ومن المقرر أن تتولي المحكمة العربية للتحكيم تسوية المُنازعات التجارية والاقتصادية والاستثمارية بطريق التحكيم بين المستثمرين والدول، والمنازعات بين دولة وأخرى، والمنازعات بين الأطراف في القطاع الخاص.
والمحكمة العربية للتحكيم هي هيئة عربية مُستقلة قائمة بذاتها لها كافة الامتيازات والحصانات التي تكفل استقلالية القيام بوظائفها، وذلك على نحو يحقق دعم وتعزيز حركة التجارة والاقتصاد والاستثمار بين الدول العربية.
الدكتورة رانيا المشاط
هل هناك فائدة من إنشاء المحكمة العربية للتحكيم على أرض مصر؟
إنشاء المحكمة العربية للتحكيم بعد صدور قرار انضمامها إلى مجلس الوحدة الاقتصادية العربية كهيئة عربية مستقلة، تهدف إلى تسوية المنازعات، فضلا عن تطوير مجالات التحكيم، وتقديم العديد من الخدمات من أبرزها، إنشاء أكاديمية لإعداد وتأهيل المحكمين الدوليين، إنشاء مكتبة شاملة متخصصة في التحكيم، ورفع مستوى التحكيم التجاري الدولي في المنطقة، وإنشاء مركز تدريب لعقد دورات تدريبية في مجال التحكيم والمجالات القانونية والفنية المتخصصةـ وفض وتسوية المنازعات ودياً.
من جانبه قال الخبير القانوني والمحكم الدولى الدكتور محمد الشهير إن هذه الفكرة تمثل نقلة نوعية في ممارسة التحكيم الدولي، حيث كان المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار (ICSID) وهو أحد المؤسسات التابعة للبنك الدولي ينظر كثير من النزاعات القائمة بين المستثمرين والدول العربية أمام، وهو ما كان يولد نفقات هائلة، وصعوبات كثيرة في متابعة إجراءات الدعاوى التحكيمية، وهو ما يعني أن إنشاء المحكمة العربية للتحكيم سيفيد في جذب المستثمرين لإبرام شرط التحكيم لديها، وهو ما يسهل على طرفي العقد ـ مستثمر و بلد ـ عرض قضيتهما بشكل عادل، وفي بيئة مشابهة لبيئة النزاع.
ما هي آلية عمل المحكمة ؟
أكد الخبير القانوني والمحكم الدولى الدكتور محمد الشهير إن إنشاء المحكمة كهيئة مستقلة قائمة بذاتها لها وتتمتع بالامتيازات والحصانات التي تمكنها من القيام بوظائفها، من شأنه أن يطمئن المستثمر والدولة المعنية بأن الالتجاء إلى طريق التحكيم المؤسسي من خلالها سيكون هو الطريق الأمثل لفض النزاع بحيادية واحترافية.
أما ألية عمل المحكمة فمن المنتظر أن تكون دعامة هامة من دعامات ممارسة التحكيم لما ستمارسه المحكمة من أنشطة تدريب وتأهيل للمحكمين، وإنشاء مكتبة تحكيمية متطورة تجاري مستجدات الحياة التجارية، بالإضافة إلى مباشرتها للمنازعات التحكيمية التي ستحال إليها بموجب اتفاق الاطراف، سواء كان الاتفاق ضمن بنود العقد الأصلي، أو كان في مرحلة لاحقة على نشأة النزاع.
هل هناك عائد من وراء أن تكون المحكمة في القاهرة ؟ووفقا للمحكم الدولى، فإن إنشاء المحكمة العربية للتحكيم سيكون بداية لدور هام وحيوي في تنمية التعاون العربي في المجال التجاري والاقتصادي، خاصة وأنها تضم في مجلس أمنائها ومجلس إدارتها صفوة القانونيين أمثال رئيس المحكمة الدستورية العليا المصرية الأسبق ووزير العدل اليمني الأسبق ورئيس مجلس الوزراء الموريتاني الأسبق، كما أن اعتماد مصر كدولة مقر يأتي تتويجاً للجهود الضخمة التي بذلتها القيادة السياسية في إحياء مشروع التكامل الاقتصادي والتجاري بين الدول العربية، ويجعل من الدولة المصرية مركز ثقل ضمن معادلات التكتلات الاقتصادية الإقليمية، ومن ناحية أخرى فإن إنشاء مقر المحكمة في العاصمة المصرية سيكون له أثر إيجابي في تأكيد ريادة مدينة القاهرة كعاصمة تحكيمية تحتضن العديد من مراكز التحكيم ذات الصفة الدولية، وهو ما يؤدي بدوره إلى جذب استثمارات أجنبية دائمة لدولة المقر.
ماهية التحكيم الدولى
في سياق أخر يقول الخبير القانوني والمحامى بالنقض هانى صبرى، إن التحكيم قضاء خاص يُخول هيئة التحكيم سُلطة فصل النزاع بين الأطراف المُتنازعة، وهذه السُلطة مُستمدة من إرادة طرفي النزاع، فالتحكيم في حقيقته ليس اتفاقًا محضًا ولا قضاء محضًا، وإنما هو نظام يمر عبر مراحل متعددة، يلبس في كل منها لباسًا خاصًا وتنحو طابعًا مختلفًا، فهو في أوله اتفاق وفي وسطه إجراء، وفي آخره حكم، وينبغي مراعاة هذه الصور عند تعيين القانون الواجب التطبيق.
الفرق بين التحكيم الوطني والتحكيم الدوليويُضيف "صبرى" أن هناك فروقا جوهرية بين التحكيم الوطنى والدولى، حيث أن التحكيم الوطني هو ما تعلق بنزاع يمس دولة واحدة، وذلك سواء كان النزاع مدنيًا أو تجاريًا، في حين أن التحكيم الدولي يكون فيه أحد أطراف النزاع أجنبيا ويمس أكثر من دولة، ويُمكن لكل من الدول والشركات والأفراد الاتفاق على اللجوء للتحكيم لحل النزاعات الناشبة بين الأطراف المُتنازعة.
ويؤكد الخبير القانوني أن التحكيم الدولي يتمتع بشعبية متزايدة في مجال الأعمال خصوصاً والمجالات الأخرى عموماً، وهناك عدة أسباب تدفع الأطراف المتنازعة لحل منازعاتها الدولية عن طريق التحكيم كالتالى:
1- يمكن أن يحل التحكيم الدولي النزاعات بسرعة أكبر من التقاضي أمام المحاكم التقليدية نظرًا لوجود عدد محدود من الاستئنافات من قرارات التحكيم.
2- يمكن أن يكون التحكيم الدولي أقل تكلفة من الدعاوى القضائية التقليدية.
3- يمكن أن يوفر التحكيم الدولي عدالة أفضل، لأن الكثير من المحاكم المحلية مثقلة بالقضايا، وهو ما لا يتيح دائمًا للقضاة الوقت الكافي لإصدار قرارات قانونية ذات جودة عالية.
4- يمكن للعملاء أن يلعبوا دورًا نشطًا في اختيار محكم خبير في الصناعة في التحكيم الدولي، بدلاً من اختصاصي مثل العديد من قضاة المحاكم المحلية.
5- التحكيم الدولي مرن، وتلعب اطراف النزاع دورًا مهمًا في اختيار الإجراء الأكثر ملاءمة لحل نزاعهم الدولي، اتخاذ قرار بشأن تضمين إجراءات مثل إنتاج المستندات.
6- يمكن أن يكون التحكيم الدولي سريًا، وهو أمر مفيد إذا رغب الطرفان في مواصلة علاقتهما التجارية أو تجنب الدعاية السلبية.
7- التحكيم الدولي محايد، وهذا مهم جدا للمعاملات عبر الحدود، وغيرها من المنافع.
اختلاف جنسية المحكمين عن جنسية الأطراف
1-إذا كان التَحكيم يجري في دولة غير الدولة التي ينتمي إليها أطراف النزاع.
2-إذا كان التَحكيم يجري وفق إجراءات ينظمها قانون أجنبي.
أنواع التحكيم حسب المعيار الجغرافي
هذا المعيار يعتمد على التفرقة بين أنواع التحكيم الدولي والتحكيم الوطني على معيار جغرافي بالنظر إلى مكان التحكيم أو جنسية الخصوم أو القانون الواجب التطبيق، فيكون التَحكيم دوليًا: إذا تم في بلد أجنبي أو إذا كان أحد أطرافه أجنبيًا، أو إذا كان القانون الواجب التطبيق أجنبي أو قواعد إجراءات المحاكمة أجنبية، وهذا المعيار هو الذي أخذت به اتفاقية نيويورك - اتفاقية الاعتراف بقرارات التحكيم الأجنبية - والتي تطبق على أحكام التحكيم الصادرة في دولة غير الدولة التي يطلب منها الاعتراف بحكم التحكيم وتنفيذه على أراضيها.
أنواع التحكيم حسب المعيار الاقتصاديهذا المعيار يعتمد على الطبيعة الاقتصادية لموضوع النزاع، فيكون التحكيم دوليًا إذا تعلق موضوعه بمصالح التجارة الدولية دون أخذ مكان التحكيم أو القانون الواجب التطبيق أو جنسية الخصوم بعين الاعتبار.
مجلس أمناء المحكمةويرأس مجلس أمناء المحكمة المستشار عبد الوهاب عبد الرازق، رئيس المحكمة الدستورية العليا الأسبق ورئيس مجلس الشيوخ المصري، بجانب أربعة نواب هم سيدي محمد ولد بوبكر رئيس الوزراء الأسبق لجمهورية موريتانيا، والقاضي إسماعيل الوزير وزير العدل الأسبق باليمن، والمستشار الدكتور عبد العزيز محمد سالمان، نائب رئيس المحكمة الدستورية العليا في مصر، والمستشار حمدي أبوزيد، نائب رئيس مجلس الدولة وعضو المحكمة الإدارية العليا في مصر.
كما يرأس المحكمة المستشار فاروق سلطان رئيس المحكمة الدستورية العليا الأسبق، ويتولي المستشار مجدي حسين العجاتي، وزير الشئون القانونية بمجلس النواب سابقًا منصب النائب، كما تضم المحكمة في عضوية مجلس الأمناء ومجلس الإدارة نخبة من القامات القضائية والقانونية والشخصيات العامة ورجال الدولة رفيعي المستوي في الدول العربية.