مجمع التحرير في ثوبه الجديد يعيد رسم خريطة القاهرة التاريخية

السبت، 13 نوفمبر 2021 06:00 م
مجمع التحرير في ثوبه الجديد يعيد رسم خريطة القاهرة التاريخية
سامي سعيد

"مجمع التحرير بشكل جديد يعيد للقاهرة رونقها التاريخى".. هذا هو الشعار الذى تردد الأيام الماضية فى أعقاب إعلان رئاسة الجمهورية عن تطوير المجمع ونشر صور للشكل المقترح لعملية التطوير التي ستحدث نقلة نوعية لميدان التحرير والمنطقة المحيطة.

وتستهدف الدولة من عملية تطوير مبنى مجمع التحرير بوسط القاهرة، بالتعاون مع صندوق مصر السيادي، تحويل المبنى ليصبح منشأةً متعددة الأغراض، تتناغم مع طبيعة وجهود التطوير فى منطقة وسط العاصمة والقاهرة الخديوية، حيث تلقى الصندوق السيادى عروضاً عالميةً عديدة لتطوير المجمع من تحالفات تسعى للدخول إلى السوق المصرى لأول مرة على الرغم من الظروف الاقتصادية العالمية، بما يعكس الثقة الدولية فى مناخ الاستثمار فى مصر.

وهذه ليست اول مرة يخضع مجمع التحرير للتطوير، حيث سبق وتم تنفيذ مشروع لإزالة التعديات والأضرار التي لحقت بالمبنى عقب 25 يناير 2011، وتم تطوير واجهة المبنى وإعادتها إلى أصلها عبر إزالة طبقات الطلاء القديمة واستعادة الواجهة القديمة المبنية من الحجر الصناعي، بتكلفة بلغت 4 ملايين جنيه وفقا للأرقام الرسمية.

ويأتي تطوير مجمع  التحرير ضمن رؤية الدولة للاستفادة من اصول الوزرات والجهات الحكومية عقب نقل الموظفين للعاصمة الادارية الجديدة بداية من الشهر المقبل، حيث أعلنت الدكتورة نجلاء البيلي، مدير مشروع حصر أصول الدولة غير المستغلة، انه تم حصر 3700  مبني من الأصول غير المستغلة للدولة في 27 محافظة على ثلاث مراحل انتهت بنهاية يونيو 2019، وتم تسجيل بيانات 24 محافظة بالمنظومة الإلكترونية للحصر، ويتم التحديث أولاً بأول، كما تم البدء بحصر الأصول غير المستغلة المملوكة لعدد 30 وزارة على مرحلتين بداية من نوفمبر 2019، وتم تسجيل أصول 5 وزارات وجار استكمال البقية، وشمل ذلك حتى الآن حصر 3692 أصلا، وتسجيل 3273 منها في عدد 24 محافظة و 5 وزارات.

ويرى عدد من الخبراء أن تطوير مجمع التحرير خطوة جديدة لتعظيم موارد الدولة والحفاظ على المباني التراثية والاهتمام بالقاهرة الخديوية والتي تم تطوير العديد من المباني بمنطقة وسط القاهرة، وأن الدولة تتخذ اجراءات حقيقة في هذا الملف الذي يحقق للدولة العديد من المكاسب الاقتصادية وفرص الاستثمار.

وخلال الأيام الماضية استعرض الرئيس عبد الفتاح السيسى، الأنشطة الاستثمارية لصندوق مصر السيادي والمشروعات المستهدفة فى مختلف القطاعات، وعلى رأسها الاستثمار العقارى، حيث تم استعراض الأصول التى تم نقلها للصندوق على مستوى الجمهورية وخطط تطويرها على النحو الأمثل، وأبرز هذه المشروعات هو تطوير مجمع التحرير، بالشراكة مع أعرق الخبرات العالمية المتخصصة فى تطوير المبانى التاريخية بالعواصم الكبرى، وذلك بحضور الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء، والدكتورة هالة السعيد وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية، وأيمن سليمان المدير التنفيذي لصندوق مصر السيادي.

ووجه الرئيس السيسى بمواصلة قيام صندوق مصر السيادي بدراسة ممتلكات وأصول الدولة غير المستغلة علي النحو الأمثل، والعمل على تطويرها وتعظيم العائد منها لضمان استدامة استثماراتها للأجيال المستقبلية، كذلك بتعزيز جهود ودور الصندوق لجذب الاستثمارات لصالح الاقتصاد الوطني، وذلك تحقيقاً لأهداف استراتيجية الدولة التنموية التي تعتبر القطاع الخاص شريكاً أساسياً في مسيرة التنمية، وبما يتوافق مع خطة الإصلاح الهيكلية للاقتصاد والقطاعات ذات الأولوية في هذا الإطار، خاصةً توطين وتعميق الصناعة والتكنولوجيا والتحول الرقمي لإيجاد كيانات محلية رائدة في مختلف المجالات، إلى جانب قطاعات الزراعة والخدمات والمرافق والنقل والتخزين والصحة والتعليم والسياحة.

هذه التطورات تأتي بعد فترة من القرار الجمهوري الذي أصدره الرئيس السيسي بإزالة صفة النفع العام عن بعض أملاك الدولة، وتتضمن هذه الأصول مجمع التحرير، وأرض الحزب الوطني المنحل، ومبنى وزارة الداخلية السابق في لاظوغلي، ملحق معهد ناصر في شبرا، لصالح صندوق مصر السيادي، وفقا للقرار الجمهوري الصادر في 18 أغسطس 2020.

ويستهدف الصندوق محفظة بقيمة تتراوح من 50 إلى 60 مليار جنيه، وتتحدد مستهدفات الصندوق وفقًا لنجاح إتمام العمليات وجدولها الزمني، على أن يصل حجم المحفظة إلى 200 مليار جنيه وهوما يعادل قيمة رأس مال صندوق مصر المرخص به خلال فترة تتراوح من 5 إلى 10 سنوات، حيث يأتي تطوير المجمع بعد ان تم تطوير منطقة ميدان التحرير والمنطقة المجاورة للمجمع بتكلفة بلغت 150 مليون جنيه، بحسب بيان المركز الإعلامي لمجلس الوزراء.

أيمن سليمان، الرئيس التنفيذي لصندوق مصر السيادي، سبق وأعلن أنه تم تسلم مبنى مجمع التحرير، للصندوق في نهاية شهر مايو الماضى وذلك بعد إخلائه تماما، مؤكدا أن الصندوق استقبل أكثر من عرض لإعادة تأهيل المجمع ليضم غرفًا فندقية ومساحات تجارية وإدارية وثقافية، إضافة إلى مقر للمؤتمرات، وسيكون المكون الفندقى أساسًا لتطوير المجمع.

وأكد سليمان، أن نموذج الشراكة سيقوم على مساهمة الصندوق السيادي بالأصل المتمثل في المجمع والدراسات الفنية والرفع المساحي، فيما سيسهم الشريك أو المطور العقاري بالتمويل ومكونات التطوير الأخرى، وستكون عملية التأهيل قائمة على تطوير المبنى ليكون متعدد الاستخدامات فندقي وتجاري وإداري وثقافي، مشيرا الى أن الصندوق يسعى لإعادة تخطيط منطقة وسط البلد لتصبح مركزاً للأعمال في غضون خمس سنوات.

 في نفس السياق قالت رئيسة مجلس إدارة صندوق مصر السيادي الدكتورة هالة السعيد وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية، أن تطوير مجمع التحرير من صميم استراتيجية عمل الصندوق السيادي الذي يعمل على تطوير الأصول وتعظيم العائد منها، والحفاظ على حقوق الأجيال المقبلة في ثروات مصر وفق أحدث الأساليب العلمية للاستثمار وتحقيق أعلى درجات الاستفادة من الأصول غير المستغلة، وسيكون مجمع التحرير نموذجاً لتعامل الصندوق مع الأصول التي ستؤول له.

وتوقعت السعيد أن يتقدم للمشاركة في عملية التطوير عدد من كبرى الشركات المصرية والعربية والعالمية، وستجري المفاضلة فيما بينها بشفافية لاختيار الأنسب للدخول في شراكة مثمرة وقوية، تشجع المستثمرين على الدخول في شراكات مستقبلية مع الصندوق السيادي.

ويعود تاريخ بناء مجمع التحرير إلى بداية الخمسينيات من القرن الماضي، حيث تم إنشائه بموجب تكليف ملكي كأول مبنى إداري يضم دواوين الحكومة في مصر وحمل اسم "مجمع الحكومة"، صممه المهندس محمد كمال إسماعيل عام 1951، المكون من 13 دورا بمساحة بنائية 58 ألف متر مربع و1356 غرفة على الوضع الحالي، و يعتمد في تصميمه على الهندسية الميسرة الخالية من الزخارف والنقوش الخارجية، بتكلفة بلغت 2 مليون جنيه، ثم تم تغيير اسمه فيما بعد لـ"مجمع التحرير" حاليا،  وهو مبنى إداري يضم مكاتب تابعة لهيئات حكومية مختلفة.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق