كنوز مصر المنسية على رادار الدولة

السبت، 23 أكتوبر 2021 06:00 م
كنوز مصر المنسية على رادار الدولة
سامي سعيد

خطط حكومية للاستفادة من النفايات الإلكترونية والرمال السوداء.. وبدء تنفيذ مصنع فوسفات أبو طرطور باستثمارات 15 مليار جنيه فى يناير
خبراء: الرمال السوداء كنز مصري يشغل المصانع 30 عام.. والدولة تنتج 88 ألف طن سنويا من المخلفات الإلكترونية والاستثمار بها يوفر الآلاف من فرص العمل  

 
ظلت الدولة المصرية على مدار عقود تتجاهل ثرواتها الطبيعية سواء عن عمد أو بسبب الروتين والبيروقراطية، فهذه الدولة منحها الله وفرة في عشرات المجالات، مثل الرمال والريح والشمس والفوسفات والغاز بجانب المخلفات الإلكترونية، وغيرها من الثروات المنسية، حيث تناسى المسئولون في السابق أن استثمار هذه الثروات وإدخالها في التصنيع يحقق العشرات من المكتسب ويخلق الآلاف من فرص العمل، ويجعل هناك مصدر للدخل يعادل دخل السياحة وقناة السويس يجعل اقتصاد هذه الدولة في مكانة أفضل وبين أقوى اقتصاديات العالم.
 
هذه الثروات المنسية بدأت الدولة مؤخرا الاستثمار فيها ووضعها ضمن أجندة اهتماماتها، وذلك عقب إعلان الرئيس عبد الفتاح السيسي، في أكثر مناسبة، عن أهمية الاستفادة من الثروة المعدنية وتصنيعها بحيث تم الاستفادة من تصنيع المواد الخام التي يتم تصنيعها سواء في مجال الفوسفات أو الرمال السوداء، مشيرا إلى أن تم وضع رؤية استراتيجية لتطوير قطاع التعدين في مصر، تعظم الاستفادة من موارد الدولة.
 
تعديل القانون الذي ينظم الثروة المعدنية والذي صدر في الخمسينات من القرن الماضي، كان من بين الخطوات التي اتخذتها فكان هناك ضرورة لوجود قانون جديد وهذا ما تم بالفعل حيث تم إصدار اللائحة التنفيذية للقانون الجديد في يناير من العام الماضي.
 
الرمال السوداء.. الاستغلال الأمثل 
 
تعد مصر من أكبر الدول في العالم التي تمتلك رمال سوداء، وذلك في 11 موقعا على السواحل الشمالية تنتشر فيها الرمال السوداء بتركيزات مرتفعة، بدءًا من رشيد حتى العريش بطول ساحل 400 كيلو متر، تبدأ من إدكو شمال محافظة البحيرة، وتوزع على 4 مناطق تشمل شمال سيناء بواقع 200 مليون متر مكعب، ودمياط بواقع 300 مليون متر مكعب، ورشيد بواقع 600 مليون متر مكعب، وبلطيم بواقع 200 مليون متر مكعب.
 
وترجع تسمية الرمال السوداء بهذا الاسم حيث أنه يغلب عليها اللون الداكن لاحتوائها على كثير من المعادن الثقيلة كخامات الحديد، كذلك تحتوي الرمال السوداء على معادن اقتصادية تدخل في العديد من الصناعات من أبرزها معدن الروتيل والإيلمنيت ويستخدم في صناعة البويات، و معدن الزركون ويستخدم في صناعة السيراميك والعوازل والخزف والأسنان التعويضية، كما يستخرج من معدن الزركون عنصر الزركونيوم الذى يستخدم في صناعة أغلفة الوقود النووي، وفى العديد من الصناعات النووية والاستراتيجية الأخرى، مادة الجرانيت ويستخدم في صناعة فلاتر المياه والصنفرة، والماجنتيت الذى يستخدم في صناعة الحديد الإسفنجي و تغليف أنابيب البترول.
 
وخلال الفترة الماضية تم إنشاء مصنعين للرمال السوداء بمدينة بلطيم بتكلفة تجاوزت 2,500 مليار جنيه، بجانب إنشاء مصنعين لفصل الرمال السوداء بطول 20 كم على سواحل مدينة بلطيم بمحافظة كفر الشيخ، حيث تحتوي الرمال السوداء بتلك المنطقة على نسبة عالية من المعادن الثقيلة التي يتم استخدامها في العديد من التطبيقات الصناعية وبشكل خاص صناعة خامات الحديد هياكل السيارات، والطائرات وخلافه، كذلك تم توفير عدد من فرصة عمل لأبناء كفر الشيخ حتى الآن للعمل بالمصنع وستزيد النسبة بعد الانتهاء من الأعمال.
 
وكانت الرمال السوداء على مدار السنوات الماضية قبل الشروع في إنشاء المصنعين تسرق، ولكن بعد اهتمام الدولة بها تم الوقف بقوة تجاه تلك المحاولات، كما تم نقل تلك الرمال للحفاظ عليها، ليتحقق حلم رواد أهالي المحافظة عبر العشرات من السنوات للاستفادة من الرمال السوداء.
 
وأكد عدد من الخبراء أن مصر تمتلك احتياطي من الرمال السوداء بكمية حوالي 500 مليون متر مكعب وذلك في منطقة رشيد كما تمتلك حوالي 300 مليون متر مكعب بلطيم بكفر الشيخ 200 مليون متر مكعب وشمال سيناء 100 مليون متر مكعب مؤكدين أن هذه الاحتياطيات تكفي لتشغيل عدة مصانع لأكثر من30  عاما، كما أكدوا أن الدولة المصرية أصبحت تتعامل برؤية علمية مع ملف الثروات المعدنية والتي من بينها ملف الرمال السوداء حيث شهدت الفترة الماضية، حيث تم تسجيل أول رسالة ماجستير متخصصة في دراسة كيمياء المعادن الاقتصادية في الرمال السوداء.
 
الفوسفات.. مخزون استراتيجى 
 
يأتي الفوسفات من الثروات التي تمتلكها مصر فيوجد في مصر منطقة كاملة لاستخراج الفوسفات وهي منطقة فوسفات أبو طرطور، بمحافظة الوادي الجديد وتعد أكبر منتج ومُصدر للفوسفات على مستوى مصر، حيث يقدر إنتاج المنطقة بحوال مليون و200 ألف طن للتصدير في الخارج و500 ألف طن للسوق المحلي، وجاء ذلك نتيجة التطوير الذي تم خلال الفترة الماضية.
 
فيما يتبع مشروع فوسفات مصر لوزارة وقطاع البترول والذي تعتمد عليه الدولة في التنمية وتحقيق عائد لها، من خلال منظومة واستراتيجية تهدف إلى أن تكون شركة فوسفات مصر هي الأكبر عالميًا في إنتاج الفوسفات كشركة تعدين وعلى الأقل تكون هي الأولى في شركات التعدين على مستوى دول حوض البحر المتوسط، فيما يتم حاليا  العمل على إنشاء مشروع مجمع إنتاج حامض الفوسفوريك بمنطقة أبو طرطور، بطاقة إنتاجية للمشروع تصل إلى 500 ألف طن سنويا، استثمارات ب تتجاوز المليار دولار ، تدخل بها مصر مرحلة جديدة من إنتاج حامض الفوسفوريك.
 
والأسبوع الماضى أعلن محافظ الوادي الجديد اللواء محمد الزملوط أنه سيتم البدء في تنفيذ مصنع فوسفات مصر أبو طرطور يناير المقبل، بإجمالي استثمارات تتراوح من 14 الى 15 مليار جنيه ليصبح أكبر استثمار في المحافظة، وقال أنه تم الانتهاء من كافة إجراءات الطرح والترسية والدراسات الفنية والمالية والتمويل موضحا أنه بالتوازي سيتم اعادة تأهيل خط سكك الحديد الذي يربط مدينة أبو طرطور سفاجا والبحر الأحمر بحجم استثمارات يبلغ 6 مليارات جنية.
 
النفايات الإلكترونية 
 
تعد المخلفات الإلكترونية أحد الثروات المهدرة كونها يمكن الاستفادة منها ودخولها في تصنيع مواد اخرى بالإضافة إلى تدويرها بما يحقق العديد من المكاسب سواء للدولة أو للمواطنين خاصة انه يتم استخراج عدد من المعدن من المخلفات الالكترونية منها النحاس ويأتي ذلك تطبيقا لقانون تنظيم إدارة المخلفات الذي أصدره مجلس النواب.
 
 ووفقا لدراسة حديثة لوزارة البيئة، عن كمية المخلفات الإلكترونية المنتجة في مصر سنويا بأنها تصل لنحو 88 ألف طن سنويا، حيث تعد المنازل ثاني أكبر مصدر للمخلفات الإلكترونية، ثم القطاع الحكومي، في المقابل اعتبر الخبراء أن المخلفات الإلكترونية كنز يمكن الاستفادة منه، ولكن يحتاج إلى استثمارات. 
 
 وخلال الفترة الماضية أعلنت وزارة البيئة إطلاق تطبيق إلكتروني «E-Tadweer» بهدف جمع المخلفات الإلكترونية من المنازل لأول مرة في مصر، كمرحلة لدعوة المواطنين لسرعة التخلص الآمن من المخلفات الإلكترونية الخطرة، مقابل نقاط وخصومات للتحفيز على تلك المبادرة، فضلا عن الترويج للحملة على منصات التواصل الاجتماعي، وإعداد حملات لرفع الوعي لمختلف فئات المجتمع حول ضرورة التخلص الآمن من مخلفاتهم الإلكترونية بطرق آمنة.
وتتضمن المرحلة الأولى من التطبيق جمع مخلفات أجهزة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات الصغيرة كالحاسب الآلي والمحمول، الشواحن، الكاميرات، العاب الفيديو، بلاي ستيشن، الهواتف المحمولة وشاشات الكمبيوتر صغيرة الحجم، وفي المرحلة الثانية سوف يتم تفعيل الجمع من المنازل ليتمكن المستخدم من التخلص من الاجهزة المنزلية كبيرة الحجم مثل الغسالات، ثلاجات، بوتاجازات وشاشات تلفزيون كبيرة الحجم.
 
وأكد الدكتور طارق العربي رئيس جهاز تنظيم وإدارة المخلفات بوزارة البيئة، أن الوزارة تعيد تدوير هذه المخلفات الإلكترونية ونخرج منها الأشياء ذات القيمة بجانب التخلص من الأجواء الخطرة ودفنها في المدافن المخصصة لذلك من خلال مصانع إعادة التدوير، وهناك 12 مصنع لإعادة تدوير.
 
خلال الفترة الماضية أعلنت الحكومة عن التخلص الآمن من حوالي (7091) طن من المخلفات الإلكترونية بطاريات حامض الرصاص بالتنسيق مع شركات تشغيل المحمول، والانتهاء من إصدار التراخيص وتقنين أوضاع ل (7) مصانع لتدوير المخلفات الإلكترونية، كما تم إصدار الموافقات البيئة لـ(5) مصانع أخرى وجارى استكمال إجراءات استصدار التراخيص لهم.
 
كما تم تصدير 524 طن من شاشات أنابيب الأشعة الكاثودية الموجودة بالموانئ المصرية (بورتو فيق، العين السخنة، أسوان، سفاجا، بورسعيد شرق، بورسعيد غرب، الدخيلة، دمياط) للتخلص الآمن منها بالمنشآت المتخصصة خارج البلاد، وجارى تصدير 481 طن من شاشات أنابيب الأشعة الكاثودية الموجودة بميناء الإسكندرية، ليصل إجمالي الكمية التي تم التخلص منها بنهاية مايو 2021 إلى حوالي 1005 طن.  
 
الرخام ومجمع الجلالة 
 
ويأتي قطاع الرخام ضمن الثروات التي لقت اهتماما كبيرا خلال الفترة الماضية بعد ان عانى التهميش والتجاهل وكان أحد أشكال الثروة المنسية والمهدرة ولكن تغير الوضع بعد إنشاء مجمع الجلال لإنشاء الرخام وهو أكبر مدينة متكاملة لتصنيع الرخام في العالم.
 
مصنع الجلالة للرخام هو اول مصنع انشئ من مجمع مصانع الرخام والجرانيت وهو أحد مشروعات منطقة الجلالة ويضم المجمع 13 مصانع للرخام ومصنع للجرانيت بطاقة اجمالية 24 مليون متر مربع رخام ومليون متر مربع جرانيت. بالإضافة إلى مصنع للطوب الإسمنتي مصنع للطوب الخفيف، مصنع للرخام الصناعي لتدوير هوالك مصانع الرخام والجرانيت، ومصنع لمستلزمات مصانع الرخام والجرانيت. ومن المخطط أن يتم الانتهاء من إنشاء مصانع المجمع بنهاية 2020.
 
وبذلك يعتبر المجمع أكبر كيان لإنتاج الرخام والجرانيت عالميا إذ يضم 30 ونش شونة و     96 منشار للرخام، و80 ماكينة قاطع البلوكات و 8 خطوط معالجة الطاولات بالايبوكسي و24 خط تلميع ومعالجة الطاولات ومثلها للشرائح و16 ماكينة CNC و16 ماكينة water jet وخطوط حرق الطاولات والسفح بالرمال. بالإضافة إلى 4 منشار سلك للجرانيت و 4 ماكينات قواطع بلوكات الجرانيت، وعدد 2 جلاية طاولات و 2 جلاية شرائح. وتتيح تلك التجهيزات لمجمع المصانع أن ينفرد بتلبية كافة احتياجات المشروعات الكبرى بجودة عالية وفى الوقت المناسب بكافة التشطيبات المطلوبة.
 
وللمجمع عدد 30 محجر للرخام والجرانيت من المخطط أن تصل الى أكثر من 70 محجر لتلبية احتياجات المجمع من الخامات النادرة عالية الجودة.
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة