الرقصة الأخيرة لجماعة "الإخوان النصابون"

السبت، 18 ديسمبر 2021 11:00 م
الرقصة الأخيرة لجماعة "الإخوان النصابون"
محمد الشرقاوي

فضيحة التسريبات المفبركة تكشف بلادة الجماعة الإرهابية وتكتب شهادة الوفاة

الدولة واجهت الشائعات بالوعى والشفافية.. فلجأت الجماعة إلى النصابين لفبركة مكالمات واستخدامها سهام مسمومة ضد المؤسسات

ضربة الداخلية تؤكد تطور جهود أمن المعلومات والأمن السيبراني والتعامل مع جرائم الفبركة والشائعات وصناعة التشكيك

مفتي الديار المصرية: الجماعة التخريبية تراهن على تضليل وعي الشعب باستخدام أدوات حروب الجيل الخامس

الدكتور أحمد كريمة: كن لفق الاتهامات ودبلج الإشاعات وافترا الافتراءات يوصف بلسان الشرع أنه فاسق ترد شهادته

 

 

على مدار سنوات لم تكف جماعة الإخوان الإرهابية من ترويج الشائعات والدخول في حروب إلكترونية ضد الدولة، منذ عام 2013، وفي كل مرة تسقط الادعاءات، وترد الحكومة الشائعات، ويردها الشعب أيضاً.

ووفق استراتيجيات الجماعة، والتي تجعل من أساليب حروب الجيل الرابع والخامس، دستوراً لها، فإن إطلاق الشائعات والتسريبات المزيفة، أحد أهم أسلحتها، كونها عملية مستمرة، عبر آلاف الحسابات المزورة على وسائل التواصل، ومنصات على مواقع التواصل الاجتماعي.

ورغم أن الشائعات أنواع، إما أن تكون خبرًا مختلقًا لا أساس له وهو أضعف أنواع الشائعة، وهو الكذب البواح، وإما أن تكون الشائعة إثارة لخبر فيه جانب من الصحة، أو إضافة معلومة كاذبة لخبر معظمه صحيح، أو تفسيرًا خاطئًا لخبر صادق، إلا أن الجماعة تتخذها جميعاً أساليب للنيل من مؤسسات الدولة.

وعلى مدار سنوات اتخذت الشائعات مؤشرات صاعدة، مع ديمومة الاستقرار ونجاح مشاريع قومية راهن الكثير على فشلها، فمع كل تطور لوسائل الإعلام وتكنولوجيا الاتصال، وظهور منصات جديدة لوسائل التواصل الاجتماعي، تصبح صناعة الشائعات مصدرًا للتكسب المقيت يشرف عليه أناس ومنظمات وهيئات أو دول تهدف إلى تحقيق أهداف خبيثة.

ومع تطور الحال، ترسخت بلادة الجماعة الإرهابية، وصاروا لقمة سائغة للمحتالين والنصابين، درجة أنهم جعلوا من عناصرها مسخة يضحك عليها الجميع، كون أن شراهتهم في اللهث وراء أي شيء يوحي بأنه يضر مؤسسات الدولة، أو ينال منها، حتى ولو كانت ورقة ملقاة على الأرض مكتوب فيها "عاجل.. تسريب.. فضيحة.. إلخ"، دفعت بهم لعقد صفقات مشبوهة، أخلوا فيها باتفاقتهم أيضاً.

في الآونة الأخيرة تغنت جماعة الإخوان الإرهابية ومنصاتها الإعلامية بسبق إعلامي لرجلها عبد الله الشريف، في محاولة للنيل من مؤسسات الدولة وعدد من المشاريع القومية.

صدقت الإخوان الكذبة، وجالوا وصالوا حول التسريب، وتكدست صفحات التواصل الاجتماعي بمنشورات كثيرة، وتصيدت اللجان الإلكترونية، في صورة أشبه بحرب كاملة، لكن كانت صفعة واحدة من قطاع الأمن الوطني بوزارة الداخلية بمثابة الضربة القاضية، التي حسمت بها المعركة.

تفاصيل نصباية التسريبات

خرجت وزارة الداخلية الاثنين الماضى ببيان وتسجيلات بالصوت والصورة للتمثيلية التي نسجها نصابون وسقط فيها الإخوان وروجوها، فردت على التسريب الصوتي المكذوب للإخواني عبد الله الشريف، حيث تبين انتحال الشخصيات محل الواقعة لصفات مسئولين وترويج المكالمات للنصب على المواطنين.

وجاء في نص بيان وزارة الداخلية: "في ضوء ما رصدته المتابعة مؤخراً من قيام المنابر الإعلامية التابعة لتنظيم الإخوان الإرهابي بالترويج لمحادثة هاتفية بين شخص يدعى أنه اللواء فاروق القاضي مع سيدة تدعى ميرفت محمد، ادعت أنها مستشارة برئاسة الجمهورية، واتفاقهما على قيام المذكور من خلال علاقاته المتشعبة بالعديد من المسئولين بالدولة بتسهيل حصولها وبعض المرتبطين بها على عقود لتنفيذ عدد من المشروعات الكبرى التي تقوم الدولة بإنشائها في مختلف المجالات، وذلك بغرض تحقيق ربح مادي للمذكورة.

وأمكن لقطاع الأمن الوطني كشف ملابسات المحادثة الهاتفية المشار إليها وضبط المتحدثين خلالها، حيث تبين أن الأول يدعى حنفي عبدالرازق السيد محمـد (61 عام، عاطل، يقيم بمحافظة القاهرة، مسجل خطر جرائم نصب وسبق اتهامه والحكم عليه في عدد "٢٢" قضية متنوعة "نصب ، قتل خطأ ، تنقيب عن آثار")، والثانية تُدعى ميرفت محمد على أحمد البدوي (٥٢ عام – حاصلة على لسانس حقوق – تقيم بمحافظة الإسكندرية).

وأسفرت عمليات الفحص والتحري عن كون المذكورين من العناصر سيئة السمعة التي تنتهج أسلوب النصب والاحتيال بهدف التربح المادي، وعدم سابقة عملهما بأي من مؤسسات الدولة أو أجهزتها الحكومية، وقيام المدعو حنفي عبدالرازق بتسجيل المحادثة الهاتفية المشـار إليها لترويجها فـي أوسـاط المحيطـين به وبثها لمجتمع رجال الأعمال سعياً لإكساب ذاته الزخم الكافي وإيهام الآخرين بتعدد علاقاتـه بمختلف المسئولين بالدولـة وقدرتـه علـى إسـناد عقـود لتنفيـذ بعض المشروعات الكبرى بالبلاد لأي شخص، وذلك في إطـار أعمال النصب والاحتيال التي يضطلع بها.

وأسفرت التحريات عن تحديد شخص القائم بالتواصل مع الإخواني الهارب عبدالله الشريف، والذي تبين أنه يدعى وائل عبدالرحمن سليمان محمد (٤٢" عام - سمسـار- يقيم بمحافظة الإسكندرية) حيـث تبين ارتباط السمسـار المـذكور بالمدعو حنفي عبدالرازق وحصوله على المحادثة الهاتفية منه في إطار محاولة الأخير إقناعه بقوة علاقاته وإمكانية منحه فرص للاستثمار في مجال المقاولات في وقت لاحق وفي ضوء تعرض المدعو وائل عبدالرحمن لضائقة مالية قرر التواصل مع الإخواني الهارب المذكور وموافاته بالمحادثة الهاتفية المشار إليها مقابل مبلغ نقدى وقام بإرسالها له مع وعد بإرسال مكالمات أخرى على نفس النهج.

إلا أن الإخواني الهارب لم يقم بمنحه المبلغ المتفق عليه تم اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة وضبط المتهمين والتليفون المحمول محل التواصل بين المدعو وائل عبد الرحمن والإخواني الهارب عبدالله الشريف والمتضمن المحادثات بينهما في هذا الشأن، وجاري العرض على نيابة أمن الدولة العليا لمباشرة التحقيقات".

انقلبت الآية الآن

إلى هنا انتهى بيان الداخلية، لتعكس تلك الضربة الأمنية، تطور كبير في أجهزة المعلومات بالدولة، وتعزيز جهود أمن المعلومات والأمن السيبراني، فى التعامل مع نوعية من الجرائم تقوم على الفبركة والشائعات، وصناعة حالة من التشكيك فى جهود الدولة، وغيرها من السهام المسمومة الموجهة في وجه الدولة، فكشفت الداخلية حقيقة التسريب المفبرك، وقبضت على مسجلين خطر انتحلوا صفة شخصيات فى الدولة، ومن وظفوا التسجيلات المفبركة لبيعها إلى فرق الشائعات، وحصلت على نص المحادثات وتسجيلات صوتية للاتفاق مع الإخواني الهارب.

ونشرت الداخلية كل تلك المقاطع، استكمالاً في الشفافية وإطلاع المصريين على حجم الخطر الدائر ببلادهم، منها محادثة هاتفية بين الإخواني الهارب عبد الله الشريف كشفت الاتفاق بين المتهمين على كيفية استغلال التسريبات الصوتية التي قام المتهمين بفبركتها.

وحاول الإخواني الهارب، خلال التسجيل، طمأنة المتهم "اطمن يا زعيم، عبد الله الشريف معاك ومحدش بيمسك التليفون دا ولا بيقع في إيد مخلوق غيري، أنا عبد الله معاك وأظن الصوت بتاعي واضح جدا".

والتسجيل كشف عن مؤشرات عدة، أولها الآلية التي تعمل بها هذه منصات الإخوان، التي استمرت على مدى سنوات فى الكذب والفبركة، ونشر الأرقام والتوقعات الساذجة، ثم البناء عليها فى تحليلات تفتقد الجدية أو المنطق.

وخلال السنوات الأخيرة، سقط عدد من الفاسدين فى أماكن مختلفة بالصوت والصورة، مع تأكيد دائم على أن لا أحد فوق القانون أو المحاسبة، فضلا عن جهود أجهزة الرقابة فى كل مكان، مع قطع خطوات تكنولوجية تقلل من دور العنصر البشرى، وتنفى وجود مثل هذه المكالمات المفبركة، بعيدا عن سذاجتها وعدم منطقيتها.

حرب أبدية لا تنتهي

قد يظن البعض أن الضربة التي تلقتها جماعة الإخوان قد تدفعهم إلى الجنوح والمواراة لكن هذا غير صحيح، فهي بالنسبة للإرهابية حرب وجود وأبدية بين الجماعة الإرهابية والدولة المصرية، كونها تعتبر نفسها دائمًا في حالة حرب مع الدولة، ويجوز لها استخدام أي وسيلة من الوسائل للانتصار على عدوها في هذه المعركة، حتى ولو كانت الأسلحة المحرمة دينياً ودولياً.

لم تجد الجماعة التي جعلت من شعار "الإسلام هو الحل" دعاية لها، غضاضة في أن يكون الكذب والتضليل هما السمة الرئيسية في تعاملها مع أتباعها، متناسية أن ألسنتهم ستشهد عليهم.

بالتتبع التاريخي للجماعة فإن وسائلها في حربها ضد الدولة المصرية والأنظمة بوجه عام، الكذب ونشر الشائعات، والدعوة للحشد والاستقطاب، والدخول في تحالفات وقنوات تجعلها تنتصر في النهاية، ناهيك عن الصدام المسلح "القتل والرصاص والاغتيالات"، وهو ما نجحت الدولة في صده تماماً.

وتعمل الجماعة الإرهابية عبر شركات عالمية متخصصة فى العلاقات العامة وإدارة السوشيال ميديا والمواقع الإلكترونية، جميعها تعمل بشكل مكثف على نشر الشائعات والأكاذيب والاستهزاء بإنجازات الدولة والتشكيك فى المشروعات القومية وغيرها، تعمل بالتوازي مع مراكز "رصد وتحليل" تمدها بالمعلومات والصور المفبركة، والتى يتم تركيبها باحترافية شديدة لتحقيق أهدافها الخبيثة.

الدين لله وبرئ من الإخوان الإرهابية

تؤكد تلك الجماعة التي ترتدي قناع الدين، يوماً تلو الآخر أن الدين منهم براء، وتنطبق عليهم آيات وأحاديث عدة، منها حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن علامات المنافق "آية المنافق ثلاث: إذا حدّث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان".

الدكتور شوقي علام، مفتي الديار المصرية الدكتور، قال إن حرب الدولة المصرية ومؤسساتها ضد تنظيم الإخوان الإرهابي "لا تزال مستمرة"، متابعاً: "لا زلت موقنا تمام اليقين أن حرب الدولة ومؤسساتها مع جماعة الإخوان الإرهابية لا تزال مستمرة"، مؤكداً على أن "تلك الجماعة التخريبية تراهن على تضليل وعي الشعب باستخدام أدوات حروب الجيل الخامس، وأنا على يقين بأن الزبد سيذهب جفاء.. وأن ما ينفع الناس سيمكث في الأرض".

الأمر وافق عليه أيضاً الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، الذي علق على تسريبات عبد الله الشريف، قائلاً: "إن من لفق الاتهامات ودبلج الإشاعات وافترا الافتراءات يوصف بلسان الشرع أنه فاسق ترد شهادته ويستحق العقوبات التعزيرية سواء السالبة للحرية أو الغرامة المالية".

واستدل كريمة، بقول الله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ"، ومن ثم روى حديث النبى صلى الله عليه وسلم: "كفى بالمرء إثماً أن يحدِّث بكلِّ ما سمع".

وأيضاً قوله تعالى: "لئن لم ينته المنافقون والذين فى قلوبهم مرض والمرجفون فى المدينة لنغرينك بهم ثم لا يجاورونك فيها إلا قليلا ( 60 ) ملعونين أينما ثقفوا أخذوا وقتلوا تقتيلا"، مشدداً على ضرورة عدم الانسياق وراء الشائعات أو الترويج لها خاصة أننا نعلم أن هناك خلايا نائمة وشبهة نائمة تتربص بالدولة المصرية.

طفرة مصرية في الأمن السيبراني

على مدار سنوات لم تنل التسريبات ولا الإشاعات من الدولة، فمنها من يخرج بصورة الاحتيال كما حدث في التسريب الأخير الذي استهدف مؤسسة الرئاسة، ومنها ما يتم بتزييف أصوات وفبركة، فالآن فبركة التسجيلات بات مثل فبركة الصور، وهناك برامج مخصصة وأجهزة تقوم بهذا بكل سهولة، وذلك بأخذ درجة صوت الشخص وتبديلها بدرجة صوت شخص آخر، ويمكن أن يأخذ مقتطفات من كلامه ويقوم بتركيبها بطريقة معينة لتظهر معنى غير الذى قيل، بل أن الأمر يصل لأن يأخذ بعض الحروف من كلمات شخص ما، ويتم تركيبها لتخرج كلمات معينة.

ومن الممكن أيضاً يتم تقريب الصوت لصوت شخص أخر، فيأخذ مقطع صوتى لشخص ما ويقوم بإظهاره بصوت شخص أخر وبنفس النبرة، لكن مع تطور الأمن السيبراني، صار من السهل كشف التضليل.

وفطنت الدولة لكل هذه التهديدات منذ سنوات، وطورت أجهزة الرصد والتحري، وكذلك أطلقت استراتيجية وطنية لتعزيز أمن المعلومات، أسمتها الاستراتيجية الوطنية للأمن السيبرانى (2022 - 2026).

وتهدف تلك الاستراتيجية لكافة المستجدات وأحدث التكنولوجيات والتقنيات فى مجال الأمن السيبرانى حتى تصبح قادرة على التصدى للتحديات والمخاطر العالمية الناجمة عن التهديدات السيبرانية، على النحو الذي يدعم جهود الدولة فى بناء مصر الرقمية والتى يتم من خلالها رقمنة الخدمات الحكومية وتبنى المعاملات الرقمية.

وكثيراً ما تؤكد وتحرص أجهزة الدولة على حماية الفضاء السيبرانى وتأمين البنى التحتيـة للاتصالات والمعلومات باعتبارها ركيزة أساسية فى بناء اقتصاد رقمي قوي؛ وبالتالي كان من الواجب الاهتمام بالعنصر البشرى والاستثمار فى الارتقاء بوعى وثقافة الكوادر البشرية والعقول والذى يعد من أهم الأهداف الاستراتيجية الراسخة.

وهناك جهود كبيرة لنشر ثقافة التوعية بالأمن السيبرانى بين العاملين فى الجهاز الإدارى بالدولة بكافة مستوياتهم وذلك فى إطار تطبيق برنامج رفع الوعى المجتمعى بالاستراتيجية الوطنية للأمن السيبرانى  (2017-2021).

في الوقت ذاته، اتجهت لتطبيق تشريعات تخذم الجانب التنفيذي، فتقدمت الحكومة بمشروع قانون الأمن السيبرانى الذى يهدف إلى تحقيق تكامل تشريعى وتنظيم العمل فى مجال الأمن السيبرانى.

 وتأتى استراتيجية الوطنية للأمن السيبرانى (2022-2026)  فى إطار جهـود الدولـة لدعـم الأمـن القومـى، وتنميـة المجتمـع المصرى والعمل على رصد ومواجهة التهديدات والتحديات المسـتقبلية فـى مجال الأمن السيبرانى والمجتمـع الرقمـى بمـا يسهم فى تحقيق تنميــة اجتماعيــة واقتصاديــة شــاملة، وحماية الموطنين من المخاطر فى الفضاء السيبراني، والحفاــظ علــى مصالح الدولة العليا.

بالفعل هناك تهديد قائم، ففي تقرير نشر قبل أسابيع، راقب باحثو كاسبرسكي عن كثب مشهد التهديدات المتقدمة المستمرة (APT) في مصر، وأعدّوا 38 تقريرًا استقصائيًا تتعلق بـ 12 عصابة رقمية تستهدف البلاد بنشاط منذ اندلاع الجائحة في العام 2020، واشتملت التقارير على معلومات عن التهديدات والتحقيقات المرتبطة بالعصابات الرقمية التي تستهدف مصر، التي تُعدّ تأتي في المرتبة الثالثة في عدد التقارير الصادرة من جميع دول الشرق الأوسط، ما يجعلها واحدة من أكثر البلدان المستهدفة في المنطقة.

ووجدت كاسبرسكي أن هذه العصابات تستهدف في الأساس المؤسسات الحكومية والهيئات الدبلوماسية فضلًا عن المؤسسات التعليمية وشركات الاتصالات في البلاد.

وتشمل الجهات المستهدفة الأخرى المؤسسات المالية وشركات تقنية المعلومات ومؤسسات الرعاية الصحية وشركات المحاماة والجهات العسكرية والدفاعية. وشملت بعض العصابات الرقمية سيئة السمعة التي تقف وراء التهديدات المتقدمة المستمرة والتي جرى التحقيق فيها في مصر، Lazarus وMuddyWater وZeboracy وStrongPity وSideCopy.

ووجد فريق البحث أن "استغلال التطبيقات العامة" و"الحسابات السارية" و"التصيد" كانت أكثر نواقل الهجوم شيوعًا في استهداف البنى التحتية في مصر. فأما عصابة Lazarus، مثلًا، فتشتهر بإجراء حملات تصيد موجهة وهجمات باستراتيجية "حفرة الماء" التي ترصد مواقع الويب التي تتردد عليها جهة ما بكثرة و"تفخّخها" ببرمجيات خبيثة. واستهدفت عصابة MuddyWater الشرق أوسطية التجسسية الجهات الحكومية وشركات الاتصالات والنفط بهدف استخلاص المعلومات باستخدام الحسابات المخترقة لإرسال رسائل بريد إلكتروني تصيدية مع مرفقات موجّهة إلى أشخاص مستهدفين بعينهم. وهناك التروجان Zeboracy الذي يُوظّف ضمن حملات التجسّس الرقمي لجمع البيانات الأولية من الأنظمة المخترقة، أما عصابة StrongPity فمسؤولة عن حملات تجسسية تستخدم فيها هجمات "يوم الصفر" والحيل القائمة على مبادئ الهندسة الاجتماعية وأدوات تثبيت التروجانات لإيصال البرمجيات الخبيثة إلى ضحاياها. بدورها، تنفذ عصابة SideCopy حملات هجوم ببرمجيات خبيثة تستهدف مختلف الكيانات لأغراض التجسّس.

ويرى تقرير كاسبرسكي، أن التهديدات الموجهة لمصر تزداد تعقيدًا كل يوم، وبالتالي فإن التحقيق في نشاط هذه العصابات الرقمية وإعداد التقارير حولها "يتيح لنا رؤية واسعة ومتعمقة لفهم دوافعها وتحركاتها، ما يمكّننا من تزويد أصحاب المصلحة المعنيين بالمعرفة التي يحتاجون إليها للبقاء في مأمن من أخطارها".

وأضاف: "ثمّة حاجة ملحّة لتبقى مختلف المؤسسات مطلعة على أحدث التطورات، ما يسمح لفرق الأمن بالتنبؤ بالخطوات التالية للمهاجمين واتخاذ الخطوات المناسبة لحماية أنفسهم ضد الحوادث المستقبلية".

وتواصل تقنيات الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء والبلوك تشين والتقنيات المالية وشبكات الجيل الخامس 5G اكتساب مزيد من الزخم على امتداد القطاعين العام والخاص في مصر. وغالبًا ما ترتبط زيادة الاتصال بالإنترنت بزيادة التهديدات الرقمية الموجهة، لذا حرصت الدولة على تجهيز نفسها لمواجهة حتى أكثر هجمات الأمن الرقمي تحديًا، وذلك بوضعه في طليعة جهود التحوّل الرقمي.

واحتلت مصر، وفقًا لمؤشر الأمن الرقمي العالمي، المرتبة الرابعة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في التزامها بالأمن الرقمي، ما يؤكد حرص الحكومة على مواصلة الارتقاء بقدراتها الأمنية.

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق