صوت الأمة العدد 1000.. في مديح مولانا القارئ

السبت، 22 فبراير 2020 03:07 م
صوت الأمة العدد 1000.. في مديح مولانا القارئ
عنتر عبد اللطيف يكتب :

فى مشوار الحياة الذى قد يطول أو يقصر، علينا أن نختار أى طريق نسلك حتى نصل إلى ما نعتقده أهدافا، أو نحقق ما نصبو إليه، وفى ذات الطريق الذى ما أن ينتهى حتى نلتفت إلى ما مشيناه، تتجلى حقائق، وتصبح محض تخاريف، وتختفى قناعات لتحل مكانها قناعات جديدة تماما، وفى خضم هذه الأحداث الصاخبة التى تتزاحم ذكرياتها، وتومض، وتخبو فى بؤرة سحيقة من العقل، نسأل أنفسنا بين فترة وأخرى، عن حقيقة هذه الأيام، وكيف مرت سريعا، وأصبحت مجرد ذكريات، بحلوها ومرها، واستحالت إلى طيف من ماضٍ تتراقص أمامنا فى صورة تتراوح درجات ألوانها وفق قوة الحدث، وتأثيره، ومردوده علينا، وعلى المحيطين بنا، فالمعارك التى خضناها فى جريدة «صوت الأمة» على مدار السنوات الماضية، يتعارض مردودها من الرؤية السابقة لكونها ستظل ماثلة فى الذاكرة الجمعية للمصريين ضمن أحداث كبيرة مر بها الوطن طوال سنوات شهدت زخما سياسيا واجتماعيا سيطول مستقبلنا ولن يقف حد تأثيره عند الحاضر فقط.
 
رفعت «صوت الأمة» منذ أول عدد لها شعارا ظل نبراسا لنا طوال الوقت وهو «لا صوت يعلو فوق صوت الأمة»، وتحولت الجريدة إلى معادل لكل الأمة من المصريين وصوت لهم يعبر عن آلامهم وآمالهم، فقد كانت متنفسا لهم فى وقت لم يكن للسوشيال ميديا صوت، فقد كانت وسائل التواصل لم تولد بعد فيما كانت موضوعات الجريدة بكل ما تحمله من جرأة فى التناول وعدم تسترها على الفساد سواء السياسى أو المادى تشغل الدنيا كلها.
 
تجربة «صوت الأمة» الفريدة قدمت صحافة جريئة فى التناول مختلفة فى الطرح، لتكون ضمن أهم التجارب الصحفية فى العشرين سنة الأخيرة، فلم تكن الجريدة تعتمد على « ستيل بوك» معلب مسبقا مثل غالبية الصحف التى خرجت إلى النور فى هذه الفترة، بل سنت لنفسها منهجا وخطا خاصا أتاح لمن يكتب فيها أن ينوع من إنتاجه، ويتنقل بين أقسام الجريدة المختلفة صانعة « ستيل بوك» فريدا، لكنه ليس جافا أو معلبا أو سابق التجهيز، لتظهر مواهب الزملاء فى الكتابة الصحفية المتنوعة ويتنقلون بين ما هو سياسى واجتماعى وفنى ورياضى وتحقيقات وحوارات وحوادث وقضايا فى منافسة افرزت مواهب صحفية حقيقية، أصبحت بعد ذلك من أعمدة صحف شهيرة بعد أن انتقلوا إليها ليضيفوا إليها لمسات ساحرة برزت فى العناوين والتناول والطرح للموضوعات التى قدمتها هذه الجرائد وإن بقيت فيها رائحة الجريدة الأهم «صوت الأمة».
 
خلال عملى بالجريدة لن أنسى قضايا عديدة فجرتها وأصبحت شاهدة على الحقبة العصيبة التى مرت بها مصر إبان حكم الرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك وحتى اختطاف الوطن على يد عصابة الإخوان الإرهابية وحتى اندلاع ثورة 30 يونيو العظيمة التى حررت البلاد والعباد من قبضة مرشد الجماعة بقيادة الرئيس عبدالفتاح السيسيى- وزير الدفاع وقتها- والذى أنقذ مصر بالفعل من مستنقع الجماعة ومعه الشعب فى مشهد فريد غير مسبوق فى تاريخ الوطن لتتطهر مصر من رجس الإرهابيين، وتعود مرة أخرى للمصريين.
 
تختلط الذكريات وتتداعى، فالزمن وحده الكفيل بألا تظل قابعة فى ذاكرتنا غير صور تبهت وتزهو ومعها بعض الحكايات من زمن فات لكن طيفه لا يزال ماثلا أمامى، فالمعارك التى خضناها ضد سياسات الرئيس الأسبق مبارك ورجاله، ثم عصابة الإخوان كثيرة، لكن فى النهاية كان لها مردودها فى الإطاحة بهما بعيدا ليقرر الشعب المصرى مصيره ويختار الرئيس عبدالفتاح السيسى ليقود البلاد فى ظرف صعب، حيث تكالبت قوى دولية وإقليمية بالتعاون مع الجماعة الإرهابية على مصر التى مازالت تحارب معركة وجودها، وكلنا ثقة فى دحر المؤامرة عن وطننا إذا ما وقف الشعب خلف قيادته السياسية فى المعركة الحاسمة والمصيرية التى تخوضها الآن ضد الجماعات التكفيرية الإرهابية.
 
استطاعت «صوت الأمة» أن تحبط مخططات كثيرة لرجال أعمال زمن الرئيس الأسبق مبارك، ومنهم رجل الحديد «أحمد عز»، فقد نشرت العديد من الموضوعات الموثقة ضد سياساته، ومحاولته السيطرة على إحدى الشركات الاستراتيجية ليفشل فى النهاية فى الاستحواذ على هذه الشركة بعد أن سجلت له اعترافات بخطة السيطرة على هذه الشركة، ونشرنا نص التسجيل الصوتى فى الجريدة، وكانت فضيحة مدوية.
 
وكان لنجل الرئيس الأسبق جمال مبارك نصيب الأسد فى التقارير والتحقيقات الصحفية التى تناولت فيها مخطط توريث الحكم، وكيف التفت حول «الوريث» شلة من رجال أعمال معظمهم يبحث عن مصالحه الشخصية، ويأمل فى وصل «جمال» إلى سدة الحكم، ليستمر النهب المنظم لثروات ومقدرات هذا الوطن.
 
فى الذاكرة معركة لن يمحوها الزمن كانت بطلتها زميلتنا الراحلة المرحومة «سمر الضوى»، والتى صعدت روحها الطاهرة إلى السماء إثر حادث سير أليم يوم الأربعاء 3 أغسطس 2011 بتبنى الجريدة حملة صحفية ضد قانون الضريبة العقارية حاول وزير المالية الأسبق يوسف بطرس غالى فرضه على المواطنين، وعقب الحملة الصحفية، تقدم يوسف بطرس غالى ببلاغ ضد الزميلة الراحلة والزميل وائل الإبراشى، رئيس تحرير «صوت الأمة»، ببلاغ للنائب العام، لتتحول الحملة الصحفية وقتها إلى قضية ومعركة قانونية فى المحكمة، ويتضامن معنا فيها الآلاف وتقضى المحكمة بالبراءة من التهمة عقب ثورة 25 يناير 2011، لكن السماء كان لها رأى آخر لترحل الزميلة «سمر الضوى» فى مفاجأة زلزلت الأرض من تحت أقدامنا!
 
بعدها بسنوات رحل مؤسس الجريدة الأول وصانع نجوم الصحافة المرحوم «عصام إسماعيل فهمى»، لتزداد الأحزان والقدرة على النسيان، ولكن استمرت الحياة بحلوها ومرها، وواصل من بعده نجله «أحمد عصام فهمى» وشقيقته « نهال عصام فهمى» المشوار فقد كان قدرنا فى «صوت الأمة» هو مواصلة فتح الملفات الشائكة وهو السياسة التى استمرت عقب وصول الجماعة الإرهابية إلى الحكم لهذا كان علينا جميعا أن ننتفض ضد حكم «المرشد»، خاصة أن هناك علامات استفهام كبيرة حامت حول محمد مرسى فيما يتعلق بالتجسس لحساب جهة خارجية، وهو الاتهام الذى وجهناه إليه فى الجريدة ليسارع مرسى ومدير مكتبه أحمد عبدالعاطى بتقديم بلاغ للنائب العام ضدى وضد الزميل الكاتب الكبير عبدالحليم قنديل، رئيس تحرير «صوت الأمة»، والذى كانت كتاباته تنير لنا الطريق فى وقت حالك الظلام، كان الجميع فيه يتخبط من تسارع الأحداث وغموضها، كذلك تضمن ذات البلاغ اتهام الزميل الكاتب الصحفى عبد الرحيم على، والذى كنت قد استشهدت بما سبق وقاله على إحدى القنوات الفضائية فى الموضوع ضمن ما نشرت، وحمل بلاغ مرسى ومدير مكتبه رقم 13 لسنه 2012 حصر تحقيق المكتب الفنى للنائب العام، وحقق فى القضية المستشار عماد عبدالله، محامى عام نيابات استئناف القاهرة، والتهمة كانت «إهانة الرئيس».
 
لقد تعلمت فى «صوت الأمة» على أيدى «أسطوات» الصحافة ولا تتسع المساحة لذكرهم جميعا، لكنى أخص منهم الزملاء الأساتذة الذين كان لى شرف العمل معهم والاستفادة من خبراتهم الأساتذة الزملاء «عبدالحليم قنديل ووائل الإبراشى وسيد عبدالعاطى»، ولم يحالفنى الحظ بالعمل مع الكاتبين الصحفيين الكبيرين عادل حمودة وإبراهيم عيسى.
 
تحولت «صوت الأمة» إلى مؤسسة ضمن إصدارات «الشركة المتحدة لخدمات الإعلام»، ليستمر ذات نهجها فى الحفاظ على  الحرفية والمهنية فى إطار منظومة جديدة منضبطة بقيادة المايسترو الزميل  الكاتب الصحفى الكبير «خالد صلاح»، والذى يدرك جيدا أهمية الإدارة فى نجاح التجارب الصحفية، وبأفكار واعدة من الزميل الكاتب الصحفى الموهوب «يوسف أيوب»، رئيس التحرير التنفيذى للجريدة، لتستمر «صوت الأمة» فى تحقيق رسالتها، ووضع كل الحقائق أمام مولانا القارئ، والذى سيظل فى الاحتفال بصدور العدد الألف من الجريدة فى أعيننا وقضاياه وآماله وآلامه فى قلوبنا.
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق