أن تكون راهبا في التفاهات.. هل الزهد في الحياة يعني عدم التمتع بها؟

الجمعة، 14 ديسمبر 2018 02:00 م
أن تكون راهبا في التفاهات.. هل الزهد في الحياة يعني عدم التمتع بها؟
الحياة
كتب مايكل فارس

لا نقصد الزهد هنا الزهد فى الحياة من أجل الروحانيات، إنما نتحدث عن الزهد عن التفاهات فى هذه الحياة، فقد تعيش الحياة لا لتستمتع ولكن لتعاني وتتألم لأنك زاهد في الحياة نفسها وزاهد في كل متع الحياة وبالتالي فالحياة والموت بالنسبة لك سيان، وهذا ليس حقيقي على الإطلاق وليس هذا نصبو إليه، إنما نقصد بالزهد هو الكف عن اللهاث وراء الشراء والاستهلاك والبحث عن السعادة من خلال تكديس المشتريات أو الذهاب للأماكن الرائعة أو أن يسيل لعابك على فيديو في قرية سياحية ما أو منتجع معين يجب عليك تجربته.

على أرض الواقع أنت يمكنك أن تستمتع بحياتك وأنت شخص بسيط وعادي، ولذلك نقول أن الزهد في الحياة لا ينفي التمتع بالحياة، بل يبحث عن المتعة في طريق آخر، طريق ينشد الرضا، لا الاستهلاك، ينشد القناعة لا الشراهة، ولا خير في سعادة تأتي من خلال إشباع الحواس بشكل كامل، فالإنسان الذى يعيش حياة الاستهلاك ويسعى للحصول على أي نقود من أجل الذهاب إلى ملهى ما باهظ الثمن لمجرد تجربته أو شراء شيء لا تحتاجه أو حجز رحلة لمكان ترفيهي من أجل أن زملاءك في العمل يفعلون، حياتة لن تهنئ سيكتشف بعد فوات الأوان أنه ضيع موارده على تفاهات، لذا الادخار من أهم الأمور لأنك لا تدري ما الذي يخبئه لك المستقبل .

آمور هامة vs  تفاهات

هناك من يستغني عن الأمور الهامة من أجل الترفيه، فتحرمه حياة الرفاهية من الأمور الهامة مثل الفحص الطبي الدوري عن صحته، أو الصالة الرياضية، ليستبدلها بإنفاق الأموال على الطعام غير الصحي والملابس الباهظة والمستحضرات المختلفة والرفاهية غير الضرورية، يمكنك الآن أن ترمي هذا كله، وتركز على الأشياء التي تفيدك لا الأشياء التي تمتعك فحسب حتى ولو كانت آثارها الجانبية مدمرة.

الشعور بالرضا

الشعور بالرضا
الشعور بالرضا

الزهد له فوائد معنوية ونفسية وليست مادية فقط، وهذا التأثير يظهر جليا في حياة الإنسان بمجرد تطبيق هذا المبدأ وأبرز ما آثار الزهد على حياة الإنسان ونفسيته هو الشعور بالرضا، فالإنسان الذى يبذر أمواله على تفاهات، ويشتري أغراض كثيرة ويذهب إلى أماكن مختلفة وكل هذه الخطط والرغبات تشعر الإنسان بالتقصير لأنه لا يستطيع إدراكها جميعها أو تحقيقها كلها لكن عندما يستهلك بالقدر اليسير ويقتصد في رغباته وأمنياته ولا يلهث وراء كل ما هو جديد وغريب وليس في يده فإنه سيشعر بالرضا عن نفسه وعن حياته لأنه سالم في بدنه ومعافى ويعيش بشكل جيد.

تلاشي القلق

من أهم فوائد الزهد هو تلاشي القلق ، لأنه ببساطة ليس لديك الكثير ما تخسره لأنك لم تقحم نفسك في مستوى اجتماعي أو مادي ما، لم تعتاد على مستوى معيشي معين من المستحيل أن تهوي منه قسرا بسبب أزمة مادية أو ترك مفاجئ من العمل، ليس لديك أن تعمل بوحشية من أجل تحصيل المزيد من النقود واللحاق بالمزيد من الرفاهية، الآن تستطيع أن تعيش هانئا وسعيدا بعيدا عن كل ما يقلقك لأنك لا تهتم لو تركت عملك في الغد أو تعرضت لأزمة مادية، لن تحتار كثيرا في الطعام والشراب والاحتياجات الأساسية.
 

كيف تدرب نفسك على الزهد؟

شراء ما يلزمك فقط

شراء
شراء
 
عليك أولا شراء ما يلزمك فقط، ليس عليك أن تتقشف وتستغني عن الأشياء الهامة التي اعتدت عليها، ولكن الملابس باهظة الثمن يمكنك أن تشتري مثلها بالضبط وربما أفضل بسعر أرخص لكن بدون العلامة التجارية الغالية التي تنفق المليارات سنويا في التسويق لها من جيبك حيث يضيفون هذه الأموال على فاتورتك أنت، ليس عليك أن تشتري الهاتف الجديد الرائع بآلاف الجنيهات، ينقصه بعض المميزات البسيطة؟ حسنا لا أعتقد أن هذه المميزات عدم وجودها قد يقتلك على المدى القصير أليس كذلك؟

 

التخلي عن وهم التميز

غني
غني

 

يجب أن تنسف تماما فكرة أن تكون مميزا على حساب وضعك المادي والاجتماعي لتغرق نفسك فى مستوى ليس من مستواك، فليس عليك أن تشتري السيارة الأحدث من أجل أن تصبح المتميز المتفرد، ليس عليك أن تنشر صورك على وسائل التواصل الحديثة من أجل أن توصل لأصدقائك رسالة أنك تصطاف في منتجعات هم لم يدخلوها بعد لأنك متميزا ومتفردا، ليس عليك أن تستجيب لحيل الإعلانات التي توهمك أنك ستكون المتميز المتفرد الذي لا يشبهه أحد لأنك ستشتري هذا المنتج، تذكر أنك شخصا عاديا وكونك شخص عادي هذا لا يقلل منك في شيء.

الامتنان والرضا

عليك أن تدرب نفسك جيدا على فضيلة الامتنان والشكر لله على نعمه التى لا تحصى فالنعم ياعزيزي إن اعتدتها واعتقد أنها آمرا مسلم به، قد تدفع كل ما تملك من أجل استعادة نعمة واحده مثل حاسة السمع أو البصر التى تعايشت على أنهما موجودين دون حمد وشكر لهذه النعمة، إن الشعور بالرضا عن حياتك بسبب كل هذه اللوثة التي يتسبب فيها كل شيء حولنا وتدفعنا إلى شيء واحد وهو مزيد من الشراء والاستهلاك والرغبة في الامتلاك والاستحواذ علينا ألا ننظر تجاه ما لم نبلغه بل بما لدينا بالفعل، علينا أن نعيد النظر في الأشياء ونقيسها بمقياس جديد، مقياس ينظر إلى قيمة الأشياء لا إلى ثمنها.

 

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق