قمة المناخ.. لتجنب الكارثة أم تجربة أخرى ضائعة

الثلاثاء، 02 نوفمبر 2021 04:30 م
قمة المناخ.. لتجنب الكارثة أم تجربة أخرى ضائعة

بدأ قادة العالم اليوم الأحد الوصول إلى مدينة جلاسكو الأسكتلندية لحضور قمة المناخ التي ستنطلق فعاليتها غدًا الاثنين الأول من نوفمبر وتستمر لمدة أسبوعين بعد أن تم تأجيلها على خلفية تداعيات تفشي كورونا منذ أعلنته منظمة الصحة العالمية وباءً في مارس من عام 2020.

وتضع القمة نصب أعينها هدفًا أكبر يعد الضامن للحفاظ على منظومة الحياة في كوكب الأرض وهو محاولة الإبقاء على زيادة درجات الحرارة بحيث لا تزيد عن 1.5 درجة مئوية لتجنب تداعيات الاحتباس الحراري.

وفي دراسة لنرمين سعيد بالمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، ذكرت أنه تكمن أهمية القمة الحالية أيضًا في التوقيت الذي يشهد فيه العالم أزمة طاقة كبرى. ويشكك الكثيرون فيه في جدوى التحول للطاقة المتجددة، وما إذا كان الأمر يستحق الارتفاع الجنوني لأسعار الوقود الأحفوري في ظل تباطؤ التحول إلى مصادر الطاقة المتجددة والاعتماد عليها بشكل كامل.

وفي هذا الإطار تسعى القمة الحالية إلى إلزام الدول بالمزيد من التعهدات المتعلقة بخفض الانبعاثات الكربونية؛ حتى تتمكن من تحقيق هدفها في الحد من زيادة درجات الحرارة، وذلك عن طريق اجتذاب الدعم المادي لتسهيل التحول إلى مشاريع الطاقة المتجددة بالنسبة للعديد من الدول.

 

ولكن تتراجع الطموحات بالنسبة للقمة الحالية بسبب غياب الثقة في القمة نتيجة غياب حضور قادة بعض الدول الكبرى التي تؤثر بشكل كبير في الانبعاثات الكربونية ومنها قادرة روسيا والصين والبرازيل. ومن هذه الزاوية تبرز الخلافات بين الولايات المتحدة والصين على وجه التحديد؛ إذ تصر الأخيرة على عدم الدخول في مباحثات بشأن المناخ، في الوقت الذي تنتقد فيه واشنطن سجلها في حقوق الإنسان بشكل مكثف، وكذا تثير واشنطن التوترات في تايوان مخلفة قلق بالغ لدى السلطات الصينية.

ورغم سقف الطموحات العالي إلا أن الإشارات التي أرسلتها القمة حتى الآن بدت بعيدة عن أهدافها الطموحة، خصوصًا أن معدل زيادة درجات الحرارة الآن يصل إلى 2.7 وهو ما انعكس في الإشارات التي بعثت بها كل من موسكو وبكين. خصوصًا وأن قادة مجموعة العشرين والمسؤولين عن 80% من الانبعاثات الكربونية في العالم والمجتمعين في روما اليوم سيتوصلون خلال بيانهم إلى خفض درجات الحرارة إلى 1.5 درجة ولكن دون إصدار التعهدات اللازمة، وهو ما يعطي مؤشرًا عن سير قمة المناخ في الغد؛ إذ إنها يمكن أن تعلي سقف الأهداف ولكن دون وجود تعهدات تذكر لتحقيقها.

معضلة نقص التمويل

يمثل صندوق المناخ الأخضر الذي تم إنشاؤه في عام 2015 بهدف دعم الدول النامية في هذا المجال أكبر التحديات للقمة الحالية، فهو معني بتنفيذ مشروعات تستهدف الحد من الانبعاثات الكربونية وتحقيق أهداف التنمية المستدامة، وهو ما يحتاج إلى تمويلات ضخمة تسعى الدورة الحالية للقمة لتوفيرها.

وفي ظل تفاقم تداعيات التغير المناخي على الدول المتقدمة والنامية والتي تمثلت في حرائق للغابات أتت على ملايين الهكتارات من الثروة الخضراء وغيرها من الآثار، بدا أن القمة الحالية هي الأهم منذ قمة باريس للمناخ التي تم عقدها في عام 2015.

ولذلك فإن الأجندة الحالية أمام القمة تتضمن آليات فعالة لتنفيذ ما يتم الاتفاق عليه، وتتضمن اتخاذ إجراءات سريعة ضمن خطط وطنية شاملة، مع تحديث هذه الخطط بما يتلاءم مع المتغيرات كل خمس سنوات.

 

وفي هذا السياق، تضغط الحكومة البريطانية والتي تترأس الدورة الحالية من أجل إبرام اتفاق لإنهاء استخدام الفحم بشكل نهائي. كذلك اقترحت وقف استخدام السيارات التي تعمل بالبنزين والديزل بحلول عام 2040، فضلا عن دعوتها إلى تخصيص أموال لوضع حد لانحسار مساحات كبيرة من الغابات حول العالم.

تقاعس دولي

أمام هذه الأهداف الطموحة ظهر تقاعس دولي في توفير الموارد المالية اللازمة للدول النامية كي تصبح جزءًا من المنظومة، لأنه ومنذ عام 2009 تعهدت الدول المتقدمة بدفع مليار دولار بشكل سنوي بهدف الحد من آثار التغير المناخي والتكيف مع الطاقة المتجددة بحلول عام 2022 ولكن في عام 2019 فقط تراجع التمويل بنحو 20 مليار دولار.

ويجب الأخذ في الحسبان أن كل تلك الجهود إذا آتت ثمارها ستصل إلى ما يعرف بالحد من ظاهرة الاحتباس الحراري، لأن وقف الظاهرة قد ولى وقته منذ زمن، ومنتهى الطموحات الآن هو تخفيف الأضرار وإبطائها عن طريق اتخاذ إجراءات جذرية؛ أولها تصفير الانبعاثات الكربونية خلال العقود الثلاثة المقبلة أي بحلول عام 2050.

حبر على ورق

انعقدت القمة الأولى للأرض في البرازيل في عام 1992 حيث اتخذت معظم دول العالم قرارات متفاوتة للتعامل مع قضية الاحتباس الحراري، إلا أن ما اتخذوه بقي مجرد حبر على ورق. ويستدل على ذلك بما وصلنا إليه الآنـ ولذلك فإن القمة الحالية ينظر إليها الأغلبية بوصفها أحد المؤتمرات الأخيرة التي يمكن أن تشكل فارقًا في مصير دراماتيكي متوقع للكوكب.

 

وفي هذا الإطار تتجه الأنظار إلى أنه لا ينبغي الاعتماد بشكل كامل على الدول الكبرى والتعويل عليها كونها الوجهة الأولى والأخيرة للحفاظ على درجات الحرارة؛ لأن هذه الدول براجماتية بشكل كبير، وتعلي من مصالحها الاقتصادية بشكل دائم، وهو ما انعكس على انخفاض التمويل الموجه للدول النامية.

وفي هذا الإطار فإن الدول النامية تعد من الدول الأكثر تأثرًا بالانبعاثات الحرارية، وقد تشهد منطقة جنوب الصحراء في أفريقيا بحلول عام 2050 تهجير 86 مليون شخص على الصعيد الداخلي بسبب تأثيرات تغير المناخ. في حين ستشهد شمال أفريقيا تهجير نحو 19 مليون، وأمريكا اللاتينية ستشهد تهجير نحو 17 مليون نسمة.

وحسب تقرير آفاق لمنطقتي الشرق الأوسط وأفريقيا والصادر عن صندوق النقد فإنه من الأهمية القصوى تسريع وتيرة جهود التحول إلى لطاقة المتجددة والاقتصاد الأخضر، ولذلك فإن من شأن التعاون الإقليمي بين البلدان دعم الجهود الوطنية الهادفة إلى التكيف مع تغير المناخ، وتخفيف الانبعاثات وإدارة المخاطر الانتقالية وخلق فرص الاستثمار الأخضر، وتوفير فرص العمل.

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق