طلال رسلان يكتب: ثورة 30 يونيو.. مصر من الظلام إلى النور

السبت، 03 يوليو 2021 08:00 م
طلال رسلان يكتب: ثورة 30 يونيو.. مصر من الظلام إلى النور

لم يتخيل أكثر المتفائلين بالأحداث وقت ثورة الملايين من الشعب على حكم جماعة الإخوان أن تصل بمصر الحال على ما هي عليه الآن، من استقرار أمني، وخلاص من الإرهاب وجماعات الشر، واقتصاد قوي بمشروعات عملاقة في البنية التحتية، واكتفاء من الكهرباء والطاقة، ومشروعات ومبادرات ضخمة لتحسين القرى الأكثر احتياجا، مع تغيير جذري في المستشفيات العامة وأولوية كبرى لصحة المواطن ثم تطوير التعليم.
 
في 30 يونيو 2013، كان أكثر آمال الشعب وقتها هو الخلاص من حكم مكتب إرشاد الجماعة، وإنقاذ مصر من طريق حكم الجماعات المتطرفة، وميليشيات الإسلام السياسي، ومصير محتوم بحذافيره في سوريا والعراق ودول الجوار، كان أي حديث عن التنمية وإنقاذ الاقتصاد درب من الخيال وأمل مع إيقاف التنفيذ، ومستحيل عند الكارهين والطامعين.
 
بعد عامين، كان الأمل الأكبر لكل مصري، الخلاص من جماعات الإرهاب المسلح، وإيقاف خطر استهداف مصر بالتفجيرات في كل الربوع، وثورة أمنية على منابع دعم الإرهاب وتمويله، وإعادة لافتات «ادخلوها بسلام آمنين».
 
لكن بخطوات جادة ووعود محققة في كافة المجالات، وصلت الدولة المصرية إلى قطع دابر الإرهاب، وتجفيف منابعه، والوصول إلى الاستقرار والاكتفاء، بعد 8 سنوات معجزة لا تقل عن تحرك أطياف الشعب وقت يونيو 2013، جراحة كبرى لبلد خرج من ثورتين، ومستهدف بأجندات خارجية وداخلية، واقتصاد مهلهل بالكاد يترنح قبل السقوط، محمل بأعباء الديون الدولية، وانكسار بوصلة الإنتاج محليا، والاعتماد الكلي على استيراد كل شيء وبأي شيء، رسمت الدولة طريقها منذ البداية، استغلت الطاقات المهدرة، استأصلت سرطان الفساد، مسكت بزمام الأمور، سحبت أطراف خيوط الثقة من مؤسسات الاقتصاد العالمية، رسمت خريطة الإنقاذ بالشراكة مع الشعب الذي تحمل فاتورة الإصلاح حتى أول طريق الاستقرار.
 
8 سنوات من الحلم والأمل
 
المعادلة كانت واضحة منذ البداية، واتجاه البوصلة مرسوم في ثماني خطوات من عمر الثورة... حرب على الإرهاب، وشرطة وجيش قويان بتطوير جذري، وإيقاف الفساد، وثورة تنمية، وتصحيح أوضاع الأكثر فقرا، واستئصال سرطان العشوائية، والخلاص من أطواق المساعدات الخارجية، ودبلوماسية خارجية تعود بمصر إلى قيادة المنطقة عربيا وإفريقيا.
 
"سيتوقف التاريخ كثيرًا أمام ثورة 30 يونيو المجيدة، وستظل حية في ذاكرة كل الأجيال، بما رسخته من مبادئ العزة والكرامة والوطنية والحفاظ على هوية مصر الأصيلة من الاختطاف"... كلمات قالها الرئيس عبد الفتاح السيسي، ومن قبلها شهدت المنطقة تغييرات ضخمة منذ بداية مسلسل سقوط الإخوان وتيار الإسلام السياسي على صخرة فشل تجربتهم في مصر، بينما فر عناصر الإخوان إلى الخارج، بعدما أصبحوا جزءا من محور معادٍ لغالبية الدول العربية، إلا أن مصيرهم في النهاية التحجيم بيد مصر النظيفة التي لا تترك ثأرها.
 
خطوة تلو الأخرى نحو الجمهورية الثانية، تخلصت مصر فيها من فاتورة دم باهظة الثمن دفعها مواطنون إبان حكم جماعة الإخوان وحلفائها، جراء أعمال العنف والاشتباكات الدامية التى شهدتها البلاد، ووسط هذه الأعمال كانت مسمارًا في نعش الجماعة التى أزيحت عن الحكم بثورة شعبية، مكتسبات تلك الثورة الشعبية العظيمة التي حافظت على وحدة البلاد وجاءت بقيادة وطنية حكيمة وضعت شعبها نصب أعينها ومصلحة الوطن فوق كل اعتبار، وعبرت بمصر وسط أوضاع إقليمية متردية ومؤامرات خارجية، مستعيدة الأمن والاستقرار والريادة ومحققة قفزة اقتصادية وتقدم في شتى المجالات بما في ذلك استراتيجية التنمية المستدامة الهادفة إلى وضع مصر في مصاف الدولة المتقدمة بالعالم.
 
مكتسبات الثورة
 
"وصلنا إلى بغداد".. تلك هي آخر نقطة شهدها العالم لمصر، إشارة إلى زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي التاريخية للعراق الأحد الماضي، في وقت تعيش فيه المنطقة بل والعالم أوضاعا صعبة من ناحية النزاعات الدولية، وظروف اقتصادية أسوء ما يمكن بسبب فيروس كورونا من ناحية أخرى، يشهد العالم على تجمع سياسي اقتصادي بين مصر والأردن والعراق، تلك أبرز مكتسبات دولة يونيو الرئيس عبد الفتاح السيسي في مشاهد أفريقيا قبل العراق، بدفعة قوية خلال ثماني سنوات في العلاقات المصرية-العربية، والمصرية-الأفريقية، والقوى الكبرى، ودور مصر الرئيسي على المستويين العالمي والإقليمي والمحلي.
 
سبقت مشاهد الرئيس السيسي في المحافل الدولية، كتلة كبرى من المشروعات داخليا، وبناء 20 مدينة جديدة من الجيل الرابع واستحداث أنظمة الري والزراعة وتحديث شبكة الطرق والأنفاق، ومشروع المليون ونصف المليون فدان، والاستزراع السمكي والجلود وغيرها من المشروعات العملاقة، وودعت مصر بلا رجعة مشاهد انقطاع التيار الكهربائي بشكل متكرر، وصولا إلى تصدير الكهرباء للعراق عبر الأردن وكذلك إلى أفريقيا وأوروبا، تزامنا مع بداية قطف ثمار مشروع تنمية قناة السويس.
 
لا شك أن الشعب المصري كان له الفضل الأول في مساندة الدولة المصرية والوقوف إلى جانب القيادة السياسية والإيمان بتحقيق الوعود في مسيرة التنمية الشاملة، وبما تحقق من إنجازات بصورة سريعة ومتميزة، حيث المشروعات القومية العملاقة ومن بينها القضاء على العشوائيات الذي كان يؤرق العديد من الأسر وأبناء الشعب المصري، بجانب الاهتمام بالإسكان وبناء مدن جديدة بكافة أنحاء الوطن، ما ساهم في الحد من أزمة البطالة، ومشاركة الشركات والمهندسين المصريين في تنفيذ تلك المشروعات، إضافة إلى ما تقوم به الدولة من بنية تحتية شاملة شملت مجالات الصرف والمياه والكهرباء والاتصالات والمواصلات والسكك الحديدية.
 
بالطبع لم تكن الثورة للخلاص من الإخوان وإرهابهم فقط، بل كانت ثورة على أوضاع معيشية وحياتية معدمة، فتحولت الأمور إلى الاهتمام بالتعليم بجميع تخصصاته وبالتعليم العالي والجامعات وما حققه هذا المجال من عمليات شراكة مع الجامعات الكبرى بالعالم، فضلًا عن إعطاء أولوية لصحة المواطن المصري وحمايته من الأمراض المزمنة والقضاء على فيروس سي، واستمرار مصر بتخطي تداعيات جائحة كورونا التي يعاني منها العالم، وتصنيع اللقاح الخاص الفيروس والذي يعتبر حائط الصد الأول في مواجهة هذه الأزمة.
 
انتقالا إلى نجاح مصر في تمكين الشباب ونشأة الأحزاب السياسية والتمثيل الحر في مجلس النواب، وعودة مصر لمكانتها السياحية وازدياد أعداد السياح القادمين إلينا مع تعظيم السياحة الثقافية وإنشاء متاحف جديدة، في نهضة شاملة لم تترك مجالا بعد ثورة 30 يونيو.
 
مصر استعادت بعد ثورة يونيو موقعها القيادي بين دول العالم ووضعها الإقليمي والدولي، وشهدت تطورًا كبيرًا في مجالات التسليح واستعادة الهيكلة والتنظيم والتدريب، بإشادات دولية في مجال التصنيع الحربي ومتابعة الرئيس السيسي لهذه الصناعة من منطلق أن الدولة التي لا تحقق اكتفاء ذاتي في غذائها وسلاحها يصعب الحفاظ على أمنها القومي.
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق