فيروس «H1N1» يعود بقوة

الخميس، 21 يناير 2016 11:52 ص
فيروس «H1N1» يعود بقوة
صوره تعبيريه
نورا دياب

بحلول فصل الشتاء تنتشر معه الأنفلونزا الموسمية لتحلّ ضيفًا ثقيلًا على أنفاس اللبنانيين في مثل هذه الأوقات من كل عام، وتحوّل هذا الضيف إلى "مستعمر شرس" بفعل التلوث البيئي وعواصف النفايات التي تضرب لبنان للشهر السابع على التوالي، والتي وجد فيها فيروس "H1N1" بيئة صالحة للانتشار والاستئثار بأجساد الشرائح الحساسة تجاه الفيروسات.

ومع انتشار الخبر على وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي ارتعدت أطراف اللبنانيين تخوفًا مما أسموه بالوباء "القاتل" وبدأ كل مصاب بالزكام يتهيأ له أن أيامه باتت معدودة وأنه مصاب بالفيروس الذي كثُر نسج الروايات المخيفة عنه، علمًا أنه مجرد نوع من الأنفلونزا العادية، كـ"أي أنفلونزا موسمية تزور البشر في كل شتاء" وهو ليس بالفيروس القاتل أو الخارج عن الطبيعة بل يمكن معالجة عوارضه بالأدوية والمضادات المناسبة، وله سبل الوقاية الخاصة للحد من انتشاره وتفادي الإصابة به.

في سياق رصد حالات الأنفلونزا الموسمية، سجلت وزارة الصحة العامة ازديادًا في نسبة حالات H1N1 في الأسابيع الأخيرة كما سجلت ارتفاعًا في نسبة الحالات التي دخلت العناية الفائقة، "إلاّ انها لم تسجل حتى الآن أية زيادة في نسب الوفيات الناجمة عن الأنفلونزا هذا العام نسبة إلى العام الماضي".

فما هو الفيروس الذي انتشر في صفوف اللبنانيين بنسبة انتشار زادت عن السنة الماضية بما يقارب الـ20 والـ30 %، ما هي عوامل انتشاره، عوارضه، طرق علاجه وسبل الوقاية منه، ومتى يصبح هذا الفيروس مؤشر خطر على حياة الإنسان؟

ما هو الفيروس؟
للإجابة على هذه التساؤلات كان هناك حديث مع طبيب الصحة العامة مصطفى مرعي، الذي أكد أن H1N1 المنتشر حاليا بين اللبنانيين هو الفيروس نفسه المعروف سابقًا بـ"أنفلونزا الخنازير" الذي انتشر قبل سنوات، والذي ينتمي لفيروسات الأنفلونزا الموسمية، إلا أن الفيروس يقوم بالتحول سنويا من فيروس الى آخر ولكن من العائلة نفسها، فـ"في كل موسم انفلونزا ينتشر فيروس جديد متحول عن الفيروس القديم، ولا تتعرف المناعة البشرية عليه كونه قد غير شكله والـDNA الخاص به في مرحلة التحول السنوية، أما كفيروس فهو موجود منذ 3 سنوات والقضية في إطارها الطبيعي والمألوف، ولكن الإعلام كان له دوره في التهويل وإخافة الناس".

عوارض الإصابة

أما العوارض المرضية التي تصيب الإنسان المصاب بهذا الفيروس فهي نفسها عوارض الأنفلونزا العادية التي تصيب كل مريض أنفلونزا" كارتفاع درجات الحرارة، الإفرازات الزائدة من الجسم سواء عبر الرئة او الأنف، انحطاط في القوة الجسدية، السعال الحاد والإسهال".

ويشير مرعي إلى أن هذه الأعارض تبدأ بتشكيل الخطر على حياة الانسان وتستدعي دخول المستشفى عندما يكون المصاب بالانفلونزا يعاني من أمراض مزمنة، أو تكون مناعة جسمه ضعيفة، او ينتمي للشرائح الحساسة تجاه الفيروسات كالمسنين والأطفال، مرضى السرطان واللوكيميا... فـ"هؤلاء الاشخاص يمكن أن يكون تأثير عوارض الانفلونزا على صحتهم أكبر بكثير من الاشخاص السليمين" ويمكن ان تكون الحرارة لديهم مرتفعة اكثر من الطبيعي ويكون الإرهاق لديهم بشكل أكبر وكذلك الافرازات.

عوامل الانتشار
وعن العوامل المساعدة على انتشار H1N1 وشراسته على جسم الإنسان، فيحددها مرعي "العامل الأول يرتبط بالمناعة الموجودة في جسم الإنسان، فكل ما كانت مقاومة الإنسان للفيروس قليلة كلما كان أثر الفيروس على الجسم أكبر، أما إذا كانت قوية فيكون التأثير أخف.

اما العامل الثاني فيرتبط بالتلوث البيئي الموجود في لبنان من انتشار نفايات وحرقها، الامر الذي ساهم جزئيا في انتشار الفيروس واستشراسه، كون النفايات تنبعث منها مواد يمكن ان تؤثر على مناعة الانسان من جهة، ومن جهة ثانية تشكل بيئة حاضنة لانتشار هذه الفيروسات بشكل أسرع وبالتالي ضرب عدد أكبر من الناس"، كما ساهمت في أن يكون الفيروس أشرس من الماضي على الانسان سواء على مستوى العوارض ام على مستوى الفترة الزمنية التي قد يستغرقها المصاب حتى يشفى، فزادت نسبة انتشار الفيروس بما يقارب "الـ20 والـ30 %" مقارنة بالسنة الماضية.

ويوضح مرعي أنه لا يجوز تسمية H1N1 بالفيروس القاتل، لأن تسميته بهذا الاسم يعني أن كل من يصاب بهذا الفيروس ميت لا محالة، وهذا الامر غير صحيح، فهو فيروس لا يمكن أن يودي بحياة الانسان إلا في حالات صحية معينة تعود لمناعة الانسان نفسه ولحالته الصحية، وليس للفيروس.

العلاج والوقاية
وفيما يخص طرق العلاج وسبل الوقاية فـ"لا علاج للفيروس بشكل عام ولكن هناك علاج لعوارضه"، كمخفض للحرارة، مضاد للسعال، فيتامين سي للإرهاق، مضاد التهاب، ومسكنات، أما في حال تسبب الفيروس بمضاعفات قوية كالتهاب الرئة، التهاب سحايا، ارتفاع حاد بالحرارة أو إسهال حاد لدى الأطفال، فهنا تختلف طرق العلاج وتستدعي زيارة الطبيب المختص أو المستشفى.

وللوقاية شقان كما يشير مرعي هناك "لقاح الانفلونزا الذي يُنصح بأخذه في فصل الخريف، أي قبل وصول موجة الانفلونزا (ما بين شهري 9 و10 من كل سنة) لا سيما للاطفال والمسنين والفئات الحساسة تجاه الفيروسات، أما الشق الثاني من الوقاية فيكون عبر استعمال الكمامات وتعقيم اليدين بشكل مستمر" لتفادي التعرض للجراثيم التي قد تحمل الفيروس من قبل أي شخص مصاب قد ينشرها في الهواء أو على الأسطح عبر العطس أو السعال.

تذكّر وزارة الصحة العامة المواطنين بما ورد في بياناتها السابقة حول مكافحة الإنفلونزا:
أولًا بالنسبة للوقاية: إن الإنفلونزا تنتقل من الشخص المصاب عبر السعال والعطس وبواسطة الأيدي. لذلك ينصح بتغطية الأنف والفم بمناديل ورقية اثناء السعال والعطس والمداومة على غسل الأيدي. كما يُنصح بالتلقيح ضد الإنفلونزا للأطفال (فوق الستة اشهر) والنساء الحوامل وكبار السن والمصابين بأمراض مزمنة والعاملين الصحيين. علمًا أن لقاح الإنفلونزا المتوفر حاليًا في السوق يحمي من رزمة فيروسات الإنفلونزا المتفشية بما فيها AH1N1.

ثانيًا بالنسبة للعلاج: إن معظم حالات الإنفلونزا تتماثل للشفاء ولا تحتاج إلاّ إلى مخفضات الحرارة والإكثار من تناول السوائل والراحة. ولكن بعضها قد يتسبب بمضاعفات خطيرة، خاصةً لدى الأطفال دون الخمس سنوات وكبار السن والمصابين بأمراض مزمنة والنساء الحوامل. الأمر الذي يستوجب مراجعة الطبيب فور ظهور صعوبة في التنفس أو أية مضاعفات أخرى أو في حال استمرت الحرارة مرتفعة لأكثر من خمسة أيام. كما يتوجب على المصاب التغيب عن الدراسة او عن العمل وملازمة المنزل لحين الشفاء.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة