كابوس «الإبادة النووية» يخيم على أوروبا

الثلاثاء، 22 مارس 2022 05:00 م
كابوس «الإبادة النووية» يخيم على أوروبا
أرشيفية

سيناريوهات صادمة، ومستقبل يسيطر عليه الغموض ينتظر العالم مع إطالة أمد الحرب الأوكرانية التى بدأتها روسيا فى 24 فبراير الماضى، والتى فتحت مع اندلاعها الباب لأسئلة شائكة، من بينها : هل تندلع حرباً نووية ؟ وهو السؤال الذى تزايدت وتيرة ترديده خاصة بعد التحذير الذى أطلقته الصين مؤخراً لحلف الناتو.

وبالتزامن مع اقتراب الحرب من دخول شهرها الأول، جدد نائب وزير الخارجية الصينى "ليه يو تشنج" موقف بلاده الرافض للعقوبات المفروضة على روسيا، ودعا إلى حل الأزمة من جذورها، فى إشارة إلى أن الرغبة الأوكرانية فى الانضمام إلى حلف الناتو هى سبب رئيس للحرب الأخيرة.

وقال "يو تشنغ"، فى تصريحات لوكالة أسوشيتد برس: "الناتو فى حال توسعه أكثر، فإنه سيقترب من ضواحى موسكو حيث يمكن لصاروخ أن يضرب الكرملين فى غضون 7 أو 8 دقائق.. وعلينا أن نذكر أن محاصرة دولة كبرى، لا سيما قوة نووية مثل روسيا فى زاوية، سيترتب عليه تداعيات مروعة للغاية، بحيث لا يمكن التفكير فيها".

وأضاف المسئول الصينى: "حلف الناتو كان يجب أن يتفكك ويدرج فى التاريخ جنبا إلى جنب مع حلف وارسو.. لكن بدلا من التفكك، واصل الناتو تعزيز قواته وتوسعه، وتدخل عسكريا فى دول مثل يوغوسلافيا والعراق وسوريا وأفغانستان، يمكن للمرء أن يتوقع العواقب الناجمة عن السير على هذا الطريق".

وفى أوروبا، دفع التصعيد الممتد القارة العجوز للاستعداد للحرب النووية المحتملة، وهو ما كشفت تفاصيله صحيفة "لابانجورديا" الإسبانية فى تقرير لها، مشيرة إلى أن المفوضية الأوروبية بدأت تضغط على الاتحاد الأوروبى لتسريع شراء أقراص اليود ومعدات الحماية والامدادات الطبية للاستجابة لكارثة نووية محتملة.

وقالت الصحيفة إن الحرب النووية لا تزال بعيدة إلا أن سيطرة الجيش الروسى على محطة الطاقة فى تشرنوبل مؤخرًا "أيقظ الأشباح القديمة فى أوروبا"، وذلك مع كل يوم يستمر فيه الصراع بين روسيا وأوكرانيا، مع زيادة فرص استخدام روسيا للأسلحة النووية.

وذكرت الصحيفة أن أوروبا ترى أهمية أن تستعد بجميع أدواتها، وللقيام بذلك تحاول المفوضية الأوروبية تشجيع أعضاء الاتحاد الأوروبى على تخزين أقراص اليود والبدلات الواقية والأدوية الأخرى للمساعدة فى مكافحة الآثار المدمرة للإشعاع على جسم الإنسان، وبالمثل، تعمل المفوضية أيضًا على الحصول على وسائل للتعامل مع الهجمات الكيماوية والبيولوجية المحتملة بعد أن حذرت الولايات المتحدة من أن روسيا يمكن أن تستخدم هذا النوع من الأسلحة فى أوكرانيا.

ويعتبر هذا، فى نظر الناتو، نوعًا أكثر احتمالية من الهجمات، ولكن مع عواقب وخيمة للغاية، لا سيما عند طرح إمكانية هذا الهجوم العدوانى على الطاولة، يتم إطلاق مسببات الأمراض فى البيئة عندما، كما تذكرت منظمة الصحة العالمية مؤخرًا، لم ينته وباء الفيروس بعد.

فى هذا الصدد، صرح متحدث باسم المفوضية أن هذه الإجراءات هى فى الواقع جزء من جهد أوروبى كان موجودًا حتى قبل اندلاع الصراع، عن هذا المسؤول الأوروبى قوله: "تعمل المفوضية على ضمان تحسين الاستعداد فى مجال التهديدات الكيماوية والبيولوجية والإشعاعية والنووية بشكل عام، هذا قبل الحرب فى أوكرانيا".

وأكدت فيرونيك تريليت لينوار، عضوة البرلمان الأوروبى عن حزب الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون، أن ماركي: "لدينا الكثير لنتعلمه من فيروس كورونا. نحن بحاجة إلى إجراءات محددة للمواقع النووية. لسنا مستعدين. ليس لدينا احتياطيات".

وأوضحت الصحيفة أن بروكسل ليست على استعداد للسماح بحدوث ما جرى عندما تفشت جائحة كورونا، التى فاجأت القارة وبدون إمدادات طبية، ولتجنب ذلك، فى سبتمبر الماضى، تم إنشاء الهيئة الأوروبية للتأهب والاستجابة للطوارئ الصحية (HERA)، وهى مؤسسة ستخصص لتحديد حالات الطوارئ الصحية المحتملة فى المستقبل.

وأكد التقرير أنه يمكن للصواريخ الفائقة السرعة أن تبدأ الحرب العالمية الثالثة، لكن هذا ليس التهديد الأكبر الذى تشكله، حيث يحوم احتمال وقوع كارثة نووية فى وسط الصراع خاصة بعد نهاية فبراير الماضى، عندما هاجم الجيش الروسى محطة تشيرنوبيل لتوليد الطاقة سيئة السمعة، والتى كانت مصدر أسوأ حادث نووى فى التاريخ.

وعلى الرغم من أن الجيش الروسى تمكن بسرعة من السيطرة على المنطقة والمناورة، من حيث المبدأ، لا علاقة له بالنشاط الذى يحدث داخل المصنع فهناك أكثر من 100 عامل وقد حوصروا داخل المصنع منذ أسابيع وأفادت تقارير بأضرار لحقت به من جراء القصف الروسي.

وأدى ذلك إلى تراجع جزئى فى إمدادات الكهرباء التى تصل إلى المحطة التى تعمل منذ أيام بمولدات الديزل. وأخيرًا، بعد أيام قليلة من انقطاع التيار الكهربائى فى 9 مارس، أعلنت شركة الكهرباء الأوكرانية أوكرنرجو أنها أعادت الكهرباء جزئيًا.

وسارعت المنظمة الدولية للطاقة الذرية إلى التأكد من أن هذا الضرر لا يشكل خطرًا كبيرًا على سلامة المفاعل. ومع ذلك، فإن العديد من المواطنين الأوروبيين، الذين يتذكرون عام 1986 المشؤوم الذى انفجرت فيه تشيرنوبيل، قد وطأوا أقدامهم بالفعل فى الغبار، حيث نفدت أقراص اليود البوتاسيوم من الصيدليات فى دول مثل بلجيكا وبلغاريا وجمهورية التشيك.

وفى السياق نفسه، قالت صحيفة "ماركا" الإسبانية فى تقرير لها أن الملاجئ النووية أصبحت الأن هدف أوروبا من أجل الحماية من أى حرب نووية محتملة، مشيرة إلى أن فى إسبانيا تبدأ العديد من الشركات التى تقوم ببناء تلك الملاجئ النووية للحماية من أى قصف نووى.

وأشارت إلى أنه فى حال استخدام القنبلة النووية، يجب أن تكون الملاجئ النووية مجهزة بمرافق تسمح بتجديد الهواء، أو المولدات، أو بطاريات الطاقة، بالإضافة إلى ذلك، يجب أن لا يقل عمقها عن 10 أمتار وأن تحتوى على بلاطة خرسانية بسمك متر واحد على الأقل.

وأوضح الخبراء فى شركة ABQ المتخصصة فى قطاع الوقود فى إسبانيا، أنه "ليس من الضرورى أن يكون الملجأ تحت الأرض إذا لم يتم التفكير فى حدوث انفجار قريب جدًا. وبالنسبة للتلوث الكيميائى أو الإشعاعى، يمكن أن يكون على مستوى الأرض. كونك تحت الأرض يزيد المقاومة قبل كل شيء وعوامل أخرى".

فاتورة الحماية

ويعد تحديد سعر بناء ملجئ نووى أمرًا معقدًا، نظرًا لأن تكلفة المستودع المحصن تعتمد على المواصفات الفنية، وهناك شركات تقدم لهم من 30000 يورو. يوضح فرانسيسكو ماركيز، مؤسس شركة Underground Building، فرانسيسكو ماركيز، "السعر يتم تحديده وفق أبعاد المخبأ أو المعدات أو مدى تعقيد العمل، من بين أمور أخرى".

وعلى سبيل المثال، كما يظهر على موقعه على الإنترنت، يبلغ سعر إنشاء ملجأ ABQ لـ 25 شخصًا حوالى 55000 يورو وواحد لكل 50 شخصًا بحوالى 67000 يورو، لا يشمل تكاليف البناء.

وبحسب الشركة فإن الملاجئ مجهزة للعيش بداخلها لمدة أسبوعين. وأوضحت على موقعها على الإنترنت "هذا أكثر من كاف لأن الأيام الخطرة هى أول يومين أو ثلاثة أيام بعد الانفجار، لكن من الممكن الدخول والخروج من الملجأ منذ الساعات الأولى بحماية كافية".

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق