.

لغز 48 سنة.. كيف رحل جمال عبد الناصر: أزمة قلبية أم سم؟

الجمعة، 28 سبتمبر 2018 02:13 م
لغز 48 سنة.. كيف رحل جمال عبد الناصر: أزمة قلبية أم سم؟
جمال عبد الناصر
كتب محمد شعلان

 

بعد مرور 48 عام على رحيل الزعيم الخالد جمال عبد الناصر لا زالت الشكوك تثار حول سبب وفاته وهل هي طبيعية أم نتيجة مؤامرة للإطاحة به من الحكم، ورغم أنه من الطبيعي أن تثار الشكوك حول «ناصر» نظرا لوفاته في توقيت مريب أثناء دخول البلاد في حالة حرب، وعدم دراية الشعب ببوادر إصابته بمرض خطير ووجود الكثير من أعداءه في الخارج الراغبين في الخلاص منه.

ومع إحياء ذكرى رحيل جمال عبد الناصر من كل عام تتجدد كواليس اللحظات الأخيرة لوفاته وآخر الشخصيات التي عايشت الزعيم المصري في الأيام الأخيرة، إضافة إلى أدق الأحداث التي تفتح الباب للحديث مجددًا عن سبب وفاة جمال عبد الناصر مع تضارب روايات مذكرات كبار رجال الدولة وأحاديثهم الإعلامية وقتها عن أسباب الوفاة وتضارب الاتهامات حول طبيعة الوفاة.

محمد هيكل وفنجان قهوة السادات

فجر الكاتب الكبير الراحل محمد حسنين هيكل في سلسلة شهادته على العصر بقناة الجزيرة في وقت سابق باعتباره من المقربين من جمال عبد الناصر وأحد الحضور البارزين في اللحظات الأخيرة مفاجئة كانت قد أثارت الشكوك حول حقيقة وفاة جمال عبد الناصر ودخول الرئيس السادات في الواقعة، وإن كان لم يتهمه بطل حرب أكتوبر باغتيال الزعيم ناصر.

6

وقال حسنين هيكل وقتها: إذا تكلمت عن أن فرضية اغتيال ناصر صحيحة وطالت الرئيس أنور السادات نفسه واعتقد أن هذا الكلام غير معقول، فلا أستطيع أن اقطع برأي في موضوع الوفاة لأنه موضوع كبير للغاية، وإذا لم تكن هناك أدلة واضحة وقاطعة فلا داعي للحديث عن الموضوع وإثارة الشكوك حول طبيعة الوفاة.

اقرأ أيضا: رحلة الوداع بدأت من السيارة.. كواليس اللحظات الأخيرة في حياة جمال عبد الناصر (فيديو)

وروى محمد هيكل الواقعة الشهير أثناء احتدام المناقشة بين الرئيس جمال عبد الناصر والرئيس الفلسطيني ياسر عرفات في فندق الهيلتون قبل الوفاة بـ3 أيام، وظهور ناصر في حالة غضب لم تكن على وجهه من قبل فبادر نائبه أنور السادات وقتها بتحضير فنجان قهوة لتهدئة الرئيس ناصر وأثيرت بعدها شكوك حول أن فنجان القهوة كان مسمومًا من قبل السادات.

4

وقدم محمد حسنين هيكل شاهدته على العصر باستبعاد هذه الواقعة وأن وضع السادات السم في قهوة عبد الناصر غير صحيح وتحتاج إلى أدلة قاطعة ولا يصح تداولها لأسباب إنسانية وأخلاقية وعاطفية تتمثل في صداقة الرئيسين وتبادل الثقة بينهما، ولم يكن في مقدور السادات تنفيذ هذا المخطط ويبقى في النهاية أنه إذا كانت الوفاة طبيعية أو قتل فإن عبد الناصر كان متربص به من كثيرين.

سكينة السادات وتكذيب هيكل

وكذبت سكينة السادات، شقيقة الرئيس الراحل أنور السادات، رواية فنجان قهوة السادات الذي تحدث عنها الكاتب محمد هيكل واعتبرت أن هذه الاتهامات والروايات تخريف وكلام غير مقبول وغير معقول وتعرضت هدى عبد الناصر لهذا الكلام وكانت النتيجة أن دفعت تعويض مادي وصدر حكم نهائي بإدانة هدى لعدم وجود أدلة قاطعة أو حتى ضعيفة.

55

وأكدت سكينة السادات، أن الرئيس الراحل جمال عبد الناصر خلال العامين الأخيرين من حياته كان دائم التواجد في منزل السادات وإذا رغب في دس السم له لكان أولى أن يفعل ذلك خلال تواجدهما معًا وحدهما، وناصر كان ذكي للغاية ولا يمكن أن تخيل عليه مؤامرة ببساطة، كما أن السادات لم يكن لديه دراية بعمل القهوة ولكن كان دائم شرب الشاي.

اقرأ أيضا: بعد محاولة اغتياله بالمنشية.. لماذا حاكم عبد الناصر الإخوان في ثلاثة أشهر؟

وانتقدت سكينة السادات ما وصفته إثارات هيكل وقتها حيث أنه صحفي كبير ولا يليق به تداول كلام غير معقول وتخريف خاصة وأن أسرتا ناصر والسادات على علاقة جيدة ولا داعي لإثارة الشكوك بين الطرفين حول طبيعة وفاة والدهم زعيم مصر.

 

قيادي بحركة فتح وسم ناصر في السودان

وفي اتجاه آخر يؤكد عاطف أبو بكر، العضو السابق في حركة فتح فلسطيني ومعاصر للأحداث وعمل مع رموز الثورة الفلسطينية والمصرية، أن الرئيس الراحل جمال عبد الناصر مات مسومًا باستخدام سم يقول الخبراء أنه يحتاج من 10 شهور إلى سنة لكي يسري المفعول في الجسم ويفتك بالشخص في أي توقيت خلال مدة العشر شهور.

اقرأ أيضاً: في ذاكرة 23 يوليو.. عبد الناصر «البار بأهله» ويوسف صديق الهارب من الموت

وقال عاطف أبو بكر، العضو السابق والقيادي بحركة فتح، إن الرئيس عبد الناصر تم دس هذا السم له في زيارة للسودان بطريقة ما، مفيدا بأنه زار السودان في شهر يناير عام 1970 قبل وفاته بـ 9 شهور ثم ألقى خطاب جماهيري وزار هو والنميري معرض الغنائم وكان يطلق عليه معرض غنائم من جيش الاحتلال الإسرائيلي.

كبير أطباء الكرملين وأسرار وفاة ناصر


وأكد الدكتور يفغيني تشازوف، كبير أطباء الكرملين سابقا والطبيب السوفيتي الأول المعالج لعبد الناصر، أن الرئيس الأسبق كان يعاني من مشكلة كبيرة بالفعل في قدميه وكان لا يستطيع السير عليها عام 1968 وتم فحصه وقتها فلم يساورهم الشك بأن مرضه ناتج عن إصابة عروق القدمين ومرض في القلب وتوصلوا إلى استنتاج أنه بحاجة إلى علاج في الاتحاد السوفيتي.

1

وأشار الدكتور يفغيني تشازوف، إلى إنه أخبر عبد الناصر بطريقة علاجه وأنه يحتاج إلى بضعة أشهر للعلاج في الاتحاد السوفيتي وحصل بالفعل على العلاج واختفت آلام ساقي عبد الناصر وعاد للعب التنس وجولاته لكنهم أخبره بطريقة طبية للحفاظ على صحته إلا أنه بعد فترة من الزمن استدعاءه كبار مسئولي الاتحاد السوفيتي بسرعة السفر لمصر لمعالجته إلا أن هذه المرة كانت عام 1970 وكانت حالته صعبة للغاية.

وروى الدكتور يفغيني تشازوف، كبير أطباء الكرملين سابقا، اللحظات الأخيرة لعبد الناصر قائلا: «حينما سافرت إلى مصر كانت حالة عبد الناصر صعبة وكان بجانبه دائما على صبري وأنور السادات نائبي الرئيس وأقمت في فندق ضخم على شاطئ النيل وكان اللقاء بينه وبين عبد الناصر سري للغاية بناء على توجيهات الاتحاد السوفيتي».

2
 
ووصٌف «تشازوف» حالة عبد الناصر بأنه كان مصابً بإحتشاء في عضلة القلب وتم تحذيره قبل ذلك من احتمال إصابته إصابة خطيرة في القلب خاصة وأن أوعية قلبه كانت مصابه ولكن عبد الناصر لم يتبع النظام الصحي المعين للحفاظ على صحته وبسبب النزاعات العربية ومجهود العمل الشاق لقى حتفه.

وتحدث الدكتور يفغيني تشازوف، بأنه أخطر القيادة السوفيتية بحالة عبد الناصر المتأخرة واحتمال وفاته حال عدم المثول أمام نظام صحي كامل، والمسئولين المصريين كانوا يدركون ذلك وأخبروه بعد وفاة عبد الناصر أنه لم ينم ثلاث ليال كاملة قبل وفاته في محاولة منه للإصلاح بين القادة العرب، مؤكدا أنه كطبيب علم أن هذا الأمر لا يستطيع أي جسم سليم تحمله مما قضى على صحة جمال عبد الناصر.

 

طبيب ناصر يرد على احتمالية اغتياله

أكد الدكتور الصاوي محمود حبيب، الطبيب الخاص لجمال عبد الناصر، إن الرئيس كان مصابًا بالتصلب في الشرايين ويعاني من السكر ودوالي في القدمين، وردا على اغتياله بالسم أو من خلال الدواء قال: «مفيش دكتور ولا تحليل أتعمل لناصر وأنا مش موجود ولا جرعة دواء يتلقها بدون وجودي».

3

وروى الدكتور الصاوي، طبيب الرئيس الخاص، اللحظات الأخيرة لوفاة جمال عبد الناصر بأنه طلب حضوره فورا إلى البيت ليلة وفاته بعد انتهاء القمة العربية وذهب على الفور فوجده مريض للغاية وتناول كوب من العصير وملقى على السرير في حالة متأخرة وعليه مظاهر عرق والنبض سريع للغاية والأهم إصابته ببرودة الأطراف وهي علامة سيئة للغاية في حالته.

اقرأ أيضا: في ذكرى رحيل عبد الناصر.. سامي شرف يروي قصة تفوق السد العالي على الإمباير ستيت بأمريكا

وقال الدكتور الصاوي، طبيب الرئيس الخاص، إنه حينما أحس ببرودة الأطراف لدى ناصر شعر بخطورة الحالة التي قد تؤدى للوفاة ولكن مارس عمله خاصة وأن الغرفة مجهزة طبيا وبدأ يتحسن فطلب سماع نشرة الأخبار في الإذاعة ثم سقط فجأة متوفى.

5

واستبعد الدكتور الصاوي محمود حبيب، الطبيب الخاص لجمال عبد الناصر، اغتيال الرئيس الأسبق عن طريق دس السم قائلا: «لو تلقى ناصر سم في فنجان كان من الطبيعي أن يصاب بأعراض قيء أو سخونية أو أي شي من هذا القبيل لكن لا توجد دلائل»، مفيدا بأنهم كأطباء لا يعرفون مثل هذا السم طويل المفعول الذي يعمل بعد 3 أيام ولا يترك أي أثر.

وفي النهاية تظل إثارة الشكوك حول وفاة الزعيم السابق جمال عبد الناصر سواء طبيعية أو مدبرة أمر عادي لأنها مبكرة ومفاجئة وفي حالة حرب، وتستمر مع السنوات روايات اللحظات الأخيرة في حياة جمال عبد الناصر وأنه في حالة ظهور أدلة جديدة ستتكشف الأمور وإن كانت تشير من رواية الكثيرين من الأشخاص المقربين منه في اللحظات الأخيرة أنها طبيعية.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق