روح الأهلي إلى بارئها

السبت، 25 سبتمبر 2021 11:30 م
روح الأهلي إلى بارئها
مصطفى الجمل

«الأسوأ من الهزيمة عد القتال للفوز»، بهذا الشعار اتفقت مبادئ النادي الأهلي مع الداهية البرتغالي مانويل جوزيه، فكانت النتيجة محسومة بـ20 لقبًا محليًا وقاريًا، وبرونزية بكأس العالم للأندية في اليابان.
 
هذه كانت الروح التي يلعب بها النادي الأهلي مبارياته الودية والرسمية في البطولات المحلية والقارية، لا يخشى أحداً، ولا تطأ أقدام لاعبيه أرض الملعب إلا ليلقوا الرعب في قلب المنافس، وليس العكس.
 
ما شهدناه الثلاثاء الماضي في مباراة النادي الأهلي ونادي طلائع الجيش في كأس السوبر المصري، يوحي للقاصي والداني بأن النادي الأهلي فقد هذه الروح التي تحدثنا عنها في السطور الماضية. 
 
دخل الأهلي بطولة المباراة واحدة محملاً بمرارة فقدان الدوري، فكان الأمل في أن يصالح جمهوره بهذه البطولة السهلة، وخاصة أنها أمام فرق يحتل المرتبة الثامنة في الدوري العام، ولا يملك 10% مما يملكه النادي الأهلي من مقومات فنية ومالية وإدارية. 
 
الأمر الذي أثار غضبة جماهير الأهلي، أن هذا الفريق نفسه – طلائع الجيش – هو الذي أفقد النادي الأهلي بطولة الدوري العام بالتعادل القاتل في مباراة كانت سهلة أمام الشياطين الحمر، لولا فقدان اللاعبين لروح الفانلة الحمراء. 
 
كانت تنتظر جماهير النادي الأهلي من جهازهم الفني لفريق كرة القدم واللاعبين، أن يدخلوا مباراة السوبر ليستقتلوا على الفوز، وأن يضعوا في حسبانهم أن هذه البطولة لا حل أمامهم سوى حصدها، حتى من باب البرهنة على أن شماعة الإجهاد كانت هي السبب الأبرز في خسارة الدوري. 
 
قدم اللاعبون إلى هذه المباراة من راحة سلبية استمرت لعدة أيام، وغياب عن الملاعب اقترب من الـ 48 يوماً، أي أن شماعة الإجهاد لا مكان لها بينهم، ولكنهم قدمواً أداء أسواً من ذلك الذي كان يقدمونه في آخر مباريات الدوري. 
 
لعب لاعبوا الأهلي 120 دقيقة دون أن يقدموا جملة واحدة يمكن أن تندب الجماهير الحظ على ضياعها، اللهم إلا لعبة بين ميكسيوني ومحمد مجدي قفشة، وأضاعها قفشة بمنتهى الرعونة، غير المعهودة منه، وكأنه نسي الكرة خلال فترة الإجازة.
 
يستحق قفشة دون غيره من اللاعبين جائزة الأسوأ خلال هذه المباراة، وخاصة بعدما ظهر عليه حما القاضية ممكن، التي يعيش على أثرها خلال العام الماضي، وكأنه وصل إلى سدرة المنتهى، ولم يعد بحاجة إلى تقديم الجديد، وبذل المزيد من المجهود، حتى يصبح واحداً من أساطير القلعة الحمراء. 
 
لم يستفد قفشة من دروس لاعبين خلقوا ومضات داخل جدران الجزيرة واختفوا بعدها، ليتذكرهم الجمهور بهذه المشاهد فقط، فمثلاً لا يتذكر أحد لخالد بيبو سوى مباراة الـ 6-1، وغيره الكثير من اللاعبين الذين كان بإمكانهم أن يخلدوا داخل الجدران الحمراء ولكنهم اعتمدوا على الومضة الأشهر، واتكأوا عليها، ونسوا أنفسهم فنسيتهم الملاعب والجماهير. 
 
الحديث عن قفشة يمكن أن تعيده عن محمد شريف - المخيف الحريق وما إلى ذلك من ألقاب خلعت عليه-  الذي ظهر لابساً روح الراحل مروان محسن، فتارة يضيع انفراد سهل على طفل في السادسة من عمره، وتارة تجده سارحاً أمام مرمى الخصم، فيضيع على فريقه بدلاً من الفرصة ثلاثة للتسجيل، وإنهاء المباراة في وقت مبكر.
 
شريف وقفشة، وصل بهم عدم التركيز إلى دخولهم تسديد ركلتي جزاء فارقتين في حصولهم على البطولة بمنتهى الرعونة وكأنهم يتعمدون تحقيق شهرة للحارس للمجتهد محمد بسام، الذي جد واجتهد حتى استحق فعلاً التكريم وإهداء اللقب للراحلة والدته. 
 
خاض الكابتن «الموس» – نسبة إلى موسيماني – المباراة بتشكيل غريب، لا يختلف عن التشكيل الذي خسر به نقاط فقد الدوري، فأبعد بانون عن خط الدفاع فظهر الفريق مهتزاً عاجزاً عن الخروج بالكرة من خط الدفاع لخط الوسط، وبالتالي لخط الهجوم الذي بان مفككاً، باستثناء حسين الشحات الذي كان من أهم لاعبي المباراة قبل أن يتبرع الموس ويخرجه ليشرك بدلاً منه صلاح محسن فاقد الفنيات والروح وكل ما له علاقة بكرة القدم والنادي الأهلي. 
 
 الحديث عن صلاح محسن يتطابق تماماً على اللاعب الشاب طاهر محمد طاهر الذي يسير مع القافلة الحمراء على سطر ويترك 10 سطور، فلا تستطيع الوقوف على تقييم جاد له، فهل هو لاعب مميز ويحتاج إلى الخبرة أم أنه لاعب أرعن ويحتاج إلى تخفيف الفانلة وتغيير العتبة. 
 
تجاهل موسيماني في هذه المباراة اثنين من اللذين يمتلكان روح الفانلة الحمراء بغض النظر عن مردودهم الفني، فكان ضرورياً أن يكون في الملعب كل من وليد سليمان صاحب  الخبرة الكبيرة، ومحمود كهربا، وخاصة أن الأخير كان في الملعب حتى نهاية الدوري وكان مردوده الفني أفضل بكثير من مردود لاعب كصلاح محسن أو طاهر محمد طاهر. 
 
كره موسيماني لكهربا قد يكون مقنع، واستبعاده قد يكون منطقياً، ولكن غير المنطقي أن يكون اللاعب خارج حسابات المدرب ويترك له مقعداً على دكة البدلاء خوفاً من غضبة كهربا والجماهير، مدرب الأهلي يجب أن يملك المساحة التي تتيح له أن يستبعد لاعب لن يعتمد عليه ويترك الفرصة لغيره قد يفيد الفريق في هذه الفترة. 
 
مؤكد أن موسيماني أخطأ باستبعاده الشابين عمار حمدي وأحمد عبد القادر، مؤكد أن أداء الإثنين كان سيصبح أفضل بكثير من أداء لاعبين كطاهر محمد طاهر وصلاح محسن، وخاصة انهما قادمان من فريقين كبيرين في الدوري، وقدما  أداء ممتازاً خلال فترة الإعارة للاتحاد وسموحة. 
 
تبديلات موسيماني لم تكن أفضل بكثير من التشكيل، فعمد إلى مشاركة اللاعبين الجدد وكأنهم يعمد إلى حرقهم أمام الجماهير في مباراة متوترة كتلك، فلم يظهر ميكسيوني بما هو متوقع منه ولم يؤد حسام حسن الأداء المنتظر منه. 
 
بعد انتهاء التبديلات لمدرب الفريق الأحمر، حكمت العشوائية أداء الفريق، فاثنين يلعبان في مركز رأس الحربة غاب عنهم أدنى درجات التفاهم وجناحين تجدهم بعيدون عن مراكزهم وينزلون إلى خط الوسط لاستلام الكرة ولعبها  بطريقة طولية لا تسمن ولا تغني من جوع. 
بعد انتهاء المباراة، خرج الحديث من ثقات عن أن لاعبي الأهلي تمل كثيراً من محاضرات الكابتن موسيماني، وقال البعض إن محاضرة موسيماني تصل لـ 40 دقيقة، مما يصنع حالة خمول داخل الفريق، لاعبي الأهلي يحتاجون لمدرب على الخط لا يمل الصريخ ولا يجلس دقيقة واحدة، ومن يتكاسل لدقيقة لا يتوانى عن إخراجه وتبديله مهما علا شأنه.  
 
يحتاج لاعبو الأهلي لمدرب جريء في كل شيء، جري في التدريب والمباريات والتبديلات، ولا يترك كبيرة ولا صغيرة إلا ويتعامل معها، ولا يعرف معنى لنجم الفريق. 
 
يحتاج النادي الأهلي لمدير كرة يعرف كيف يعترف بالخطأ بدلا من  السخرية من الزمالك في كل انتكاسة، وكأنه معين فقط لقصف جبهة الغريم التقليدي، وكأنه لا يملك من مقومات تقويم لاعبيه غير تلك المهارة التي قد يجيدها أي فرد لم يمارس الكرة يوماً. 
 
هذا عن أخطاء اللاعبين والجهاز الفني والإداري، ولكن قبل هؤلاء أخطأ مجلس النادي الأهلي عندما عمد إلى الاحتفالات وتكريم اللاعبين بعد خسارة الدوري بدلاً من التعنيف والبحث الحقيقي عن خسارة الدوري الأسهل في تاريخ الكرة المصرية. 
 
لا خلاف على أن احتفال النجمة العاشرة كان مبهراً للجميع، ولكن التوقيت مثل خطيئة في حق روح الفانلة الحمراء، لم نعتد في الأهلي أن يكافئ المتكاسل ويكرم المتخاذل، وتعلق الشماعات للمستهترة.
 
 
نعم حصد اللاعبون بطولتي أفريقيا خلال عام، ولكن هذا ليس كافياً في عرف الأهلي وجماهيره، وكان لابد أن يلاموا أشد اللوم على تفريطهم في دوري سهل، بتعادلهم وخسارتهم مباريات كانت لهم الأفضلية فيها، فكانوا يتقدمون في الشوط الأول ويتخاذلون باقي المباراة حتى نفاجئ بتعادل المنافس وتقدمه بعض الأحيان. 
 
احتفال النجمة العاشرة، أشعر اللاعبون وكأنهم أدوا ما عليهم، وهذا على عكس الحقيقة تماماً، أهمل اللاعبون حقاً في مباريات الدوري فكانوا يستحق العقاب، الذي صدر مؤخراً بعد خسارة السوبر، وكان لابد أن يأتي بعد خسارة الدوري مباشرة. 
 
تأخر العقاب لمن أساء فتضاعفت الخسائر، وأصبح عبد الحميد بسيوني مدرب الجيش سبباً في خسارتك الدوري والسوبر، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أننا بحاجة لمدرب عام قوي يعي معنى الفانلة الحمراء وثقلها، وينقل هذه الروح إلى اللاعبين. 
 
يحكى أنه كان هناك مدرب أجنبي يدرب الفريق الأحمر وقت تواجد التوأم حسام وإبراهيم حسن، وسافر في أجازة وأدار الكابتن أحمد ماهر الفريق بدلاً منه، فطلب منه اللاعبون أن يخفف الحصة التدريبية طالما أن الخواجة في أجازة، فهب حسام حسن منتفضاً وكان قائد الفريق وقتها، وصرخ في زملائه، قائلاً: «هنتدرب وكأن الخواجة على الخط.. واللي مش هيتدرب عدل هقدم فيه مذكرة».. وصاح في توأمه : «يالا يا إبراهيم»، فهب اللاعبون خلفه وأدوا حصتهم التدريبية كاملة، كما لو أن المدرب على الخط فعلاً. 
 
هذه الروح التي ذرعها الآباء وتوارثتها الأجيال جيلاً خلف جيل داخل القلعة الحمراء، صعدت إلى بارئها، ولا يعرف هذا الجيل عنها شيئاً، والمقصود بالجيل هنا جيل اللاعبين والمدربين والإداريين، وكذلك الجماهير التي باتت بعد كل هزيمة تبحث عن مبررات وعلل للهزيمة، وطرقاً لتشجيع اللاعبين بدلاً من نقدهم توبيخهم، وكوميكسات ترد بها على جماهير الغريم التقليدي الساخرة بطبيعة الحال من خسارتك أي مباراة حتى لو كانت في بطولة السيدة زينب الودية لكرة القدم. 
 
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق