أسمع ولا أنفض؟

الخميس، 15 أغسطس 2019 08:19 م
أسمع ولا أنفض؟
هبه العدوى

 
"حفلة (رس) كانت كلها إنيرجي تحفة، إنما حفلة (جي لو ) كانت مملة جداً".. أكيد فرق أجيال حاضرة، الحفلتين بين الكبار والتيينز.. فترة المراهقة الممتلئة حيوية وحركة.. ثاني فترة يمكن فيها بناء الشخصية لكن يحتاج فيها المراهق لتوجيه الأصحاب.
 
هل يمكن أن يكون "الناس الكبا" صحاب ؟..
يحب الكثير من الكبار "مناهج السيطرة السلطوية".. إسمع الكلام، إسمعي يا بنت.. مش مؤدب ابني.. ليه يا طنط؟.. عشان بطل يسمع كلامي.
 
مين قال أصلا إن كلام حضرتك  صح يا كبير؟.. وليه ما تسمعوش إنت الأول؟.. هو ظل يسمعكم طوال فترة طفولته، وآن الأوان أن تكون له شخصيته المستقلة.
 
وعلي ذكر الإستقلال، هل الشاب أو الشابة في أعمار المرهقة قادرين علي الإستقلال التام؟.. هل يمكن أن يكون المناخ العام كله ملوث بالشعبي الركيك وفقط؟.. هل يمكن أن نتركهم علي "الإنستا" يتبرمج عقلهم ليل نهار علي ثقافات أخري دون نقاش حر ومساحات ثقة بينهم وبين الناس الكبار.
 
 
مساحة الثقة يعني "إنك مهما سمعته بيقول غلط تمتص ثم توجه سلوكيا في الوقت المناسب دون (أوااااامر ).. يعني تبني علاقة ثقة علي مر عمره معاك من أيام طفولته"، وعلي ذكر الثقة قبل دخولي فيلم أحمد حلمي كانت الشكوك مثارة حول تأخر عرض فيلمه، وبعد دخوله عرفت إن "مش كل تأخيرة فيها خيرة"، استغرقت في النوم داخل الفيلم وحاولت الخروج أكثر من مرة  أثناء عرضه للأكل والشرب من فرط الملل، مع كون الحفلة ميد نايت وقيادة السيارة للرجوع للمنزل تحتاج لذهن صافي، وأنا أهم بدخول سريري بعد "علقة الفيلم" تساءلت هل يملك كاتب رائع أعشق عمق تفكيره  مثل عبد الرحيم كمال، ومخرج مثل خالد مرعي وممثل رائع مبدع مثل أحمد حلمي شجاعة الإعتراف بالخطأ مثل الناس الكبار،  لجمهور محب لهم يثق في أعمالهم !!
 
لا أعلم لماذا أصابت "شجاعة أحمد السعدني" كل هذا الجدل داخل أروقة مجتمعنا المصري ما بين مؤيد ومعارض.. تذكرت الرجل سائق الأوبر منذ أسبوع تقريبا الذي مر بي في طريقي لمدينة أكتوبر بعدد من المقابر، كلما مر علي أحدهم رفع يده وتمتم بكلمات ما غير مفهومة.. الطريق طويل من مدينة نصر لأكتوبر والرجل يكرر نفس الفعلة، وأنا تذكرت دراستي للكلينكال فارمسي قسم السيكولوجي.. هذا الرجل  الذي  رأيته كحالة دراسية داخل مستشفي النفسية والعصبية مريض الشيزوفرنيا وهو يرفع يده ويبتسم للهواء، يقول أن "السافوريوس" هو علاقته بربه.. تألم قلبي بشدة يومها لحالته المزمنة..كان سائق التاكسي يفعل مثله، فهممت بسؤاله عما يفعله بادرني قائلا وهو يبكي ويشير لصورتها الصغيرة التي وضعها علي مرآة السيارة " لسه دافنها من يومين ".
 
أسترسل يحكي عنها، وعن وقفتها معه.. عن جلستهما سويا داخل البلكونة وقولها له "ما تقعد معايا شوية واحشني"، وهو يقول لها "حأريح ساعة وأقوم نكمل قعدة سوا"، فإذا بحفيدتهما تهزه ليستفيق من نومه علي بكاء ابنته "ماما ماتت"، استكمل كلامه وهو يمحو دموعه :"عشرة عمري أعيش من بعدها إزاي!!".
 
بكي أحمد السعدني "عشرة عمره" وصرّح للمجتمع بخطئه.. كل إنسان صريح وواضح مع ذاته مهما مر به من آلام قادر علي المرور منها بأقل الخسائر النفسية ومن ثّم العضوية، لكن الجلد المجتمعي الذي نسلخ فيه جلود بعضنا البعض مثل أضاحي العيد لمصلحة من؟.. بالتأكيد لا أحد يملك الحقيقة لكن تظل الحقيقة الوحيدة أن الزواج لكي يصبح الشريكين فيه عشرة عمر لابد أن يمر بمراحل الصعود والهبوط.. الهجر والحب..الكره والغضب والإشتياق والحنين، وبين كل تلك الحالات لا يملك الإنسان أن يختار متي تكون آخر لحظة في عمره وكيف ستكون؟، لكنه يملك الصبر والتجاوز وتذكر اليوم الحلو مع المر .
 
مصر مجتمع به ناس كتير  قربت تطلّق بس مش لاقية مأذون يطلقها لأن العلاقة بينهم شغل أو صحوبية أو حاجات تانية غير الزواج، ناس كارهه بعضها، فهل تملك القوة الناعمة المصرية أن تبذل المزيد من الحب، حتي يدب من جديد في جسد المجتمع المودة!!.
 
هل نملك أن نرحم بعض شوية من أحكامنا علي غيرنا!!.. وأن نصنع من المحبة بوصلة، لجيل جديد عينه علي الكبار بعقل منطقي به يفرز  دوما "مين يستاهل أسمع له؟.. ومين  أنفض له؟.
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة