«ولا في الخيال».. قائمة منقولات زوجية محتواها: «من يؤتمن على العرض لايسأل عن المال»

الخميس، 03 يونيو 2021 03:00 م
«ولا في الخيال».. قائمة منقولات زوجية محتواها: «من يؤتمن على العرض لايسأل عن المال»
أرشيفية
إبراهيم الديب

«من يؤتمن على العرض لا يُسأل عن المال.. اتق الله في كريمتنا».. بتلك الكلمات وقع أب على قائمة المنقولات الزوجية الخاصة بنجلته، وتسليمها للزوج كرسالة واضحة بوجوب الحفاظ عليها والتعامل معها بإحسان وكرم وأخلاق الشريعة الإسلامية، دون النظر إلى أي عوامل أخرى يراها البعض سلاحا لحماية الفتيات من أزواجهن.

صورة قائمة المنقولات الزوجية تم تداولها على نطاق واسع بمواقع التواصل الاجتماعي، محدثة ضجة كبيرة عبر صفحات «فيس بوك»، مابين مؤيد لموقف الأب داعما له، ومعارض يراه فرط في الحفاظ على حقوق ابنته.

القائمة
 

الفريق الأول يرى أن الأب صاحب تلك الواقعة، تمكن من تطويق رقبة زوج ابنته بجميل لن ينساه طوال حياته، ورفع من شأن نجلته وخلق حالة من الود والاحترام بينهما وبين زوجها، بالإضافة إلى تحميله مسؤولية الحفاظ عليها ومعاملتها بالحسنى، كرما منه ووفاء لفعلة والدها، وليس خوفا من أي عوامل خارجية أخرى، بينما يرى البعض الأخر أن الأب لم يقم بما عليه من واجب حمايه ابنته إذا ماتغير الزوج ناحيتها، وأساء معاملتها.

الصورة التي انتشرت كالنار في الهشيم، وأثارت ردود أفعال واسعة بين رواد مواقع التواصل الاجتماعي، أعادت فتح جُرح المبالغة في تكاليف الزواج في السنوات الأخيرة الماضية، وماتشهده قائمة المنقولات الزوجية من ألاعيب تضعها كالسيف على رقبة الزوج، وتخضعه لأهواء زوجته، ومعاقبته بالقانون حال وجود اختلاف بينهما.

وتعد قائمة المنقولات الزوجية، واحدة من أهم مراسم الزواج في المجتمع المصري، حتى أنها وصلت إلى حد إيقاف مراسم الزواج وإنهائه في اللحظات الأخيرة والتسبب في العديد من الأزمات والمشكلات، حال اختلاف طرفي العقد على محتوياتها.

كما أن قائمة المنقولات الزوجية بمثابة عقد من عقود الأمانة، التي نص عليها قانون العقوبات، لأجل ذلك وجب على الزوج أن يقر بأنه استلم القائمة الزوجية على سبيل الأمانة، وأنه ملتزم بشكل صريح بردها متي طلب منه ذلك، ويتم توضيح وحصر تلك المنقولات وتزيل بتوقيع الزوج، كما أنها أصبحت واحدة من أسباب اكتظاظ محاكم الأسرة في مصر بالدعاوى المتعلقة بها سواء من ناحية التبديد أو الاسترداد من قبل الزوجة، وتصل عقوبات أحكامها بحق الزوج إلى الحبس.

وعرفا، فإن قائمة المنقولات الزوجية عبارة عن عقد يضمن حقوق الزوجة فيما يخص محتويات مسكن الزوجية، من أمتعة وأثاث وتجهيزات، إلا أنه ومع الوقت أصبحت سلاحا يشهره كلا الزوجين في وجع الأخر حال وقوع الخلافات بينهما، خاصة من ناحية الزوجة إذا ما ارادات التنكيل بالزوج واستغلاله عقب انفصالهما.

ومن الناحية الشرعية، أوضح الشيخ محمد وسام، أمين الفتوى بدار الإفتاء، أنها تصبح من حق الزوجة في حال وقوع الطلاق من قبل الزوج، أو بناء على طلب الزوجة بسبب وقوع الضرر؛ أما في حال كان الطلاق من ناحية الزوجة ولا يوجد له أي سبب بوقوع ضررٍ عليها؛ فلا تستحق منها شيئا، لافتًا إلى أن الحكم في ذلك يرجع إلى العُرف.

من جانبه، أوضح الشيخ عويضة عثمان، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، حرمة إجبار الزوجة على التنازل عن قائمة منقولاتها عند الطلاق، مستدلًا بالآية الكريمة (وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ).

كما أوضح الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، أن مشاكل قائمة المنقولات الزوجية من القضايا التي تكتظ بها محاكم الأسرة، حيث تُعرف من الناحية القانونية بأنها إقرار صادر من الزوج إلى الزوجة في ورقة مذيلة بتوقيع الزوج بأنه تسلم منقولات الزوجية، وشيرا إلى أن القانون المصري تطرق بشكل مباشر إلى جريمة تبديد منقولات الزوجية والتي تتمثل في قيام الزوج بسلب المنقولات التي في حيازته والمسلمة إليه من قبل الزوجة على سبيل الأمانة، على نحو تفقد به الزوجة استردادها أو يضعف الأمل في استردادها، قائلا: «من المكائد أنه إذا حدث شقاق بين الزوجين يفاجيء باستدعاء من قسم الشرطة بتهمة خيانة الأمانة»، متابعا: قانون تبديد المنقولات أصبح سيفًا على رقبة الزوج.

وبالعودة إلى أصل هذا العرف، الذي اتخذه القانون المصري أيضاً واحداً من مسلمات الزواج فسن له قوانين يعاقب وفق نصوصها الزوج حال تبديد قائمة المنقولات، نجد أن أصل الحكاية من أطرف الكواليس وراء أعراف الزواج المصري، فجذورها المرأة المصرية اليهودية، حيث تم العثور داخل «دار الجنيزة» التابعة للمعبد اليهودي في القاهرة نسخة ما زالت محفوظة لأقدم قائمة زواج كُتبت في مصر منذ نحو 850 سنة تقريبا يرجع تاريخها إلى عام 1160 ميلادية، وتتضمن نفس مواصفات قائمة الزواج الحالية في مصر، موثقة لكل شيء في مسكن الزوجية، ويرجع ظهورها إلى القرن الثاني عشر من تاريخ مصر، حيث انتشرت في ذلك الحين ثقافة تعدد الزوجات التي يسمح بها الدين الإسلامي، وتزامن مع ذلك انتشار زواج المصريين المسلمين من البنات اليهوديات، حيث استقر اليهود في مصر واندمجوا في المجتمع، لكن، هنا كان الرجل المصري يجمع في الزواج بموجب قاعدة التعدد في الإسلام بين الأنثى اليهودية والمسلمة، إذ يحل له ذلك، بينما لم يكن هذا في عرف المرأة اليهودية، فاعتبرته يهدد زواجها بسهولة طلاقها إن رفضت التعدد، خصوصاً مع ميل الزوج إلى الإنجاب من زوجته المسلمة.

ويظل التساؤل حائرا.. هل قائمة المنقولات الزوجية ضمانا لحق الزوجة، أم سببا في إهدار حق الزوج وعرقلة الزواج؟

في هذا الصدد أوضحت الدكتورة أميرة حبارير، استشارى العلاقات الزوجية، أن القائمة من العادات المتوارثة لإثبات حق الزوجة لكن فى المقابل ليست هى المنقذ للحياة الزوجية فمن السهل إثبات أن المنقولات تم استهلاكها واستبدالها بمنقولات غير صالحة بل استهلكت كليا، موضحة أن الإصرار على قائمة منقولات وكتابتها بطريقة مبالغ فيها فى غير مصلحة الفتاة فهى تبعد الكثير من الشباب عن فكرة الارتباط ولا تمنع الطلاق فى حالة استحالة العشرة بين الزوجين.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة