مكاسب «الأسد» في ساحات المعارك تلقي بظلالها على محادثات السلام السورية المقبلة..حرب الوكالة وعدم تنظيم في صفوف المعارضة أدى لتفاقم الازمة..ومحادثات «جينيف» تدعو إلى وقف إطلاق وإجراء انتخابات رئاسية

الثلاثاء، 19 يناير 2016 01:03 م
مكاسب «الأسد» في ساحات المعارك تلقي بظلالها على محادثات السلام السورية المقبلة..حرب الوكالة وعدم تنظيم في صفوف المعارضة أدى لتفاقم الازمة..ومحادثات «جينيف» تدعو إلى وقف إطلاق وإجراء انتخابات رئاسية

تبدو محادثات السلام السورية المقررة الأسبوع المقبل صورية إلى حد كبير، فيما شددت سلسلة من الانتصارات في ساحات المعارك التي أحرزتها القوات الحكومية مؤخرا قبضة الرئيس بشار الأسد على السلطة، وأثارت اضطرابا في صفوف مقاتلي المعارضة.


ثلث الأراضي السورية
يضيف التقدم الذي أحرزته القوات الحكومية إلى العقبات التي تقف أمام احتمالات وضع حد قريبا للحرب الأهلية المستمرة منذ خمس سنوات التي قتل فيها ربع مليون سوري، ونزح نصف السكان، ومكنت تنظيم الدولة الإسلامية المتطرف من الاستيلاء على ثلث الأراضي السورية.

حرب الوكالة على الأرض بين المتنافسين الإقليمين التقليديين إيران والسعودية، والافتقار إلى التنظيم في صفوف المعارضة عقب مقتل قيادي بارز وعدد آخر من القادة المحليين، والمواقف الروسية والأمريكية المتصلبة بشأن مستقبل الأسد، والنزاع حول دعوة أي الجماعات إلى طاولة المفاوضات، أضفت كلها إلى تفاقم الأزمة.



انتفاضة سلمية
يقول فواز جرجس، أستاذ سياسات الشرق الأوسط بكلية لندن للاقتصاد: «لا أعتقد أننا يجب أن نتوقع أي نتائج بارزة، الأسد يؤمن حقا أن الوقت في صالحه، وأنه ينتصر، وأن المعارضة متشرذمة وفي حال سيئة».

محادثات 25 يناير في جنيف معنية بإطلاق عملية سياسية لوضع حد للصراع الذي بدأ في 2011 كانتفاضة سلمية إلى حد كبير ضد حكم الاسد، إلا أنها تصاعدت لتتحول إلى حرب شاملة عقب حملة ملاحقة شرسة من الحكومة، وتدعو الخطة إلى وقف إطلاق النار بالتوازي مع المحادثات، وإلى وضع دستور جديد للبلاد، وإلى إجراء انتخابات في غضون ثمانية عشر شهرا.

تزايدت كثافة القتال منذ تدخل روسيا عسكريا بشن غارات جوية في سبتمبر الماضي، بهدف معلن هو ضرب أهداف لتنظيم الدولة الإسلامية المعروف إعلاميًا بـ«داعش» وغيرها من المتطرفين، إلا أن غاراتها الجوية ساعدت الأسد على التصدي لقوات المعارضة على عدد من الجبهات، وعلى الاستيلاء على عشرات القرى في شمال البلاد وغربها.



أحدث الانتصارات
وفي نوفمبر الماضى، كسرت القوات الحكومية حصارا ممتدا منذ ثلاث سنوات على قاعدة «كويرس» الجوية في محافظة حلب شمال البلاد، وفي ديسمبر استولت على قاعدة جوية أخرى في مرج السلطان، وهو معقل للمعارضة قرب العاصمة دمشق، وساعد حلفاء الأسد، من حزب الله اللبناني ومستشارين عسكريين إيرانيين، وميليشيات موالية للحكومة على استعادة عدة مناطق من محافظة اللاذقية وما حولها، وهي معقل الأقلية العلوية التي ينتمي لها الأسد، والتي تهيمن على الجيش والحكومة.

وتحقق أحدث الانتصارات الأسبوع الماضي بالاستيلاء على بلدة «سلمى»، فيما مثل واحدا من أهم إنجازات الحكومة منذ بدء الحملة الجوية الروسية. وتطل «سلمى» على الساحل ولا تبعد سوى 12 كيلومترا عن الحدود مع تركيا، وهي داعم رئيسي للمعارضة في المنطقة.

وقال جرجس «الجيش السوري تحول من أسلوب دفاعي إلى هجومي، كان الجيش ينزف قبل التدخل الروسي وكان يحاول يائسًا الحفاظ على موقعه، لكنه الآن حقق مكاسب تكتيكية كبيرة على جبهات عدة».



تقديم تنازلات
وأضاف جرجس، أن هذا لا يبشر بالخير لمحادثات فيينا، إذ أن لن يكون لأي من الجانبين رغبة في تقديم تنازلات في وقت تشهد فيه الخطوط الأمامية حالة تغير مستمر.

وأوضح مسؤولو دمشق في الآونة الأخيرة أن مستقبل سوريا ستحدده ميادين القتال وكرروا القول أن قوات المعارضة التي يشيرون إليها «بالإرهابيين» يجب ألا يتوقعوا أن يجنوا أي شيء من المحادثات لم يمكنوا من الظفر به على الأرض.



اللاعبين الرئيسين
ومن ناحية أخرى، تتدهور العلاقات بين اللاعبين الرئيسين اللذين يدعم كل منهما طرفا مختلفا من طرفي الصراع «السعودية وإيران»، فإعدام المملكة في وقت سابق هذا الشهر لرجل دين شيعي دأب على انتقاد الأسرة الحاكمة أدى إلى توجيه طهران اتهامات للسعودية، وهاجم محتجون بعثتين دبلوماسيتين سعوديتين في إيران، مما دفع الرياض إلى قطع العلاقات الدبلوماسية.

وقوض هذا التصعيد الآمال التي نشأت في الأمم المتحدة في ديسمبر الماضى، عندما رسم قرار «خارطة طريق» من المنتظر أن تبدأ بمحادثات جنيف.

والسعوديون والإيرانيون منخرطون بالفعل في مواجهة باليمن، حيث تقاتل المملكة المقاتلين الشيعة المدعومين من طهران، وتساور الرياض شكوك كبيرة إزاء الاتفاق النووي مع إيران وتهشى من مليارات الدولارات التي ستملأ خزائن طهران بعد رفع العقوبات الدولية.



إجراءات بناء الثقة
وقال شادي حميد، الباحث الكبير في مركز معهد بروكينغز لسياسات الشرق الأوسط: «السعوديون في مزاج يقوم على المواجهة بدرجة كبيرة وهذا ليس فيما يتعلق بسوريا فحسب ولكن في اليمن أيضا».

وفي حين أن فصائل المعارضة السورية خارج البلاد تقول إنها تأمل في رؤية بعض إجراءات بناء الثقة من جانب الأسد قبل محادثات جنيف، قالت عشرات الجماعات المسلحة داخل سوريا الأسبوع الماضي إنها لن تحضر ما لم يسمح النظام بوصول إمدادات الإغاثة الإنسانية إلى كل المناطق المحاصرة ويفرج عن السجناء.



تحقيق أكبر المكاسب
وقال زكريا أحمد، وهو متحدث باسم فصيل معتدل من المعارضة يعمل قرب الحدود التركية: «النظام يحاول تحقيق أكبر المكاسب الممكنة على الأرض قبل بدء المحادثات التي ستكون جوفاء».

ولا يزال من غير الواضح ما إذا كانت الجماعات المسلحة المعارضة ستدعى إلى المحادثات، فروسيا وسوريا تريدان منع العديد من الجماعات الإسلامية المعتدلة المدعومة من السعودية التي تصر على إعطاء تلك الجماعات مكانا على الطاولة.



انتخابات رئاسية
ومن ناحية أخرى، يسود خلاف بين أكبر طرفين دوليين «الولايات المتحدة وروسيا» على القضية الأساسية المتعلقة بما إذا كان ينبغي بقاء الأسد والترشح في انتخابات رئاسية أو ما إذا كان عليه أن يتنحى في إطار عملية انتقال سياسي، ويصر السعوديون وكثير من الدول الغربية على ضرورة رحيله، في حين تقول إيران وروسيا إن مصيره يجب أن تحدده الانتخابات.

وقال رامي خوري، من معهد عصام فارس للسياسة العامة والشؤون الدولية بالجامعة الأمريكية في بيروت: «ما دام السؤال الأساسي المتعلق بمصير الأسد لم يحل فلن تكون هناك انتخابات - هذه قضية رئيسية».

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق