يوسف أيوب يكتب: التصدي للقرارات الصعبة أول الطريق لإنقاذ مصر

السبت، 21 أغسطس 2021 07:00 م
يوسف أيوب يكتب: التصدي للقرارات الصعبة أول الطريق لإنقاذ مصر
يوسف ايوب

الرئيس السيسى يختار فلسفة جديدة للحكم تهدم جدار الخوف وتعلى قيم المصارحة والمكاشفة والمصلحة العامة على حساب الشعبية

المواجهة الحاسمة للأزمات المتراكمة أنقذت الدولة من الانهيار.. وبرامج الحماية الاجتماعية عوضت المتأثرين من قرارات الإصلاح الاقتصادى

السكن البديل وفر لساكنى العشوائيات غير الآمنة حياة كريمة وأدمية وجعلهم يشعرون لأول مرة أنهم مواطنين من الدرجة الأولى

 

 

فلسفة أي حاكم في التاريخ تقوم على أمرين، أما الاستمرار في الحكم قدر الإمكان، مستخدما كافة الطرق والوسائل التي تمكنه من تحقيق هدفه وغرضه، او يحتفظ لنفسه بقاعدة جماهيرية تعينه وقت الشدة والأزمات، حتى وإن تحقق له ذلك من خلال تغليب المصلحة الشخصية القائمة على البحث عن الشعبية، على المصلحة العامة للدولة، وهناك من الحكام من أحدث دمجاً بين الفلسفتين.

وعلى مدار التاريخ المصرى رأينا الكثير من حكامنا ورؤساءنا وهم يطبقون أيا من الفلسفتين، وكانت النتيجة ما وصل إليه حال مصر في 2011، فالبقاء على كرسى الحكم دفع الحكام إلى اتخاذ قرارات شعبوية، حتى وإن كانت أضرارها شديدة الخطوة على مستقبل الدولة، لكنهم لم يبحثوا عن المستقبل، بقدر نظرتهم للحظة الآنية التي يعيشونها، وكأنهم يسيرون وفق سياسة "اليوم لنا، والمستقبل لمن يأتي بعدنا"، وكان من نتاج هذه الفلسفية والسياسة أن تراكمت المشاكل والأزمات السياسية والاقتصادية، إلى أن وصلت إلى درجة لا يمكن السكوت عنها، لإنها أصبحت تهدد بقاء الدولة نفسها، وجعلتها على حافة الانهيار.

حينما أتحدث عن هذا الأمر لا ألقى اتهامات على أحد، فربما تكون ظروفهم أو الأوضاع داخل الدولة وقتها هي التي دفعتهم لذلك، لكن يظل السؤال.. لماذا لم نرى حاكماً ينظر للمستقبل ويخطط له، وأكتفى باللحظة التي يعيشها فقط؟.

بالتأكيد سيكون لكل حاكم، أو مريديه إجابات متعددة على هذا السؤال، فمنهم من يحدثنا عن أوضاع سياسية ومواجهات عسكرية دفعت هذا الحاكم أو غيره إلى أتباع سياسة الإرضاء الشعبى، وتأجيل القرارات الصعبة أو المصيرية إلى من سيأتى بعده، لإن الهدف حينها كان بناء اصطفاف داخلى يستطيع مواجهة التحديات الخارجية التي كانت تهدد الدولة وقتها.

وهناك من يتحدث عن اضطرابات إقليمية ودولية كانت تستهدف مصر، وبالتالي فلم يكن من اللائق تفجير الجبهة الداخلية بقرارات ستؤدى إلى صعوبات في الداخل، ضاربين المثال بما حدث عام 1971، حينما أصدر الرئيس الراحل محمد أنور السادات قرارات رفع الدعم، والتي نتج عنها غضبة شعبية دفعت السادات إلى التراجع السريع عن هذه القرارات، حتى لا يحدث تناحر داخلى، مصر في هذا التوقيت كانت في غنى عنه، خاصة أن أجزاء من الأراضي المصرية كانت لاتزال تحت الاحتلال الإسرائيلي، وبالتالي من الصعب تشتيت انتباه الدولة ما بين إعادة التماسك الداخلى، وأيضاً تحرير الاراضى المحتلة.

قد يكون كل هذا وغيره صحيح، لكن الأصح من وجهة نظرى أن كل الحكام، مع التقدير والاحترام لهم وللأوضاع التي ورثوها عن غيرهم، لم يكن لدى أيا منهم نظرة مستقبلية، يستطيعوا من خلالها قراءة المستقبل بشكل صحيح، وبناء التقديرات الداخلية بناء على هذه النظرة، والأهم من كل لك مصارحة الشعب بالوضع القائم ليكون الشعب شريكاً في القرار، وليس رافضا له، لكن الذى حدث، أن النظرة المستقبلية كانت غائبة، كما أن المصارحة كانت مفقودة، ومعها غابت الثقة ما بين الحكام والشعب.

استمر هذا الوضع إلى أن وصلنا للشكل الذى كانت عليه الدولة في 2011.. وضع اقتصادى في غاية الصعوبة، واحتقان سياسى، وزاد على ذلك أسر مصرية اقتربت من فقد الانتماء بعدما شعرت أنها غريبة في بلدها، التي تركتهم يعيشون في العشوائيات دون أن تقدم لهم ما يعينهم على هذه الحياة الصعبة.

وزاد الوضع سوءً بعد 2011، بعدما زاد الاحتقان السياسى، وتبعه زيادة في الازمات الاقتصادية، واستمرار الحكومات المتعاقبة في نفس الطرق السابقة، من خلال اتخاذ قرارات للتسكين وليس للعلاج.

قد يسأل البعض لماذا أتحدث عن الأوضاع السابقة، وما هو مغزى سرد الماضى؟.. بالتأكيد لكل شيء سبب، والسبب الرئيسى الذى دفعنى للحديث عن فلسفة حكام مصر هو ما نراه اليوم من تغير في هذه الفلسفة، فمنذ أن اختير الرئيس عبد الفتاح السيسى، رئيساً لمصر في 2014، وقد أحدث انقلاباً في فلسفة الحكم، فهدفه لم ولن يكون أبداً العمل من أجل البقاء في الحكم، أو زيادة الشعبية، لإنه منذ البداية أختار الطريق الذى يسير عليه، وهو تصحيح كل أخطاء الماضى، حتى وإن كلفه ذلك تراجع شعبيته، لإن الفلسفة الجديدة للحكم التي وضعها وتستحق منا جميعاً أن نقف أمامها هي سياسة تغليب المصلحة العامة للدولة، والنظر للمستقبل والتعامل معه في الوقت الراهن، حتى لا يتم تحميل الأجيال المستقبلية أخطاء الماضى، أو بعنى أدق، اختار الرئيس السيسى الطريق الصعب، وهو اتخاذ القرارات المصيرية والصعبة مهما كلفه ذلك.

السبت الماضى، وخلال افتتاح الرئيس السيسى لعدد من مشروعات الإسكان الإجتماعى، شهد احتفالية إفطاره في مدينة بدر مع الأسرة المصرية، ودار حديث صريح وشفاف بينه وبين عدد من الأسر المصرية، والجديد في هذا الحوار او المختلف عن الحوارات السابقة للرئيس السيسى مع المصريين أن الأسر التي شاركته الإفطار كانت لعقود في طى النسيان، وبعيدة تماماً عن اهتمام أي نظام أو حكومة مصرية، وهم سكان العشوائيات أو المناطق العشوائية الخطرة، ممن وصل بهم الحال إلى درجة نسيان أنهم مصريين، لكن هذه النظرة اختلفت تماماً تحديداً بعد 2015، حينما فتح الرئيس السيسى هذا الملف المنسى، واخترق ما كان يصنف في الماضى بانه "عش الدبابير".

اقتحم الرئيس ملف العشوائيات، ووضع الحلول الجذريه لها، من خلال توفير سكن بديل لساكنى المناطق العشوائية الخطرة، على ان يعاد بعضهم إلى مناطقهم الرئيسية بعد تطويرها، ولم يكتف الرئيس بذلك وإنما وفر لهم مقومات الحياة التي تكفل لأبنائهم وأحفادهم حياة كريمة تليق بهم، من خلال مجتمعات عمرانية بها تعليم وصحة وثقافة وغيرها من المكونات التي تبنى الإنسان المصرى بناءً صحياً.

جلس الرئيس مع ساكنى العشوائيات وفتح معهم حوار بدأه بقوله لهم : أنا مستعد أسمع أى حاجة وأى نقد وأى سؤال ممكن تسألوه.

هذه الجملة تعبر عن الفلسفة الجديدة للحكم التي وضع معالمها الرئيس السيسى، فلسفة المصارحة مع الجميع، ليكون كل المصريين على دراية تامة بأدق التفاصيل، ليكونوا شركاء في القرار بعد ذلك، اذا استدعى الأمر تغيرات أو قرارات مصيرية وصعبة.

في هذا الحوار عبر الرئيس بشكل واضح وصريح عن فلسفته في الحكم. نعم هو طيلة السنوات الماضية عبر عن هذه الفلسفة بالفعل على الأرض، لكنه يوم السبت شرح هذه الفلسفة لجزء مهم من المصريين، كانوا في الماضى في عداد المنسيين، او المهمشين، لكنهم اليوم في مقدمة أولويات الدولة.. فماذا قال الرئيس عن هذه الفلسفة؟.

من مجمل ما قاله الرئيس يمكن رصد مجموعة من الجمل التي ترصد ملامح فلسفة الرئيس السيسى للحكم:

النمو السكانى زاد وقيمة السلعة زادت وحجم المستفيدين زادوا.. ده كلام نقدر نستمر فيه على طول.. وكمان لما نبقى 120 مليون او 150 مليون.. أنا مش هبقى موجود في الوقت ده.. وأرجو اننا الأمانة اننا نفهم ايه بيحصل.. واتعامل معاه وكأنه حصل.. ولو انا قولت انا مش هكون موجود في الوقت ده.. وكانت شايف اللى بيحصل للبلد دى بالطريقة اللى ماشيين بها دى.. وربنا يسألنى كنت فاهم وساكت ليه وكنت عاوز استمر على الكرسى.. ربنا هيقولى الكرسى ده اللى جبتك فيه وأنا اللى همشيك منه.. مالك الملك يؤتي الملك من يشاء وينزع الملك ممن يشاء.. محدش بيجيب حد ومحدش بيمشى حد.. طب أنت عملت كده ليه هقوله ايه ساعتها.. الأمانة تقتضى التصدي للمشاكل وحلها.. ودى فرصة أننا نشوف ده".إحنا بنعمل كدا عشان نغير بلدنا مش عشان الناس تحبنا، وبنعمل اللى يرضى ربنا، ونتصدى لقضايا كل الناس لا تتصدى لها.. ومفيش حاجة اسمها ماليش دعوة.. وعشان نقدر نكمل الموضوع كويس لازم نعيد ترتيب وصياغه دعمنا للناس".كل الناس تستقبل كلامى إني باختار الطريق الصعب أوى.. لو اخترت الطريق السهل كنت سبت الغلابة كدا.. وكنت زودت الدعم والتموين وخلاص، وبقول مكلش وأعيش بالشكل الآدمى المحترم اللى بنتكلم فيه وبتكلم في قضايا مصر عليها، مش عشان وجهة نظر.. لا قعدت 50 سنة أدرسه وأقول ليه البلد دى كدا؟.. ولازم البلد تتغير وأهلها يعيشوا.. وبجيب أمثله وأختار التوقيات اللى بكلم فيها الناس.المفروض أن حالنا ما يبقاش كده.. المفروض أن الواقع اللى كان موجود فى مصر خلال السنين اللى فاتت بدون تحديد فترة وغيره ولا يمكن أن يكون المناسب إلا أن نقوم بتعديل الوضع.الإجراءات التى اتخذت كانت لصالح الأسرة المصرية.. المشكلة اننا قعدنا 50 سنة ما نتغيرش وبقينا أسرى الواقع اللى ما بيتغيرش.. لازم تكون متأكد انه ما بيتغيرش إلا لأجل المصلحة.كنا المفروض نبقى فى حال تانى خالص، والبلد دى كانت لازم تبقى فى منطقة تانية خالص، وأنا لما أقول شوفوا الآخرين مش بدلل على كلامى، لا بدلل على فضل ربنا علينا.بقول للناس خلوا بالكم ده كرم من ربنا عليكم، مش شطارتنا بس، ولكن بيكم بفضل الله يا مصريين تحقق ما نحن فيه الآن، وما حدث خطوة من 1000 خطوة والخطوات مش هتنتهى وإذا كان حد يتصور أن الموضوع فترة مؤقتة ده كلام مش صحيح.ربنا أنقذ البلدى دى، ماكنش مفروض نتقاتل مع بعضنا حتى اللى كانوا بيقاتلونا ماكنوش يعرفوا إنهم أداة لتدمير البلد.هل الإصلاح كان حتميا؟ فى 2016 وما قبلها، إذا تذكرنا سنجد أن الأمور كانت تسير فى طريق غير جيد، لم يكن هناك عملة حرة ولم نتمكن من شراء مستلزمات الإنتاج وكانت المصانع ستسرح الملايين من العاملين، وعندما تناقشنا فى هذا الامر قلنا أن هناك خيارين، إما قناية مياه نعبرها ونعيش، وإذا تركناها لن تكون قناية بل ستكون بحر ولن نعيش، والمخاطر أن الرأى العام كان سيرفض ذلك، والخيار الأصعب والمسؤولية أمام الله والناس، والناس تحملت وجزاكم الله خيرًا فى أبنائكم وأسرهم، وكانت المرأة المصرية حاضرة بقوة.التصحيح لم يدفع أحد ثمنه غير المصريين، وإن الإصلاح الاقتصادى كبرنامج وطنى ألزمت به الدولة، لم ينجح إلا بكل منزل وبيت فى مصر وكل أسرة مصرية، أيًا كان ما قدمه، وهذا البرنامج لم ينجح إلا بالمصريين.أوعى تكون فاكر أن المطلوب لأولادك وبناتك إنك تأكلهم.. إذا كنت بتقول إنها أوضة أو أوضتين، طيب الولاد دول هيعيشوا إزاي؟.. أنا عاوزهم يطلعوا أسوياء..أنا بتكلم كلام الأمانة تقتضى إننا نقوله.في عام 1900 كنا حوالى 9 ملايين وبعد 100 سنة بقينا أكثر من 100 مليون.. النمو السكانى اللى فوق طاقة البلد يؤدى إلى تدمير الدولة أو كاد يؤدى إلى تدمير الدولة في 2011.. أنت تريد أن يكون لديك 10 أبناء وأن يكونوا متواضعين فى كل شيء؟ أم طفلين متعلمين بشكل جيد وتعطيهم وقت جيد؟ هذه مشكلة كبيرة كل المسؤولين السابقين على مدى 60 أو 70 عاما تحدثوا عنها، منذ 100 سنة كنا 9 مليون والآن أكثر من 100 مليون.الدولة مش هتعمل حاجة إلا زى ما الكتاب بيقول، وأنا قاعد معاها كده حته حتة.صورة العشوائيات.. عبارة عن دولة لم تقدر أن تلبى متطلبات النمو السكانى الموجود فيها.. الدولة لم تقدر أن تسيطر على حالها.قضية الوعى أخطر قضية تواجه المجتمعات في العالم.. الناس بتشوف وضع.. وتقول الواقع ده مين السبب فيه.. ضعف المسئولين.. ومفيش إرادة سياسية ومفيش حل.. الموضوع على بعضه.. الموضوع عبارة عن أمور مركبة تنتج حالة يصعب على الدولة تجاوزها.. المجتمع والشعب عاوز يعيش.. ومش قادر يعيش بالطريقة دى.فضل ربنا كبير أوى على مصر من أول 2011 لحد النهاردة.. كان ممكن نتقاتل مع بعضنا البعض، والبلد دى تروح أكتر من أى بلد تانى.. لكن إحنا بنحل المسائل وهنكمل الحل، ولكن الحل دا يتطلب ضبط النمو السكاني وتنظيم المسار.ربنا وحده اللى يعلم.. احنا قاعدين نشتغل.. والحكومة بتتعذب وهتتعذب معايا.. وآى مسئول هيشتغل في الدولة هيتعذب.. العذاب مش هدف.. ظروف بلدنا بتطلب أننا نتعذب لها.. حتى نحول حياة الناس والبلد من لا دولة إلى دولة.. الدولة اللى فيها عشوائيات مش عايشة وملهاش مستقبل.. الشخصية اللى هتطلع في حياة بالطريقة دى مش هتطلع سامحونى اقلكم دى شخصية سوية وقادرة على العطاء.كنت اسمع كلام كتير السنين اللى فاتت فى التلفزيون وأقر كلام كتير عن الشأن العام فى مصر، ولكن هناك فرق بين التنظير وحل المسألة، واللى إحنا فيه دا حل المسألة، واللى قبلنا ما حلوش المسألة ليه؟.. عشان كدا لما أتكلم فى قضايا زى إعادة صياغة الدعم الناس بتندهش.. وبتقولى ما أنت ماشى كويس والناس بتحبك! .. بتعمل كدا ليه؟دعمنا فى السنة 275 مليار جنيه، يعنى فى 10 سنوات، 2 تريليون وثلاثة أرباع التريليون، وربما يصل الرقم لـ 3 تريليون جنيه.. طيب تطوير الريف المصري من صرف صحي وكهرباء وتبيطن ترع وصحة تعليم تصل لـ 700 و 800 مليار جنيه في 3 سنوات.

ما سبق جزء مما قاله الرئيس السيسى للمصريين عبر جلسة إفطار الأسرة المصرية مع ساكنى العشوائيات، وكلها تؤكد أن هذا الرجل قرر منذ البداية أن يبعد الخوف سياسته، وان يتصدى للمشاكل والأزمات بعيداً عن ثنائية السلطة والشعبية، وأن يختار الطريق الصعب، لإنه الطريق الذى يضمن لمصر مستقبل أفضل.

وغذا كانت قرارات الإصلاح الاقتصادى هي مفتاح السر في الانطلاقة المصرية، فإن السير في هذا الطريق هو سر استمرار الانطلاقة، لإنه من غير المعقول أن نتوقف في منتصف الطريق ونقول "كفاية علينا كده"، لا اعتقد أن هذه رؤية الرئيس للحل، لأنه كما سبق وأشرت دوماً يختار الطريق الصعب حتى نهايته، لإنه يدرك بالدراسة والتحليل أن هذا هو الطريق السريع لإنقاذ مصر من عثرتها.

وإذا أخذنا مثال قضية الدعم، وتحديداً دعم رغيف الخبز التي تحدث عنها الرئيس، فهى قضية تؤكد الرغبة الحقيقية لدى الرئيس في استمرار مسيرة الإصلاح اذى سيؤدى إلى نهضة اقتصادية، وبالتوازى معها الوقوف بجانب محدودى ومتوسطى الدخل ببرامج حماية تساعدهم في مواجهة الأثار السلبية لقرارات الإصلاح.

فمنذ سنوات ونحن نسمع خبراء الاقتصاد وهم يؤكدون دوماً أن الدعم نظام فاشل مطالبين بإلغائه، لكن كانت العقبة التي تقف دوماً امام اتخاذ القرار هي ارتفاع نسبة الفقر والتي وصلت إلى 29.7%، ومن هنا خافت الأنظمة والحكومات المتعاقبة من الاقتراب من هذا الملف، وسبب خوفها أنها كانت تتحسس موقعها في السلطة، كما انها كانت تفتقد للحل المتكامل، فتراكمت امامنا الأزمات الاقتصادية ووصلنا إلى درجة لا يمكن السكوت عنها، إل أن جاء الرئيس السيسى وتصدى لهذا القرار، من خلال قرارات ترشيد الدعم وتوفير مظلة حماية لمحدودى ومتوسطى الدخل.

وطالما ان الحلول موجودة، والإرادة السياسية متوفرة، فلماذا لا واصل الدولة سياسة ترشيد الدعم، لإنه من غير المعقول وليس منطقياً وجود 70 مليون بطاقة تموين و90 مليون يحصلون على الخبز الدعم، وكأن المصريين كلهم تحولوا إلى فقراء!

ولا ننسى ولا يجب ان نغفل الحقيقة الماثلة أمامنا جميعاً، وهى أن القرارات الصعبة توازيها إجراءات وقرارات إخرى تعين المواطن في مواجهة هذه القرارات الصعبة، ومنها كما سبق وأشرت الجهود التي بذلتها الدولة لتطوير المناطق العشوائية غير الآمنة، ففي 2015 كان هناك تحدى كبير يتمثل في وجود 357 منطقة غير آمنة، فى 25 محافظة، بأجمالى 246 ألف أسرة بإجمالي عدد سكان وصل إلى 1,2 مليون نسمة.. كان هذا الحال في 2015، اما اليوم فتم الانتهاء من تطوير هذه المناطق، وبلغت نسبة إنشاء الوحدات السكنية 100% ، كما تم تسكين 90% من المستحقين، وجار الانتهاء من تسكين النسبة المتبقية من المستحقين.

كما أطلقت الدولة ونفذت برامج الحماية الاجتماعية كمبادرة حياة كريمة و100 مليون صحة وغيرها، وتم اطلاق برنامج تكافل وكرامة، وهو برنامج للدعم النقدي المشروط، لتوفير الدعم النقدي الشهري للأفراد أصحاب الدخل المنخفض وكبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة ودعم مخصصات مراحل التعليم المختلفة لأبناء الأسر الأولى بالرعاية، بما يضمن تقليل نسبة التسرب من التعليم، وخفض نسب عمالة الأطفال، ووصل عدد المستفيدين من البرنامج إلى 5,2 مليون أسرة.

ومع منتصف العام الجاري 2021 جاءت مبادرة تطوير الريف المصري ورصدت الدولة لتنفيذها ما يفوق 700 مليار جنيه، على ثلاث مراحل لتشمل كل قرى مصر التي تزيد عن 4500 قرية وتوابعها، على أن تشمل المرحلة الأولى 1500 قرية، وتضمن المبادرة تحقيق التنمية الشاملة من خلال توفير سكن كريم وتحسين مستوى معيشة الأفراد وتقديم الخدمات الصحية والاجتماعية للقرى الأكثر فقًرا، حيث سجلت المبادرة في المرحلة الأولى تحسن في معدل التغطية بالخدمات الصحية بحوالي 24 نقطة مئوية، وساهمت في تحسن معدل توفير الخدمات التعليمية بنحو 12 نقطة مئوية، وتحسين جودة الحيلة بنحو 18 نقطة مئوية، وساهمت المبادرة في توفير 71 ألف فرصة عمل من خلال اتاحة مشروعات صغيرة، وتراجعت معدلات الفقر في مصر إلى 7.29 %عام 2019 / 2020 مقارنًة بنحو 5.32 % في بحث عام 2017 / 2018 ، وفقًا للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.

ومبادرة 100 مليون صحة قدمت برامج رعاية صحية شاملة، وتم توفير عالج لمكافحة فيروس C للوصول بمصر خالية من الفيروس، واشتملت على عالج ضمور العضلات الذي يصاحب الأطفال من البداية، وحملة بلازما الدم لمعالجة الكثير من الأمراض، وقامت بأكبر مسح طبي خلال 7 شهور وفقًا لمنظمة الصحة العالمية لمكافحة مرض الكبد الوبائي، هذا إلى جانب حملة صحة المرأة المصرية وعالج الأمراض المزمنة والكشف عن الأمراض الناتجة عن سوء التغذية للأطفال لمكافحة "السمنة والنحافة والتقزم"، هذا إلى جانب منظومة التأمين الصحي الشامل وزيادة دعم التأمين الصحي والأدوية وعالج غير القادرين على نفقة الدولة لتصل إلى 6.10 مليار جنيه.

وكانت هناك عدة إجراءات لمعالجة منظومة الدعم للمواطن المصري، والتي يدخل تحت مظلتها 5,88 %من حجم الأسر المصرية بدعم بلغ 5.84 مليار جنيه تقريًبا في موازنة العام المالي 2020/2021 ، وأظهرت أزمة كورونا حاجة الدولة لدعم العمالة غير المنتظمة، والتي تمثل أكثر من 40 % من العاملين في البلاد؛ فأطلقت الدولة برنامج حماية من خلال تضافر الجهود المؤسسية.

 

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق