يوسف أيوب يكتب: الأعمدة الـ7 للجمهورية المصرية الجديدة

السبت، 24 يوليو 2021 07:00 م
يوسف أيوب يكتب: الأعمدة الـ7 للجمهورية المصرية الجديدة
يوسف أيوب

- دولة ديمقراطية مدنية حديثة تليق بالمصريين وتعبر عن إرادتهم وتناسب تطلعاتهم وتمثل تضحياتهم

- تمتلك القدرات الشاملة عسكريًا واقتصاديًا وسياسيًا واجتماعيًا

- تعلى مفهـوم المواطنة وقبول الآخر

- تسعى لتحقيق السلام والاستقرار والتنمية

- تتطلع لتنمية سياسية تحقق حيوية للمجتمع المصري

- قائمة على ترسيخ مفاهيم العدالة الاجتماعية والكرامة والإنسانية

- تبنى الإنسان المصري بناءً متكاملًا صحيًا وعقليًا وثقافيًا

قبل 30 يونيو 2013 كانت مصر دولة في مهب الريح أو على حافة البركان القابل للانفجار في أي لحظة.. تتقاذفها الأزمات والمشاكل من كل جانب، وتتلاعب بمصيرها جماعة إرهابية كان كل هدفها تقزيم مصر، وتحويلها إلى جزء من إمارة او خلافة، إلى أن انتفض المصريين واعلنوا ثورتهم على جماعة الإخوان الإرهابية وفاشيتهم الدينية، ووقفت القوات المسلحة مساندة لثورة المصريين وداعمة لأحلامهم وطموحاتهم، فتحررت مصر من الفاشية الدينية الإرهابية، وبدأت مسار جديد، مسار يعيد لمصر مكانتها وقدرتها وقوتها أيضاً.

هذا المسار تمت بلورته تحديداً في 2014، بعد استدعاء المصريين للرئيس عبد الفتاح السيسي لتحمل المسئولية، فمنذ الإعلان رسمياً عن فوزه برئاسة مصر، بدأ الرئيس السيسي بخطوات عازمة تجاه تدشين عقد اجتماعي جديد، قوامه الأساسي الوصول إلى جمهورية جديدة تليق بالدولة المصرية، جغرافيا وتاريخياً، وتوفر حياة كريمة تليق بالمصريين.

من 2014 وحتى اليوم، دبت في كل شبر بالدولة المصرية حياة جديدة، من خلال المشروعات التنموية التي لم تترك مكان، فتم بناء المدارس والجامعات والمستشفيات والطرق وغيرها الكثير والكثير بالإضافة إلى إطلاق العديد من المبادرات التي تهتم بصحة المواطن، وكان التركيز الاساسى على النقطة التي كانت مهملة على مدار سنوات، رغم أهميتها، وهى بناء الإنسان المصرى، الذى يستحق من الدولة الكثير والكثير، لذلك جاء على رأس أولويات العقد الاجتماعى الجديد الذى وضع أسسه وعمل على تنفيذه الرئيس السيسى.

مع هذا الزخم الكبير والنشاط الذى لا يتوقف في مسيرة التنمية بالدولة المصرية والذى عمل على مسارين متوازيين، الإنساء والبناء، وصلنا إلى المبادرة الرئاسية الأكبر ليس فقط في تاريخ مصر، وإنما يمكن وصفها بالأعظم والاكبر في تاريخ الأمم، وهى مبادرة "حياة كريمة" لتطوير وتنمية الريف المصرى، التي يستفيد منها أكثر من 58 مليون مصري، وهى المبادرة التي كانت تدشيناً لمفهوم الجمهورية الجديدة التي سبق وتحدث عنها الرئيس السيسى.

جمهورية جديدة عنوانها حياة كريمة لكل مصرى ومصرية.

جمهورية جديدة دستورها أن الامن القومي المصرى خط أحمر.

جمهورية جديدة عمادها رئيس وطنى قوى.

جمهورية جديدة قلبها شعب ينبض بالحياة.

جمهورية جديدة تحميها مؤسسات وطنية قادرة على حفظ وصون أمنها ومقدراتها.

جمهورية جديدة تملك قرارها ومصادر قوتها.

الخميس الماضى كانت مصر كلها والعالم على موعد مع التدشين الرسمي للجمهورية الجديدة، خلال المؤتمر الأول لمبادرة حياة كريمة، وخلال هذا المؤتمر ومن واقع استقراء الكلمة التي القاها الرئيس السيسى، يمكن القول أن هناك 7 أعمدة أساسية حددها الرئيس للجمهورية الجديدة.. دعائم وأعمدة تعمل الدولة منذ 2014 وحتى اليوم ومستمرة في تطبيقها وصولاً إلى الهدف، وهو أن تكون مصر دولة تليق أولاً بالمصريين، وثانياً لتكون هذه الدولة في المكانة التي تستحقها وسط أقليمها وفى المجتمع الدولى.

الرئيس السيسى قال "إنني إذ أعلن اليوم، انطلاق هذا المشروع الطموح مستعينا على تنفيذه بالله وبثقتي في قدرات المصريين - دولةً وشعبًا فإنني اعتبره تدشينًا للجمهورية الجديدة، الجمهورية المصرية القائمة بثباتٍ ورسوخ على مفهوم الدولة الديمقراطية المدنية الحديثة التي تمتلك القدرات الشاملة: عسكريًا، واقتصاديًا، وسياسيًا، واجتماعيًا وتعلى مفهـوم المواطنة وقبول الآخر وتسعى لتحقيق السلام والاستقرار والتنمية وتتطلع لتنمية سياسية تحقق حيوية للمجتمع المصري قائمة على ترسيخ مفاهيم العدالة الاجتماعية والكرامة والإنسانية، كما تسعى لبناء الإنسان المصري بناءً متكاملًا صحيًا وعقليًا وثقافيًا، إيمانًا بأن الإنسان المصري هو كنز هذا الوطن وأيقونة انتصاره ومجده. فمصر القوية، الحديثة، المدنية، الديمقراطية هي التي تليق بالمصريين وتعبر عن إرادتهم وتناسب تطلعاتهم وتمثل تضحياتهم".

وجدد الرئيس العهد مع المصريين "بأن نبدأ جمهوريتنا الجديدة المولودة من رحم ثورتكم العظيمة في ٣٠ يونيو عازمين على المضي قدمًا نحو المزيد من العمل والبناء ممتلكين القدرة الشاملة مستمرين في تحقيق التنمية الاقتصادية والسياسية داعمين المزيد من المساحات المشتركة بين أبناء الوطن موفرين كافة السبل لشبابنا لتحقيق مستقبل يليق بهم في وطنهم العظيم".

هذه الاعمدة أو المبادئ إن شاء القول، ليست وليدة اليوم، لكنها موجودة معنا منذ 2014 ومستمرة معنا، لإنها ببساطة شديدة تمثل الإستراتيجية التي وضعها الرئيس لنفسها فور توليه المسئولية، وأخذ العهد على نفسه بإن يسير عليها وصولاً لتحقيق الهدف وهو أن تصبح مصر جمهورية جديدة تليق بالمصريين ومكانتهم.

معركة البناء والتنمية مستمرة

وبجانب الأعمدة السبعة التي تسير عليها الدولة لتحقيق الجمهورية الجديدة، فهناك مجموعة من الأسس التي لا تفارق أبداً القيادة السياسية، وهى تواصل معركة البناء والتنمية، فلا يخفى على أحد ان التحديات لا تزال كما هي موجودة، وهو ما يستدعى اليقظة الدائمة لكل ما يدار بالداخل وحولنا في الخارج أيضاً، خاصة أن هناك من لايزال يترصد لكل حركة تقوم بها مصر، وكلهم أمل ان تتعثر الدولة، لذلك فقد كان المشهد في ستاد القاهرة الخميس الماضى معبراً عن هذا المعنى.. يقظة القائد.. وثقة الشعب فيه.

فقد كان المشهد في الاستاد أشبه بتجديد التفويض الشعبى للرئيس السيسى، ليس فقط لمواجهة العنف والإرهاب واى تهديد يواجه أمن وسلامة البلاد، كما حدث في 24 يوليو 2013 حينما خرج المصريين إلى الشوارع معلنين تفويض الرئيس عبد الفتاح السيسى-القائد العام للقوات المسلحة حينها-، لكن في فى 15 يوليو 2021 أعاد المصريين تفويضهم للرئيس مرة أخرى لمواصلة بناء مصر ومستقبلها الحديث، ومواجهة أي خطر قد يواجه الدولة.

يقظة القائد للمخاطر والتحديات وطرق التعامل معها كانت واضحة، حينما أكد الرئيس السيسى للمصريين والعالم كله مجموعة من الأسس التي تسير عليها الدولة والتي يمكن أجمالها في أن:

المساس بأمن مصر القومي خط أحمر ولا يمكن اجتيازه "شاء من شاء.. وأبى من أبى"

مصر تدير علاقاتها الخارجية إقليميًا ودوليًا بثوابت راسخة ومستقرة قائمة على الاحترام المتبادل والجنوح للسلام وإعلاء قواعد القانون الدولي.

مصر أصبحت تمتلك من الأدوات السياسية والقوة العسكرية والاقتصادية ما يعزز من إنفاذ إرادتنا وحماية مقدراتنا.

المنهج الذي اتبعته مصر كان قائمًا على ممارسة أقصى درجات الحكمة والاستخدام الرشيد للقوة دون المساس بدوائر الأمن القومي المصري على الحدين القريب والبعيد.

ممارسة الحكمة والجنوح للسلام لا يعنى بأي شكل من الأشكال السماح بالمساس بمقدرات هذا الوطن والذي لن نسمح لأي ما كان أن يقترب منه.

 هذه الأسس لم تكن للحديث العام، بل هي واقع فعلى تسير عليه الدولة، من خلال تأمين نفسها وتقوية قدراتها السياسية والعسكرية والاقتصادية، وقبل ذلك تأمين الجبهة الداخلية من خلال الاصطفاف الوطنى الذى يعد الصخرة القوية التي ستنكسر عليها أية محاولة لأضعاف مصر أو العبث بأمنها.

لذلك حينما طالب الرئيس السيسى المصريين بالا يقلقوا، وقوله صراحة "لا يليق بنا ان نقلق"، فهذا الطلب مبعثه الأساسى الثقة في قدرة الدولة على مجابهة التحديات والمخاطر أيا كان مصدرها، أخذا في الاعتبار أن القلق المصرى المنصب حالياً على مسألة سد النهضة الإثيوبى، كما قال الرئيس "قلق مشروع"، لكن في الوقت نفسه على الجميع إدراك حقيقة أن مصر دولة كبيرة، وتملك خيارات متعددة للحفاظ على أمنها القومي، الذى أكد الرئيس امام الجميع أنه "خط أحمر"، وهنا أيضاً لا نتحدث عن عبارات إنشائية، وإنما إقرار لواقع موجود ويدركه الجميع بمن فيهم من يحاولون استفزاز مصر.

فمصر ايوم ليست هي مصر 2013 او ما قبلها.. مصر اليوم تملك جبهة داخلية قوية وصلبة وتقف على قلب رجل واحد خلف الرئيس ومؤسسات الدولة.. مصر اليوم تملك قوات مسلحة لديها القدرة على العمل في أي مكان متى طلب منها.. مصر اليوم وضعها الاقتصادى يمكنها من تدبير احتياجاتها والعبور من الأزمات باقل الخسائر الممكنة، ومن ينظر لجائحة كورونا سيتأكد من صدق ما يقال.

مصر اليوم وهى تدخل الجمهورية الجديدة لم تخاصم الماضى، لكنها تعلمت منها الكثير، واهم ما تعلمته أن القدرة مطلوبة، لكن الأهم قبل القدرة أن تملك القرار، ومصر اليوم تملك القدرة والقرار، وهى من تحدد أين ومتى ترد.

"حياة كريمة".. أيقونة الجمهورية الجديدة

لا يمكن الحديث عن الجمهورية الجديدة، دون التوقف امام مشروع "حياة كريمة" الذى أطلق عليه الدكتور مصطفى مدبولى لقب "أيقونة الجمهورية الجديدة"، فهذا المشروع به العديد من النقاط التي تستحق أن نقف أمامها طويلاً متأملين قدرة المصريين على العمل ومواجهة أي تحدى، أيا كانت خطورته علينا.

فرغم الازمة العالمية التي أحدثتها جائحة كورونا، لم يقف المصريين في مكانهم، بل واصلوا العمل، وكان من نتاج عملهم هذا المبادرة الرئاسية "حياة كريمة"، التي تؤكد الأرقام والمعطيات عظمتها ومعها عظمة المصريين ورئيسهم، فهى مبادرة مصرية 100%، جاءت بفكر مصري وتتم بسواعد مصرية ومعدات ومواد مصرية، وباستثمارات مصرية خالصة تزيد عن 700 مليار جنيه، من بينها حوالي 260 مليارا تكلفة المرحلة الأولى، لذلك فهو بحق ملحمة بناء وتعمير مصرية، تحقق متطلبات التنمية الاقتصادية وتوفر فرص العمل للشباب.

الأرقام توضح عظمة هذه المبادرة، فيجرى العمل الآن على إنشاء 130 محطة معالجة مياه بقرى المرحلة الأولى، و51 محطة جديدة لضمان استمرارية المياه، وإحلال 3 آلاف كيلو "مواسير" مياه متهالكة لضمان نظافة مياه الشرب التي ستصل للقرى، وتوصيل الغاز إلى 4 ملايين وحدة سكنية، كما يتم إمداد شبكات الغاز بواقع 16 ألف كيلو متر طولي لخدمة الأهالي، بالإضافة إلى إقامة خدمات الاتصالات والإنترنت والبريد، بحيث سيكون هناك تحسن في تغطية شبكات المحمول وتطوير مكاتب البريد المصري وإدخال الانترنت فائق السرعة.

وتشهد المبادرة ملحمة في تطوير وتبطين الترع، وهو احد المشروعات الكبيرة التي تنفذها الدولة المصرية لتقليل تكلفة التطهير وتوصيل المياه إلى نهايات الترع، وتشمل المرحلة الأولى 2500 كيلومتر تبطين، جرى إنجاز 37 % منها، بإجمالي 900 كيلومتر، كما أن هناك 333 مجمعا زراعيا جديدا يتم إنشاؤها في القرى الأم أو الوحدات المحلية، ويتم عمل نموذج مصغر للحي الحكومي المتواجد في العاصمة الإدارية الجديدة في كل وحدة محلية، وسيكون هناك مجمع خدمي لـ 333 وحدة محلية يضمن مكاتب البريد والشهر العقاري والسجل المدني، بالإضافة إلى الوحدة المحلية والتضامن الاجتماعي ومكتب التموين والمركز التكنولوجي .

وتشهد المبادرة ملحمة أخرى خاصة بالطرق، حيث يوجد أكثر من 14 ألفا و500 كيلومتر، خاصة بالطرق الداخلية بالقرى، والتي سيتم رصفها وإعادة تأهيلها لتكون على مستوى لائق، بالإضافة إلى أكثر من 2700 كيلومتر الخاصة بالطرق التي ستربط بين القرى والمركز وما بين المراكز وبعضها البعض، بالإضافة إلى الكباري التي سيتم إنشاؤها على الترع والمصارف لخدمة العبارات، كما سيتم تحديث أكثر من 80 عبارة لتسهيل عبور المواطنين تقوم بها هيئة قناة السويس، وكذلك إنشاء 14 ألف فصل جديد، بالإضافة إلى رفع كفاءة 25% من المدارس القائمة، تستهدف تخفيف كثافات الفصول لإنهاء مشكلة تعدد الفترات الدراسية، وخدمة المناطق المحرومة من الخدمات التعليمية وزيادة استيعاب رياض الاطفال ووجود "حضانات".

وتسهم (حياة كريمة) في تسريع تنفيذ منظومة التأمين الصحي الشامل، من خلال إنشاء 24 مستشفى مركزيا جديدا، بالإضافة إلى إنشاء 1374 مركزا ووحدة صحية، فضلا عن نقاط إسعاف جديدة وقوافل علاجية تشمل أكثر من ألف قافلة، بالإضافة إلى وجود 40 سيارة متنقلة التي تقوم بعمل اشاعات مقطعية متقدمة للمواطنين في الريف.

وتشهد المرحلة الأولى تطوير أكثر من 120 ألف منزل، يتم تطويرها، لافتا إلى أن هناك مشروعا جديدا يهدف إلى أن يكون المنزل أكثر من طابق؛ لتوفير أكثر من 360 ألف وحدة على نفس المسطح، مشيرا إلى أن توفير سكن كبير من أولويات الحكومة رغم تكلفتها الباهظة.

ومن ضمن أهداف المبادرة توفير فرص عمل دائمة، وأخرى مؤقتة أثناء عملية التنمية، وبرامج التدريب والتأهيل للشباب والسيدات، فضلا عن تحقيق الشمول المالي، كما سيتم تنفيذ مجمع حرفي صغير بكل وحدة محلية قروية على مساحة تقترب من فدان أرض، تتكون من ورش ومعارض، وتكون بناء على الفرص والحرف التي تتميز بها كافة القرى والمراكز.

ومن عوامل نجاح "حياة كريمة"، انه لأول مرة يختار المواطن المصري مشروعاته من خلال العديد من الاجتماعات التي عقدها المسئولين عن المبادرة الاهالى في القرى، والاستماع إليهم حتى تتم ترجمة هذا المطالب إلى مشروعات على الأرض، وهذه أحد مقومات الجمهورية الجديدة، بأن يكون المواطن شريك في الفكر والإدارة وليس فقط مجرد متلقى.

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق