هشام السروجي يكتب: عملية «غرب سيناء» الإرهابية ودلالات النجاح في القضاء على الإرهاب

السبت، 14 مايو 2022 08:00 م
هشام السروجي يكتب: عملية «غرب سيناء» الإرهابية ودلالات النجاح في القضاء على الإرهاب

استهدف تنظيم «داعش» الإرهابي نقطة رفع مياه غرب سيناء ما نتج عنه استشهاد ضابط و10جنود واصابة آخرين، بعدها بيوم ترأس الرئيس عبد الفتاح السيسي القائد الأعلى للقوات المسلحة اجتماع المجلس الأعلى للقوات المسلحة، وتناول فيه استعراض تداعيات العملية الإرهابية وكذلك الإجراءات المنفذة لملاحقة العناصر التكفيرية الهاربة والقضاء عليها.
 
الرئيس وجه عناصر إنفاذ القانون باستكمال تطهير بعض المناطق في شمال سيناء من العناصر الإرهابية والتكفيرية، وكذلك الاستمرار في تنفيذ كل الإجراءات الأمنية التي تسهم في القضاء على الإرهاب بكل أشكاله، وأشاد الرئيس خلال الاجتماع بالجهود التي تقوم بها القوات المسلحة في تجفيف منابع الإرهاب واقتلاع جذوره من شبه جزيرة سيناء بالتعاون مع الأهالي الشرفاء، إضافة إلى جهودها في إنجاز المشروعات القومية العملاقة بالتعاون مع كل مؤسسات الدولة، مشيراً إلى تقدير الشعب المصري للتضحيات التي يقدمها رجال القوات المسلحة والشرطة للحفاظ على أمن الوطن وصون مقدساته.
 
نقطتان أساسيتان في بيان رئاسة الجمهورية، ترسم ملامح حقيقة الوضع في سيناء، فيما يخص معركة القضاء على الإرهاب التي باتت قاب قوسين أو أدنى من أن تضع أوزارها وهما، استكمال تطهير سيناء، والإشادة بتعاون أهالي سيناء.
 
العملية الإرهابية في حد ذاتها تحمل دلالة مهمة تؤكد أن التنظيم تلقى هزائم قوية بين صفوفه، فمنذ أن اشتدت معارك القوت المسلحة في حربها على الإرهاب بعد ثورة 30 يونيو، حين بلغ الإرهاب ذروته في سيناء، من حيث عدد العمليات وقوتها واتساع رقعة التنفيذ إلى خارج سيناء، كان التنظيم ينتهج استراتيجية ثابتة، تتلخص بتنفيذ عمليات خلف خطوط القوات المسلحة في غرب شمال سيناء -مدينة بئر العبد ومحيطها- بهدف تخفيف الضغط عليه في الشيخ زويد ومحيطها.
 
هذه الاستراتيجية التي كان يستخدمها التنظيم الهدف منها، تخفيف المعارك التي تخضوها القوات المسلحة ضد عناصره، كلما تحققت انتصارات مؤلمه ضد تمركزات قيادته ومخابئهم، من خلال تشتيت القوات ما بين استهداف أوكاره وبين مطاردة العناصر التي نفذت عمليات خلف خطوطه.
 
التنظيم الإرهابى كان ينظر دائمًا للعريش وبئر العبد كأداة إلهاء عن نشاطه في شرق العريش والشيخ زويد، حيث توجد عناصر يستفيد منها التنظيم مثل توافر مساحة جغرافية أكبر وأسهل من حيث التحرك، كما تتوافر له نقاط استهداف حيوية أكثر من المتوفرة في مناطق تحركه بالشيخ زويد وشرق وجنوب العريش، وأن وجدت تلك الأهداف في مناطق نشاط التنظيم، كان من الصعب استهدافها نظرًا للاحتياطات الأمنية الصارمة التي تحيط بها، كما أن الطبيعة الجغرافية في الشيخ زويد وشرق وجنوب العريش، بالإضافة لانخفاض الكثافة السكانية تجعل رصد التحركات للعناصر الإرهابية أسهل وأدق.
 
وبعد أن اشتد الحصار على التنظيم وملاحقة عناصره في أهم مناطق نفوذه بقرى (شيبانة- المهدية- التومه- المقاطعة) وتكبده خسائر فادحة، من خلال تحركات القبائل في سيناء لمعاونة القوات المسلحة في معركتها الأخيرة والحاسمة، والنجاح في تطهير أكثر من 90% من بؤر تمركزه ومسارات تحركاته ومخابئ القيادات الكبرى، وعودة المواطنين إلى منازلهم في هذه القرى والتجمعات بعد أن تركوها هروبًا من العمليات الإرهابية، واتخاذ التنظيم لهم كسواتر بشرية يختبئون فيها من ضربات القوات المسلحة وبالأخص القوات الجوية، كان من المتوقع جدًا أن يحاول التنظيم اللجوء إلى استراتيجية الإلهاء وتخفيف الحصار، بأن يقوم بعملية نوعية في الاتجاه المعاكس لمسار التطهير.
 
الملحمة التي تشهدها سيناء من تعاون بين القبائل والقوات المسلحة لتطهير الأرض من براثن الجماعات الإرهابية، ما هي إلا امتداد تاريخي لتعاون تحرير الأرض من الاحتلال، كما أن الرغبة في عودة الحياة إلى طبيعتها وتدمير كل مخبأ ووكر لعناصر التنظيم هذه المرة وصلت إلى قمة التعاون والتنسيق، وهو ما أشار له الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال كلمته في إفطار الأسرة المصرية، فيما يخص الاقتراب من التطهير الكامل لسيناء، وكذلك توجيه كلمات الشكر والتقدير لممثلي القبائل السيناوية الحاضرة في الإفطار، على التعاون الحقيقي مع القوات المسلحة في معركة القضاء على الإرهاب.
 
تطهير سيناء أمنيًا من العناصر التكفيرية والإرهابية هو بداية لمشوار طويل من القضاء على الإرهاب، الذي لا يقتصر على التعامل الأمني فقط، بل يمتد إلى التنشئة الواعية والثقافية القادرة على خلق فرد يملك من أدوات الفكر والمنطق ما يجعله أن يتصدى لكل أنواع التجنيد والاستقطاب إلى التنظيمات الإرهابية، بالإضافة إلى التصدي الاجتماعي من خلال المشروعات التنموية الاقتصادية والصناعية، التي بدأت منذ فترة في شبه جزيرة سيناء، وتنوعت بين الصناعة والزراعة وتحلية المياه، تمهيدًا لاستصلاح مئات الألاف من الأفدنة الزراعية، ومن ثم فإن عودة الأهالي وزيادة العمران من جهة والتسريع من وتيرة الانتهاء من المشروعات القومية هما رأس الحربة التي تقضي على الإرهاب شكلًا وموضوعًا على أراضي سيناء، والمتابع الجيد لاستراتيجيات التنظيم في الدول التي تواجد فيها بقوة مثل سوريا والعراق، يجد أن الأوضاع الاجتماعية الصعبة وانعزال المجتمعات عن محيطها، يخلقان البيئة الجيدة لانتشار فيروس التطرف، ويؤهل الأفراد لأن ينخرطوا داخل هيكله التنظيمي، لكن التنمية بكل مكوناتها هيا الدواء الفعال لهذا الداء الذي ننتظر قريبًا أن تعلن الدولة خلو بدن الوطن منه.
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق