إيران وفرنسا.. حروب مفتوحة بعد شهر عسل الخميني

الخميس، 28 يناير 2016 05:16 ص
إيران وفرنسا.. حروب مفتوحة بعد شهر عسل الخميني

تعد زيارة الرئيس الإيراني، حسن روحاني، إلى فرنسا، ضمن جولة أوروبية، الثالثة لرئيس إيراني، منذ الإطاحة بالشاه عام 1979 إثر ثورة انتهت بتولي الخميني الحكم وفرض نظام الولي الفقيه.
وبعد 17 عاما من أول زيارة قام بها الرئيس الأسبق، محمد خاتمي، وصل إلى باريس روحاني الذي يحاول فتح فصل جديد من العلاقات بين إيران ودول الاتحاد الأوروبي بعد إبرام الاتفاق النووي.

ويعول روحاني على ورقة الاقتصاد في مسعاه الرامي إلى فتح صفحة جديدة من العلاقات بين فرنسا وإيران، التي مرت بعد الثورة بعدة مراحل، من حرب غير معلنة إلى مرحلة الصراع والحرب بالوكالة.

إلا أن العلاقة بين الخميني وفرنسا مرت عشية الثورة بشهر عسل، إذ بعد مغادرة منفاه العراقي، شكل المنفى الفرنسي للخميني في 6 أكتوبر 1978 نافذة إعلامية لمؤيده وللقنوات الإعلامية العالمية.

ومن فرنسا، حارب الخميني الشاه محمد رضا بهلوي، الذي حكم لأكثر من أربعين عاما، عاش غالبيتها في شبه انقطاع عن الشعب الذي كان يطالب بالتغيير من خلال حملات يقودها الطلاب والأساتذة والعمال.

ولكن جهاز السافاك المتسلط الذي كان يتحكم بشؤون البلاد بمساندة جيش مجهز بعتاد وسلاح أميركي ويعتبر الخامس في العالم، عمل طيلة عقود حكم الشاه على خنق إي محاولة تغيير قاد بعضها يساريون.

ووسط تصاعد الغضب الشعبي الناجم عن نظام قمعي، أثار إدخال الثقافة الغربية إلى البلاد بالإضافة إلى تحكم أقلية برؤوس الأموال، غضب الشارع الإيراني ووحد حركات المعارضة، وهي عوامل استغلها الخميني.

وانطلقت مظاهرات عمالية أيدها الخميني، انتهت بعودته على متن طائرة إيرباص فرنسية في 31 يناير 1979، لتنتقل بعدها إيران من حكم الشاه إلى حكم الولي الفقيه الذي صفى ونفى القيادات اليسارية والليبرالية.

وظنت فرنسا حينها أن عودة الخميني على متن إحدى طائراتها سيفتح صفحة جديدة في العلاقات، تمكنها من الحصول على حصة في السوق التي كانت شبه محصورة بالأميركيين، حلفاء الشاه.

لكن آمال باريس، تبخرت وانطلقت مرحلة في العلاقات بين البلدين أطلق عليها اسم "الحرب غير المعلنة"، لاسيما بعد دعم باريس لصدام حسين في حربه ضد إيران التي دامت ثماني سنوات وخلافات على عقود لبناء مفاعلات نووية.

واعتبرت طهران الموقف الفرنسي وصفقات بيع السوبر إيتاندار للعراق بمثابة المشاركة في الحرب ضدها، ليطلق الإيرانيون على فرنسا آنذاك لقب "الشيطان الأصغر"، علما بأن "الشيطان الأكبر" أطلق على الولايات المتحدة.

ولقب "الشيطان الأكبر" لم يمنع توقيع إدارة الرئيس الأمريكي، رونالد ريغان، اتفاقا مع إيران، برعاية المخابرات الإسرائيلية، لتزويد طهران بأسلحة خلال الحرب مع العراق لقاء إطلاق سراح أميركيين محتجزين في لبنان، في فضيحة عرفت بـ"إيران كونترا".

وبالعودة إلى النزاع الفرنسي-الإيراني، هز انفجار قوي في 28 أكتوبر 1983 مبنى دراكار للجيش الفرنسي في الرملة البيضاء بالعاصمة اللبنانية بيروت، في هجوم أسفر عن مقتل 58 مظليا فرنسيا.

وتبنت حركة الجهاد التفجير، في حين اعتبرت فرنسا أن إيران أمرت بتنفيذ العملية، فردت بشن غارات على مخزن للسلاح تابع للحرس الثوري وحزب الله في منطقة الشيخ عبدالله في البقاع شرقي لبنان، ليتبين لاحقا أن الموقع كان فارغا.

واستمرت العلاقات بالتدهور، حتى انقطعت نهائيا يوم 17 يوليو 1987 بعد رفض مترجم يدعى فاهيد غورجي يعمل في السفارة الإيرانية بباريس الإدلاء بإفادته في هجمات أدت إلى قتل 13 شخصاً في العاصمة الفرنسية.

وكان عام 1985 قد شهد معركة جديدة بالوكالة بين الجانبين، سلاحها خطف ديبلوماسيين فرنسيين اثنين من قبل حزب الله، تم إطلاق سراحهما بعد ثلاثة أعوام، وبعودتهما عادت العلاقات الدبلوماسية بين البلدين.

قبل ذلك، نجا رئيس وزراء الشاه، شاهبور بختيار، من محاولة اغتيال في سورين بضاحية باريس عام 1980، لتلقي بعدها الشرطة القبض على أنيس النقاش، الذي قيل أنه تلقى أمرا مباشرا من الخميني لاغتيال الرجل، وحكم عليه بالمؤبد ليطلق سراحه في 1990.

وبعد سنة على إطلاق سراح النقاش، طعن بختيار ثلاثة عشر مرة، فقتل أمام منزله في باريس، لتعتقل الشرطة بسويسرا بعد ذلك أحد المنفذين، وهو علي فاكيلي راد، وتسلمه إلى فرنسا، حيث حكم عليه بالسجن المؤبد.

وبين معركتين وهدنة كانت علاقات البلدين تتأرجح، فأطلقت فرنسا سراح علي راد في إطار صفقة قضت في المقابل بالإفراج عن كلوتيلد رايس، وهي باحثة فرنسية كانت محتجزة في إيران.

غير أن الرسائل القاتلة لم تنته، ففي 1993 هوجمت مقرات السفارة الفرنسية في إيران ومبنى "إير فرانس"، بعد إعلان فرنسا إعطاء حق اللجوء لزوجة قائد مجاهدي خلق، مريم رجوي.

وبعد سنتين، وقعت شركة توتال عقدا هو الأول من نوعه لشركة أجنبية مع طهران منذ 1979، لتصبح بموجبه فرنسا الشريك الأول لإيران في هذا المجال.

وفي 1999، زار الرئيس خاتمي باريس ثم كرر الزيارة عام 2003، وهو العام الذي شهد زيارة وزير الخارجية الفرنسي دومينيك دوفيلبان إلى طهران مع نظيريه البريطاني والألماني في محالوة للضغط على إيران لإقناعها بوقف عمليات تخصيب اليورانيوم.

وهكذا فتح فصل جديد، هو فصل النووي الإيراني تخلله انتخابات العام 2009 الإيرانية التي اتهم فيها الرئيس الفرنسي آنذاك نيكولا ساركوزي، محمود أحمدي نجاد، بالتزوير من أجل الفوز بولاية ثانية.

وعام 2012، شاركت فرنسا الاتحاد الأوروبي بفرض عقوبات على طهران، وكانت باريس خلال سنوات التفاوض الأكثر تشددا في مسألة تخصيب اليورانيوم والحصول على ضمانات بعدم تطوير سلاح نووي.

وبعد أقل من 10 أيام على بدء تطبيق الاتفاق النووي الذي أبرمته إيران مع الدول الكبرى صيف 2015، قال روحاني لدى وصوله إلى باريس إن صفحة جديدة قد بدأت في علاقات طهران بالاتحاد الأوروبي، بما في ذلك فرنسا.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة