مقادير صناعة الشائعة في خمس خطوات.. واقعة ميكروباص الساحل تفتح النار على صفحات السوشيال ميديا المضللة

السبت، 16 أكتوبر 2021 08:00 م
مقادير صناعة الشائعة في خمس خطوات.. واقعة ميكروباص الساحل تفتح النار على صفحات السوشيال ميديا المضللة
أحمد سامي

"قالوله".. لا أحد ينسى مسرحية "شاهد ما شافش حاجة " للزعيم عادل إمام التي سلطت الضوء على جريمة قتل كان الدليل للشاهد هو ما سمعه من غيره.
 
 
هذه المسرحية كشفت أن هذه الأحداث ليست متواجدة بعمل درامي تمثيلي فحسب لكنها حقيقة في واقعنا بعد انتشار الكثير من الشائعات التي تتحول في لمح البصر إلى تريند على مواقع التواصل الاجتماعي، وتتسبب في تزييف وتدمير حياة الملايين سواء بالفضائح أو بنشر الشائعات، باعتبارها إحدى وسائل وأسلحة الحروب الحديثة.
 
هناك آلاف الشائعات يومياً تطلقها صفحات «السوشيال ميديا»، ويظن الكثيرون أنها حقائق، وهناك حقائق أخرى يزيفها المجرمون ويصدق الكثيرون أنها مشوهة، وفى مصر عندما عجز المخربون عن تنفيذ مخططات الهدم وإسقاط الدولة، لم يكن أمامهم إلا استخدام هذه الوسائل لتزييف الحقائق وقلب الموازين حتى وصل الأمر إلى المشروعات القومية ومشروعات الاسكان وغيرها، وما أسهل أن يجيء الواحد منهم بصورة رائعة لمشروع ما ويدخل عليها بعض التغييرات، مستخدما برامج الجرافيك والفوتوشوب ويفعل ما يريد من تشويه.
 
وكسرت مواقع التواصل الاجتماعي والسوشيال ميديا العديد من الحواجز وصنعت عالما افتراضيا لدى كثير من الناس، وأن مشكلة الشائعات أنها تظهر في المجتمعات الأقل تعليما وثقافة، لأن هناك قواعد واضحة لاستقاء المعلومات من مصادرها الصحيحة وتتيح للمصدر التأكد من مدى جدية وصدق المعلومات والسوشيال ميديا ليست مكانا لاستقاء المعلومات فى الأساس، فالأشخاص الذين يقومون بإطلاق شائعات غير الذين يقومون بنشرها يكون لكل منه اهدافه واسبابه، وهناك من ينساق وراء هذه الشائعات دون التأكد من صحتها.
 
سقوط "ميكروباص" من أعلى كوبري الساحل
 
آخر هذه الوقائع المفبركة كانت حادثة سقوط ميكروباص من كوبري الساحل التي أثارت الجدل على منصات التواصل الاجتماعي، وذلك بسبب تداول منشورات يدعى البعض فيها سقوط ميكروباص من أعلى كوبرى الساحل مع نشر صور مفبركة وكثرت الأقاويل عن تلك الحادث، وبدأت مهاجمة السائقين ونشر اشاعات عن أن سبب الحادث تناول السائق للمخدرات، ومع ذلك لم يتم العثور على الميكروباص في النيل أو الضحايا حتى الآن.
 
كانت بداية القصة بالاشتباه بسقوط ميكروباص بنهر النيل، وانتقلت أجهزة الأمن إلى كوبري الساحل، حيث سقط جزءًا يتجاوز الـ 3 أمتار من السور الحديدي للكوبري، ولكنه لا يوجد أي معلومات دقيقة عن الحادث وأن مصدر المعلومات في حادث كوبري الساحل ، شهود عيان فقط، ولا توجد صور أو فيديوهات تؤكد وقوع الحادث، ولكنها مجرد اجتهادات شخصية من بعض شهود عيان، مع انتشار بعض الصور لكسر بكوبري الساحل ولكنها كانت "مفبركة".
 
وتعاملت قوات الشرطة مع البلاغ بكل جدية على مدار 3 أيام عمل متواصلة ليل نهار، حيث واصلوا عمليات المسح والبحث عن أي اثار للحادث، وتم وضع جميع الاحتمالات حتى تتأكد من عدم صحة البلاغ أو تصل لنتيجة، كما بذلت شرطة المسطحات والضفادع البشرية جهودا مضنية في عمليات المسح لدرجة أنهم استطاعوا العثور على (توك أطفال وسلاسل) من قاع النيل، إلا أنها لم تجد أي أثر لميكروباص الساحل أو لأي جثة، في رسالة من قاع النيل تؤكد أن الواقعة غير صحيحة.
 
وتضاربت الأقوال حول وجود كسر في حديد سور كوبري الساحل، حيث اختلفت الروايات ما بين أنه آثار حادث سقوط الميكروباص وأخرى تؤكد أنه نتيجة حادث بين توك توك وسيارة أخرى، قبل واقعة أو شائعة سقوط ميكروباص الساحل بـ 24 ساعة أدت إلى تطاير جزء من السور الحديد لكن لم يسقط أي منهما في النيل، ولم تتلق أجهزة الأمن أي بلاغات تفيد بتغيب أو فقد أي أشخاص خلال الـ 48 ساعة الماضية، كما أن أحد المبلغين قرر أنه "لم ير سقوط الميكروباص لكن سمع صوت "زي خبطة أو انفجار بس معرفش هو إيه"، مما يشير إلى أنه قد يكون "بلاغاً كاذباً".
 
شائعات موت الفنانين وزواجهم
 
لم تكن هذه الشائعة هي الأولى فحسب ولكن هناك آلاف الشائعات التي تطلق يوميا وتتصدر تريند مواقع التواصل الاجتماعي، حيث شهدت مواقع التواصل الاجتماعي ومنصات السوشيال ميديا خلال الفترة الماضية، تزايدا في أعداد الشائعات التي تستهدف الوسط الفني وخصوصا شائعات وفاة الفنانين، وتقف الحسابات المزيفة على وسائل التواصل الاجتماعي، وراء انتشار هذه الشائعات التي تلاحق المشاهير، بالإضافة إلى حسابات وقنوات على يوتيوب لأشخاص عاديين، يحاولون زيادة عدد المتابعين، وبالتالي الشهرة أو الإعلانات أو الظهور الإعلامي، والتي تتسبب في حالة من الغضب في الوسط الفني ولدى الفنانين ممن طالتهم أسهم الشائعات وكذلك ذويهم الذين يبادرون بالنفي من خلال السوشيال ميديا أو من خلال وسائل الإعلام المختلفة.
 
وطالت هذه الشائعات الكثير من الفنانين ومنهم الراقصة لوردينا ضحية لهذه الشائعات، حيث انتشرت شائعة على السوشيال ميديا تفيد بمقتل الفنانة على يد حارس العقار الذى تسكنه، وتم تداول الشائعة على نطاق واسع، قبل أن تسارع لوردينا بنفي هذه الشائعة من خلال صفحتها على موقع إنستجرام، كما انتشرت شائعة طالت الفنانة بدرية طلبة والتي ادعت حسابات على موقع الفيس بوك وفاتها في حادث سيارة خلال رحلة إلى الساحل الشمالي، لتسارع أيضا الفنانة بنفي هذه الشائعة والتي انهالت عليها الاتصالات بعد انتشار الشائعة، لتؤكد من خلال صفحتها الرسمية على موقع انستجرام عدم صحة هذه الأخبار وأنها بصحة جيدة.
 
ولم يكن الفنان محمد السعدني بعيدا عن تلك الشائعات التي طالته هو أيضا ولكن بشكل جديد وهو الغرق، حيث تداول البعض شائعات عن وفاة الفنان غرقا في الساحل الشمالي، ليخرج من خلال «لايف» على صفحته على إنستجرام ليؤكد عدم صحة هذه الأخبار ويعلن أنه بصحة جيدة، كما تمكنت هذه الشائعات من الوصول إلى فنانين آخرين سارعوا فى نشر هذه الأخبار الكاذبة دون التأكد من مصداقيتها مثل الفنان الكبير عادل إمام.
 
كما تعرضت الفنانة هيفاء وهبي لشائعة زواجها من مدير أعمالها محمد وزيري، وذلك بعد ظهورهم في صور خاصة في احتفالها بعيد ميلادها في بداية شهر مارس، ولكنها ظلت صامتة حتى نهاية الشهر لتخرج عن صمتها وترد من خلال تدوينة لها قالت فيها: "الزواج خبر سعيد، واحترامي لجمهوري لا يسمح أن أخبئ حدث هكذا، ولكن من الآن حتى يحصل ذلك أعلن أني لم أتزوج، وأطلب من مروجي هذا الخبر التوقف واحترام خصوصية الآخرين".
 
شائعات كورونا والفطر الأسود
 
انتشرت الشائعات حول تفشي حالات الإصابة بفيروس كورونا والفطر الأسود بأنحاء الجمهورية، والتي تسببت في نشر الذعر بين المواطنين. تلك الشائعات تضمنت الكثير من المعلومات المغلوطة حول الفيروس، وسط عملية نقل ونسخ للأخبار المغلوطة عبر السوشيال ميديا، دون تدقيقها، وتجاهل البيانات الرسمية الحاضرة بقوة بصفة مستمرة لدحض الشائعات، والتأكيد على الحقائق، إلا أن البعض دأب على ترويج الشائعات، بحثاً عن "لايكات" أو "شير" على الفيس بوك ، وهو ما يؤثر بشكل كبير على المواطنين.
 
ومع الانتشار الواسع للفيروس القاتل، أطلقت العديد من الشائعات حول طريقة الوقاية والعلاج من المرض، على مواقع التواصل الاجتماعي وتزايدت الأكاذيب حوله، وكان آخرهم التدوينة التي نسب لعالم الفيروسات الفرنسي لوك مونتانييه، الفائز بجائزة «نوبل» فى العام 2008، أن الملقحون سيموتون بعد عامين هذه هي التدوينة أو الكذبة الكبرى التي انتشرت في العالم كالنار في الهشيم، وسببت حالة من الهلع والفزع بين كثيرين من مستخدمي السوشيال ميديا في الشهور الماضية..
 
من اختلقوا الكذبة نسبوها إلى واحد من أشهر علماء الفيروسات على مستوى العالم، وهى مصحوبة بصور ومقطع فيديو قصير يحمل ترجمة مفادها أن العالم الفرنسى مونتانييه قال ذلك الكلام، وشرح الأسباب التى تؤيد الخلاصة التى وصل إليها، وبمجرد نشر هذه التدوينة، تم مشاركتها وتبادلها بسرعة قياسية فى بلدان مختلفة حول العالم، وبسبب خطورتها فقد بادرت العديد من الجهات إلى تكذيبها، محذرة من ترويج محتواها بين الناس.
 
عقوبة نشر الشائعات
 
وسعت الدولة في محاولة مكافحة الشائعات والأخبار الكاذبة، خاصة التي يتم نشرها عبر مواقع التواصل الاجتماعي وذلك لما لها من انتشار وتأثير واسع، نظرا لحجم الجمهور الكبير على منصات السوشيال ميديا، وبموجب قانون تنظيم الصحافة والإعلام، تعاملت الدولة المدونات وحسابات التواصل الاجتماعي التي يزيد عدد متابعيها عن 5 آلاف شخص معاملة وسائل الإعلام مما يجعلها تخضع للملاحقة القضائية عند نشر أخبار كاذبة أو التحريض على خرق القانون.
 
وبحسب المادة 188 من قانون العقوبات، يعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز السنة وبغرامة لا تقل عن 5 آلاف جنيه ولا تزيد على 20 ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من نشر بسوء قصد أخبارا أو بيانات أو إشاعات كاذبة أو أوراقا مصطنعة أو مزورة أو منسوبة كذبا إلى الغير، إذا كان من شأن ذلك تكدير السلم العام أو إثارة الفزع بين الناس أو إلحاق الضرر بالمصلحة العامة.
 
ويعاقب أيضا القانون، بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر ولا تزيد على خمس سنوات، وبغرامة لا تقل عن 100 جنيه ولا تجاوز 500 جنيه، كل مصري أذاع عمدا في الخارج أخبارا أو بيانات أو إشاعات كاذبة حول الأوضاع الداخلية للبلاد، وكان من شأن ذلك إضعاف الثقة المالية بالدولة أو هيبتها واعتبارها أو باشر بأي طريقة كانت نشاطًا من شأنه الإضرار بالمصالح القومية للبلاد، وتكون العقوبة السجن إذا وقعت الجريمة في زمن حرب.
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة