تونس تقصقص ريش الإخوان

السبت، 02 أكتوبر 2021 06:30 م
تونس تقصقص ريش الإخوان
محمود علي


مد العمل بالإجراءات الاستثنائية لتحجيم إرهاب الجماعة.. النهضة تحاول تفخيخ البلاد عبر التحريض على الانقسام
 
تطورات متسارعة، تشهدها تونس مؤخراً تشير إلى تحرك جماعة الإخوان وذراعها السياسي حركة النهضة من أجل بث الفوضى وزعزعة الأمن والاستقرار في البلاد، في محاولة للانقضاض على السلطة مجددا وعرقلة القرارات المنقذة للدولة التي اتخذها الرئيس التونسي قيس سعيد قبل نحو شهرين.
 
وواصلت جماعة الإخوان في تونس سقوطها، بعدما ارتفع إجمالي عدد أعضاء حركة النهضة المستقيلين إلى 131 عضوا، بينهم قياديين، وذلك بعد أن تقدم 18 عضوا آخر باستقالاتهم، وهو أمر دفع القادة المتبقيين لاتخاذ تحركات لعزل رئيس الحركة راشد الغنوشي، ووفق مصادر تونسية، حمل المستقيلون من حركة النهضة قيادتها، وخاصة رئيسها الغنوشي مسؤولية تردي الأوضاع في الحركة.
 
وكان من بين موقعي بيان الاستقالة، قيادات من الصف الأول، على غرار عبد اللطيف المكي وسمير ديلو ومحمد بن سالم، وعدد من أعضاء مجلس النواب المعلق مثل جميلة الكسيكسي والتومي الحمروني ورباب اللطيف ونسيبة بن علي، وهم كانوا قريبي الصلة براشد الغنوشي.
 
وشمل البيان عدداً من أعضاء المجلس الوطني التأسيسي مثل آمال عزوز، وبعض أعضاء مجلس الشورى الوطني ومجالس الشورى الجهوية والمكاتب الجهوية والمحلية، وقالت تقارير صحفية، إن موجة الاستقالات الكبيرة في حركة النهضة، جاءت لمجموعة من الأسباب دفعتهم للاستقالة، ما يعني اعترافاً صريحاً بالفشل في إصلاح الحزب من الداخل، والإقرار بتحمل القيادة الحالية المسؤولية عما وصلت إليه الحركة من عزلة.
 
 ومن الأسباب الأخرى لاستقالة الأعضاء الـ131، تحمل النهضة قدراً مهماً من المسؤولية عما آلت إليه الأوضاع في تونس من ترد بشكل عام.
 
وأكدت قيادات حركة النهضة أن سياسة الغنوشي، التي اتسمت بقدر كبير من الدكتاتورية والتفرد باتخاذ القرار، تسببت في تصعيد حالة الاستقطاب السياسي إلى حد غير مسبوق في البلاد، مطالبين إياه بالاستقالة للحفاظ على ما تبقى من هيكل الحركة، وطالب القيادات بالإعلان عن عقد المؤتمر العام في أقرب وقت لاختيار قيادات جديدة شابة قادرة على فتح خطوط للتواصل مع الشارع التونسي والقوى السياسية، وكذلك مؤسسات الدولة.
 
وكان الرئيس التونسي قيس سعيد اتخذ مجموعة من القرارات الجريئة، استجابة لمطالب الشعب مجمدا عمل البرلمان الذي استولت على قراراته جماعة الإخوان، بموجب سيطرة حركة النهضة وحلفاءها من التيارات الأخرى على الأغلبية.
 
وجاءت قرارات الرئيس التونسي، برفع الحصانة عن أعضاء مجلس النواب، وإعفاء رئيس الحكومة من منصبه، لتنطلق البلاد نحو مسار جديد أكثر وضوحاً باللجوء إلى صوت الشعب الذي نادي مرارا وتكرارا بضرورة إسقاط الجماعة وبل محاسبتها على كل ما ارتكبته من جرائم في حق البلاد خلال العقد الماضي.
ورغم ما يحاك من جماعة الإخوان في تونس من أجل عرقلة قرارات الرئيس التونسي، عبر الدعوة إلى العنف والمظاهرات الغير سلمية والتهديد بالاغتيال والتحريض للانقسام، إلا أن السلطات التونسية مستمرة في كل ما من شأنه استقرار البلاد، متخذة إجراءات جديدة لقصصة ريش الجماعة حتى لا تكون قادرة على التلاعب بمشاعر التونسيين برفع شعارات واهية كانت قد انتهكتها كثيرا في الفترة الماضية.
 
وعلى المستوى الأمني، ألقت السلطات التونسية الأسبوع قبل الماضي، القبض على النائب المجمّد ورئيس "ائتلاف الكرامة"، سيف الدين مخلوف، بناء على بطاقة استدعاء صادرة في حقه منذ يوليو الماضي.
 
ويعد سيف الدين مخلوف، أحد أكثر السياسيين المقربين من حركة النهضة والذي تولى رئاسة ما يعرف بـ"ائتلاف الكرامة"، الجناح العنيف للحركة، ومتهم بالتورط في "التآمر على أمن الدولة الداخلي والغاية منه حمل السكان على مهاجمة بعضهم البعض".
 
ولم تكن هذه المرة الأولى التي تصدر السلطات التونسية، بطاقات استدعاء وجلب بحق النواب التابعة لفصيل الكرامة المؤيد للإخوان، ففي الفترة الأخيرة ألقي القبض على النائب راشد الخياري عن ائتلاف الكرامة، بتهمة التخابر مع أجانب، منذ أبريل الماضي.
 
ويتهم الخياري بالاعتداء على أمن الدولة الداخلي الغاية منه تغيير هيئة الدولة والمس بمعنويات الجيش وتحريض السكان على مهاجمة بعضهم بعضا بالسلاح، وربطت السلطات ذلك بتعاونه مع دولة أجنبية الغرض منها الإضرار بحالة البلاد التونسية من الناحية العسكرية.
 
وفي السياق ذاته، أعلن الرئيس التونسي قيس سعيّد، الأسبوع الماضي، الاستمرار في العمل بالتدابير الاستثنائية المتخذة 25 يوليو، لحين وضع قوانين انتقالية وتعديل القانون الانتخابي، كما أعلن مد العمل بهذه الإجراءات الاستثنائية، وقال في وقت سابق إنّ "هذه التدابير الاستثنائية ستتواصل وقد تمّ وضع أحكام انتقالية وسيتمّ تكليف رئيس حكومة ضمن أحكام انتقالية تستجيب لإرادتكم وسيتمّ وضع مشروع انتخابي جديد".
 
ووسط هتافات مؤيدة لقرارات سعيد ومطالبة بحل البرلمان. قال سعيد في مدينة سيدي بوزيد "إننا نقوم بحركة تصحيحية للانفجار الثوري"، الذي اندلع في ديسمبر عام 2010، مضيفا تم وضع أحكام انتقالية وسيتم تكليف رئيس حكومة وستكون أحكام انتقالية تستجيب إلى إرادة الشعب، ولاقى قرار مد العمل بالإجراءات الاستثنائية للرئيس التونسي، المنقذة للبلاد من سرطان الإخوان ترحيبا واسعا من قطاعات الشعب التونسي المختلفة، فلم يكن نزول التونسيون بالآلاف في الشوارع في الأيام الأخيرة للتعبير عن تأييدهم لتحركات قيس سعيد سوى تأكيد على المساندة والدعم  الواسع لما يتخذه في الحرب الدائرة ضد الجماعة الإرهابية.
 
وأعادت المظاهرات التي شهدتها تونس مؤخرا، حالة الفرح التي سادت أنحاء تونس، في أعقاب قرارات قيس سعيد المصيرية في 25 يوليو الماضي، والتي عبرت عن مدى الكبت الذي كان يعيشه التونسيين في عهد الإخوان البائد، الذي لم يشهد يوماً خلال سنوات مضت أي مظاهر للتفاؤل، ومرت تونس بفترة صعبة، قبل قرارات سعيد المصيرية، فكانت الأخبار جميعها تتحدث عن سوء الوضع الاقتصادي، انهيار في سعر العملة، معدلات الجرائم في ازدياد، ناهيك عن ممارسات الجماعة وأذرعها السياسية والمسلحة ضد الشعب.
 
وظهر مدى التأييد الشعبي لقرارات الرئيس التونسي بشكل أكثر، على مواقع التواصل الاجتماعي، كونه أنقذ البلاد من توجه لا يحمد عقباه، فالجماعة التي كانت تسيطر على البرلمان، وسطت على الحكومة لا تهتم بالدولة ولا حدود ولا مواطن ولا ديمقراطية كما تدعي، اعتمدت في قيادتها للسلطة التشريعية والتنفيذية على قمع المواطنين والمعارضة.
 
فضلا عن ذلك شهدت تونس في عهد الجماعة مساوئ عدة في الملف الاقتصادي، الذى كان له أبلغ الأثر على المواطن، وتسببت سياسات وممارسات الإخوان في تونس وفق الكثير من المتابعين والباحثين؛ في سوء المؤشرات الاقتصادية على جميع الأصعدة، حيث ارتفعت الأسعار، والبطالة، والدين الخارجي والداخلي، فضلا عن ارتفاع عجز الميزانية والتضخم، ويشير هؤلاء بأصابع الاتهام إلى حركة النهضة ونوابها بالبرلمان التابعين للإخوان كونهم كانوا أحد الأسباب الرئيسية في عدم الاستقرار السياسي والحكومي.
 
وانتقلت تونس في عهد الإخوان من مرحلة الاضطراب الجزئي في الكثير من المجالات والملفات إلى الشلل العام، بعد أن استخدمت الجماعة وحركتها النهضة كل الأساليب حتى الغير شرعية من أجل تحقق مصالحها ومصلحة حركتها فقط، مرتكبة الكثير من الانتهاكات التي عبث بأمن البلاد داخليا وخارجيا، دون النظر إلى تأثير ممارستها على الأمن القومي للبلاد.
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق