يوسف أيوب يكتب: الضمان الاجتماعي والمبادرات الرئاسية حائط صد لحماية المواطنين من أزمة التضخم العالمية

السبت، 04 ديسمبر 2021 10:00 م
يوسف أيوب يكتب: الضمان الاجتماعي والمبادرات الرئاسية حائط صد لحماية المواطنين من أزمة التضخم العالمية

أزمة التضخم التي تواجه العالم هي الأكبر والأضخم، خاصة أنها جاءت في أعقاب التأثيرات السلبية التي خلفتها جائحة كورونا، واضطرت بعض الدول إلى أتباع سياسة الإغلاق العام، وما تلى ذلك من تبعات اقتصادية سلبية امتدت أثارها لكل دول العالم، فلم تنجو منها حتى الاقتصاديات المتقدمة، بل وفقاً لدراسات وإحصائيات رسمية دولية، فإن الاقتصاديات الكبرى هي الأكثر تأثرا بموجة التضخم، لدرجة أن الاقتصاد الأمريكي، بات اليوم أكثر اختناقاً من ذي قبل، مما أثر على وضعية إدارة جو بايدن.
 
وتشير التقديرات إلى أن هذا الوضع سيزداد سوءً خلال الفترة المقبلة، خاصة مع الأنباء المتواترة عن تحورات جديدة لفيروس كورونا، واتجاه بعض الدول إلى العودة للإغلاق مجدداً، في مشهد يعيد للأذهان الوضع الاقتصادى الكارثى الذى عاشه العالم العام الماضى، وهنا يبرز سؤال.. كيف سيواجه العالم هذه الموجة من التضخم؟
 
حتى الآن لا توجد روشتة واضحة للتعامل مع موجة التضخم، فكل دولة مشغولة ومنكفئة على نفسها في محاولة لإيجاد آلية سريعة ومنجزة تحميها من الأثار السلبية لهذه الموجه، ورغم نداءات البعض بالعودة إلى المؤسسات الدولية مثل صندوق النقد الدولى والبنك الدولى، فضلاً عن التجمعات الاقتصادية الكبرى مثل مجموعة العشرين وغيرها للبحث عن مخرج دولى من هذه الموجه، لكن من الواضح أن هذا الرأي لن يجد أذانا صاغية في الوقت الراهن، لإنه كما سبق وقلت لا توجد روشتة واضحة للمواجهة، يمكن أن تستند لها الدول الكبرى على أقصى تقدير للمواجهة.
 
لذلك فإن الرأى الراجح حتى الآن أن تبحث الدول عن حلول داخلية، إلى أن يفيق العالم من الصدمة التي عليها الآن.
 
السؤال الجديد الآن، متعلق بنا في مصر، كيف نتعامل مع هذه الموجه العالمية من التضخم؟.
 
السؤال مطروح على مائدة النقاش الحكومة منذ أسابيع، وهناك حلول بدأت تظهر، وربما يمكن القول أنها التي ساعدت في التصدي لهذه الموجة، من أبرزها توفير السلع الأساسية بأسعار مناسبة للمواطنين في منافذ البيع الخاصة بوزارة التموين، أو المرتبطة بمؤسسات الدولة الأخرى التي لها مساهمة كبيرة في هذا الإطار.
 
لكن بعيداً عن هذه الحلول وغيرها، هناك نقطة ربما تكون مثار تساؤلا في الوقت الراهن، وهى كيف استطاعت مصر أن تحافظ على وضعها الاقتصادى دون أن يتأثر بدرجة كبيرة بموجة التضخم العالمى؟.. أعتقد أن هذا التساؤل محل نقاش حالى فى الأوساط الاقتصادية المصرية، والأخرى المهتمة بالوضع المصرى.
من واقع التجربة العملية، يمكننى القول أن الخطوات التي اتخذتها الدولة المصرية قبل 5 سنوات المتعلقة بإجراءات الإصلاح الاقتصادى، وما تبعها من إجراءات حمائية للأشخاص المتوقع تضررهم من إجراءات الإصلاح، هي التي ساعدت على امتصاص مصر حتى الآن لأثار موجة التضخم، التي كان من المتوقع أن تصبح تأثيراتها على المصريين أكثر وطأة إذا لم تقرر الدولة السير في طريق الإصلاح.
 
فلا تزال دولة الضمان التي تبناها ويعمل عليها دوماً الرئيس عبد الفتاح السيسى، هي حائط الصد القوى الذى يحمى متوسطى ومحددوى الدخل من أية تأثيرات سلبية للأوضاع الاقتصادية، خاصة أنها توفر البدائل الممكنة، وفق قدرات وإمكانيات الدولة الاقتصادية، وأيضاً احتياجات ومتطلبات المواطنين الحياتية.
ويكفى هنا الإشارة للحساب الختامى للموازنة العامة للدولة للسنة المالية 2020/2021، للتأكد من توجه الدولة نحو تأمين احتياجات المواطنين الاجتماعية والصحية، فقد شهدت ارتفاعا فى الإنفاق الفعلى على قطاع الصحة حيث بلغ خلال العام المالى 107 مليار جنيه مقابل 87.1 مليار جنيه عام 2019/2020، بنسبة نمو 22.8%، كما ارتفع الإنفاق على قطاع التعليم بنسبة 9.3% ليصل إلى 158.7 مليار جنيه مقابل 145.2 مليار جنيه، كما ارتفع الإنفاق على دعم السلع التموينية إلى 83 مليار جنيه مقابل 80.4 مليار جنيه فى العام المالى 2019/2020، بنسبة نمو 3.2%، وارتفع الإنفاق الفعلى على قطاع الحماية الاجتماعية بنسبة 16.5% عن العام المالى 2019/2020.
 
ولأنه يدرك أهمية هذه البدائل للمواطنين، يحرص الرئيس السيسى على أن تكون دوماً في مقدمة أولوياته، ودائما على مائدة النقاش مع الحكومة، وهو ما تأكد لكل المصريين من الاجتماعات المتكررة للرئيس في هذا الشأن، والتي كان أخرا الاجتماع الذى عقده الرئيس الأسبوع الماضى مع الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء، ونيفين القباج وزيرة التضامن الاجتماعي، وتناول "متابعة برامج وزارة التضامن الاجتماعي الخاصة بالحماية الاجتماعية"، والذى شهد عرضاً من الوزيرة لجهود اللجنة الوطنية للحد من ظاهرة الغارمين والغارمات، إلى جانب سبل توفير الحماية الاجتماعية والتمكين الاقتصادي لأسرهم، وكذلك مساعدة غير القادرين منهم على قضاء مديونياتهم، فضلاً عن جهود الوزارة في توعية المجتمع بخطورة ظاهرة الغُرم، وأهمية تجنب السلوكيات الاستهلاكية المبالغ فيها في عملية التجهيز للزواج، والتي تمثل أحد أهم أسباب تلك الظاهرة، وهنا كان توجيه الرئيس واضحاً وصريحاً بالتنسيق بين وزارة التضامن الاجتماعي والجهات المختصة بشأن تدقيق قوائم الغارمين، ومنح الأولوية للسيدات المعيلات والأرامل والمسنين، والتنسيق مع المجتمع المدني والمؤسسات الدينية في مساعدة الأسر غير القادرة على تيسير شئون الزواج والمساهمة في سداد المديونيات.
 
كما تضمن الاجتماع استعراض الدراسة التي قامت بها وزارة التضامن الاجتماعي بشأن إمكانية اشتراك المزارعين في نظام تأميني يضمن لهم الحماية من مخاطر الشيخوخة والعجز الوفاة، تحت مسمى "معاشك بإيدك"، الذي يستهدف المزارعين بفئاتهم العمرية المختلفة، ويتيح نظم سداد مرنة بدفعات نقدية يسهل على الفلاح سدادها، مع عرض التجارب الدولية المماثلة في هذا الخصوص للوقوف على أفضل الممارسات فيما يتعلق بمظلة الحماية الاجتماعية لفئة المزارعين، حيث وجه الرئيس بتدقيق الإحصائيات الخاصة بالمزارعين علي مستوي محافظات الجمهورية لضمان شمول الجميع في مظلة الحماية الاجتماعية، فضلاً عن قيام وزارة التضامن الاجتماعي في هذا الإطار بالتنسيق مع وزارة الاتصالات والقطاع المصرفي للاستفادة من نظم الرقمنة والشمول المالي، وذلك بهدف تحقيق الاستقرار والانتظام لهذه المنظومة، وضمان استدامة توفير مصادر تمويلها.
 
ما جاء في الاجتماع الرئاسي هو جزء من منظومة الضمان الاجتماعى الذى تتبناه الدولة، وتضم أيضاً مجموعة من البرامج المهمة التي لها أثر كبير في توفير الحماية المالية والمجتمعية لمحدودى ومتوسطى الدخل، منها على سبيل المثال برنامج الدعم النقدى "تكافل وكرامة" الذى يبلغ عدد مستفيديه حتى اليوم ما يزيد على 3.8 مليون أسرة، بواقع مليون و335 ألف و762 مستفيد من برنامج كرامة، و2 مليون و87 ألف و25 مواطن مستفيد من برنامج تكافل، بقيمة إجمالية تزيد على المليار ونصف المليار جنيه شهريًا، حيث تبلغ قيمة الدعم المستحق شهريًا لمستفيدى "كرامة" ما يزيد على 597 مليون جنيه بواقع 450 جنيهًا للمسنين ومثلها للأشخاص ذوى الإعاقة، بينما يحصل مستفيد كرامة من الأيتام على 350 جنيهًا، أما مستفيدو برنامج "تكافل" فتكلفة الصرف لهم تزيد على 974 مليون جنيه شهريًا، حيث يبلغ متوسط الصرف للأسرة المستفيدة حوالى 500 جنيه شهريًا.
 
وبالإضافة إلى برامج التضامن، هناك العديد من المبادرات الرئاسية المتعلقة بقطاع الصحة، والتي كان لها أثر أيجابى كبير في الوضع الاقتصادى للأسر المصرية، وعلى رأسها مبادرة "100 مليون صحة"، التي كان لها دور كبير في توفير جزء ليس بقليل من دخل الأسر الذى كان مخصص للأنفاق على "الصحة"، فالمبادرة وفرت طرق علاج مجانية للعديد من الأمراض الصعبة والتي كانت تكلف المصريين في الماضى نفقات كثيرة، كان لها تأثير كبير وواضح على اقتصاديات هذه الأسر.
 
ولا ننسى أيضاً مبادرة "حياة كريمة" التي تضم في جزء منها جانب اقتصادى يعتمد على تمكين الاسر في الريف المصرى اقتصاديا من خلال إنشاء مشروعات تتناسب مع وضع هذه الأسر، لتتحول إلى أسر منتجة بعدما كانت فقط مستهلكة، وهو ما أحدث طفرة في العديد من هذه الأسر.
 
 
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق