الناجي الوحيد.. كيف صمد الاقتصاد المصري في مواجهة أزمة التضخم العالمية؟

السبت، 06 نوفمبر 2021 06:00 م
الناجي الوحيد.. كيف صمد الاقتصاد المصري في مواجهة أزمة التضخم العالمية؟
سامى سعيد

خبراء يضعون روشتة المواجهة:

الدكتور محمد محمود عطوة: حياة كريمة و100 مليون صحة ساهمتا في تخفيف الأعباء الاقتصادية على المواطن

الدكتور هشام إبراهيم: الازمة العالمية الحالية نتيجة عدم التنسيق الدولى للخروج من الآثار السلبية لجائحة كورونا

الدكتور أحمد عبد الحافظ: مصطلح "التضخم المستورد" سيظهر خلال الفترة المقبلة خاصة في الدول التي تعتمد بشكل كبير على الاستيراد

الدكتور جمال هيكل: الموجة التضخمية العالمية تتطلب اتخاذ حكومات الدول النامية إجراءات داخلية والحد من فاتورة الاستيراد  

 

أزمة تضخم كبرى يعانى منها في الوقت الراهن الاقتصاد العالمى، شبيهه بالأزمة الاقتصادية العالمية التي ألمت بكل دول العالم في 2008، لكن ما زاد من وطأة الأزمة الحالية الأثار السلبية التي خلفتها جائحة كورونا، وهو ما دفع الخبراء للقول بان التضخم الحالي سيستمر لشهور طويلة، وهو ما دفع دولاً كبرى إلى هيكلة سياساتها الاقتصادية للتكيف مع الوضع الجديد، وليس أدل على ذلك من دعوة الحكومة الصينية لمواطنيها الأسبوع الماضى بتخزين المواد الغذائية والحاجيات الضرورية استعدادا لحالة طوارئ، لم تحددها، حيث حثت وزارة التجارة الصينية المواطنين إلى تخزين كمية معينة من المنتجات الأساسية لتلبية الاحتياجات اليومية وحالات الطوارئ، كما دعت الوزارة مختلف السلطات المحلية إلى تسهيل الإنتاج الزراعي وتدفق الإنتاج الزراعي والإمداد ومراقبة مخزون اللحوم والخضراوات والحفاظ على استقرار الأسعار، وإعطاء تحذيرات مبكرة بشأن أي مشاكل في الإمداد، ونشرت وسائل الإعلام المحلية قوائم بالسلع الموصى بتخزينها في المنزل، بما في ذلك البسكويت والمعكرونة سريعة التحضير والفيتامينات وأجهزة الراديو والمصابيح الكهربائية.

وفى ظل الأوضاع العالمية السيئة برز السؤال الأهم.. ما تأثير ذلك على مصر؟.. وهل ستتأثر مصر بموجة التضخم العالمية؟..

الإجابة على هذا السؤال تستدعى في البداية التأكيد على أن الاقتصاد المصرى هو جزء من الاقتصاد العالمى، ويتأثر سلبا وإيجابا بحركته صعوداً أو هبوطاً، لكن يبرز هنا سؤال أخر.. ما مدى تأثر مصر بهذه الموجة؟.. والإجابة على هذا السؤال مرتبطة بالبحث عن الوضع على الأرض، وفى نفس الوقت البحث عن الإجراءات والقرارات التي اتخذتها الدولة المصرية وتأثيرها على مواجهة هذه الموجة العالمية من التضخم.

وتأتي أزمة التضخم لعدة أسباب لعل أبرزها تبعات أزمة كورونا وتأثيرها على الصناعة والإنتاج، فلم تستطع الاقتصادات العالمية على تلبية احتياجات السوق، والطلب الذى تعافى بشكل أسرع من المعروض من الإنتاج والسلع والخدمات، والذي توقف بعضها بسبب أزمة كورونا والإجراءات الاحترازية التي طبقتها معظم الدول والتي جاءت بالتزامن مع أزمة نقص الطاقة التي تعاني منها معظم الدول الأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية والصين.

خبراء: تأثير التضخم العالمي لن يكون بشكل كبير على الاقتصاد المصري

 عدد من الخبراء، يرون أن تأثير التضخم العالمي لن يكون بشكل كبير على الاقتصاد المصري، في ظل تحركات الدولة التي كان من بينها برنامج الإصلاح الاقتصادي بالإضافة إلى خفض عجز الموازنة لـ7.5%؛ وهو أقل مستوى له خلال الـ10 سنوات الاخيرة، وزيادة الإنتاج المحلي من المواد البترولية والغاز الطبيعي الذي يكفي الاستهلاك المحلي وتوصيل الدعم لمستحقيه، فضلاً عن المبادرات الاجتماعية والصحية التي قامت بها الدولة خلال الفترة الماضية، مثل حياة كريمة و100 مليون صحة التي وفرت الكشف والدواء لمعظم الأدوية بالمجان الأمر الذي وفر الكثير من الأعباء المالية على المواطنين.

وتستمر تداعيات الأزمة العالمية الخاصة بارتفاع مستويات التضخم والزيادة الكبيرة في أسعار السلع بكافة أنواعها، بداية من الطاقة وصولاً إلى السلع غير الأساسية وكذلك الأغذية، الأمر هنا لا يقتصر على دولة بعينها، حيث أعلنت وزارة التجارة الأمريكية بيانات مؤشر أسعار الإنفاق الاستهلاكي الشخصي الأساسي لشهر سبتمبر 2021، والتي كان يترقبها المستثمرون إذ أنها المفضلة لدى الاحتياطي الفيدرالي.

 في المقابل تشير الأرقام الرسمية إلى أن معدلات التضخم ارتفعت فى منظمة التعاون الاقتصادى والتنمية، بمعدل 3.3%، مقارنة بما كانت عليه فى أبريل الماضى، والتى قدرت 2.4%، وذكرت المنظمة فى تقريرها أن ارتفاع أسعار الطاقة عالميًا عزز ارتفاع معدلات التضخم، والتى اعتبرتها الأسرع من الأزمة الاقتصادية عام 2008.

معدلات التضخم في الدول العربية

ويتوقع صندوق النقد الدولي معدلات تضخم فى مصر والجزائر وتونس والسودان بنسب تتراوح بين 6 وأكثر من 10% هذه السنة، أما فى الدول العربية التى تعيش أزمات سياسية أو حروب مثل اليمن وليبيا، فيتوقع الصندوق نسب تضخم تتراوح بين 18 و31%. أما فى لبنان وسوريا فقد وصل التضخم إلى مستويات مفرطة تراوحت بين 50 و100% خلال السنة الماضية 2020 على صعيد السلع التى لا تدعمها الدولة أو رفعت عنها الدعم.

وفي مصر تشير بيانات الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء الخاصة بالأرقام القياسية لأسعار المستهلكين، إلى ارتفاع معدل التضخم السنوي لشهر سبتمبر الماضى نتيجة لارتفاع أسعار المواد الغذائية، حيث سجل قسم الطعام والمشروبات ارتفاعًا قدره 13.1% ، كما أكد أن معدل التضخم السنوى خلال أغسطس الماضى 6.4%، ليواصل المؤشر ارتفاعه للشهر الخامس على التوالى، وسط توقعات الخبراء باستمرار الاتجاه الصعودي متأثرًا بالتغيرات الاقتصادية العالمية وأزمة التضخم.

ورغم هذه التغيرات فإن الدولة بدأت جني ثمار الإصلاح الاقتصادي فتراجع معدلات الفقر فى مصر إلى 29.7% عام 2019-2020، مقارنة بـ 32.5% عام 2017-2018، بنسبة انخفاض قدرها 2.8%، مما يعكس نجاح جهود الدولة، لتحقيق العدالة الاجتماعية بالتزامن مع الإصلاحات الاقتصادية التي نفذتها الدولة وركزت فيها على البعد الاجتماعي للتنمية.

التضخم في الولايات المتحدة الامريكية الأكبر منذ 30 عاماً

عالميا، كشفت وزارة التجارة الأمريكية، أن التضخم السنوي ارتفع في البلاد بأسرع وتيرة له منذ أكثر من 30 عامًا، وذلك على الرغم من انخفاض الدخل الشخصي، في مؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي بما في ذلك الغذاء والطاقة ارتفع 4.4% على أساس سنوي في سبتمبر مسجلا أسرع وتيرة نمو له منذ يناير 1991.

وتضيف الوزارة، أنه بعد استبعاد تكاليف الغذاء والطاقة، ارتفع المؤشر تماشيًا مع توقعات داو جونز، بـ3.6% لفترة 12 شهرًا وجاءت ارتفاعات التضخم المستمرة مع انخفاض الدخل الشخصي بـ1% في سبتمبر على أساس سنوي، أي أكثر من التوقعات بـ0.4%. بينما ارتفع الإنفاق الاستهلاكي بـ0.6% للفترة نفسها، تماشيًا مع توقعات وول ستريت، فيما ساعد ذلك حزم التحفيز التي تبنتها الدول الكبرى مثل الولايات المتحدة الأمريكية، وتيسيرات البنوك المركزية عالميا، وأدت إلى زيادة الطلب عالميا على السلع والخدمات بينما مازال تعافى معدلات الإنتاج أقل من المتوقع، مما ترتب عليه خلل كبير فى سلاسل الإمداد عالميا، وبلغ التضخم فى ألمانيا فى سبتمبر الماضى 4.1%، وهو أعلى معدل سنوى فى 28 عاما. وبلغ معدل التضخم فى منطقة اليورو 3.4% على أساس سنوى، وهو أعلى معدل منذ سبتمبر 2008.

وقالت وزارة التجارة الأمريكية أن مؤشر سعر المستهلك الشهر الماضي، الذي يقيس ما يدفعه المستهلكون مقابل الحصول على السلع والخدمات، قد ارتفع بنسبة 5.4% عن عام سابق في شروط غير معدلة.

أوربا تسجل في أكتوبر الجارى معدلات تضخم هي الأعلى في 13 عامًا

وفي المقابل، سجلت أوروبا معدلات تضخم هي الأعلى في 13 عامًا في أكتوبر الجارى، في ظل أزمة الطاقة التي تواجهها حاليا، حيث بلغ معدل التضخم الكلي 4.1% على أساس سنوي لهذا الشهر، وفقًا للبيانات الأولية من مكتب الإحصاء الأوروبي "يوروستات"، وهي أعلى مستوى منذ يوليو 2008، أي أعلى من التوقعات والتي كانت عند 3.7%، هذا وتمثل أسعار الطاقة نحو 23% من بيانات التضخم وهي المساهم الأكبر إلى حد بعيد.

وسجلت أسعار الغاز فى أكتوبر بأوروبا مستويات قياسية، متجاوزة مستويات 1300 دولار/ ألف متر مكعب، فيما سجلت صادرات مصر من الغاز قفزات نسبتها %315 بالربع الأول من العام الجاري، مقارنة مع الفترة المماثلة من العام الماضي، لتسجل 564 مليون دولار، مقابل 136 مليونا فى الفترة المقابلة من العام الماضي، وفقا لبيانات الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء.

وطال التضخم أسعار القسم الأكبر من أسعار السلع الغذائية لغالبية الدول العربية باعتبارها أكبر الأسواق اعتمادا على التجارة العالمية التى ارتفعت تكاليفها على نحو قياسي، حيث يعتمد غالبية الدول العربية عليها فى توفير 50% من احتياجاتها الأساسية، وهو ما يفسر حجم التأثير المتوقع على دول المنطقة ومصر من تلك الموجة التضخمية.

الخلل في سلاسل التوريد والإمداد أول أسباب الأزمة

وأكد عدد من الخبراء أن الأزمة العالمية الحالية ظهرت نتيجة الخلل في سلاسل التوريد والإمداد تسببت في ارتفاعات كبيرة سواء في الطاقة أو السلع الأخرى، فمثلا أسعار الغاز الطبيعي في أوروبا سجلت ارتفاعات 500%، في حين ارتفعت سلع بنسبة 15 إلى 30% في بعض الدول، وهنا تشير توقعات مراقي الأسواق إلى استمرار الأزمة وارتفاع نسب التضخم لمستويات قياسية قد تصل بالعالم إلى ما يسمى الركود التضخمي وهو الخطر الأكبر الذي يهدد كافة الدول.

جائحة فيروس كورونا أربكت العالم كله

وأكد الدكتور على المصيلحى وزير التموين والتجارة الداخلية، أن أزمة جائحة فيروس كورونا أربكت العالم كله واختلفت سياسات الدول فى التعامل مع تلك الجائحة، موضحا أنه على الرغم من اختلاف تلك السياسات إلا أن كلها أدت إلى ضعف الإنتاج، موضحا أنه بعد ظهور اللقاح فى منتصف عام 2020 بدأت عجلة الإنتاج فى الدوران مرة أخرى، إلا أن رصيد أول المدة كان منخفضا نتيجة توقف عجلة الإنتاج لفترة، مشيرا إلى أن روسيا هى أكبر دولة مصدرة للقمح على مستوى العالم واضطرت خلال الفترة الأخيرة إلى وضع كوتة لتصدير القمح كما فرضت عليه رسوم، مشيرا أيضا إلى ارتفاع أسعار البترول من 65 دولارا للبرميل إلى 85 دولارا قائلا: "هذا الأمر لا يجعل أحدا سعيدا".

كما أشار المصيلحى، إلى أن الزيادة فى الأسعار بدأت بالسكر وبمعدلات متسارعة، بالإضافة إلى زيادة أسعار القمح عالميا، موضحا أن سعر طن القمح بموازنة العام الجارى كان مقدرا بنحو 250 دولار للطن وأصبح اليوم بسعر 330 دولار، كما ارتفعت أسعار الزيت عالميا حيث بلغ سعر آخر شحنة زيت طعام استوردتها الوزارة نحو 1430 دولار للطن الواحد.

المبادرات الرئاسية تحمى الاقتصاد المصرى

 الدكتور محمد محمود عطوة، أستاذ الاقتصاد بجامعة المنصورة، قال إن اقتصاد الدول النامية ستتأثر أزمة التضخم الحالية التي ستبلغ ذروتها خلال الأسابيع القليلة القادمة، بما في ذلك الدولة المصرية، لكن الوضع في مصر يختلف، لعدة أسباب منها مبادرات الإدارة السياسية؛ التي من بينها حياة كريمة و100 مليون صحة، حيث ساهمت هذه المبادرات وغيرها، في تخفيف الأعباء الاقتصادية على المواطن، في القطاعات الأساسية كالتعليم والصحة وتوفير الكشف والدواء بالمجان بجانب خفض معدلات الفقر وتوفير دعم مباشر للأسر الأكثر احتياجا.

وأضاف "عطوة" في تصريحات خاصة لـ «صوت الامة» أن الدولة اتخذت عدد من الإجراءات الجيدة لحماية الاقتصاد المصري من تبعات أزمة التضخم، من بينها خفض الفائدة، مشيرا إلى أن خفض الاستيراد ودعم الانتاج المحلي والعمل علي زيادة الإنتاج ضمن آليات مواجهة أزمة التضخم التي من المتوقع أن تستمر لعدة شهور قادمة.

وفي سياق متصل قال الدكتور هشام إبراهيم أستاذ الاستثمار والتمويل بجامعة القاهرة، أن الازمة العالمية الحالية نتجت من عدم التنسيق الدولى للخروج من الآثار السلبية لجائحة كورونا، مشيرا إلى أنه في بداية الجائحة تعاونت الدول بشكل كبير من الناحية الصحية، من خلال توفير اللقاحات والأمصال، بينما لم يتم التعاون من الناحية الاقتصادية، مؤكدا أنه كان من المفترض أن يتم التعاون بين الدول للخروج من الأزمة الاقتصادية.

وأوضح إبراهيم لـ"صوت الأمة" أن الدول المنتجة للنفط والطاقة رفعت الأسعار كى تستفيد لمعالجة الازمة المالية لديها نتيجة للتداعيات السلبية لجائحة كورونا، حيث خفضت كل المصانع والدول طاقاتها الإنتاجية فى ظل تراجع كبير فى الطلب على السلع والطاقة بكل أشكالها مع استمرار الإغلاق الاقتصادى جراء الجائحة، وهذا تسبب فى تراجع النفط إلى مستويات هى الأدنى له خلال مايو 2020 فى العقود الآجلة، ومع العودة إلى الأنشطة الاقتصادية بعد تمكن الدول من التوسع فى أنشطة تلقيح ضد كورونا، بدأ الطلب يرتفع بقوة على السلع والطاقة وهنا بدأت تظهر الأزمة.

وأكد أستاذ التمويل والاستثمار بجامعة القاهرة أنه مع ارتفاع أسعار الطاقة بدأت الدول في تخفيض انتاجها، مما أدى الى قلة الإنتاج مما تسبب في ارتفاع الأسعار، لافتا إلى أن بعض دول بدأت الحديث عن الأساليب القديمة للطاقة للفحم ولكن سيكون له تأثير على المناخ، أن الحل من الخروج من هذه الازمة ان تتعاون جميع الدول للخروج من هذه الازمة مثلما تعاونوا من الناحية الصحية.

ويتوقع إبراهيم أن هذه الازمة لم تستمر طويلا نظرا لأن العالم مازال يعانى من حالة ركود وكساد من كورونا، مؤكدا انها فترة مؤقتة نظرا لأن سببها الأساسى يرجع إلى عدم التوازن بين العرض والطلب الناتج عن تراجع الإمدادات فى ظل إغلاق عدد كبير من المصانع بسبب تداعيات فيروس كورونا، وعودة الطلب لمعدلات ما قبل الجائحة، متوقعا عودة التوازن بين جانبى العرض والطلب خلال عامين، مع إعادة تشغيل المصانع المغلقة وإنشاء مصانع جديدة.

 مصطلح "التضخم المستورد"

وأكد الدكتور أحمد عبد الحافظ، الخبير الاقتصادى، أن مصطلح "التضخم المستورد" سيظهر خلال الفترة المقبلة، ولا سيما في الدول التي تعتمد بشكل كبير على الاستيراد، وبالتالي مع زيادة الأسعار جراء موجة التضخم العالمية، ستزيد أسعار السلع المستوردة، ما يتطلب السعي للحد من الاستيراد بصفة عامة.

أضاف أحمد عبد الحافظ أن موجة التضخم العالمية هي نتاج مباشر للتعافى التدريجى من جائحة كورونا، فمع ذروة الجائحة حدث إغلاق تام لأغلب مصانع العالم علي رأسهم الصين "مصنع العالم" نتيجة عدم وجود طلب بسبب تأثر سلاسل الإمداد، وبالتالي انخفض برميل البترول ل 20 إلى 25 دولار، ومع التعافى وانتشار اللقاح وعودة المصانع للعمل بكامل طاقتها أصبح هناك عجزا؛ نتيجة عدم التوافق بين العرض والطلب بين المنتج والاحتياج له، مشيرا إلى أنه نتيجة لفتح المصانع بدأ الطلب يتزايد على البترول وارتفع من 25 دولارا حتى 80 دولارا في رحلة صعود ربما تقارب ال 100 دولار بنهاية العام الجارى، مما ترتب عليه ارتفاع كبير في كل مشتقات الطاقة ، ومنها الغاز بجانب ارتفاع أسعار المادة الخام ومدخلات الإنتاج، والنتيجة ارتفاع أسعار المنتجات عالميا بما فيها الرقائق الالكترونية التي تدخل في صناعة السيارات والأجهزة ، لافتا ان هذا يعنى أن كل دول العالم ستتأثر بهذه الموجة التضخمية الفترة المقبلة.

وكشف الدكتور جمال هيكل، الخبير الاقتصادى أن الموجة التضخمية العالمية تتطلب اتخاذ حكومات الدول النامية لإجراءات داخلية تتعلق بوضع مؤسساتها، وكذلك الحد من فاتورة الاستيراد بما يضمن عدم التأثر بشكل كبير بالسلع المستوردة، لافتاً إلى أن هناك تفاوتا بين المحللين حول قوة وتأثر الموجة التضخمية، حيث يرى البنك المركزى الأوروبى الذى تقوده كريستين لاجارد المدير السابق لصندوق النقد الدولى، إنه يمكن عبور تلك الموجة خلال عام من الآن، لافتا أن البنك ليس متشائما بشكل كبير كما يثار فى بعض وسائل الإعلام العالمى، فى الوقت الذى يختلف مع رؤية المركزى الأوروبى بعض المحليين العالميين أيضا.

وأشار هيكل لـ"صوت الأمة" إلى أن مدى قوة الموجة سيتوقف على تعافى سلاسل الإمداد، وعودة الصين للإنتاج الصناعى بكامل طاقتها، خاصة بعدما أوقفت استخدام الفحم مؤخرا، إلا إنها بدأت فى التراجع عنه مرة أخرى لدرجة أن الصين كانت تطلب من المواطنين الصاعدين للدور الثالث فى البنايات ألا يركبوا الاسانسيرات لتوفير الطاقة للحد من الانبعاثات، مشيرا إلى أن سبب الموجة التضخمية جائحة كورونا والتعافي لقطاع الصناعة وبالتالي زيادة الطلب وارتفاع أسعار النفط والطاقة ومدخلات الإنتاج لمختلف الصناعات.

وقال متي بشاي، رئيس لجنة التجارة الداخلية بالشعبة العامة للمستوردين، أن كل دول العالم تعاني من التضخم خاصة الدول التي تعتمد بشكل كبير علي الاستيراد، وبالتالي ستزيد أسعار السلع المستوردة تامة الصنع وكذلك السلع التي تعتمد علي خامات ومستلزمات انتاج مستوردة، مشيراً إلى أن الأزمة العالمية الحالية التى ظهرت نتيجة الخلل فى سلاسل التوريد والإمداد تسببت فى ارتفاعات كبيرة سواء فى الطاقة أو السلع الأخرى.

وأضاف بشار أن اسعار الشحن من الصين في تصاعد مستمر وصل الان الي نحو 800%، موضحًا أن السعر ارتفع من 2800 دولار إلي 17.700 دولار، وكذلك ارتفع سعر الشحن من الدول الاوروبية بنسبة 200% حيث ارتفع السعر من 1500 دولار إلى 3.200 دولار، بالإضافة الي أن شركات الشحن قلصت مدة السماح من 21 يومًا إلى 14 يومًا فقط، مما تسبب في زيادة الغرامات علي المستوردين بنسب كبيرة خاصة أن اليوم الواحد يكلف من 50 إلى 80 دولار غرامة تأخير، وذلك وفقًا لكل ميناء وخط ملاحي.

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة