الهروب من «جنة التعليم العام» !

الثلاثاء، 31 أغسطس 2021 11:14 ص
الهروب من «جنة التعليم العام» !
طلال رسلان يكتب:

310 ألف طالب تقدموا للأزهر الشريف هذا العام في رياض الأطفال والابتدائي الأزهري والعدد في ازدياد، وأكثر من 25 ألف طالب وطالبة حولوا من التربية والتعليم إلى الأزهر خلال اليومين الماضيين، وهو عدد كبير للغاية مقارنة بالسنوات الماضية، ولا يزال باب التحويلات مفتوحا.

الغريب في الأمر أن هذا الرقم كان متوقعا، بل أكثر من ذلك حيث ينتظر كثيرون أو يتوقعون سماع رقم تحويلات من التربية والتعليم إلى الأزهر أكبر من الرقم المذكور بكثير.

حاليا يحاول قطاع المعاهد الأزهرية استيعاب الأعداد المتقدمة بما لا يؤثر على جودة التعليم في الأزهر ومراعاة الكثافة في فصول الدراسة بالمعاهد المختلفة على مستوى الجمهورية.

يبدو أن كل الجهود التي يقوم بها وقام بها الوزير طارق شوقي، لم تكن كافية لإقناع أولياء أمور بأن مستقبل أولادهم سيكون إلى الأفضل في ظل النظام الجديد في الثانوية العامة.

في شهر يوليو الماضي، صارح السيد الوزير الجميع بقوله إن كثيرا من طلاب الثانوية العامة لم يفهموا طبيعة نظام التعليم الجديد والامتحانات، وتفاجأوا بشكل الامتحانات بعد 3 سنوات كاملة من الإعلان عن هذا التغيير وتطبيقه بنفس الشكل وطبيعة الأسئلة والتقييم.

تصريح الوزير يضع إجابة مباشرة للسؤال الذي يقفذ فور الإعلان عن ما أسميه شخصيا الهروب من جنة التعليم العام إلى الأزهر الشريف، وهو لماذا كثرت أعداد التحويلات بشكل كبير؟ رغم علم الأهالي بكثرة المواد الدراسية وثقل الدراسة في الأزهر.

قبل ذلك كانت هناك جملة من الأسباب تؤشر إلى الاتجاه للأزهر الشريف أكثر من الرهان المقلق على التعليم العام والثانوية العامة، أبرزها كان منذ إطلاق النظام الجديد للتعليم 2018 – 2019، وبدء امتحانات طلاب الصف الأول الثانوي، وما شهدته تلك التجربة من حالة جدل بسبب وقوع سيستم التابلت، وغياب الإنترنت عن بعض المدارس، رغم أن الوزارة سارعت بحلها ومعالجة مشكلة التقنية للتفادي من تكرار الخطأ، وعدم افتعال أزمة جديدة، لكن الأخطاء تكررت، عقب إصدار وزارة التربية والتعليم نتيجة الصف الثاني الثانوي للعام الدراسي 2019/2020، حيث جاءت بشكل جديد لم يعتد عليه الطلاب من قبل وهو ما سمي بالنتائج الملونة التي كانت فيها نسبة الرسوب مرتفعة، قبل أن يخرج الدكتور طارق شوقي بتصريحات تؤكد تعديل نتيجة الامتحانات وتغيير الرابط الخاص بكشوفات النتيجة.

في مايو من العام الحالي، أفضت أخطاء تطبيق النظام الجديد في الثانوية العامة إلى قرار حكومي بسحب مشروع بتعديل قانون التعليم والمعروف بـ"قانون الثانوية العامة الجديد"، قبل مناقشته في مجلس النواب.
 
قبل خطوة سحب مشروع تعديل قانون التعليم قبل مناقشته في النواب، رفض مجلس الشيوخ مشروع قانون بتعديل قانون التعليم بشأن نظام الثانوية العامة، ووصفت الخطوة بأنها أسباب موضوعية، كان أبرزها أنه يركز على التقييم ونظم الامتحانات وليس تطوير التعليم أو المناهج ذاتها، ثم الابتعاد عن فكرة الكتاب المدرسي والاتجاه بشكل مبالغ فيه للتعليم الإليكتروني، وهذا لن يؤدي لحدوث درجة كبيرة من التحصيل والتدريب والتعلم للطلاب، ناهيك عن المشكلات التي حدثت خلال الامتحانات، على رأسها أنها لم تقض على الغش، وحدثت العديد من الوقائع في تسريب الامتحانات وذكرها الوزير طارق شوقي بنفسه أمام مجلس الشيوخ.
 
صحيح أن سحب تعديلات قانون التعليم لا يعني بالضرورة أن هناك رفضا كاملا لتلك التعديلات، ولكنها تعطل الوصول إلى الهدف الأساسي لتغيير النموذج المطروح للتعليم في مصر، كما أنها أعطت انطباعا لأولياء الأمور بالتخبط وعدم الدراسة الوافية لكل الجوانب، ما يولد شعورا بالغضب والقلق على مستقبل أولادهم، الذين سيصبحون حقول تجارب في الفترة القادمة.
 
على مدار الأيام الماضية، كان من الواضح أن أغلبية أولياء الأمور، قبل الطلاب نفسهم، لم يستوعبوا فلسفة الوزير طارق شوقي في انخفاض مجاميع درجات الثانوية العامة، وبالتالي انخفاض تنسيق دخول الكليات وخاصة ما يسمى بكليات القمة، حتى الآن لا يعرف أولياء الأمور ماذا يحدث ولماذا وما هدف تغيير نمط التعليم والامتحانات من الأساس!.
 
عندما تواصلت مع عدد لا بأس به من أولياء الأمور الذين قرروا التحويل لأبنائهم من التعليم العام إلى الأزهر الشريف، وجدت أن الأسباب جميعها تقريبا مشتركة؛ وتدور في دائرة واحدة لا تخرج عن الخوف والقلق والتخبط والمعاناة وعدم إظهار المستوى الفعلي للطالب في التعليم العام وخاصة بنظام الامتحانات، في المقابل ثبات الدراسة ونظام الامتحانات الواضح دون مواربة، رغم ثقله، في الأزهر الشريف، فهم يروونه أنه المخرج والمهرب من المعاناة.
 
هذا العام كان الأزهر حريصا على خروج عمليات الامتحانات بحيادية تامة مع الالتزام بكافة الضمانات التي تحفظ حقوق طلاب الشهادة الثانوية الأزهرية، مع مزيد من التعليمات المشددة بإعطاء الفرصة كاملة للطالب بعد النتيجة حتى يتأكد من أوراق إجابته ودقة نتيجته، وهذا ما حدث بالفعل.
 
ما حدث من تحويلات بشكل كبير من التعليم العام إلى الأزهر لابد من دراسة أسبابه بشكل جيد، ولا يترك الأمر يمر هكذا دون الوقوف على الأسباب، المسألة برمتها تحتاج إلى إعادة نظر، وخلال المرحلة المقبلة لابد وأن يستمر التواصل بين الجهات المختلفة للحصول على النموذج الأمثل للتعليم في مصر.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة