تريد النساء هذا الرجل

الخميس، 08 نوفمبر 2018 06:34 م
تريد النساء هذا الرجل
هبه العدوي

ترغب المرأة في هذا العالم الممتلئ بالذكور في شخص واحد، هذا الذي يُحبّها كما هي، ينظر لعقلها ويُقدّره، ولشخصها ويحترمه، ولروحها ويمتزج بها فيصيرا روحًا واحدة، على اختلاف كل روحٍ في تفاصيلها، واحترامه مع احترامها لهذا الاختلاف، الذي منه تنشأ العلاقة بتكاملهما معًا.

ترغب في ذلك بشدة، سواء أدركت ذلك بعقلها الواعي أم لم تدركه، لكنها في أغلب الأمر لا تجد سوى هؤلاء الذكور الناظرين فقط بأعينهم النهمة لجمالها وجمال ملامحها من عدمه، واضعين إيّاها أسفل مقاييسهم لجمالها الظاهري، وكأنها مسطرة تتوارثها أجيال الذكور جيلاً بعد جيل.

تريده بشدة، ذلك أن أكبر مخاوفها التي يدعمها علماء النفس هو خوفها الدفين من فقدها لجمالها وبهائها، ونضارة وجهها، وجمال قوامها، ونعومة تقاسيمها التي لن يفلح أبدًا "الفيللر" و"البوتكس" في إرجاعها مهما قاومت الزمن بهما. هي تظن أنها ستفقد رجلها - إن وجدته - مع فقدان نعومتها وخصوبتها، ولهذا تريده هو الذي يكون صمام أمانها من غدر الزمن بها، وشعيراته البيضاء وتجاعيده. رجل لا يرتبط بجمالٍ ظاهري، إن اعتاده زهده، وإن ذهب عنه بهاؤه فقدته هو نفسه، ووجدته في أحضان أخريات مع فقدانها لشبابها.

تريده رجلا يأنس لها صديقة وزوجة وحبيبة وأُمًّا وأُختًا وابنة. فكل ما سبق لن تفقده مع مرور الأيام، بل سيزداد ثراء وحكمة، سينضج يومًا وراء يوم مع روحها التي ستزداد خفّة كلما اقتربت بها نهايات العمر، في تناقض واضح مع وزن جسدها. لذلك تريد من يحتضن كل تلك التفاعلات فقط في حضنه.

***

قد تجدهن يتحدّثن عن رغبتهن في الارتباط بمن يمتلك الوسامة، المال، الجاه، لكن في النهاية تريد كل امرأة رجلاً يُحبّها ويتقبّلها كما هي، فإن وجدته لن تفترق عنه، وملأ وجدانها وعقلها، فلم ترَ من الرجال غيره، وتبذل كل جهدها في سبيل إرضائه والتفاني في التغيّر من أجله.

هذا الرجل يحمل لها 4 أنواع من الحب:

1- حب رعايتها.. ذلك أنها شريكة عمره، والاهتمام بها هو معنى الحب الذي تفهمه هي.

2- حب إحترامها.. أن يحترم الرجل المرأة فذلك بداية كل علاقة حب، تدركها المرأة بحدسها جيّدًا، فتعلم أن في احترامه لها يكمن حبّه، والعكس بالعكس، هذا الاحترام الذي ينعكس في تصرّفاته ونظراته وإيماءاته.

3- حب تَفّهم أنها أحاسيس تنصهر في بوتقة العقل وليس العكس مثله.. ولأنه يُدرك ذلك، فإنها ترى فيه حُسن استماعه لآلامها، مع حُسن اختيارها لتوقيت البوح بها. في سماعه لها تكتمل معاني الحب في وجدانها، فهي تُدرك تمامًا أنه لا يستمع أحد لشخص لا يحترمه ولا يُصدّقه، في استماعه لها يصلها أنه يحترمها ويُصدّقها معًا في آن واحد، وإن إختلف معها في الرأي.

4- حب إخلاصه لها وطمأنته أنه سيظلّ يُحبّها ما بقيت موجودة في الحياة، رغم ضعفها وعيوبها كحال كل البشر، هي في عينيه كل النساء مجتمعات معًا، ليس بالضبط كما يتحدث نزار قباني في قصائده ليل نهار، ويصدح كاظم الساهر مُردّدًا على أوتار النساء كلمات الحب الشاعرية الناعمة، لكنه في النهاية قد يحمل نفس المعنى مع اختلاف أسلوب التعبير وتفاصيله من امرأة لأخرى.

لخّص يوسف السباعي الأمر في آخر مشهد من روايته "نادية"، عندما كشفت نادية عن الحريق الذي شوّه وجهها فأخفته بوشاح، أخفت به شخصيتها عن حبيبها، ذلك أنه لن يتقبّلها وقد ذهب عنها جمالها وصارت مشوّهة، فإذا به يُلقي بمخاوفها بعيدًا، ويؤكد لها أنه لا يُحبّها لجمالها، ولكن لأنها هي بتفاصيل شخصها.

هذا هو الرجل الذي إن وُجِد لم تكفُّ المرأة عن عطائها له، إن كانت حقًّا امرأة وليست مجرد أنثى.. الرجل الذي تقدر على البوح له بأن: "هذا ضعفي أُريك إيّاه، فإن تقبّلته ملكتني إلى نهاية الحياة".

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة