حرق جثمان يحيى السنوار!
الأربعاء، 22 أكتوبر 2025 10:49 م
اعتادت إسرائيل منذ هجوم فصائل المقاومة الفلسطينية على غلاف غزة المحتل في 7 أكتوبر 2023 على تبرير ممارساتها الإجرامية إزاء سكان القطاع الفلسطيني تحت ذريعة "الأمن القومي" وآخرها تصريح وزيرة المواصلات الإسرائيلية ميري ريغيف باقتراح حرق جثمان زعيم حركة حماس الراحل يحيى السنوار، الذي قتل في مدينة رفح الفلسطينية قبل نحو عام وتحتفظ دولة الاحتلال بجثمانه.
تصريحات "ريغيف" الخطيرة لم تلق أي ردود فعل قوية من العواصم الغربية، التي طالما رفعت شعارات "حقوق الإنسان" و"كرامة الموتى"!
السؤال الذي يطرح نفسه بعد تصريحات الوزيرة الإسرائيلية هو ماذا لو أن مسؤولا عربيا دعا إلى حرق جثمان شخصية إسرائيلية؟.. الإجابة "انتفاضة غربية غير مسبوقة تتهم هذا المسئول بالعنصرية والعدوانية وربما الهمجية".
تصريح "ريغيف" يعكس عقلية شوفينية وعنصرية إذ لم يكن مجرد تعبير عن موقف سياسي، حيث ترى المسئولة الإسرائيلية في الجسد الفلسطيني ذاته تهديدا يجب محوه حتى بعد موت أحد رموزه.
ويعيد التصريح إلى الأذهان سياسات الاحتلال القديمة التي كانت تمنع العائلات الفلسطينية من تسلم جثامين أبنائها، لتتحول أجسادهم إلى أوراق ضغط ومساومة، في انتهاك صارخ للقانون الإنساني الدولي.
تعد فكرة حرق جثمان "السنوار " نزعة عنصرية متجذرة تنظر إلى الفلسطيني كآخر لا يستحق حتى الكرامة بعد موته وتبتعد تمامنا عن أي إجراءات أمنية أو سياسية مزعومة للاحتلال.
جاءت تصريحات "ريغيف" امتدادا لخطاب متصاعد داخل إسرائيل يدعو إلى محو الفلسطينيين من الجغرافيا والذاكرة. إذ كثيثرا ما أفتى حاخامات بجواز قتل المدنيين، فيما دعا بعض الساسة الإسرائيليين إلى محو غزة،
خطاب الكراهية أصبح مكونا بنيويا في الوعي السياسي الإسرائيلي فالدعوة إلى حرق الجثامين لا تعبّر عن سلوك فردي، بل عن ثقافة سياسية تتغذى على نزع الإنسانية عن الخصم.
ويكشف تصريح "ريغيف" الكارثي أن ممارسات الاحتلال لم تعد كما يزعم مسألة أمنية بقدر ما هى رغبة في الإهانة والانتقام من كل فلسطيني يعيش فى القطاع.
التصريح الصادم خلال مقابلة إذاعية مع محطة "كول براما" الإسرائيلية المتشددة، حيث أكدت "ريغيف" أنها طرحت المقترح خلال اجتماع المجلس الوزاري الأمني المصغر، في سابقةٍ تكشف عن نزعة انتقامية تتجاوز القيم الإنسانية والأعراف الدولية.
"ريغيف" شبهت زعيم حماس الراحل "السنوار" بمؤسس تنظيم القاعدة أسامة بن لادن، الذي قُتل على يد القوات الأمريكية عام 2011 وأُلقي جثمانه في البحر إذ قالت: "اعتقدت أنه يجب علينا أن نفعل تماما ما فعله الأميركيون مع بن لادن.. هناك رموز لا يجب إعادتها."
ترفض الوزيرة الإسرائيلية أن يُعامل خصومها كـ"بشر"، في تجاوزٍ صارخ لكل القيم الدينية والإنسانية التي تحترم حرمة الموتى.
تستند "الشوفينية" الفجة للوزيرة الإسرائيلية إلى رؤية فوقيةترى في الذات الإسرائيلية كائنا أسمى، وفي خصومها مجرد رموز معادية لها يجب محوها من الذاكرة والتاريخ.
الحكومة الإسرائيلية اكتفت بالصمت، رغم خطورة ما قالته "ريغيف" ولم تصدر أي إدانة رسمية من فيما قالت صحيفة يديعوت أحرونوت إن الاقتراح "قيد المراجعة" لدى مسؤولين أمنيين.
التحريض ضد الفلسطينيين من قبل حكومة الاحتلال أصبح جزءا من الممارسة السياسية الطبيعية داخل المؤسسة الإسرائيلية وهو ما أكده الصمت الحكومي تجاه التصريحات العنصرية ما يعد تواطؤا ضمنيا مع الخطاب العنصري الذي تتبناه "ريغيف".
الوزيرة الإسرائيلية قالت أيضا: "لأننا نفهم الشرق الأوسط ونعرف ما يحدث في هذه المنطقة، يمكنني القول إنني لن أرغب في رؤية السنوار يُدفن في أي مرحلة من المراحل."
تصور "ريغيف" الاستعلائي للمنطقة وشعوبها يعتبر أن الفلسطينيين لا يستحقون حتى طقوس الدفن التي تضمنها القوانين الدولية والشرائع السماوية والطبيعة الإنسانية.
وسبق وطالبت حركة حماس بإعادة جثماني يحيى السنوار وشقيقه محمد، إلا أن تل أبيب رفضت الإفراج عنهما، مؤكدة أن الجثتين "لن تكونا جزءًا من أي اتفاق" مع الحركة ما يؤكد أن جثامين القتلى الفلسطينيين تتخذها إسرائيل كوسيلة للابتزاز السياسي، وهو نهج يتنافى مع أبسط مبادئ الكرامة الإنسانية.