دينا الحسيني تكتب: لماذا تُفضل مصر طريق التفاوض الدبلوماسي في أزمة سد النهضة لأخر لحظة؟

الجمعة، 16 يوليو 2021 08:53 م
دينا الحسيني تكتب: لماذا تُفضل مصر طريق التفاوض الدبلوماسي في أزمة سد النهضة لأخر لحظة؟
سامح شاكر وزير الخارجية - جلسة مجلس الأمن

مصر على مدار تاريخها لم تكن أبداً دولة داعية إلى الحرب، بل كانت دائماً داعية إلى السلام والتنمية، حتى أن الحروب التي خاضتها في العصر الحديث كانت حرب دفاعاً عن النفس والأرض وصداً للعدوان.. من هذا المبدأ تتعامل مصر في جمهوريتها الجديدة مع الجيران، لاسيما دول القارة الإفريقية، وهو الأمر الذي تنطلق منه مصر للتفاوض والتعامل مع أزمة السد الإثيوبي، وهو أيضاَ ما ظهر في الحديث الأخير للرئيس عبد الفتاح السيسي مساء أمس الخميس على هامش المؤتمر الأول لإطلاق المشروع الأول "حياة كريمة"، حيث طالب الرئيس إثيوبيا بالإنخراط في إتفاق قانوني مُلزم داعياً إلى التنمية والسلام بعيداً عن "لُغة" التهديد والوعيد.

مصر تدير أزمة سد النهضة بإحترافية شديدة، وفضلت طرق الأبواب الدبلوماسية و"التفاوض" لأخر نفس، عن أي حلول هوجاء متسرعة إنطلاقاً من شعورها بالمسئولية تجاة أفريقيا، وحتي لا تهدم مصر جهودها التاريخية في إيجاد حلول للقضايا الإفريقية منذ خمسينيات وستينيات القرن الماضي ، فرصيد مصر كبير جداً تجاة القارة السمراء، بداية من محاربة الإستعمار بكافة أشكالة نيابة عن أفريقيا ومساعدة دول أفريقية عدة على الإستقلال والقضاء على الفصل العنصري. 

بعد 30 يونيو حرصت القيادة السياسية في مصر على التقارب مع دول القارة وكانت دولة الجزائر هي أول دولة أفريقية يزورها الرئيس بعد تولية مقاليد الحكم في البلاد، ومن بعدها توالت الزيارات المكوكية لدول أفريقيا كانت أهمها زيارة تاريخية لدولتي أنجولا وتنزانيا التي لم يزورهما رئيس مصري منذ أكثر من 40 عاماً، كما أنه ولأول مره يزور رئيس مصري دولة جيبوتي كانت في مايو الماضي ، مروراً برئاسة مصر للإتحاد الأفريقي وحتي بعد إنتهاء مدة "الرئاسة" لا زالت مصر مهمومة بالمشكلات الأفريقية.

ومن هذا المنطلق دعمت مصر رفع اسم السودان من لائحة الإرهاب وشاركت في مؤتمر "باريس" لدعم التنمية في السودان وإسقاط ديون الخرطوم، فضلاً عن إطلاق مصر أهم المبادرات والمشروعات التنموية التي تربط بين مصر ودول أفريقيا منها الربط الكهربائي والنقل والاستثمار في أفريقيا، وإرسال قوافل في أزمة كورونا.

السجل المصري تجاة إفريقا حقاً  "مُشرف"، فكل ما سبق من جهود وغيره من الأسباب وضعتها الدولة المصرية بعين الإعتبار خلال التفاوض مع إثيوبيا في أزمة سد النهضة وخاصة، بعد 30 يونيو وفي ظل تقوية العلاقات والروابط المصرية الأفريقية التي حرصت عليها القيادة المصرية من خلال مد جسور التواصل، والتي أبت أن يُدون في سجل مصر خوض معارك عسكرية مع دولة إفريقيا، ورغم الضغوط التي تُمارس على مصر من "المتربصين"، من الداخل والخارج، من الذين تعمدوا عن جهل إغراق السوشيال ميديا بحلولاً تظهر مصر على خلاف الحقيقة بأنها غير قادرة على المواجهة لهز الثقة بين المصريين والقيادة السياسية من جهة وللتشوش على الجهود المصرية الدؤوبة ومساعيها الدولية لحل الأزمة بالطرق الودية مع أشقائها في إثيوبيا  من جهة أخرى، وليس ضعفاً أو لعدم إمتلاك القدرة على الحل بُطرق أخرى، ربما قد تضطر مصر اللجوء إليها في حالة تعثر المفاوضات ووصولها لطريق مسدود، ولكن من منطلق التأخي والحفاظ على الروابط والعلاقات المصرية الأفريقية والحرص على الشراكة بين مصر وأشقائها الأفارقة على مختلف الأصعدة.

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق