء وتعنتهم فى مفاوضات سد النهضة.. لازم نتعلم من التحديات والمشاكل وشوفنا حجم تكلفة المواجهة.. أرجو أن كلنا فى المنطقة يدرك حجم المواجهة.. هو انتوا مش شوفتوا مواجهة زى 62.. ومواجهة زى 67.. ومواجهة الأشقاء فى العراق وغيره وغيره.. التعاون والاتفاق أفضل كتير من أى حاجة».
 
وأضاف الرئيس السيسى: «نواصل التنسيق الكامل فى السودان.. ونؤكد للعالم عدالة القضية فى إطار القانون الدولى.. والأعراف الدولية ذات الصلة بحركة المياه عبر الأنهار الدولية.. والتحرك أكثر والتنسيق أكثر.. والأشقاء فى الدول العربية الأفريقية يتم إطلاعهم على الأمر»، مشددا على أن موقف الدولة المصرية من مشروع سد النهضة كان موقفا مشرفا، واحترمنا رغبة الشعوب فى أن يكون لها شكل من أشكال التنمية.
 
وأكمل: «أنا قلت فى مصر نقدر التنمية، بشرط أنه لا يمس مصالح مصر.. وكلامنا لم يتغير.. مش قُلنا كلام وتراجعنا عنه.. من فضلكم.. نفس الكلام لم يتغير، وقلت الكلام ده أمام البرلمان فى إثيوبيا.. أنا لم أغير كلامى فى احترام التنمية فى إثيوبيا لتحسين أحوال شعوبهم.. فى إطار أن هذا الأمر لا يمس بمصالح مصر.. وهذا الكلام واضح». 
 
ودعا الرئيس عبدالفتاح السيسى، المواطنين بالحفاظ على كل نقطة مياه، قائلا: «اللى حصل فى 2011.. كان أول مدخل لتحدى المياه.. طب وبعدين.. أرمى مخلفات فى ترعة سواء كانت مبطنة أو غير مبطنة.. مش بتقول إنك بتحبها وتخاف عليها.. أنت تقدر تحافظ على المياه لوحدك.. ولو كل واحد عمل كده هنقدر نحافظ على المياه.. لازم نخلى بالنا من كل نقطة مياه موجودة عندنا».
 
ووجه الرئيس عبد الفتاح السيسى، رسالة للإثيوبيين قائلا: «بلاش مرحلة أنك تمس نقطة مياه من مصر.. الخيارات كلها مفتوحة.. التعاون أفضل».
 
من جانبه، أكد سامح شكرى، وزير الخارجية، أن مسار كينشاسا كان كاشفا لمدى تعنت الجانب الإثيوبى ومحاولته للتنصل من الولاية الخاصة باستهلاك المفاوضات، وأن مصر والسودان قدما الكثير من المرونة فى المفاوضات، لكن الجانب الإثيوبى كان منهجه متمثلا فى إعاقة كل جهد أو إضافة داعمة لرئاسة الاتحاد الأفريقى المتمثل فى الكونغو الديمقراطية، والوصول لاتفاق بمعاونة الشركاء والمراقبين الدوليين محل ثقة، وقال: «كان أمرا مستغربا أن يكون هناك امتناع عن إصدار البيان، وهو ما يعد تراجعا وتنصلا من الولاية التى أقرها الاتحاد الأفريقى بهذا الشأن».
 
وأشار «شكرى» إلى التنسيق المصرى السودانى، وقال «سنتخذ إجراءات لإحاطة المنظمات الدولية والشركاء الدوليين بكل هذه المواقف من خلال جولات المفاوضات العديدة، خاصة الجولة التى انتهت، لتأكيد المخاطر التى أصبحت تحوم حول منطقة القرن الأفريقى وشرق إفريقيا، نظرا لتلك السياسيات غير الساعية لتحقيق إطار تعاونى والالتزام بقواعد القانون الدولى فيما يتعلق بالأنهار العابرة للحدود».
 
وقال «شكرى»، إنه سيتم التوجه إلى المؤسسات الدولية: «مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة»، لإطلاعها على تطورات الأخيرة لمحادثات كينشاسا حول سد النهضة، وقال: «نحن مع السودان فى تنسيق كامل ووحدة للموقف وسوف نبدأ فى التوجه إلى المؤسسات الدولية والأطراف الدولية لإطلاعها على هذه التطورات والاضطلاع بمسئوليتها»، مضيفا: «لابد أن تكون هذه المؤسسات مطلعة وفاعلة فى هذه القضية، منعا لأى انزلاق نحو أى توتر وتأثيرات سلبية على المنطقة».
 
ودعا «شكرى» الأطرف الدولية للتفاعل والاهتمام بهذه القضية، لأنها تمس مصلحة الحفاظ على السلم والأمن الدوليين، مشيرا إلى ضرورة البحث عن مخرج مع الأخذ فى الاعتبار أن مصر والسودان أبدتا قدرا ضخما من المرونة بشكل يستقطب الجانب الإثيوبى، ورغم ذلك استمرت إثيوبيا فى الرفض وإفشال المساعى الأفريقية.
 
وأكد وزير الخارجية، لم نتلق أى إخطار من الاتحاد الإفريقى حول مفاوضات جديدة بشأن السد النهضة، مشيرا إلى أن البيان الإثيوبى حول مفاوضات الكونغو بشأن السد لا يمت للحقيقة بصلة، مشيرا إلى أن إثيوبيا رفضت كل المقترحات خلال جولة المفاوضات حول سد النهضة بالكونغو، مؤكدا أن إثيوبيا تعمل على محاولات المراوغة التى كانت واضحة خلال مفاوضات الكونغو.
 
وأكد سامح شكرى أن مصر ستتحرك إذا لحق بها أى ضرر مائى جراء سد النهضة، مشيرا إلى أن القاهرة لديها سيناريوهات مختلفة لحماية أمنها المائى، مشددا على أن «مصر لن تقبل بأى ضرر مائى يقع على مصر أو السودان»، مشيرا إلى أن الإطار السابق للتفاوض أثبت عقمه، منوها بمحاولة تقديم إطار جديد للتفاوض، مضيفا: «رغم المرونة لدى مصر والسودان إلا أن إثيوبيا أجهضت الجهود».
 
من جانبه، أكد وزير الموارد والرى السودانى، ياسر عباس، أن عدم التوصل إلى اتفاق عادل بشأن سد النهضة يهدد الأمن والسلم الإقليمى، وقال إن السودان أصر على تغيير منهجية التفاوض فى سد النهضة، وأن إثيوبيا اعترضت على مقترحنا بذريعة عدم تقديمه رسميا، مؤكد على أن بلاده تمتلك سيناريوهات عدة للتعامل مع أزمة سد النهضة.
 
وقال عباس: «كل الخيارات مفتوحة أمامنا فيما يتعلق بسد النهضة وفق القانون الدولى، بما فيها العودة لمجلس الأمن والاستعانة بالدول داخل الإقليم وخارجه»، مشيرا إلى أن إثيوبيا رفضت كل المقترحات المصرية والسودانية فى كينشاسا، كما أنها رفضت مقترح السودان بوساطة رباعية، لافتا إلى أن مصر دعمت مقترح السودان بمشاركة مراقبين فى المحادثات.
 
وأكد المسئول السودانى أنه «ليس هناك اتفاق ثنائى مع إثيوبيا دون مصر، وأديس أبابا لم تعرض ذلك»، وقال «لدينا فريق تفاوضى يحدد الخيارات المقبلة للتعامل مع إثيوبيا».

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق