أخيرا!

الأحد، 25 يوليو 2021 04:10 م
أخيرا!
شيرين سيف الدين

 
لآل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في قلوب المصريين محبة وغلاوة لا تقدر بثمن، فتجد الأغلبية بمختلف طبقاتهم يعشقون زيارة أضرحة آل البيت الكرام، ليس شرطا للتبرك الذي يحرمه البعض، بل للراحة النفسية التي يشعر بها الزائر وهو في حضرة من هم من رائحة ونسل ونسب الحبيب المصطفى.
 
فمن تعذر عليه زيارة المدينة المنورة يتلمس من زيارة آل البيت شعورا مشابها، بالرغم من أن شعور زيارة الروضة الشريفة لا يضاهيه شعور، لكن هناك شيئا ما مختلف تمام الاختلاف يحدث للنفس عند زيارة مساجد سيدنا الحسين أو السيدة زينب والسيدة نفيسة يُدخل السرور والطمأنينة في القلب، فبالإضافة إلى أن تلك الأماكن من بيوت الله إلا أنها تزداد معزة بوجود أثر للأحبة، ومن حسن حظ المصريين وجود عدد من أهم الأضرحة والتي تعد من أهم الأماكن السياحية الدينية الإسلامية على مستوى العالم.
 
ولا أعتقد أن المغالاة في المحبة تضير فهي تختلف تماما عن بعض المعتقدات التي يحرمها البعض، وأتذكر هنا ما نقله عبد الله بن عباس رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال «أَحِبُّوا اللهَ لِما يَغذُوكم مِن نِعَمِه، وأَحِبُّونِي بحُبِّ اللهِ، وأَحِبُّوا أَهلَ بَيتِي لحُبِّي» رواه الترمذي.
 
ويبدو أيضا أن المحبة كانت متبادلة حتى أن هناك دعاءً مأثورا متناقلا عن السيدة زينب تدعو فيه لمصر وأهلها بالخير قائلةً: يا أهل مصر، نصرتمونا نصركم الله، وآويتمونا آواكم الله، وأعنتمونا أعانكم الله، وجعل لكم من كل مصيبة فرجًا ومن كل ضيق مخرجًا"، ويؤمن المصريون أن هذه الدعوات المباركات ظلت وستظل حصنًا لمصر وملاذًا لكل المصريين، فقد حظيت مصر دون غيرها بشرف دعاء السيدة زينب بنت علي رضي الله عنهما لأهل مصر عندما قدمت إليها.
 
لكن ما كان يحزنني بشكل شخصي عند زيارتي لتلك الأماكن الثلاثة هو الإهمال الذي طالها وعدم وجود أي قواعد للزيارة تساعد في الحفاظ على قدسية ونظافة ورونق تلك الأماكن المحببة للقلب، وكثرة المتسولين بداخل المساجد والأضرحة وخارجها بصورة غير مقبولة والسماح للبعض بتناول المأكولات بداخلها ما يتسبب في روائح مزعجة وتساقط لبقايا الطعام في بعض الأحيان في مظهر غير حضاري بالمرة، ولا يليق بمكانة تلك المساجد التي تعد أيضا أحد أهم المزارات الأثرية المنتمية للسياحة الدينية والتي يتوجه إليها السياح المسلمون وغير المسلمين أيضا .
 
وأتذكر أنه في جنازة أحد الأقارب كانت الصلاة على الميت في المسجد الأحب إلى قلبي بشكل شخصي "السيدة نفيسة "، وكان كالمعتاد ممتلئا بالعديد من المتسولين، وإذا بإحدى فاعلات الخير الراغبة في الثواب من وجهة نظرها تدخل إلى المسجد وسط أهل الميت حاملة "صينية مكرونة بالبشاميل" تقطع منها أجزاء وتضعها في أطباق كرتون لتقديمها للغلابة -من وجهة نظرها-  القابعين في بهو المسجد وسط المصلين والزائرين!.
 
تذكرت يومها زياراتي لبعض الأماكن الأثرية الدينية الموجودة في إحدى الدول السياحية - لا أود ذكر اسمها - والتي تقل في أهميتها وقيمتها كثيرا عن مزاراتنا الهامة، إلا أنها تحظى باهتمام ورقابة ونظافة ونظام لا مثيل لهم في بلدنا الحبيبة تجعلك تشعر برهبة المكان وتستمتع برؤية تفاصيله واستشعار قدسيته، وتستقطب تلك المزارات آلاف السياح يوميا بل أنها تعد من أهم أسباب زيارة تلك البلد أصلا، لذا حزنت واستعجبت، ألهذا الحد نستهتر بما حبانا الله به من ممتلكات ولا نكترث لأهميتها!. هل يعقل أن أحدا من المسؤولين لم يزر هذه الأماكن ويشاهد كم العبث بها، ألا يغار القائمون على إدارتها ويحاولون الاهتمام بها؟. حتى أنني حينها كتبت بالفعل مقالا إلا أنني تراجعت عن نشره كي لا ألفت نظر محبي تلك الأماكن لسلبياتها، فلربما حبهم للزيارة يجعلهم يستمتعون ويستشعرون فرحة تواجدهم بالقرب من آل البيت فلا يلتفتون لتلك السلبيات التي قد تفسد عليهم مشاعرهم بسببي.
 
إلا أنني أخيرا شعرت بالفرحة والانتصار والأمل الذي تبثه القيادة في أرواحنا يوما بعد يوم حين قرأت خبر توجيه الرئيس السيسي بتطوير أضرحة «السيدة نفيسة والسيدة زينب وسيدنا الحسين»، ومطالبته بأن يتم تطوير هذه الأضرحة بشكل متكامل يشمل الصالات الداخلية بالمساجد وما بها من زخارف معمارية راقية وغنية، تماشياً مع الطابع التاريخي والروحاني للأضرحة والمقامات، وذلك جنباً إلى جنب مع تطوير كافة الطرق والميادين والمرافق المحيطة والمؤدية لتلك المواقع.
 
يااااااه أخيرا وجدت تلك الأماكن من يحنو عليها ويقدر قيمتها ويبدأ في تحقيق ما تمنيناه لعقود طويلة، يالها من أخبار تفرح القلب.
 
وأود هنا أن أشير إلى ضرورة أن يشمل تطوير تلك الأماكن والاهتمام بها البشر أيضا، وأن يتم تغيير نظام إدارتها بشكل كلي للحفاظ عليها من الأيادي العابثة التي تستطيع تشويه كل جميل بسلوكياتها الخاطئة التي تحول الجمال إلى قبح، مع عمل حملات توعية للمواطنين بضرورة الحفاظ عليها وتوضيح قيمة تلك الأماكن السياحية إلى جانب قيمتها الدينية أو النفسية لدى الناس، فهي تعد مصدرا من مصادر الدخل وجهة جاذبة للسياح من أنحاء العالم ويجب أن تكون بمظهر يليق بآل البيت وبأهل مصر.
 
أتمنى أيضا من كل قلبي أن تكون هناك إدارة مختلفة في الفكر عن الإدارات القديمة، تكون مواكبة لفكر الرئيس وحبه لوطنه ورغبته في الارتقاء بكل شبر فيه، إدارة تكون عازمة على رفعة تلك الأماكن ووضعها على رأس المزارات الدينية العالمية كما هو حال الدول التي لا تمتلك إلا القليل ومع ذلك "تصنع من الفسيخ شربات".
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة